نسمة السهيتي لا أحد يتصور أن عالما جليلا تولي منصب مفتي الجمهورية يمكن أن تحيط تلال القمامة بمثواه الأخير، بل وتعجز الحكومة عن رفعها رغم انفاق 100 ألف جنيه علي تطوير المقبرة، هذا مافعلته حكومة نظيف مع مدفن الإمام محمد عبده الواقع في منطقة المدافن بشارع صلاح سالم أمام دار الافتاء وتحديدا في شارع محمد عبده ويوجد الإمام وزوجته وأهل بيته في مدفن تحيط به «الزبالة» ومعه في نفس القبر الشيخ محمد رشيد رضا علامة الإسلام ومؤسس جريدة «المنار» الشهيرة.. لا صاحب ولا ونيس في القبر سوي روائح القمامة التي تحيط بالمقبرة. وعلي الجانب المقابل تجد مدافن وزير داخلية الملك فاروق أحمد باشا خيري وزوجاته الأربع، لكن لا تجد أمام مدفنه «ورقة واحدة» لأن أحفاده علي قيد الحياة وهم من أصحاب الحظوة الآن. قبر الإمام يزوره من آن لآخر د.علي جمعة وكثيرا ما يصحب معه عددا من الشخصيات الإسلامية من مختلف الدول.. المشكلة أن هذه الزيارات تتم بالتنسيق مع مكتب رئيس الحي فتزول أطنان القمامة فورا.. ولكن إلي حين، فسرعان ما تعود أكوام القمامة إلي سابق عهدها وهو ما أثار غضب أهالي المنطقة.. فإذا كانت المحافظة تستطيع إزالة هذه المخلفات، فلماذا لا يتم هذا إلا في الزيارات الرسمية؟! «صوت الأمة» رصدت غضب المواطنين بشارع الإمام محمد عبده. عيد بخيت المسئول عن «الجبانة» يقول: «حرام أن نري الإمام محمد عبده المتوفي في 1901 في هذه الحالة.. فالقمامة منتشرة أمام المدفن ولا أحد يستطيع أن يرفعها إلا أثناء زيارات المفتي للمدفن، ويضيف: أنا متأكد ان المفتي لا يعلم بذلك لأنني ذات مرة اصطحبته وأكدت له أن المدفن في حاجة للتطوير فأبدي استعداده. ويلتقط سمير مدني طرف الحديث قائلا: في نهاية هذا الشارع يوجد مسجد القائد قايتباي، أعدل سلاطين المماليك، ويأتي إليه السياح، وللأسف الشديد يتوقف السياح عند مدفن الإمام ويقوموا بتصويره وهو محاط بالقمامة مما ينقل صورة سيئة عن عدم اكتراث مصر بعلمائها. بينما يؤكد خالد حافظ المرشح عن دائرة الجمالية ومنشية ناصر إن هذا الحي يسكن به 150 ألف نسمة بمنطقة قايتباي وتفتقر هذه المنطقة إلي وحدة صحية، حيث لا يوجد بها مكان للعلاج سوي مستشفي الحسين، فضلا عن مشكلة القمامة التي تغطي قبر الإمام محمد عبده.. فحتي الشركات المتعاقدة لرفع القمامة لا تقوم بعملها. جدير بالذكر أن الإمام محمد عبده عُرف برجل الإصلاح وأسس مع جمال الدين الأفغاني جريدة «العروة الوثقي» ودعا إلي كافة التحرر من أشكال الاستعمار الأجنبي وسعي دائما إلي تطوير وإصلاح الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية. ولد في عام 1849 لأب تركماني الأصل وأم مصرية تنتمي إلي قبيلة عدي العربية ونشأ في قرية محلة نصر بالبحيرة.. وتدرج في المناصب حتي وصل إلي منصب دار الافتاء.. وتوفي في عام 1901 ميلادية.. وتم نفيه إلي فرنسا بسبب آرائه ضد الاستعمار.