· ضابط صغير علم بهروبه ولم يبلغ رؤساءه · أجهزه الأمن تحاصر قرية مستناد بحثاً عن شقيق النائب ظن المتورطون في التستر علي شقيق نائب الوطني في البحيرة أنهم قادرون بنفوذهم علي الاستمرار في حمايته فتركوه يمرح علي هواه بحرية، ضاربين بالقانون وأحكام القضاء عرض الحائط إلا أن تلك الظنون تبخرت من أذهان أصحابها، ولم يعد أمامهم سوي ترقب المجهول القادم الذي يبدو أنه سيطيح بكل من ساهم فيما جري. ففور انفجار القضية الفضيحة انشغل الرأي العام وربما يظل مشغولا لفترات طويلة قادمة لأن الأمر برمته لم يكن مجرد قصة عادية فهي تتجاوز الحدود الضيقة لوقائع تخص شقيق نائب برلماني وتنعكس علي كافة الأوضاع التي اجتاحت مصر الآن باعتبار أن ماحدث يخص المجتمع ومستقبل أجياله والرغبة في تحقيق المساواة واحترام التقاليد والإجراءات المعمول بها والتي أصبحت قانونا راسخا يسير جنبا إلي جنب مع القانون العام تراعي وزارة الداخلية من خلاله حماية الوظائف المرموقة وصيانة هيبتها حتي لاتحيط الشبهات بصاحب المكانة التي يتولاها. فعلي خلفية ما تناولناه من مفارقات عجيبة أحاطت بالتقارير السرية التي يعدها بعض الضباط من أجهزة البحث والتحري عن بعض المتقدمين للوظائف الهامة سواء من المحظوظين والمسنودين أو غيرهم من البسطاء الذين لاحول لهم ولاقوة جاء رد الفعل حاسما وسريعا وأقوي من التوقعات بل ويليق بحجم الكوارث التي انفجرت مثل قنبلة في وجوهنا جميعا. فقد أصدر اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية تعليمات صارمة أربكت حسابات المشاركين في المهازل لكنها في نفس الوقت ساهمت في اتساع رقعة المساحة الخاصة بارتياح البسطاء والغالبية العظمي التي رأت في السرعة والحسم انتصارا من العادلي للقانون والإجراءات المهمة التي تتبعها تقارير البحث والتحري للصالح العام ومفادها سرعة ضبط شقيق نائب الوطني في شبراخيت لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضده بالاضافة إلي البحث في حقيقة ما أثير عن اغفال البيانات الخاصة ب«فؤاد أنور شمس الدين» شقيق النائب أثناء إعداد التقارير الأمنية الخاصة بالحاق نجلي عضو مجلس الشعب بكلية الشرطة ومدي مطابقة هذه التقارير بالوقائع والحقائق بغرض إجراء التحقيق فيماجري. الحديث عن نجلي النائب لم يكن الهدف منه أن هناك ما يشين أي منهما ولكن ربما يكون ذلك نموذجا لإهدار الحقوق مقارنة بما جري لآخر لايملك نفوذا ولايوجد من بين ذويه صاحب سلطة أو ثروة تقدم لوظيفة مرموقة وهو عبدالحميد شتا الذي انتحر لأن التقارير الأمنية أفادت أنه غير لائق اجتماعيا وذلك بجرة قلم من ضابط صغير، قدم رأيا في تقريره للجهة التي تقدم إليها وهي وزارة الخارجية وفي حين أن عبدالحميد شتا لم يوجد ما يشينه لكن تم الأخذ بالإجراءات المعتادة التي رأت فيها الداخلية ضمانة لحماية الوظيفة أنه غير لائق. لكن لماذا؟ وهذا هو الأهم لم يتم الأخذ في الاعتبار التحريات الدقيقة للكافة وعلي رأسهم جميعا أنجال النواب مهما علت مكانتهم بالحصانة أو العلاقات التي تتيح النفوذ واختراق المحظورات حتي لايكون هناك أية فروق تتعامل بها أجهزة الدولة المختلفة بين المواطنين، وخاصة أن الحديث عن بعض النواب المنتمين للوطني أصبحوا بؤرة اهتمام الكافة من شرائح الرأي العام. تعليمات اللواء حبيب العادلي تجاوز صداها قرية مستناد وامتدت إلي العديد من المناطق المجاورة لها ومدينة دمنهور فما أن صدرت التعليمات حتي صارت «مستناد» التابعة لمركز شبراخيت قبلة تقصدها سيارات الأمن المركزي وعربات ضباط البحث في مديرية الأمن وفرق التفتيش بحثا عن المطلوب ضبطه وبالمرة ضبط الآخرين ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية لكن رغم الحصار المفروض علي القرية جري تهريب فؤاد أنور شمس الدين خارج منزل عائلته ولم يتم العثور عليه لكن ماجري في حد ذاته كان. دافعا قويا للارتياح العام في الأوساط الشعبية والاطمئنان من أن وزير الداخلية لايتهاون مع أحد مهما علا قدره وشأنه أو شأن المحيطين في تنفيذ القانون وأحكام القضاء الأمر الذي بدأت تتداعي فيه إلي الأذهان العديد من القصص التي طالت فيها إجراءات العادلي بعض ضباط الشرطة أنفسهم ممن خرجوا عن المسموح به في اختصاصات وظائفهم وهذه مفارقة كانت لافتة للانتباه ففي الوقت الذي سيطر فيه الرعب والخوف علي البعض ممن سقطت من علي وجوههم أقنعة النفوذ الزائف والوهمي كان علي الجانب الآخر شعور طاغ بالارتياح الذي يبعث الأمل لدي الرأي العام الذي كان مشحونا بالغضب وهو ما جعل الأحاديث تنتقل من خانة ثابتة تدفع للإحباط مفادها أن شقيق نائب مطلوب في حكم قضائي صدر من محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ يفعل ما يريد ولايقترب منه أحد في حين أن المخبرين والأمناء وبعض الضباط يقومون بالقبض علي أي أحد نسي أن يحمل بطاقته الشخصية أو كان يحملها والمخبرون رأوا أنها غير كافية لتحقيق شخصيته فالقصة أصبحت أكبر من ذلك بكثير وخاصة أن ماجري شجع لأن يخرج الصراخ من الأحشاء، لأنها تخص التقارير الأمنية المطلوبة رسميا لأكاديمية مبارك للأمن، باعتبار أن التحريات جزءا لايتجزأ من الإجراءات المتبعة للقبول في إحدي الوظائف المرموقة وعلي خلفية تلك الصرخات برز علي السطح تساؤل نري أنه مشروع ماذا لو ثبت أن هناك تلاعبا وغشا حدث في أحد التقارير الخاصة بأي طالب ما في كلية الشرطة؟ فهل سيتم التعامل معه بأثر رجعي؟.. أم سيتم التعتيم علي الأمر علي طريقة دعه يمر.. دعه يصبح ضابطا! فاذا كان ذلك جزءا من ردود الأفعال إلا أن هناك جزءا آخر يدفعنا - جبرا- للتوقف أمامه وهو الخاص بالفاكسات والاتصالات الهاتفية التي انهالت علي مقر الجريدة فور صدور «صوت الأمة» الأسبوع الماضي بالمناسبة وصل سعر النسخة الواحدة في مدن دمنهور وشبراخيت والدلنجات ل12 جنيها في السوق السوداء. هذه الفاكسات تحمل عشرات التوقيعات وتضمنت بعض الأمور التي تثير الدهشة فبعضها يفضح المجاملات التي تحدث في قصة تقارير التحري والتي تذهب بإضاعة الفرص عن الذين لايملكون نفوذا أووساطات تكسر الحواجز العالية والصلبة والكثير منها يتحدث عن أمنياته بالمساواة لأن لديهم أبناء لم يتم قبولهم رغم نقاء صحيفة الحالة الجنائية الخاصة بكل من ينتمي إليهم من بعيد ومن قريب وما بين هذا وذاك يظل الحديث عن إعداد التقارير لغزا محيرا لايستطيع أحد فك شفراته لكن ربما تتبدد حيرة المهمومين بهذا الشأن بعد التعليمات التي اصدرها وزير الداخلية ويتابع تنفيذها كبار قيادات الوزارة لإعداد تقرير شامل مفصل عن الواقعة التي نحن بصددها بالإضافة إلي وقائع أخري مماثلة تطيح بكل المتورطين في تضليل الجهات الأمنية لأنه إذا لم يكن هناك تضليل فالجريمة تبدو أكبر بمعني أن التقارير تضمنت كل كبيرة وصغيرة مطلوبة ولم يتم الالتفاف إليها. ظنا من الذين قاموا بذلك بأنهم أكبر من المساءلة دون الأخذ في الاعتبار أن وزير الداخلية لم يتهاون قبل ذلك في محاسبة ضباطه أولا والشواهد والأدلة كثيرة ولم يقف الأمر عند ذلك فقط فهناك أمور أخري لو علمت بها الجهات المختصة لقامت الدنيا ولم تقعد، من بينها خروج شقيق النائب علنا وبصحبة ذويه متوجها إلي مركز الدلنجات في نفس المحافظة للاختباء في منزل شخصية مهمة ونافذة لدي كبار المسئولين في البحيرة لضمان عدم الاقتراب منه أو القبض عليه وذلك للعلاقات المتشعبة لتلك الشخصية التي حصلت علي وعود باختياره كمرشح حزبي في انتخابات الشوري القادمة وعدم قدرة أي جهة الاقتراب من المنزل الخاص بصاحب النفوذ. الغريب أن أحد صغار المسئولين الذين يبحثون وفق المعلومات التي حصلنا عليها عن فؤاد شمس علم بمغادرته منزل عائلته ولم يخطر رؤساءه الذين انشغلوا بتكوين فرق البحث بحقيقة ما جري وذلك في محاولة منه للتقرب أكثر من عائلة النائب والشخصية النافذة المقيمة بالدلنجات. لكن الأغرب هي تلك البيانات التي جاءت في متن العديد من المستندات والصور الضوئية لبعض التقارير تفيد وجود كوارث أخطر من التي تناولناها فهي تحتوي علي الأحكام القضائية التي تمس آخرين ومرتبطة بالتحري عن أقارب كافية جميعها لأن تفتح ملفات جديدة تم إهمالها بفعل فاعل وامتدت الأحاديث إلي تشكيل وفود لمقابلة مسئولين كبار في الدولة والحزب الوطني لاخبارهم ببعض القصص المثيرة وذلك بعد اطمئنان أهالي البحيرة لوزير الداخلية الذي أعطي أوامره السريعة لإنهاء تلك المهازل والتأكد أن هناك اتجاها جادا لوضع الأمور في نصابها الصحيح بعيدا عن المجاملات والتدليس وخاصة وجود سوابق عديدة عندما علم بها كبار المسئولين في وزارة الداخلية وبعض الأجهزة ذات الطبيعة الخاصة كانت القرارات فورية لإغلاق الملفات جميعها سواء بخروج من وصلوا إلي مواقعهم، أو معاقبة المتورطين فيما جري.