هل تنهار مصر ؟"... سؤال طرحه الكاتب الأمريكي جاكسون ديهل في موضوع نشرته صحيفة "واشنطن بوست" يكشف فيه المخاوف التي تنتشر في الإدارة الأمريكية حول مستقبل مصر بعد الثورة، وأجاب ديهل بالقول إن كثيرا من الناس في واشنطن يعتقدون ذلك!. وقال في موضوعه الذي جاء بعنوان" التهديد الحقيقي لمصر: تأخر الديمقراطية" إن هناك الكثير من الناس في واشنطن يعتقدون أن مصر تنهار رغم أنهم يتحدثون عن ذلك حتى الآن بهدوء، فمخاوفهم بشكل واضح تتركز في أن جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب الإسلامية المتشددة تتجه للاستيلاء على السلطة عندما تجري أول انتخابات في مصر الديمقراطية في وقت لاحق من هذا العام، وكذلك أن السلام مع إسرائيل – الذي ظل طيلة 30 عاما وتدعمه الولاياتالمتحدة ركيزة الشرق الأوسط - "معلق بخيط رفيع"، بحسب روبرت ساتلوف الخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وأضاف هناك أسباب بالطبع تجعلهم (الناس) قلقين حول تلك السيناريوهات، ولكن ما ظهر في المحادثات التي أجرتها الأسبوع الماضي مع عدد من الصحفيين المصريين والنشطاء والمسئولين أظهر أن التهديد الأكثر قوة والعاجل لمصر، ليس استيلاء الإسلاميين على الحكم أو قطيعة دبلوماسية مع الدولة اليهودية، ولكن إطالة أمد الفوضى والنظام الذي تعيشه البلاد حاليا. والغريب -بحسب الكاتب- أن مصر حاليا لا يمكن تصنيفها هل هي تعيش ديكتاتورية عسكرية أم ديمقراطية ليبرالية، فمنذ أطيح بنظام حسني مبارك في فبراير الماضي ازدهرت وسائل الإعلام الحرة، والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وهناك إضرابات وتظاهرات يومية في الشوارع ومبارك نفسه تحول للمحاكمة، ولكن تم وضع آلاف في السجون دون محاكمة أو إمام محاكم عسكرية، وتعرض للمضايقة المدونين الذين ينتقدون الجيش، و"قانون الطوارئ" - قد تم إحياؤها - والذي يحظر رسميا معظم التجمعات العامة. وفي الوقت نفسه، فإن الاقتصاد يحتضر والسائحون والمستثمرون الأجانب بعيدون، والجنرالات وعدوا بتسليم السلطة، ولكن في أحسن الأحوال لن يتم ذلك إلا بعد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسية، والتي من شأنها أن تضع نهاية للحكم العسكري في نهاية المطاف، وهذا لم يحدث قبل تسعة أشهر، بحسب توقعات بعض المحللين، فيما يقول البعض الآخر إنه سيتم تسليم السلطة بعد 18 شهرا. والمشكلة الكبيرة هنا هي أن الانتخابات هي الوسيلة الأكثر احتمالا لوقف دوامة الفوضى، وخمسة من المرشحين الستة لمنصب الرئيس توجهاتهم علمانية؛ والمفضل حتى الآن هو وزير الخارجية السابق والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، فموسى قد يكون الأخير لتحويل البلاد نحو الديمقراطية الليبرالية. وربما صحيح، أن تحصل الأحزاب الإسلامية على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، ويمكن أن تحصل على ما بين 10-40 % من مقاعد البرلمان، لكنهم لن يكونوا قادرين على فرض أجندة أصولية على الطبقة الوسطى في مصر خاصة العلمانيين أو الأقلية المسيحية، على الأقل في المديين القصير والمتوسط.