«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسن الألفى يحاور الوزير أحمد أبوالغيط مبارك قال لى عن التوريث: «هما فاكرينى مجنون أحط ابنى فى هذا السجن»
نشر في صوت الأمة يوم 21 - 02 - 2013

قال أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الأسبق إن الحديث عن توريث الحكم لجمال مبارك زاد منذ عام 2005، وأن جمال كان يجهز نفسه ،لذلك بنى قاعدة سياسية وتحالفات لمساعدته عليه، مؤكدا أن الرئيس السابق مبارك كان يعارض التوريث وأعلن ذلك أكثر من مرة، وأنه -مبارك- قال له ذات مرة: «هما فاكرينى مجنون عشان أساعد ابنى أو أحطه فى هذا السجن»! وذكر أبوالغيط فى هذا الحوار بمناسبة صدور كتابه «شهادتى» أن مبارك كان يأمل الاستمرار فى الحكم 6 شهور، وأن يبتعد ويترك السلطة لنائبه عمر سليمان، وشدد أبوالغيط على أن إيقاع الرئاسة خلال الأزمة كان بطيئا، والرئيس كان يعتقد أن الأزمة ستحل نفسها بنفسها.. ولهذا جاءت قراراته متأخرة، كما جاء بيانه الأخير محبطا. أبوالغيط تطرق فى حواره معنا إلى الكثير من الأحداث والملفات الشائكة أثناء ثورة يناير، ومواقف عمر سليمان والمشير طنطاوى وجمال مبارك وزكريا عزمى. وكشف أن عمر سليمان قال له إن محاولات جرت من أسرة مبارك وأنصار التوريث للتخلص من المشير، وأن طنطاوى أخبره بأن هناك من يريد استخدام الجيش لإنهاء الموقف. وأكد أبوالغيط أن مبارك خدم الوطن والشعب 60 عاما، ولكن فى نهاية رحلته ظهر أن هناك فشلا ما، وأنه يدفع الثمن الآن.. فإلى نص الحوار:
جاء فى الفصل الثالث عشر من كتابك: «بعد تدهور الوضع يوم 28 يناير 2011، كان عمر سليمان يتحدث مع مبارك طول الوقت، لكنه استشعر الحرج العميق من أن يتحدث عن الاجراءات التى من المفترض أن يتخذها مبارك بعد تدهور الوضع»، هذه المعلومة هل كنت شاهداً عليها وكنت حاضرًا وقتها، وهل تبلور فى ذهنك وفى ذهن المجموعة التى كانت موجودة وقتها فكرة التنحى؟ أم أن مجرد طلب اقالة الحكومة ووزير الداخلية كان مطلباً كبير جداً بالنسبة لمبارك فى ذلك الوقت؟
- دعنى أذكرك بأننى غادرت القاهرة فجر يوم 27 يناير الى اديس ابابا لأمثل مصر بالنيابة عن مبارك فى القمة الافريقية، لم أعد الى القاهرة الا مساء يوم 30 وبالتالى هناك فترة أربعة أيام لم أكن متواجدًا بالقاهرة ولا استطيع التحدث عنها، ولكن كنت على اتصال باللواء عمر سليمان يومياً، وفى اليوم أكثر من مرة، وفى يوم 28 فى المساء قال لى إن الموقف خرج عن نطاق السيطرة، وأن القوات المسلحة ستنزل لكى تضبط النظام العام فى الشارع، وتمنع الفوضى لأنه كانت هناك ملامح لسرقة وحرائق وأخطار تحيط بالمجتمع، وكان يجب أن يؤمنه، فهو مجتمع منظم وله دولة مركزية، وعندما التقيت به يوم 31 يناير فى مقر الرئاسة، وكان الوضع فوضى عامة، قلت له: «ما الموقف الآن؟ ألا تتحدث مع الرئيس لاظهار مرونة واضحة فى التعامل مع الموقف، فى الالتقاء مع الثوار والتحدث اليهم والاستجابة لمطالبهم، وما هى المطالب المطروحة، وكان من الواضح من اللحظة الأولى أن اللواء عمر سليمان توصل الى نتيجة مفادها أن الرئيس مطلوب منه تنازلات ومواقف قد تكون لها انعكاساتها على سليمان نفسه، بمعنى، انه اذا تحدث مع الرئيس بمنهجه المطلوب المقترح، يصبح على الرئيس أن يتنحى ويتنازل عن الحكم، فنائب الرئيس طبقاً للدستور هو الذى سيحكم فكان عمر سليمان يتحرج، لانه خدم هذا الرئيس على الاقل 20 عاما كاملة كرئيس للمخابرات العامة، وقبلها خدم فى القوات المسلحة 35 عاما أخرى، أى خدم الحكم 55 عاما كاملة.
■ ألم يكن وصل الى آذان مبارك فكرة التنحى، واسقاط النظام؟
- لا أعلم، ولا استطيع أن أزعم بما لم أسمعه، ولكن الفلسفة الاساسية أن أى اجراء من بداية يوم 31 سيقود الى انزواء الرئيس وتخليه عن السلطة، وعمر سليمان لا يريد ذلك، بسبب تحرجه، فكان هذا هو المشهد من 31 يناير حتى يوم 10 فبراير، ولكن اعتقد انه هو والمشير تحدثا مع الرئيس فى لحظة ما، ولكن متى كانت هذه اللحظة لا اعلمها، لكن اعتقد أنهما وصلا الى نتيجة مفادها انه لا يمكن للنظام أن يستمر فى ظل هذه الظروف، وعندما تحدث الرئيس بأنه لا ينوى ترشيح نفسه، أو أن يورث ابنه فهو كان قد وصل الى هذه النتيجة، ولكنه كان يأمل أن يبقى مدة الستة أشهر الباقية فى حكمه، فى البداية يحكم بدون نية فى الاستمرار، وفى فترة ثانية أن يبتعد عن الصورة ويترك السلطة لنائب الرئيس «عمر سليمان».
■ هل كان صادقاً فى هذه النية؟
- لا أعلم، فانا لا أستطيع أن أدخل فى نوايا البشر.
■ لا تستطيع أن تدخل فى نوايا البشر، ولكن تستطيع أن تقيم اللهجة والنبرة وضغوط من حوله؟
- لا اعتقد انه من الصعب أن يتراجع عن هذه المواقف التى تحدث بها علناً امام المجتمع، ولكن فى مرحلة ثانية قال انزوى وابقى رئيساً ولكن السلطات كلها تبقى لدى نائب الرئيس الذى يدير المجتمع ويعده لمرحلة تالية، هى مرحلة الانتخابات الرئاسية التى تأخذه فى مسار ديمقراطى جديد.
■ قلت إن جمال مبارك سيطر على الموقف وكنت تراه مابين مكتب الرئيس ومكتب زكريا عزمى، وان هذا لم يكن يحدث قبل ذلك أبدا، ماذا كان دور جمال هنا؟
- جمال مبارك لم يكن يظهر على السطح اطلاقاً فى دوائر الحكومة، لم يكن له نشاط فيها، وخاصة بالنسبة لأجهزة الأمن القومى، فمثلا لم يكن له اتصال بى شخصياً، لم يتحدث معى فى أى موضوع يخص السياسة الخارجية، واعتقد انه لم يكن راغبًا ولا الرئيس كان يوافق أن يعطيه هذه المساحة.
■ لم يكن راغبا فى التدخل فى السياسة الخارجية، ولكن كان يفاجئك بأنه يسافر الى الخارج والسفارات هى التى تبلغك؟
- لا، ماكان يحدث انه كان يتصل بى سفير يقول لى إن الاستاذ جمال يرتب للقاء مع اعضاء الكونجرس الأمريكى، فاقول له اعمل معه، وكانت تأتينى من السفير بعدها برقيات موجزة، وهذا لم يتكرر كثيراً.
■ ألم يضايقك هذا؟
- لا، فنحن كنا نرسل بعثات مصرية متعددة من رجال اعمال وعاملين فى حقوق الانسان، ونمول مجموعات من الزيارات.
■ هذا ما كنت أنت تقوم به، ولكن مؤسسة الرئاسة فى زيارات جمال هى التى ترسل وتفاجأ انت بها من سفرائك؟
- لا، لانه طالما انى كنت على اطلاع بهذه الزيارات، فليس فى هذا إشكال.
■ هل كنت تتفادى الصدام؟
- لا، حقيقة الأمر انه كان يساعد الرئيس من وجهة نظره بقراءات محددة فى مواقف الأمريكان، واعتقد ان زيارات جمال مبارك الى واشنطن او غيرها من العواصم، كلندن التى كان يسافر اليها كثيراً، لانه كان لديه اعتقاد فى تونى بلير ومنهجه فى ادارة حزب العمال، وكيف نجح الحزب وتطور على المسرح البريطانى، وكانت كثير من الدول ترغب فى التعرف على هذه الشخصية، ولكن حقيقة الامر انه لم يسبب لى أو للسياسة الخارجية المصرية أى ازعاج من اى نوع.
■ نعود الى موقفه فى ادارة الازمة؟
- الذى لاحظته ونحن كنا نذهب على مدى سنين الى رئاسة الجمهورية، أنه كان لا يظهر فى هذه الاجتماعات، رغم أن المؤكد انه كان لديه اطلاع على توجهات الدولة، لانه كان رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطنى، وأيضاً كان على اتصال مع كثيرين من المسئولين ورجال الاعمال الموجودين فى قلب النظام، وبالتالى لديه اطلاع عريض على السياسات، كان لا يظهر فى رئاسة الجمهورية على الاطلاق، ولكن فى الاسبوع الأخير بداية من 31 يناير بعد ما عدت من اديس ابابا، وجدته متواجدًا وعلى اتصال بزكريا عزمى.
■ صف لنا حالته فى هذا الوقت؟
- كان هادئاً، كان يدخل ليجلس مع الرئيس ويعود يجلس مع زكريا عزمى، وكان يتحدث أحيانا مع رئيس الوزراء الفريق «أحمد شفيق»، ولم تكن تظهر عليه اى علامات التوتر.
■ معنى ذلك أن كل الغضب فى الشارع لم يصل الى قصر الرئاسة؟
- لا كان قد وصل الى القصر، ولكن كان نمط القصر هادئاً.
■ هل هذه بلادة ام انعزال عن الشارع ام ثقة فى النفس..فسر لنا هذه الظاهرة؟
- ليس لدى تفسير، كانوا هادئين ليس لدى اى تفسير آخر.
■ وبالنسبة لك هل كنت هادئا، وغير مستوعب لما يجرى بالشارع؟
- كنت هادئاً، ولكن كنت مستوعبا لما يحدث ومتصلا بما يجرى بالشارع، فإذا فقدت اعصابك فلن تستطيع أن تفعل شيئا.
■ لم تفقد اعصابك، ولكنك لم تفعل شيئًا ايضاً؟
- لم افعل بالشكل الذى ينبغى أن يكون، فكما اقول القرارات كانت متأخرة بعض الشىء، خاصة والبيان الأخير الذى اشترك فى صياغته اكثر من شخصية.
■ من هذه الشخصيات؟
- حقيقة لا اعلم، ولا استطيع أن أزعم شيئا لا أعمله، هذا البيان كنت اتصور ختامه وخلاصته تكون هى بدايته، بمعنى أقول «قررت أن ابتعد عن السلطة، سوف ابقى رئيسا ولكن سأكلف عمر سليمان بمسئولية ادارة المجتمع»، ولكن البيان جاء محبطاً حيث من المفترض أن تكون بداية البيان هذا الحديث، على عكس ماتم ثم يأتى فى ختامه أى كلام آخر، وفى صباح يوم 11 فبراير تعدل الموقف، ولم يعد نائب الرئيس طبقاً للدستور الشخصية المكلفة بادارة المجتمع، واعطيت للقوات المسلحة باعتبارها تملك القوة القادرة على فرض نفسها على الأرض، وهذا يؤشر فى تقديرى الى تقييم صادق ودقيق للوضع المصرى، وان الوضع لا يستطيع التحكم فيه شخص او فرد بعد هذه اللحظة، وان من يستطيع هذا هو القوات المسلحة.
■ هل هذا التقدير سار حتى وقتنا هذا؟
- بالتأكيد، أصل المسألة فى انك ترغب فى أن توجد قوة على الأرض الجميع يحترمها، والناس تهابها، القوات المسلحة لا يستطيع مصرى الا أن ينحنى اجلالاً لها.
■ لماذا استخدمت كلمة «جمال هيمن» رغم أنه لديك مخزون من المفردات يمكن أن تستخدمها، هل هو الذى كان يدير الموقف، ويوجه زكريا عزمى؟
- يمكن القول إنه كانت له مشاركة كبيرة، ولكن لا نستطيع القول إنه الذى كان يوجه زكريا عزمى، ولكنه كان حاضرا بقوة فى ادارة الأزمة.
■ قلت فى كتابك «ان إلقاء الخطاب متأخراً ألغى مزايا كثيرة لو أن مبارك ألقاه مبكراً « هل الخطاب الذى ابكى مصر كلها ام الخطاب الأخير..أى خطاب كنت تقصد؟
- الاثنان، الأزمة كان ايقاع الرئاسة فيها بطىء.
■ ما السر فى ذلك؟
- السر فى تجربة الرئيس مبارك الممتدة فى ادارة الحكم، وهو أن كثيرًا من المواقف يمكن أن تحل نفسها بنفسها، فلنتبين معادلات القوى قبل أن تتحرك، وان نترك التفاعلات لتحقق نتائجها، ولا تنسى ايضاً أن نائب الرئيس كان قد بدأ حواراً مع القوى المختلفة، فلنترك فرصة لهذا الحوار لكى يؤتى ثماره، ونرى كيف سيصل بنا الى صياغة وثيقة او مجموعة إجراءات او مواقف جديدة، هذا كله حكم ايقاع الحكم، وأبطأ اتخاذ القرار.
■ هل معنى ذلك أن اعتياد السلطة يبلد الشعور بالواجب؟
- لا يمكننا القول إنه يبلد الشعور، ولكن التجربة الطويلة فى الحكم هى التى فرضت ذلك، فمثلاً انا عندما كنت اذهب الى مكتبى فأجد مشكلة ما، فأقول نتركها جانباً عدة ساعات فاكتشف انها حلت نفسها.
■ ذكرت أن جمال مبارك قال لك: «التطورات خطيرة بعد القاء مبارك الخطاب المبكى، وانه سيشرف على بيان سيلقى فى المساء»؟
- البيان المقصود هو بيان يوم 31 الذى ألقاه مبارك، واشرف عليه جمال، وانا قلت له: «انه على الرئيس أن يتحرك»، فقال لى جمال: «إن الرئيس ينتوى القاء بيان اليوم»، وكان بالفعل البيان الذى القى يوم 31 يناير.
■ كيف استقبلت خطة توريث جمال مبارك؟
- انا كسفير اتابع الموقف فى بلادى، من سنة 96 ارصد وأرى أن ابن الرئيس يبنى قاعدة سياسية، يبنى تحالفات على الارض فى المجتمع، وهذه حقيقة لا يمكن أن ننكرها اليوم، فكنت اتابع عن بعد، لاننى كنت وقتها مجرد سفير فى وزارة الخارجية، وعندما عينت بالامم المتحدة سنة 99 احسست بوتيرة بناء القاعدة السياسية، وبعدها أنشئت لجنة السياسات، اكتشفت أن فيها عشرات أن لم يكن مئات من الشخصيات الرئيسية فى المجتمع، وبالتالى فهنا سؤال من سؤالين يطرح نفسه، «اما انك تبنى قاعدة سياسية لكى تستفيد بها فى لحظة ما من الزمن لتحقيق أهداف سياسية لك؟»، «او انك ترى أن الوالد يتقدم فى السن فعليك أن تنزل الى الميدان لكى تساعده بتنشيط ما، والتنشيط اما أن يكون عن طريق تكوين حكومة فاعلة وقادرة وذات تاثير، او من خلال الامساك بحزب وتنشيطه ليساعد الرئيس على تحقيق اهدافه؟»، وعلى سبيل المثال الصحف المصرية كانت تكتب وانا عن بعد، «تياران داخل الحزب، تيار الجيل الجديد، والحرس القديم» هذه المسائل لا يجب أن تضيع منا فى تقييم المسائل، وانا لم اكن على اتصال بهؤلاء أو هؤلاء، وعندما عدت الى مصر وزيرًا للخارجية يعمل مع الرئيس فقط، اكتشفت أن عمر سليمان نفس الشىء، ولكنه يتابع الوضع الداخلى بميزان من ذهب، فمسئوليته يدخل فيها الوضع الداخلى، وتبين وقتها أن هناك مجموعات فى الحزب والحكم ولجنة السياسات لها توجهات اقتصادية تبنى علاقة مع جمال مبارك، أعلم بعض هؤلاء ومنهم رجال محترمون جدا، مثل رشيد محمد رشيد الذى يؤمن بأن الانطلاق الاقتصادى المصرى عبر مفاهيم اقتصادية محددة هو الطريق الى انطلاق مصر، فعلى سبيل المثال تنشيط الصناعة المصرية والقضاء على البطالة لا يتم الا بفتح الاقتصاد المصرى، ونربطه بقوى محددة مثل تركيا، هذا كله كان من على بعد، انما عندما بدأت اعمل مع الرئيس، تبينت أن هذه القاعدة السياسية تبنى لأن الرئيس تقدم فى السن، وبدأ الحديث يدور وبحدة عن الخلافة، فلم يسمع حتى 2004 عن الخلافة، وأن الرئيس أجرى عملية جراحية، او أن إحدى اذنيه اصبحت ثقيلة، او أن ركبة فى إحدى قدميه اصبحت ثقيلة، لكن فى 2004 الرئيس اجرى عملية جراحية رئيسية فى الظهر، وفى 2010 الرئيس اجرى عملية فى المرارة، وكلها عمليات رئيسية تقعده شهرا أو أكثر، فهذا يؤكد فكرة أن الخلافة اصبحت ضاغطة، ففى سنة 2005 الرئيس سنه 75 عاما، متوسط عمر البنى آدم فى مصر الرجل 69 والمرأة 71، ما معناه انه اقترب من الخروج من مسرح الحياة بقوانين الحياة، وبالتالى أصبح ضغط الخلافة عندما ظهر وتأثيراته ظهرت على المحيطين بالرئيس فكانوا يقولون: «الرئيس لابد أن نراعيه، الرئيس مجهد لا نضغط عليه لكى يسافر ساعات طويلة»، هذا كله يفرض التفكير فى الخلافة، أين الخلافة؟ هناك رئيس لجنة السياسات الذى يبنى قاعدة سياسية، تقديرى انها لم تكن مساعدة للأب، فيها تجهيز لنفسه لم اكن موافق على ذلك أو راغبًا فيه.
■ من كان موافقا عليه او راغبا فيه، وهل كان زكريا احد هؤلاء؟
- أنا شخصيا لم اكن موافقا على التوريث، ولا اعلم من كان موافقاً ومن كان رافضاً، وأرى أن كثيرين من الرئاسة والنظام يرون ان هناك هدفًا رئيسيًا اسمه قاعدة سياسية تستخدم لوصول ابن الرئيس لكرسى الرئاسة، ولكن لان الرئيس كان يتابع الموقف، ففى اكثر من مناسبة كان يؤكد ويردد أنه لا يقبل ولا يرغب أن يرى ابنه فى مقعد الرئاسة، الى حد انه اكد على هذا وكان الحديث يدور حول بشار الأسد وهو الذى اقحم الموضوع بنفسه، وانا كنت عندما يتقدم السفراء الاجانب باوراق اعتمادهم، كانت الرئاسة تجمع السفراء الاجانب عشرين سفيرا مع بعض، فالرئيس يتلقى اوراق اعتمادهم على مدى ساعة ونصف الساعة، فوزير الخارجية كان دائماً مع الرئيس، وكان بين كل سفير وآخر 4 دقائق، فهناك فرصة سانحة للحديث مع الرئيس أخذا فى الاعتبار انه لا يتحدث كثيراً، وعلاقته مع مرءوسيه هى علاقة تلقى المعلومات واعطاء الاوامر والتوجيهات، ففى هذا اليوم تحديداً قال لى واقحم الموضوع، ربما كان بسبب الانتخابات الدائرة وقتها، والتى قلت له إنها تسببت فى اجواء ليست جيدة، وان عليه أن ينظر فى الأمر، وكنت اقصد اما أن يلغى انتخابات المرحلة الثانية، فقال لى«: «هما فاكرينى مجنون، علشان اساعد ابنى او احط ابنى فى هذا السجن، فى هذا التحدى»، طبعا لما يقول رئيس البلد هذا الكلام، عليك أن تفكر فيه، هل يناور؟ هل هو صادق؟، ولكن ما فائدة المناورة معى، ما قيمتى، وفى مرة قلت له: «لماذا لا ينزل جمال فى انتخابات مجلس الشعب؟»، فرد علىَّ قائلاً: «انت بتقول ايه..دول يقطعوه»، فالرئيس كان يرى صعوبات كبيرة فى أن يتولى ابنه المنصب، وبالتالى هذه هى تناقضات المواقف، وانا اتحدث بموضوعية ولا ارغب فى أن اظهر وانا اوجه سهام النقد لهذا ولا ذاك؟.
■ فى اجتماع الرئيس مع وزارة الفريق احمد شفيق قلت انه كان شاردا؟
- الرئيس أثناء حلف الوزراء لليمين كان واقفاً ووضع ميدان التحرير كان متأزم، فكان يحمل جبلاً من الهموم، وبعدها اجتمع مجلس الوزراء فى قصر الاتحادية، واجتمع بنا الرئيس، ووجه مجموعة من التوجيهات، فكان يظهر انه مهموم.
■ هل شعرت تجاهه بالعطف، وانك امام رجل فى آخر أيامه؟
- حسنى مبارك خدم الوطن والشعب اكثر من ستين عاماً، وانا متربى فى بيت، خدمة الشعب هى اساس احترام الفرد، وأنا احترم هذا الفرد لخدمته لوطنه، أما إذا كان قد فقد فى لحظة ما من الزمن متأخراً فى حياته بعض الأساسيات فهذا يتعلق به وبالمجتمع وهو يدفع الثمن الآن، اما النظرة العامة للرئيس فأرى انه حاول قدر امكانه أن يخدم بلاده، ففى نهاية الرحلة، وضح ان هناك فشل ما.
■ كنت ترى أن المشير قائد محترفًا فى اتخاذ القرار، هل تراه الآن قائدًا محترفا فى فترة الحكم الانتقالى؟
- لا اريد أن اعقب على اى نقطة خارج الكتاب.
■ ماذا عن ادارة مبارك للأزمات؟
- له ادارته للأزمة، هناك مواقف نجح فيها بجلاء، وهناك مواقف كنت اتصور انه يستطيع أن يعالجها بشكل اكثر قدرة ومهارة، عدا ذلك هذه مرحلة قصيرة زمنياً، بشكل لا تستطيع أن تحكم اين نحن، ولماذا ومسئولية من؟! مؤكدًا أن مصر لم تدخل حربًا اهلية فى عهده، سئل مرة رئيس وزراء الصين فى الفترة من 1950 حتى 1976 عن تقييمه للثورة الفرنسية؟ فقال فقط مائتى عام لا نستطيع أن نقيم الثورة، وبالتالى فإننا لا نستطيع تقييم ثورة يناير بعد مرور عامين؟
■ هل طرح استخدام القوة ضد الشعب؟
- لا، لم يتحدث احد عن استخدام القوة ضد الشعب، ولكن بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء، والمشير فى طريقه الى الخارج، قال لى: «حمد لله بالسلامة، اهلاً وسهلاً، شايف اللى بيحصل فى البلد» فقلت: «فعلاً اللى حاصل فى البلد مقلق، وينبغى أن نحافظ على بلدنا»، فقال لى: «هنحافظ على بلدنا، بيصلنى ان هناك من يريد أن يستخدم الجيش لانهاء الموقف»، فعقبت قائلاً: «الجيش المصرى لا يمكن استخدامه اطلاقاً ضد شعبه»، فقال لى: «طبعاً..طبعاً»، فهدأت نفسى.
■ هل هذه اللحظة التى تخلى فيها الجيش عن مبارك؟
- الجيش كان حذرا جدا فى الظهور على المسرح الداخلى، ونزل بوحدات ثقيلة ومدرعة وليس على مستوى افراد، وبالتالى ارسل رسالة واضحة للشعب وللحكم بأنه سيسعى لتحقيق الاستقرار فى المجتمع، ولكن دون مواجهة عنيفة، ظهور الدبابة لا يعنى الاستعداد لاستخدامها، بل يعنى انها دبابة لا تستخدم ضد الشعب.
■ انا اقصد متى قرروا أن الدبابة تظهر؟
- يوم 28 يناير.
■ ولكنهم نزلوا فى هذا التوقيت بامر من مبارك، فمتى قرروا أنه لابد أن يتخلى عن السلطة؟
- كما هو واضح مع البيان الاول الذى أعقب اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون مبارك يوم 6 او 7 فبراير.
■ بعد الخطاب المبكى اتصل بك جمال مبارك وقال لك انه كان رائعا وردود الفعل مبشرة، هل كان هذا الأمر حلاوة روح؟
- معرفش، ده كان الساعة 2 ليلاً، واستشعرت وقتها الحرج لاننى كنت احارب ليتحركوا وان يلقوا بيانا ولم اسمع البيان!
■ كيف ينزل من فرح بهذه النتيجة يوم موقعة الجمل ليضربوا المتظاهرين؟
- نزول من اعتدوا على المتظاهرين كان مرتباً، لكن لا أعلم من رتبه، والسؤال الأكثر وجاهة، هل كانت نية من نزلوا يوم موقعة الجمل الضرب.
■ هناك من تحدث عن أن جماعة الاخوان المسلمين هى الطرف الثالث فى الموقعة؟
- لا اعلم، التاريخ هو الكفيل بكشف مثل هذه المسائل.
■ رد فعل ابنك كمال هل كان مثلك ام مثل الشباب الثائر؟
- كنا نستشعر سوياً الغضب، عندما بدأ الصدام والقاء الحجارة بين المصريين وبعضهم البعض، استشعرت الحرج وفكرت فى انه حان الوقت لاغادر منصبى، فلا يصح أن ابقى وزيراً للخارجية فى وطن يضرب فيه الشعب بعضه بعضاً، ولكن كان يحكمنى امرين، الاول تدريبى وتعليمى ومنهجى فى الحياة، وهو اننى لا اغادر موقعى هرباً والسفينة على الصخور، والثانى، لا احب أن اظهر وكأننى اهرب والسفينة تغرق.
■ ولكنك مهدت للهروب، ففى حوارك اطلقت رصاصة الرحمة على النظام فقلت: «كبر سن الرئيس» وكأنك تقول إن الرجل «خرف»، ولم يسبقك اى مسئول فى النظام بهذا؟
- لم يتحدث مسئول فى الدولة المصرية مثلما تحدثت عن سبب الانهيار، عندما عدت لمنزلى فى المساء سألتنى زوجتى: «هل مازلت وزير الخارجية؟»، انا أولاً وأخيراً مصرى، وأعمل فى الدولة المصرية، وبالتالى عندما يكون هناك تناقض حاد بين الوطنية المصرية ومستقبل مصر والأمن القومى المصرى ووضع ضاغط فى الدولة المصرية متمثلاً فى ميدان التحرير والمطالبة بالتغيير، فالانسان عليه أن يحسم أمره، لا يستطيع التخلى عن وطنيته واحساسه ببلده، من هنا كان حديثى فى العربية بديلا عن الاستقالة.
■ وماذا عن رد الفعل فى الرئاسة؟
- لم يكن هناك رد.
■ هل كان هذا انشقاقًا؟
- مقدرش «اقول انشقاق» لان كلمة انشقاق أراها مسيئة لشخصى، انا تدريبى هو تحليل الأوضاع والمواقف.
■ لماذا اخترت كلمة « تقدم سلمى «؟
- لابد أن اكون صادقاً مع نفسى.
■ ولماذا لم تكن صادقا من البداية، فهل الرئيس كبر مرة واحدة؟
- لا، ولكنى لم ار هذا الشكل فى ميدان التحرير قبل ذلك، فكان لابد أن تتحدث، الرئيس كان فى الحكم ويسعى أن بلده تخرج من تقدمه فى السن بشكل لا يؤثر عليها، او على استقرارها، ولكل شخص اسلوبه، فماذا كان يفكر الرئيس؟ هل كان يفكر فى التخلى عن الحكم؟ هل كان يرغب أن يترك الأمر لنائب الرئيس؟ هل كان يرى أن يتيح الفرصة لابنه؟ هذه كلها مسائل لن يجيب عنها اطلاقا الا الرئيس أو احد الملاصقين له، وانا لم اكن لصيقا به، ولم اكن متابعا ومدققا لما يجرى ببلدى.
■ هل جرت محاولات من اسرة الرئيس وانصار التوريث للتخلص من المشير؟
- لم اعرف، قال لى هذا اللواء عمر سليمان الله يرحمه، وهو من يسأل عنه، وهناك مسائل لا يجب أن تؤخذ الا من اصحابها، واللواء سليمان غير موجود، والمشير مازال حيا.
■ من كان يخشى عداوة جمال مبارك؟
- لا اعتقد انه كان هناك من يرغب فى عداوة جمال مبارك.
■ قلت إن زكريا عزمى لم يكن راضيا عن انتخابات 2010 وقلت له لماذا لم تقل للرئيس، فقال لك خشيت عداوة جمال مبارك؟
- نعم، ولكن هذا الوحيد الذى تمكنت من التحدث معه، اما الباقون فلم استطع التحدث معهم، ولك أن تعلم أنه فى نظم الحكم المماثلة للحكم فى مصر، البشر من الزعماء جماعات، بمعنى انهم يتحدثون فيما بينهم وبتكتم شديد، فمثلا انا واللواء عمر سليمان كنا نتحدث فى الكثير من المسائل، وبصراحة شديدة، لكن من يتحدث مع من؟ لا اعرف، وبالتأكيد هناك من كانوا يتحدثون مع بعض، ما أعرفه أنه فى اثناء الطيران كنا نتحدث عن تقييم الموقف فى مصر بصفة عامة مع عمر سليمان، وتقدم سن الرئيس، وكيف يؤمن المجتمع المصرى لنفسه خلافة آمنة تستطيع أن تأخذ البلد للاستمرار فى البناء والتنمية والتقدم.
■ آخر اتصال تلقيته من الرئيس مبارك، كان فى آخر فبراير 2011 قال لك فيه إن القذافى عنيد وخبيث وقاسى القلب، هل كنت تعتقد انه أراد أن يخبرك بانه لم يفعل مثلما فعل القذافى؟
- لا لم يكن هذا انطباعه أبداً.
■ لماذا لم تتصادم أو يتصادم معك اللواء عمر سليمان، فى القضايا الخارجية، وقد أفسح له مبارك فيها؟
- المخابرات العامة لها وجود فى السياسة الخارجية المصرية منذ يوم انشائها وهى لديها هذا التقدم وهذا النفوذ، تتعامل فى المعلومات والتوصيات للرؤساء، وهو ليس الأمر الغريب ان تكون متواجدة على المسرح الخارجى، بل كان كثير من رجالها فى العهد الناصرى سفراء لمصر فى الدول العربية، ولما كنت أعلم بذلك، نتيجة لممارستى على مدى سنوات طويلة، لم يكن لدى استغراب، ولكن عندما عين اللواء عمر سليمان رئيساً للمخابرات العامة علمت ان لديه وضعية ونفوذ تتجاوز كثيراً ما كان لرئيس المخابرات من قبل .
■ أى أن مصر خسرته كرئيس قادم لمصر؟
- لا أتحدث فى الافتراضات، وبالتالى لا أعلم لعله كان ينتخب ثم يصاب مثلما أصيب فى قلبه، وأنا لست من القائلين بانه اغتيل أو قتل هو كان يعانى من مرض بالقلب زادت وطأته فى الشهور السابقة لوفاته، هو منظم الفكر، هو على اطلاع على خفايا المجتمع المصرى، هو منظم الفكر جداً، هو شخصية قوية للغاية، استطاع ان يحظى بثقة الرئيس، بعد حادث أديس أبابا، فى نفس الوقت هناك عدد من وزراء الخارجية استقالوا، والرئيس كان نائباً للرئيس عندما استقالوا، والرئيس كان عسكرياً سابقاً، وكان يثق فى اللواء عمر سليمان، عندما تسلمت المهام كان واضحاً ان رئيس المخابرات له تواجد وحيثية كبيرة للغاية، ولكن تواجده استمر كالتواجد التقليدى للمخابرات العامة، فمثلاً المخابرات العامة كانت المسئولة عن العلاقات المصرية الليبية منذ ثورة سبتمبر 69، المخابرات العامة كانت لها يد كبيرة للغاية فى علاقة مصر بالسودان، ومنذ معاهدة السلام مع اسرائيل، أصبحت ذات سيطرة على تطور هذه العلاقة، لأنها علاقة أمنية أولاً وأخيراً.
■ ماذا عن منابع النيل ؟
- لا، منابع النيل لم يكن من سلطة المخابرات العامة، المخابرات العامة كان لها يد ولكن لم تكن المسيطرة على هذا الملف، المسيطر على هذا الملف كانت وزارة الرى وتدعمها الأجهزة الثلاثة المعنية بهذا «الخارجية، الدفاع، المخابرات»، لكن اللاعب الأساسى هو محمود أبوزيد، وبالتالى عندما تسلمت المهمة كان هذا هو الوضع الذى وجدته، وهو استمرار للأوضاع منذ عقود كما ذكرت لك، الجديد هو ان وزراء الخارجية أصبحوا يرغبون فى مقابلة اللواء عمر سليمان، يأتون إلى مصر ويرغبون فى التحدث معه، باعتبار ان اهتماماتهم بمصر تنبع أساساً من مصر، دون تجاوز وزير الخارجية، أى وزير يرغب فى لقاء رئيس المخابرات ويرحل، كان يفشل فى مهمته، ورئيس الدولة هو مستقبل إذا وافق ان يستقبل، بمعنى أن يأتى وزير خارجية ألمانيا ويقول أرغب فى زيارة مصر، فانظر إلى جدولى وأخبره بأننى متواجد فى هذا التوقيت، وإذا قال أرغب فى زيارة الرئيس، نقول له سنرتب للقاء، ونكتب للرئيس، ويقول نعم أقابله أو غير قادر، لكن أنا الذى أقرر وأنظم، فزيارة رئيس المخابرات العامة كانت هذه هى الجديدة، وانا كنت أمد المخابرات العامة بكل شيء، واكتشفت سريعاً جداً أن عمر سليمان رجل كلمة، بمعنى أنه ما كان يحدث أمامه ويتعلق بعملى، يتصل بى فوراً ويقول التقيت بفلان وقال لى وقلت له، وبالتالى كان التعاون كاملاً، مع التعاون الكامل وضح ان هناك ثقة كبيرة تبنى، وانتهى بنا الحال إلى اننا صديقان قريبان إلى حد أنه قبل وفاته اتصل بى وقال لى: «أنا أحدثك من الخارج، سوف أذهب إلى أمريكا، لأن لدى متاعب كان منها عضلة القلب وتأثير أدوية القلب على الجسم»، فكان يجب ان يعد نفسه قبل السفر إلى الولايات المتحدة لننظر فى احتمال عملية جراحية، فكان يصرح لى بكل شيء .
■ هل أحسست خلال هذه المكالمة انه قرب على الوفاة ؟
- لا، لم يكن فى ذهنه أبداً، ما أود أن أقوله إن المخابرات العامة كانت تتعامل مع التنظيمات الفلسطينية، لكن وزارة الخارجية كانت تتحدث فى التسوية الإسرائيلية الفلسطينية، وكذلك أيضاً كانت تتحدث فى الوضع السودانى وعلاقة مصر بالسودان، كانت وزارة الخارجية تخفف من وطأة رد الفعل الدولى على أوضاع السودان، المخابرات العامة تبقى على أقوى الاتصالات مع ليبيا، وزارة الخارجية ترعى العلاقات المصرية الليبية فى اطارها العام، وهذا التنسيق كان مقبولاً، ولا أعلم أهو موجود حتى هذا التوقيت أم لا، اللواء عمر سليمان كان يرى نفسه مستشاراً للأمن القومى، وأنا كنت أرى اننا فى حاجة إلى مستشار للأمن القومى، رغم انه ليس من المسائل الصائبة، انك تكون رئيس أحد الأجهزة الرئيسية التى تعمل فى السياسة الخارجية ومستشاراً للأمن القومى، لأنك كنت ستفضل جهازك على باقى الأجهزة، ومع ذلك قلت كان ينبغى ان يعين فى هذا المنصب اذا كان هناك ضرورة لمستشار أمن قومى .
■ كيف كان يختار مبارك وزراء خارجيته؟
- صعب أن أقول لك كيف يختار، ولكن من واقع متابعتى للرئيس مبارك، على مدى خدمتى لكل هؤلاء الوزراء، كان الرئيس يتابع الدبلوماسيين المصريين الكبار، ويتابع أداء عمرو موسى فى الأمم المتحدة، واعتقد ان أسامة الباز كان له باع كبير فى تقديم عمرو موسى للرئيس مبارك، الرئيس مبارك تولى الحكم وكان كمال حسن على وزيراً للخارجية، وكانا الاثنان عسكريين، فلم يكن للرئيس مبارك دخل فى تعيينه، أما عصمت عبد المجيد فكانا سفيراً كبيراً وله باع كبير قد عمل 11 سنة بالأمم المتحدة، قبل ان يعود إلى مصر للمعاش، وبالتالى فقد اختير على أساس الأقدمية والحنكة والتاريخ، عمرو موسى كان مبارك يتابعه، وكان وقتها أسامة الباز موجود، وكان يقدم عمرو موسى على أنه نجم السنين القادمة فى السياسة الخارجية، وبتقديم الباز لعمرو قرر حسنى مبارك تعيينه وزيراً للخارجية، ولا أرى ان مبارك كان يغار من عمرو موسى، وعمرو موسى كان قد اصطدم مع الرئيس مبارك بحدة فى شرم الشيخ عام 2000 عندما كانت إسرائيل تسعى إلى اجهاض الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وعقدت شرم الشيخ، وحاول الجانب الأمريكى ان ينفرد بقرارات الرئيس مبارك، وعمرو موسى تصدى لهم، وقال إننى لا أقبل أو أوافق على ان يتم التفاوض من وراء ظهرى، وحاول الأمريكان أن يجنبوه، ويجتمعوا مع الرئيس على انفراد، وهذه اهانة لوزير الخارجية .
■ كيف تم اختيارك أنت ؟
بالنسبة لأحمد أبو الغيط، لا أعلم كيف تم اختيارى، ولكن أعتقد ان شخصية مثل عمر سليمان هى التى رشحتنى.
■ هل أحسست بذلك بعدما توليت الوزارة؟
- أبداً، لم يذكر لى مثل هذا الأمر قبل ذلك.
■ قلت كنت للأسف فى لقائى مع جون ماكين سنة 2005 وقتما هاجم ماكين مبارك بعد القبض على المعارض أيمن نور، من الذى كان وراء القبض على نور لمنع منافس قوى لجمال مبارك ؟
- لكى أكون أميناً جداً، هناك قضية جنائية تعامل معها القضاء المصرى، وحكم فيها، لكن احساسى ان شخصية سياسية لها وضعها فى المجتمع المصرى، ما كان ينبغى أن «نقرص» فيها على الشق الجنائى، فكان يجب ان نعطيها وقتها، وأنا أرى انه كانت هناك حساسية من بزوغ نجم شخص صغير نسبياً، فلقد حصل على نصف مليون صوت .
■ ما هى مصلحة الأمريكان فى الضغط على مصر من أجل أيمن نور؟
- قال الأمريكان وقتها فى مؤتمر صحفى بوزارة الخارجية الأمريكية: «نأمل أن يتم التعامل مع النائب أيمن نور بالافراج عنه»، وأنا قلت للوزيرة: هذا أمر متروك للقضاء المصرى، ولكن عندما نزلت من الوزارة وكانت هناك صحافة أمريكية قلت لهم، اننا نترك هذا الأمر للقضاء المصرى، وتفاديت الصدام على الهواء حتى لا يؤثر ذلك على العلاقات المصرية الأمريكية، وعندما رجعت القاهرة الرئيس قال لى كنت أود ان ترد عليها، قلت له اننى تحدثت فى مدخل وزارة الخارجية للصحافة، ولكن أود ان اقول اننى تفاديت صداماً كان ربما من الصعب أن نخرج منه، وتيقنت بعد ذلك أننى كنت على صواب .
■ «مبارك» خلى «ماكين» يدفع الثمن، كان هذا تعقيبك بعد فوز أوباما، كيف ترى هذه المفارقة بعد تخلى أوباما عن مبارك؟
- هذه حقيقة، ومبارك كان لا ينسى، وكان يتذكر أحداثاً كثيرة جداً رغم مرور فترة من الزمن على الحدث، ونحن اتخذنا من المواقف ما يحمى مصالحنا، وفى نفس الوقت هؤلاء المتشددون المتمثلون فى المحافظين الجدد وماكين وغيره، قلنا لهم اننا لن ننفذ لكم أى شىء، ولما كان أوباما يتناول هذا الأمر بمنظور مختلف، فالموقف تعقد، واطيح بماكين .
■ جاء مبارك بأوباما واطاح بماكين فجاء أوباما واطاح بمبارك .. ما رأيك فى هذا الطرح ؟
- أوباما لم يطح بمبارك، الشعب المصرى هو الذى اطاح بمبارك، والشعب هو الذى كشف عن رغبته فى التغيير، والجانب الأمريكى ساير الشعب المصرى فى توجهاته .
■ أى ان امريكا لم تمكن الاخوان ؟
الشعب المصرى فقط هو الذى يمكن.
■ قلت: «لاحظت أن مبارك.. كنت انت وعمر سليمان تجدان صعوبة فى تتبع مسار السؤال».. هل كان تركيزه أكثر منكم؟ أم كان لا يركز؟!
- الرئيس كان يعلم السؤال الذى يرغب فى توجيهه، فمثلا هو كان يتابع حدث ما فيتحدث معى ويقول: الموضوع اياه بتاع عبد الله «فتنتظر ثوانى للمزيد ليعطينا المعلومة الاضافية وأى عبد الله يقصد، فقلت للواء عمر : «سيادة اللواء أنا اعتقد أنى ذكى جداً وأنى لماح، ولكن أحياناً استشعر بأنى عندى بعض النقص» قال لى: « لا لا الرئيس بيفترض فينا اننا عارفين تماماً هو يقصد ايه» .
■ هل كان مبارك مستمعاً جيداً للغاية؟
- مستمع جيد جداً .
■ إلى متى ظل هذا الأمر ؟
- حتى النهاية، كان يسألنى فى أمر ما فأقول له اعطينى بعض الدقائق لأن الموضوع معقد، وأظل أحدثه حتى أخشى ان تكون المكالمة انتهت، ويسأل سؤالاً أخر وارد عليه .
■ هل كان يعتقد أن هناك تصنت على تليفونات ؟
- هو كان على ثقة ان تليفونات البشرية كلها تحت الرغبة فى التصنت من القوى الرئيسية اذا ما رغبت فى استهداف شخص أو تليفون .
■ القوى الرئيسية فى العالم أم فى مصر ؟
- لا، فى العالم، القوى الرئيسية فى العالم تستطيع ان تضع بصمة الصوت على السوبر كمبيوتر، فيتم رصد بصمة الصوت من المكالمات الدولية عبر العالم .
■ مبارك يثق بالبشر ولا يرتاب فيهم وفى ذلك قصة علبة النعناع الايطالى؟
- انا طبعاً صعقت لأنه انا لم أكون معروفاً لديه، فان تأخذ منى حباية لونها أخضر، وليست مغلفة كان شيئاً غريباً علىَّ.
■ مثابر ومهتم بالعرف على كل الأمور ؟
- نعم هذه حقيقة .
■ صارم مناور؟
- هذه معلومة من سمير رمضان الذى كان مدير أمن القوات الجوية أثناء ما كان مبارك قائد القوات الجوية، كان يحكى لى ان مبارك لا تقول له جملة ولا كلمة غير واثق منها، لأنه يعلم كل شىء .
■ مناور هنا مناور سياسى مناور طيار؟
- هو ليس الشخصية التى ترغب فى الاطلاع على النظريات الدولية وفلسفة الحكم، أو على الأقل لم يكشفها لى، ولكن ممارسة الحكم والسياسة الخارجية، أعطته خبرة فى التعرف على توجهات الدول وفلسفتها وآرائها، هدفه الرئيسى كان ألا تدخل مصر فى صدام مع إسرائيل يؤدى إلى أوضاع تعقد مستقبل المجتمع المصرى، البعض قال الجملة السخيفة ان مبارك كنز استراتيجى لإسرائيل، أنا لا أعلم ما قصدهم منها، لكن مبارك بالتأكيد كان هدفه حماية مصر من شرور اسرائيل .
■ هل فرط فى أى مصلحة من مصالح مصر ؟
- الاجابة تكون من خلال المجتمع، ولكن انه اذا كان قد فرط فإذن ان الخارجية فرطت والجيش قد فرط والمخابرات قد فرطت، الا انه لم يفرط أحد فى المصالح المصرية، وبالعكس كان الكل يناضل من أجل المصلحة المصرية .
■ نحن والقذافى عسل وخبز وجبن وخيمة.. والقذافى على مائدة موجهة من نفس الطعام وهجوم حاد على السعودية ؟
- كانت بالنسبة لى مفاجأة كبيرة، والمفاجأة ليست فى الهجوم على السعودية، ولكن المفاجأة كانت الأداء، فنصل نجلس فى خيمة كبيرة مثل هذه الشقة، بها أجهزة تكييف متوقفة، ونجلس مع مساعديه ساعتين، فى خيمة خانقة فى الصحراء جنوب سيرت، ثم يأتى القذافى ويغادر الشخصان، ويقول دعونا نتحرك عشان نفطر، فنتحرك معه إلى خيمة أخرى قريبة وصغيرة، فنكتشف ان هناك ترابيزتين، ترابيزة جلس هو عليها، وترابيزة جلسنا عليها، وعندما قلت لعمر سليمان: «انا مستغرب من الأداء»، قال لى: «هو انت لسه شفت حاجة»، ثم بدأ الهجوم على السعودية، طبعاً خلفيات الموضوع انه كان هناك خلاف سعودى ليبى لأنها اتهمت جماعة ليبية بمحاولة اغتيال الملك عبد الله بن عبدالعزيز، وكانت مصر فى موضع انها قبضت على بعض الناس، المهم استمعنا إلى حديثه، عقبنا فيما يتعلق بمصر وليست السعودية، وكما ذكرت انها جلسة كان بها ذباب وحر ورطوبة، وإفطار متواضع، وكانت ملابسه متواضعة وأظافره طويلة، ولم يكن يلبس حذاء كان مرتدياً «شبشب»، على الرغم انه كان يهتم بملابسه فى حفلات كثيرة. ولم يكن هدفنا الاساءة له، فكان عندنا مليون شاب يعمل هناك، كنا نخاف على مصالحهم .
■ اعتبرته أنه فاصل فكاهى من القذافى باعتبار انه أول لقاء لك معه، أم انها رسالة جادة لك ؟
- اعتبرتها رسالة جادة لى، وان احاول ان اخفف من علاقتنا بالسعودية، ولما عدت قلت للرئيس فقال لى: «ده بدوى، ده فاهم، ده غويط قوى».
■ قال القذافى لك ولعمر سليمان انه منزعج جداً من حرية الاعلام فى مصر وانه سيكون سبب القضاء على مصر، هل كانت نبوءة ؟
- إذا تحققت فهى نبوءة، وطبعاً الانفتاح المصرى جعل المواطن المصرى استشعر قدراً كبيراً من الحرية فى تناول مسائله أدت إلى الاطاحة بالنظام .
■ كان مبارك دائم التحذير للقذافى وقال له: «لا تثق فى الأمريكان وهم يريدون الانفتاح عليك تحرك معهم بحذر»، فقال له القذافى: «أنا أقدر اسيطر على تواجدهم».. هل استطاع ان يقوم بذلك ؟
- واضح انه لم يستطع ذلك، فهناك ثورة مسلحة قامت واطاحت به، ولكن على الجانب الآخر اعترف بأننى فى كل زيارة كنت استشعر الضيق، بسبب ماكنت اراه من فشل ليبيا فى تحقيق تنمية مستدامة تضع ليبيا بمثابة الإمارات، فشعب محدود العدد وله موارد كثيرة، فليس كافياً فقط ان الشعب يأكل جيداً، هذا ليس بهدف فى الحياة، الهدف ان تكون الشعوب لديها طرق كبارى سكك حديد، كتب، مكتبات، يعنى أحيانا كثيراً كنت اضطر ان أبات ليلة فعندما أسال على الجرائد لا أجد سوى الصحف الليبية التى لا تكتب سوى عن الكتاب الأخضر، وكان لا يوجد نت، وبالتالى المجتمع الليبى كان يحكم بانغلاق شديد جداً، لم يتح لهذا المجتمع ان يتمتع بما أعطاه الله، بعكس منطقة الخليج بكاملها، فلماذا يفشل مجتمع مثل المجتمع الليبى لديه القدرة ان يمده إلى أوروبا ومصر ونكتشف انه بهذه الضحالة الثقافية، وفى نفس الوقت نرى مجتمعات أخرى تنطلق ولديها القدرة المالية فى صورة الغاز أو البترول، هذا هو ما كان يضايقنى، يعنى كل مرة كنت أحزن على ضواحى طرابلس، الشوارع كلها غير مرصوفة، وكنا عندما نقترب من الهبوط نرى عشرات المقاتلات الليبية والطائرات حديد خردة، يعنى موارد مهدرة فى لا شيء .
■ مبارك قال للقذافى: «لا تثق فى الأمريكان».. فهل كان مبارك يثق فى الأمريكان أم لا ؟
- لا، مبارك كان لا يثق فى أى قوة أجنبية، وكان على يقين إنه ليست هناك قوة أجنبية تقدم مصالح مصر على مصالحها، والتجربة علمته انه لا يثق الا فى مصالح مصر .
■ هل كان يشعر بأن الغرب متربص به؟
- اعتقد انه فى السنوات الأخيرة كان يعتقد ذلك.
■ لماذا ذلك ؟
- المسألة انه عندما تقترب المجتمعات من الوضع الذى كانت فيه مصر فى 2005 و2006، التى ظهرت فيه فكرة الخلافة، وما بعدك، وعندما تأتى الاجابة واضحة، فالجميع ينظر اليك بالحذر والتحسب.
نشر بتاريخ 18/2/2013 العدد 636


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.