· تتحرك المخابرات المصرية، وتكلف أحد ضباطها مصطفي «كريم عبدالعزيز» بمهمة محددة هي الحصول علي ملف عزت الذي أصبح دانيال بعد أن عاد لإسرائيل تدور أحداث فيلم «ولاد العم» حول الصراع العربي - الإسرائيلي، وبالتحديد بين المخابرات المصرية والموساد.. والفيلم يقترب كثيراً من طبيعة هذا الصراع المعقد والشائك تاريخياً وعقائدياً وسياسياً.. ولكن!. يقوم بناء الفيلم علي بداية قوية تدخل بنا إلي أحداثه مباشرة وموضوعه، وفي نفس الوقت توحي بإطاره أو شكله البوليسي.. حيث يقوم عزت «شريف منير» بأخذ أسرته الصغيرة الزوجة سلوي «مني زكي» وطفليه يوسف وسارة في فسحة بحرية في يوم شم النسيم، ولكن ينطلق بهم الزورق إلي إسرائيل، مع اعتراف الزوج أو عزت لزوجته بأنه ليس مسلماً وأنه ضابط في الموساد الإسرائيلي ويهودي، وانه عاش كل هذه السنوات في مصر في مهمة مخابراتية.. وياله من موقف درامي وإنساني «مرعب» تعيشه هذه السيدة، فهي في لحظة تكتشف أنها متزوجة من يهودي، وأنه إسرائيلي ورجل موساد، وأنها متجهة للعيش في إسرائيل أو مضطرة لذلك إذا أرادت الاستمرار إلي جوار طفليها.. ويعبر الفيلم عن أزمة هذه الزوجة بقوة وبراعة ومن خلال أداء مدهش وشديد الحساسية للفنانة مني زكي. وهنا تتحرك المخابرات المصرية، وتكلف أحد ضباطها مصطفي «كريم عبدالعزيز» بمهمة محددة هي الحصول علي ملف عزت الذي أصبح دانيال بعد أن عاد لإسرائيل، والعودة بالزوجة والطفلين.. وينجح الضابط المصري في تحقيق ذلك بالفعل وسط ارتياح وتصفيق جماهيري في نهاية الفيلم، بعد أن خاض في مطاردات ومعارك بوليسية قدمها الفيلم بشكل فني وانتاجي جيد.. ولن نتوقف كثيراً أمام مدي «معقولية» بعض المواقف البوليسية مثل الدخول السهل إلي مبني الموساد من الضابط المصري، فهذا الأمر البوليسي يحدث في كثير من الأفلام، ويحدث ما هو أكثر منه ويكون قابلا للتصديق من المتفرج، بل ويسعده أيضاً. فالفيلم من ناحية الشكل البوليسي جيد، واختار شريف عرفة أماكن تصوير جيدة وموحية للمجتمع الإسرائيلي الذي تدور بداخله أحداث الفيلم، وحافظ بحرفية عالية علي ايقاع الفيلم وتطوره واثارته طوال الوقت.. ولكن تبقي نقطة الضعف في السيناريو نفسه للمؤلف عمرو سمير عاطف الذي التقط فكرة براقة وقوية بالفعل، واختار شكلا بوليسيا جذابا، ثم قرر أن يحمل الفيلم والأحداث - في التفاصيل والخلفية - طبيعة الصراع المعقد والشائك في الصراع العربي - الإسرائيلي، وكانت البداية من اسم الفيلم نفسه «ولاد العم»، فالمعروف تاريخياً أن العرب واليهود أولاد عم، ولكن دون أن يتوقف كثيراً سواء من خلال المواقف أو الحوار لهذا الأمر في دراما الفيلم، والشيء الثاني هو عقائدي أو ديني وقد اقترب منه عن طريق خدعة رجل الموساد الإسرائيلي اليهودي الذي تزوج من مسلمة، والشيء الثالث كان في الصراع السياسي الذي أشار إليه في أكثر من موقف، وأهم هذه المواقف يتمثل في بناء «الجدار العازل» في إسرائيل.. وكل هذا يمثل اشارات جيدة تأتي في خلفية الأحداث ويبرز طبيعة الصراع، ولكن يظل الاقتراب من النقاط الثلاث أقرب إلي العناوين المعروفة دون أي اجتهاد درامي يوضح الأمر أكثر لمشاهد الشريط السينمائي. من هنا فإن الشكل البوليسي والعملية المخابراتية أخذت كل الاهتمام علي حساب الخلفية الضرورية لإبراز خطورة وأهمية هذا الصراع مما أفقد الفيلم الكثير من قوة معالجته لهذه القضية.. ولكننا بكل تأكيد نظل أمام فيلم مختلف ومتميز تظهر فيه حرفية ومهارة شريف عرفة بقوة والذي استخدام أدواته بشكل متميز من خلال كاميرا أيمن أبوالمكارم وديكور فوزي العوامري وموسيقي عمر خيرت ومونتاج داليا الناصر.. وقد قدم شريف منير واحدا من أدواره المهمة باحساس متميز بالفعل انفعالاً وإنسانياً.. أما كريم عبدالعزيز فقد لعب دوره بتفهم وحضور قوي يجمع بين طبيعة شخصية رجل المخابرات من ناحية وفتي الشاشة الجماهيري من ناحية أخري، فكان في أفضل حالاته ممثلاً ونجماً.