ربما لم تجد سلطات التحقيق السودانية في شخصي الضعيف ما يستوجب توجيه الدعوة وهي عامة لي حتي أحضر هذه المحاكمة الفريدة لزميلتنا الصحفية السودانية «لبني أحمد حسين» كاتبة العمود الصحفي الشهير «كلام رجال»! فلدي هذه السلطات أسبابها التي أهمها أنني لست سودانيا «والدعوة عامة للشعب السوداني» كما يقول منطوق الدعوة! وقد جعلت السلطات الدعوة باسم الزميلة الصحفية لحضور محاكمتها وجلدها إن وجد تحت المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991 ملابس تسبب مضايقة للشعور العام»! ومكان المحاكمة محكمة «النظام العام محلية الخرطوم ! وقد كان بودي أن أحضر المحاكمة العجيبة، بل وأحضر كذلك جلد الزميلة التي انتظرتها 40 جلدة! حتي أتعرف علي العقلية التي مازالت تحرك بعض نظمنا العربية الحاكمة المشغولة المنشغلة بالمرأة من أعلاها إلي أسفلها! وليس لهذا عندي أي تفسير سوي تفسير وحيد: أن المرأة مخلوق تذوب فيه هوي تلك النظم في كل مجالات حياتها! بعضها أدخلت المرأة برلماناتها، وبعضها الآخر مازال يراوغ ويكافح من أجل ألا تكون المرأة حرة حتي في ارتداء ملابس تختارها حتي لو كانت محتشمة! فالبنطلون السروال والعياذ بالله هو ما رأت فيه سلطات التحقيق السودانية العري المؤذي الخادش للشعور العام، و«لبني أحمد حسين» ليست المرأة الوحيدة التي ارتدت السروال مؤذي الشعور العام! بل فيما علمنا أن هناك فتيات سودانيات كثيرات قد عوقبن بالجلد بعد ضبطهن ومحاكمتهن حيث كن متلبسات بارتداء السروال! ولا دخل فيما بدا لسلطات التحقيق بألوان السراويل ولاطريقة التفصيل! فذلك الشأن لم تلتفت له سلطات التحقيق ولم تعني به في هذا الفعل المؤثم بمقتضي المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991! إنما كان السروال فقط شكلا ومضمون ما استوجب الملاحقة ثم القبض علي لابسة السروال متلبسة ليكون بعدها عقاب الجلد بعد المحاكمة! أما أمر الفتيات المعاقبات بالجلد لارتداء السروال فلم يعرف أحد بما جري لهن إلا بمناسبة قضية الصحفية الزميلة التي مثلت أمام قاضيها في الاسبوع الماضي ليصدر حكمه بإعفائها من الجلد وتغريمها 250 دولارا 500 جنيه سوداني حتي تتوب عن هذه المعصية! وتفيئ إلي أمر الله فلا تعود! توبة خالصة نصوح عن لبس السروال مهما كان المغري فيه من إحكام احتشامه وخياطته الفضفاضة التي لا تكشف عما إذا كان ما فيه سيقان رجل أم امرأة لولا أن الوجه يكشف ذلك. ولست أدري هل كان العالم «ناقص فرجة» علي السودان وأحواله من مشاكل جنوبه المقبل علي الانفصال عن شماله! وهل انتهي السودان من كل مشاكله ومن أحدثها التي دمرت الامطار من عاصمته 850 منزلا جعلت السكان غارقين في أوحالهم منذ أسبوعين! وهل استكمل السودان مشاريعه التي تعتبر ضرورية وعاجلة لزراعة أرضه وريها ودول جواره تخطط وتتآمر علي نيله بشتي المخططات! بل هل فرغ السودان من تسوية أموره والخلاص من الكمين الذي مازال يحكم الخناق علي رئيسه تلاحقه عين «أوكامبو» المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية! ماذا أقول حقا وقد شغلت قضية سروال السيدة لبني الزميلة الصحيفة صحافة السودان وجمعياته الأهلية، غير بعض من صحافة العالم وجماعاته الناشطة في مجال حقوق الإنسان مما يشغلها تدابير حظر التجوال وحرية التعبير في السودان وغير السودان! فلم يبق إلا منع السروال!