وسط فرحة الملايين بتأكيد المنتحب القومي المصري لتسلمه عرش إفريقيا للمرة الثالثة علي التوالي دمعت عيناي أكثر من مرة والأبطال يصافحون و يقبلون الرئيس مبارك وهو يهنئهم بهذا الفوز الساحق. و هذا الحدث المدوي من بين ما حققه هو حصول خمسة لاعبين من الفريق القومي بلقب أفضل لاعب في البطولة، مما يعني تفوق الفريق علي نفسه فهو لم يحقق كأس العرش الإفريقي بل حقق خمسة من لاعبيه من 11 لاعبا لقب أفضل لاعب، ما هذه الروعة. و كان للنصر الحضور الجميل لمصر في كل أنحاء العالم، صنعه الفريق القومي المصري. والأمر الأخر أن هناك أرقام ترتبط بالفوز و بانتصارات مصر: الفوز 7 مرات رقم يربط الفريق القومي بسبعة الآلاف سنة هي حضارة مصر، و رقم 3 يربط الفريق القومي بأعظم انتصارات مصر: أكتوبر 73 . و كانت تعليقات الصحف و وكالات الأنباء العالمية و مواقع الانترنت في كل مكان بالمديح وراء المديح للمنتخب القومي فقد كتب مايكل كورديللو في موقع الانترنت "فان هاوس" أن المصريين ملوك إفريقيا مرة أخري. و أطلت علينا صورة جدو بعد إحرازه هدف عرش إفريقيا علي الصفحة الرياضية لصحيفة لوفيجارو الفرنسية حيث أكدت إن الفريق القومي المصري دخل قائمة عظماء كرة القدم فهو يحقق نصراُ تاريخيا لحصوله علي كأس قاري للمرة الثالثة علي التوالي، و هو نصر لم يحققه فريق أخر في العالم. و لايوجد مساحة لرصد كل ردود الأفعال العالمية لنصر الأبطال و لكنه لازالت هناك مساحة لنتناول عدد من القضايا التي تصاحب هذا النصر الكبير. أولها أن هذا هو نصر الشعب لأن الفريق القومي جاء من الشعب و لم يات من أسر شديدة الثراء بل هو الذي يصنع ثرائها و الأهم ثراء مصر فله كل الإجلال. و شاهدنا تقريراً أذيع في "البيت بيتك" عن أن 93 بالمائة من المصريين يعيشون علي 3000 جنيه سنويا أي أقل من 300 جنيه شهريا أي علي نحو 2 دولار في اليوم، و هو أمر يتعس الجميع و لكن خروج الفريق القومي من أسر مصرية عادية يبشر بالخير و يمنح الأمل لكل أبناء ال 93 بالمائة الذين يعيشون اليوم تحت حد الفقر. و يجرنا هذا الحديث إلي النقطة الأخيرة و هي إن انتصارات مصر في ست سنوات بعرش إفريقيا هو الإنجاز المصري الذي تفاعل معه كل المصريين و لا يبدو في الأفق أي انجازا بحجمه قد تحقق في السنوات الست الماضية، و لا يتفوق عليه بحجم مختلف كماً و نوعاً غير انتصار القوات المسلحة المصرية الباسلة في أكتوبر 1973. و الكلمة الأخيرة هي أن الانتصار و الحصول علي عرش إفريقيا هو في حقيقة الأمر أمر يعكس اكتمال الصحة و التنمية البشرية و البدنية و الرياضية لشباب مصر و هو أمر تم دون تخطيط من الدولة لأنهم جميعا لم يحظوا بما يجب أن يحظي به كل مصري و هو التأمين الصحي الشامل و التعليم الرفيع و غيره من الأمور في سنوات التكوين. و هنا تأتي الجملة الأخيرة ماذا لو توفر للمصريين جميعا، و هم يشبون رجالا و نساء، كل الحقوق الأساسية من حقوق الإنسان و هي الرعاية الصحية و التعليم الرفيع و المأوي المحترم و الطعام الصحي إلي أخر هذه الأمور لتصبح مصر منارة التفوق في كل المجالات الرياضية و المهنية و الاجتماعية و السياسية؟ و لآن أبنائها هم الذين صنعوا النصر فلابد من تحقيق ذلك لكل المصريين. و ربما يكون هذا النصر، الذي هو من ممثلي شعب مصر إلي شعب مصر، فرصة من أجل التغيير إلي تحقيق كل أحلام المصريين داخل الوطن.