قبل أن يسبح المشيب في جوف الليل الأسود، وقبل أن يطبع الزمن بسماته وأوجاعه راسماً وجها مغايراً للإنسان في مرحلة مفترق الطرق بين أيام الشباب وليالي تقدم العمر القاتلة، وبين المرحلتين ربما يشعر موهوب بأنه نال من الشهرة ما يكفي ويرضي غروره الفني، وهناك من لايلتفت إن كان حقق شهرة أم لا.. عم حسني محمود هو أحد من لم يلتفتوا إلي الشهرة رغم أنه كاتب الكثير من الأغاني الشهيرة لكبار المطربين فهو مؤلف أغنية «كعب الغزال» لمحمد رشدي ويتذكر معنا حكاية هذه الأغنية، حيث يقول: كنت في التجنيد وتعرفت علي المؤلف الكبير حلمي أمين والذي عرفني بدوره علي المطربة شريفة فاضل صاحبة كازينو «الليل» آنذاك وطالبتني بتأليف أغنية يشدو بها محمد رشدي وترقص نجوي فؤاد عليها من ألحان حلمي أمين، الذي اختلف مع شريفة فاضل فحصلت علي الأغنية وذهبت بها لبليغ حمدي نكاية في حلمي أمين وبعد ذلك أختلف محمد رشدي مع شريفة فاضل فحصل رشدي علي الأغنية وأهداها للإذاعة وحققت الأغنية نجاحا رهيبا شعرت بعده أنني أصبحت مؤلفا. أما عن الأغنية الشهيرة «أنا ما اقبلش» التي حققت نجاحا غير عاديا حينما غناها المطرب إيمان البحر درويش قال: إن التعارف بينه وبين إيمان البحر درويش تم علي أحد مقاهي الاسكندرية وأنه حينما قرأ الأغنية أعجبته جداً وقال سأغني هذا الكلام فقلت له إن الاغنية تحمل بعداً سياسياً وربما يتم وأده كمطرب وهذا ما حدث، ويضيف عم حسني أن الطريف في هذه الأغنية هو أنني كتبتها لزوجتي التي كانت تود أن أترك كتابة الشعر وأقوم بدوري في الحياة كموظف بجامعة عين شمش، ورغبتها في ذلك كادت تقتلني لذا كتبت القصيدة لها وقلت فيها «أنا ماقبلش أكون عايش ومش عايش أنا ما قبلش أكون إنسان علي الهامش.. أنا ليكي بعدي بحور.. وأبدلك ضلامك نور.. لكن مش أخضع لك وأطاوع قلبك المغرور». وأضاف حسني إنه انفصل عن زوجته دون طلاق بسبب هذا الخلاف وأن الطلاق لم يتم حفاظا علي الأبناء. أما عن أغنية «نفسي» التي غناها إيمان البحر درويش أيضا فيقول: إن هذه الأغنية كانت بمثابة صرخة سياسية، وعن تعاونه مع هاني شاكر قال: إن هذا التعاون تم صدفة من خلال أحد الملحنين الذي لحن كلمات أغنية «طول عمري استلطفك» وأعطاها لهاني الذي غناها في نهاية التسعينيات وحققت نجاحا رائعا. وعن مواقفه السياسية قال عم حسني إنه كان يقوم ببروفات مسرحية اسمها «عواد باع أرضه» تسئ للسادات بسبب اتفاقية كامب ديفيد ومنعتني أمن الدولة ولكن الحقيقة اكتشفت بعد ذلك أنني كنت قصير النظر عكس الزعيم السادات الذي كان يملك نظرة مستقبلية هائلة.. وهنا بكي عم حسني أمامنا لرحيل السادات قبل أن يسمع منه كلمة اعتذار. وعن الاعمال الدرامية التي كتبها، قال عم حسني: أنا قدمت أعمالا كثيرة تعدت المائة عمل ولكن أهمها فيلم «الجراچ» بطولة نجلاء فتحي ومسلسل «العصيان» لمحمود ياسين ومسلسل «صرخة أنثي» تأليف محمد الغيطي بطولة داليا البحيري ومسلسل «أصعب قرار» لشيرين سيف النصر، وغير ذلك من الأعمال التليفزيونية، ورغم تعدد أعماله القيمة إلاأنه لم يكن أبدا من محبي الشهرة علي حد قوله.