· دعوي قضائية لإيقاف العبث بإنشاء مطاعم في حرم المكتبة.. وإجراءات عاجلة بإزالة الإنشاءات وإخفاء جسم الجريمة لماذا لم يتحرك أحد إلا بعد تسلم الإنذار ؟ · مثلما اضطر المثقفون للجوء إلي القضاء لإيقاف المشروع التجاري بالقلعة أقام د.مهندس عبدالمحسن حمودة دعوي لإيقاف العبث في مكتبة الإسكندرية بينما لم ينته المثقفون بعد من مواجهة المشروع التجاري «أبراج نصير» الذي يهدد قلعة صلاح الدين بالقاهرة بما يحمله من سمات تجارية تضر بأساسات وبانوراما القلعة.. وفي وقت تنتهي فيه معركة إزالة عدد من المطاعم انشئت فجأة وبدون ترخيص علي كورنيش النيل بالقرب من كوبري الجامعة، مما كان يشوه المنطقة إذا بسلسلة من المطاعم تقتحم حرم مكتبة الإسكندرية لتختلط منارة العلم والثقافة والفنون والآداب بالفول والبيتزا واللحوم والدجاج.. ولتستبدل نسائم ونسمات المعرفة بروائح شواء السمك والكباب! ومثلما اضطر المثقفون للجوء إلي القضاء لايقاف المشروع التجاري بالقلعة ومن قبله فندق داخل حرم القلعة ذاتها أقام د.مهندس عبدالمحسن حمودة دعوي لإيقاف العبث الجاري في حرم مكتبة الإسكندرية.. وكأنه مكتوب علي مثقفي مصر ألا تغفل أعينهم للحظات حتي لا ينقض خلالها «أصحاب البيزنس» علي ما تبقي من منارات أثرية وعلمية وثقافية. البداية جاءت في ملاحظة عدد من المثقفين المترددين علي مكتبة الإسكندرية أن أعمال بناء تتم في صرح المكتبة من الناحية البحرية وانشاءات تصطدم في تصميمها مع تصميم المكتبة بما له من رونق ومهابة.. وعند التحري عن ماهية هذه الانشاءات تبين أن الغرض منها إنشاء مجموعة مطاعم أمريكية ومحلية لتقديم الطعام والوجبات السريعة «تيك أواي» للعابرين من المارة علي أسوار المكتبة وهو ما يمثل تعارضا صارخا مع رسالة المكتبة وشكلها العام والسبب الباعث الذي أعيد تشييدها من أجله لتكون احياء جديدا للمكتبة القديمة وتواصلا مع التاريخ والتراث الإنساني عبر العصور. فغني عن التعريف أن مكتبة الإسكندرية هي منارة علمية وثقافية يزدان بها جبين الحضارة الإنسانية، فقد عاشت الفلسفة والعلوم والفنون لمدة سبعة قرون متواصلة تنبع من هذه المكتبة التي كانت أول مركز في التاريخ للبحث العلمي، وأول معهد للدراسات في العالم القديم حيث انشئت لأول مرة في القرن الرابع قبل الميلاد، وكانت تمثل مجد وعقل ووجدان مدينة الإسكندرية. واندثرت مكتبة الإسكندرية بعد القرون السبعة التي أضاءت العالم القديم وطال هذا الاندثار ما يقرب من عشرين قرنا حتي آن لصفوة العلماء والمثقفين - علي مشارف القرن الواحد والعشرين - أن عيد هذا الصرح الثقافي وتبعث فيه الحياة في إعلان عالمي شارك فيه العالم المتحضر، وأعيد إنشاء المكتبة من جديد بتصميم شارك فيه كبار الانشائيين والمهندسين وفنانو الديكور العالميين حتي صارت الآن منارة للعلم ورمزا من رموز الحضارة المصرية وفخرا لكل مصري يعيش علي أرض هذا الوطن. فإذا بهذا الصرح وهذه المهابة تستبدلان بمجموعة من المطاعم في حرم المكتبة من الناحية البحرية وهو تشويه صارخ وفاضح للمكانة العالمية لهذه المكتبة بما يمثل إهانة لكل قيمة ثقافية وجمالية ورمزية حرص عليها القائمون علي إعادة بناء المكتبة وإعادة تراثها التاريخي واشعاعها المعاصر. طبعا انشاء مثل هذه المطاعم بما تحمله من فوضي في حرم المكتبة لم يكن من خلال صدور مرسوم أو قرار إداري. ونظرا لأن القانون يتطلب الطعن علي قرار إداري موجود فلم يكن أمام مقيم الدعوي سوي البحث عن قرار إداري سلبي. وعليه تقدم د. م عبدالمحسن حمودة - بوصفه الحارس القضائي علي نقابة المهندسين - بإنذار علي يد محضر لكل من د. إسماعيل سراج الدين - الرئيس الأعلي للمكتبة - وفاروق حسني وزير الثقافة ود. أحمد نظيف رئيس الوزراء وعلي أبوشادي أمين المجلس الأعلي للثقافة. وحدث - كما يقول د. عبدالمحسن حمودة ومحاموه - أن تمسك محضرو الإسكندرية بضرورة عرض الإنذار علي رئيس محكمة الإسكندرية الكلية والذي احاله إلي قاضي الأمور الوقتية والذي قرر رفض الإنذار دون إبداء الأسباب وهو ما اضطر مقيم الدعوي للجوء إلي محكمة جنوبالقاهرة وعرض الأمر علي قاضي الأمور الوقتية - وائل إبراهيم - والذي قرر قبول الإنذار وإعلانه. أما أعجب ما حدث فقد جاء فور علم المسئولين بمكتبة الإسكندرية عن طريق حضور محضري محكمة الإسكندرية لاتمام إعلان رئيس المكتبة بالإنذار، وخشية دخول مقيم الدعوي وزملائه تقرر رفض دخول مئات المدعين للمكتبة وغلق الأبواب والعمل علي سرعة إزالة التجهيزات الخشبية المستخدمة في عملية إقامة المطاعم، حيث إن طبيعة انشاء المطاعم السريعة تعتمد علي الألواح الخشبية وغيرها أكثر من المباني الخرسانية، وتمت أعمال الإزالات الجزئية لإمكانية الإدعاء بأنه تمت إزالة الإنشاءات وانتفت أسباب إقامة الدعوي حتي لو أمكن إعادتها بعد انقضاء الوقت وامتصاص غضب المعارضين. وعندما حاولنا الاتصال لمعرفة رأي المسئولين بالمكتبة فوجئنا بتهرب تام ، ولا عجب فالسيد خالد عزب - المسئول بالعلاقات العامة بالمكتبة - سبق أن قام بمنع دخول الزميلة الصحفية إيمان الأشراف عن تغطية ندوات بالمكتبة عقابا لها علي نشر ندوات وحوارات بجرأة لم تعجب «الموظف» المذكور.. وبالتالي كان طبيعيا أن تحاط المكتبة بالمطاعم وربما نفاجأ بانشاء مقاه و«غرز» في وقت لاحق! مع التحية للوزير المرشح لليونسكو!