· هاني : وزير الصحة زارني وقال لي « إن ما حدث نتيجة خطأ طبيب» وطلب مني عدم التحدث بأي شيء لأي مخلوق كل ساعة يقضيها حاتم الجبلي وزير الصحة علي كرسي الوزارة بعد قراءة هذه السطورالفاضحة.. هي دليل إدانة.. واضح.. دامغ.. صريح لنظام كامل بالفساد واستباحة أمن وحياة أبناء هذا الوطن.. لم يكن «هاني» الشاب السكندري ضعيف الحال، يطمع او يحلم بان يسمح له المسئول الاول عن الصحة في هذا البلد ذات يوم، بان يتمدد علي احد أسرة مستشفاه الفاخر الممنوع علي الفقراء، بل ويشرف علي اجراء جراحة له بنفسه. لكن هذا ما حدث بالفعل.. ليس ضمن مشروع خيري تبناه وزيرالصحة لعلاج الفقراء ولو شهرا واحدا في العام..ولا استجابة لتوصية ضمير الانسان والطبيب ورجل الاعمال حاتم الجبلي لحالة مرض او جوع حرجة..فوزيرأمانة السياسات في الحزب الوطني لا يعنيه - غالبا- شيئا من هذا علي الاطلاق. لكن الاكثر خطورة في حالة بطل هذه القصة الموثقة بالصور والمستندات..انه ذهب ضحية عملية مشبوهة لتجارة الاعضاء البشرية داخل المستشفي المملوك للمسئول الاول عن مكافحة هذه التجارة المحرمة. اسمه بالكامل هاني لاشين أحمد محمد يبلغ من العمر 22 عاما عجز عن تلقي تعليمه بعد حصوله علي الشهادة الأبتدائية، حيث أصبح المسئول عن شقيقته الوحيدة ووالدته بعد أن توفي والده وهو في سن صغيرة، فعمل لحاما كهربائيا في إحدي شركات البترول بمرتب لا يتعدي 500 جنيه شهرياً..استطاع رغم قلته ان يحافظ به علي كرامة الام والاخت حتي بلغت سن الزواج..ليبدا رحلة المعاناة مع مأساته ومأساة الاسرة المصرية الصغيرة المنكوبة بحكامها من عالم - الرفاهية - الآخر. بعد مرورعام كامل علي إجراء العملية..قرر الخروج عن صمته والحديث عن تجربته في مستشفي السيد الوزير المعروف ب«دارالفؤاد».. وطرق وأساليب السماسرة الذين يعملون لصالح المستشفي لاصطياد الشباب واستغلال ظروفهم الصعبة للحصول علي أجزاء من أجسادهم وبيعها للأغنياء.. شاب نحيف قصير القامة ارتداء الكاب من عاداته المفضلة.. يتحدث بصعوبة بالغة.. عيناه يملؤها الخوف من كل شيء.. فلم يعد يستطيع التحرك للأبد. بدأ يحكي.. سرح بعيداً وكأنه يجتر بقعا شديدة السواد في ذاكرته.. من آثارها حتي الآن الظروف الصعبة والحياة البسيطة التي تعيشها أسرته هي التي دفعته لبيع جزء من جسده عندما تقدم شاب للزواج من شقيقته الوحيدة وأصبح مطالبا بتلبية متطلبات الزواج بصفته العائل الوحيد لهم.. أثناء زيارته لخاله الذي يقيم في القاهرة وأثناء رحلة هاني من الأسكندرية إلي القاهرة تصادف جلوسه بجوار شخص بادره بالحديث عرفه باسمه ويدعي رمضان ..بعد أن اطمأن له هاني راح يحكي له الظروف الصعبة التي يعاني منها وحاجته للمال بأي طريقة لتجهيز شقيقته التي تستعد للزواج..بخبرة رجل متمرس التقط «رمضان» سمسار الأعضاء البشرية طرف الخيط وبدأ يرمي شباكه علي فريسته السهلة. وفي نهاية الحديث عرض عليه رمضان فكرة بيع جزء من كبده لشخص مريض بتليف بالكبد يرقد في مستشفي كبير مقابل مبلغ 60 ألف جنيه،وأكد له أن الموضوع في غاية السهولة وان وجوده في المستشفي لن يستغرق أسبوعا علي أكثر تقدير.. وأن هذه العملية يقوم بإجرائها شباب كثيرون للتغلب علي ظروفهم الصعبة، واقنعه دون عناء كبير بانه لا يوجد أي خطر عليه وأن الفتحة التي سيحدثها الطبيب في جسده لن تتعدي 5 سنتيمترات.. ترك السمسار هاني بعد أن أقنعه بسهولة الأمر وأعطاه رقم تليفونه وتركه يحلم بالمبلغ الضخم الكفيل بحل مشاكله. في أثناء عودة هاني إلي الأسكندرية كان لا يفكر إلا في هذا الأمر والمبلغ المالي الذي سيحصل عليه قضي ثلاثة أيام في التفكير، بعدها قرر خوض التجربة أجري اتصالا بالسمسار وأخبره بأنه علي أستعداد لإجراء العملية وفعل كل ما يريد.. تم تحديد ميعاد بينهما.. وبعد 15 يوما تقريباً التقي هاني مع السمسار في القاهرة علي إحدي المقاهي في منطقة شبرا الخيمة كما يقول هاني « كان هناك شباب كثيرون يحيطون بالسمسار الذي يستعين بعدد من المساعدين لتسيير العمل وأصطياد المتبرعين وتسهيل الإجراءات» اصطحبه السمسار لإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة والتي تم أجراؤها في معمل «ألفا سكان» للتحاليل الطبية كما أكد هاني والتحاليل التي كان يحملها قام بإطلاعنا عليها. بعد الانتهاء من التحليل والتأكد من سلامة هاني ونوع فصيلة دمه طلب منه السمسار أن يوقع له هاني علي شيك علي بياض لضمان حضوره وعدم تعرضه لضغط يجعله يتراجع عن الاتفاق الذي أبرمه معه وهو ما خضع له هاني الذي تحول لأداة طيعة وسهلة. بعدها طلب السمسار من هاني الحضور لمقابلته في مستشفي دار الفؤاد في مدينة 6 أكتوبر وهناك أجري تحاليل وفحوصات أخري قام بها المستشفي للتأكد من سلامة الكبد وإمكانية إجراء عملية نقل فص من الكبد للمريض، بعد التأكد من سلامة هاني التقي زوجة ونجل المريض وعلم منهما أن المريض عمدة سابق وعضو مجلس شعب عن إحدي دوائر محافظة الفيوم وينتمي لعائلة كبيرة هناك ويمتلك مساحات شاسعة من الأراضي. تم تحديد موعد العملية في بداية شهر يوليومن العام الماضي قبل إجراء العملية.. أخبر هاني والدته بما سيفعل للحصول علي المال لتجهيز شقيقته..حاولت الأم منع ابنها من خوض هذه المخاطرة ولكن دون جدوي، خصوصاً أنه أخبرها بأنه قام بتوقيع شيك علي بياض ولا يستطيع التراجع عن الاتفاق.. قبل العملية بيومين دخل الضحية الي مستشفي الوزير وبقي في غرفته استعداداً لإجراء العملية قبل دخوله غرفة العمليات بساعات شعر بخوف شديد فكر في الرحيل أو الهرب قام بإجراء اتصال تليفوني بوالدته التي حضرت علي وجه السرعة ولكنها لم تتمكن من رؤيته إلا لبضع دقائق أثناء دخوله إلي غرفة العمليات تعرف هاني علي الطبيب الذي أجري له العملية في دار الفؤاد ويدعي عادل حسني ويعمل في نفس الوقت بمستشفي قصر العيني قضت الأم لحظات صعبة وصلت إلي 7 ساعات هي المدة التي استغرقتها العملية حصلت خلالها علي مبلغ 22 ألف جنيه من زوجة المريض وأسرته وأصرت علي الحصول علي الشيك الذي وقعه هاني علي بياض والذي أعطاه لها السمسار.. أكملت والدة هاني حكايته وما شاهدته في مستشفي دار الفؤاد ومأساة ثلاثة شهور كاملة قضاها هاني بين الحياة والموت كانت تحضر في الصباح الباكر من الأسكندرية إلي القاهرة كل يوم وتعود في المساء مرة أخري أو تقضي ليلتها في أحد أركان المستشفي تقول بعد خروجه من غرفة العمليات ظل لمدة يومين في حالة جيدة ولكن في مساء اليوم الثالث ساءت حالته الصحية بشدة وراح في غيبوبة طويلة وأنتفخ جسده بالكامل. حاولت الأم أن تستجدي الأطباء لإنقاذه ولكن دون جدوي في صباح اليوم السادس وأثناء مرور أحد الأطباء فوجئ بما حدث لهاني فأمر بنقله علي وجه السرعة لغرفة العمليات. كان هاني قد أصيب بعدة جلطات في المخ والشريان نتيجة حدوث تلوث في الكبد أثناء العملية أصابته بسيولة في الدم بعدها أصيب بجلطة في الشريان البابي المسئول عن تمرير الدم للجسم كله فأجريت له عملية لفتح مجري آخر للدم في جسده في تلك الأثناء توفي المريض الذي تم نقل فص الكبد إليه وتركت أسرته المستشفي بعد أن رفضت زوجته دفع باقي المبلغ المتفق عليه لهاني ووالدته والتي استنجدت بها وتوسلت لها ولكن دون جدوي أيضاً. عندما أفاق وتحسنت حالته تم نقله إلي غرفته في تلك الأثناء يحكي هاني واقعة غريبة حيث حضر إليه مدير العناية المركزة بالمستشفي ويدعي أحمد غالي وأخبره بأن هناك شخصية مهمة ستزوره للاطمئنان عليه وعلم منه أنه صاحب المستشفي وزير الصحة، وكما قال هاني «دخل علي شخص أراه لأول مرة محاطا بعدد كبير من الرجال طمأنه قائلاً: إن شاء الله هاتبقي كويس.. ما حدث لك هو قضاء الله وما جري هو غلطة الجراح الذي أجري لك العملية والمستشفي سيلتزم بكل التكاليف حتي تخرج وسنفعل لك كل ما نستطيع ولكن كل المطلوب منك عدم الحديث مع أي شخص وخصوصاً الصحفيين علشان مصلحتك وأثناء خروجك سنعطي لك تعويضا عما حدث لك» لم ينبس هاني بكلمة واحدة ولكنه تأكد من شخصية الوزير عندما قال له أحد الأطباء متسائلا عما دار بينه وبين الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة أثناء الزيارة..وقد أطلعنا هاني علي صورة الوزير حاتم الجبلي فأكد أنه هو الشخص الذي زاره أثناء وجوده في المستشفي وتحدث معه. بعدها أصيب هاني بانفجار في المعدة وساءت حالته بشدة وأصيب بالصفراء بسبب تلوث الكبد أثناء العملية وبدأ المستشفي يبحث عن متبرع بالكبد لإنقاذه كما تقول والدته التي عاشت مع هاني المأساة لحظة بلحظة والتي تقول « كنت أشعر بالخوف بشدة أثناء وجودي في المستشفي الذي يقع في قلب صحراء 6 أكتوبر كنت أشاهد أشخاصا يدخلون من باب جانبي للمستشفي وهم يحملون ثلاجة الأعضاء وكان يتردد علي المستشفي عدد من السماسرة ». في تلك الأثناء نصحها البعض بالتوجه لنقابة الأطباء وتقديم شكوي ضد المستشفي وهو ما قامت به بالفعل ولكنها صدمت بما قاله لها موظفو النقابة..حيث نصحوها بأن ترحل لأن المستشفي الذي تريد أن تشكوه هو مستشفي معالي الوزير وان شكواها لن تقدم او تؤخر.. مما اضطرت بعده للانصراف بكل الهدوء وخيبة الامل.. بعد دخول هاني مرة أخري للعمليات و تماثله للشفاء طلب من إدارة المستشفي المبلغ المالي المتبقي له حسب الاتفاق..ليفاجأ بان الادارة تبلغه بان حالته كلفت المستشفي مبلغا ماليا كبيرا تعدي ربع مليون جنيه في 87 يوما كاملة، بالإضافة لوفاة المريض الذي خضع لعملية زرع الكبد وان المستشفي لا يستطيع دفع أي مبلغ آخر.