المحروسة والمحروس» عرض مسرحى يحمل محاولة جادة وغير مباشرة نحو طرحا عميقا لقضية الحاكم الديكتاتور الذى يسحق بسلطويته كيان المرأة وحقها فى مجتمع لا يرى إلا الرجل ويصل به لمرحلة التقديس والعبادة احيانا، ورغم أن المسرحية ينتجها المسرح القومى التابع للدولة إلا أن مخرجها شادى سرور استطاع كمخرج وممثل من طراز فريد أن يجعل من نموذج الحاكم المستبد قبوا للسخرية من قبل الجمهور وذلك فى عقر دار الحاكم الديكتاتور حيث لم يخلوا العرض من اسقاط على مرسى رئيس مصر الحالى وجماعته ورغم ذلك لا تستطيع الرقابة وجهات الامن والجماعة أن يمسك احدا منهم بمناطق السخرية والاهانة المطلوبة بموضوعية للحاكم وهنا تبرز قدرات المبدع فى طرح مصنفه الفنى دون مآحذ واضحة من احد فالطرح رغم وضح هدفه ومقصده إلا انه يمكن تأويله فنيا باكثر من رؤية لذا استطيع القول أن شادى سرور مخرج المسرحية «ضحك على الجميع» إلا فريق العمل والجمهور. المسرحية تربط تاريخيا وفى اطار من الفانتازيا حول دور الملكة شجرة الدروكيف انها امرأة تعرضت للمؤامرات والخيانة وغضب المماليك إلا انها ورغم ذلك استطاعت أن تحفظ الامن والسلام لوطنها مصر بهزيمة الصليبيين عكس المستعصم بالله اخر خلفاء العصر العباسى فى بغداد والذى توفرت له كل سبل النجاح إلا أن تسلطه وبطانة السوء المتمثلة فى رئيس وزراءه ابن العلقمى بالاضافة لفجوره فى استخدام الدين وفتاويه الملفقة للقضاء على خصومه كان كل ذلك سببا لهزيمته على يد هولاكو جانكيزخان وغزو بلاده بل وقتله، وكان تقاطع حكم شجرة الدر فى مصر مع فترة حكم المستعصم فى بغداد والمزج الحادث بين وقائع التاريخ واحداث حالية والمقارنة بينهم احيانا هو المقصد من النص الذى كتبه ابو العلا السلامونى فانت فى النهاية ترى أن المجتمعات العربية مهما ادعت التحضر ورغم مرور كل تلك القرون فان الجميع مازال يضع المراة على الهامش فى حين انها تكون افضل من رجال كثر لو تصدرت المشهد. أما عن الممثلين فقد قدم كل من النجوم الكبار احمد راتب وسوسن بدر دورا المعتصم بالله وشجرة الدر مع امراة الحانة باقتدار شديد يعجز وصفه كما قام شادى سرور بدوره – ابن العلقمى – وزير الدولة الخائن والحقيقة أن شادى سرور من الفنانيين المظلومين فى جيله فهو كممثل موهوب لم تاتيه الفرصة الحقيقية بعد لاخراج مالديه، أما عنه كمخرج للعرض فهو ايضا لا يقل موهبة عنه كممثل فقد كانت خشبة المسرح دائما قطعة من اللهب بسبب التوزيع الجيد للمثلين وحركتهم وذلك رغم الايقاع المتوازن للاحداث، فى النهاية فإن «المحروسة والمحروس» مسرحية تستحق المشاهدة لذا يجب على ادارة البيت الفنى للمسرح مد عرض المسرحية لمدة شهر آخر نشر بتاريخ 1/4/2013 العدد 642