مفاوضات شرم الشيخ: اختبار جديد لخطة ترامب لإنهاء حرب غزة    يلا كورة بث مباشر.. مشاهدة السعودية × النرويج YouTube بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | مباراة ودية دولية 2025    تامر حسني يرد على تكريم نقابة المهن التمثيلية برسالة مؤثرة: "الحلم اتحقق بفضل شباب المسرح المصري"    الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة يطلقان النسخة الرابعة من محاكاة قمة المناخ COP30    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    وزارة الحج والعمرة: جميع أنواع التأشيرات تتيح أداء مناسك العمرة    وزير خارجية الكويت: مجلس التعاون ينظر إلى الاتحاد الأوروبي كشريك أساسي في دعم الاستقرار الدولي    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    حبس المتهم بسرقة هاتف محمول من داخل محل بالسلام بعد تنفيذ 4 وقائع    حبس المتهمين بإدارة نادي صحي لممارسة أعمال منافية في مدينة نصر    قرار من النيابة ضد المتهم بالتعدي على آخر في حدائق القبة وبحوزته سلاحان ناري وأبيض    هيثم الشيخ: البرلمان القادم سيشهد تمثيلاً تاريخياً لمعظم الأطياف السياسية والمعارضة    وزير الخارجية يلتقى عددًا من المندوبين الدائمين بمنظمة اليونيسكو    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    أسعار اللحوم فى أسيوط اليوم الاثنين 6102025    وكيله يفجر مفاجأة.. فيريرا رفض تدريب الأهلي قبل التعاقد مع موسيماني    خبر في الجول – اجتماع بين لبيب وجون إدوارد.. وانتظار عودة فيريرا لاتخاذ القرار المناسب    تفاصيل الجلسة العاصفة بين حسين لبيب وجون إدوارد    تحديث مباشر ل سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الاثنين 06-10-2025    سعر السمك البلطى والكابوريا والجمبرى في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض الأبيض والأحمر في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    بارد ليلا..اعرف حالة الطقس اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    وزير التربية والتعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان عددًا من المشروعات التعليمية الجديدة    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    وفاة مسن داخل محكمة الإسكندرية أثناء نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه    ترقي وإعادة تعيين المعلمين 2025.. «الأكاديمية» تحدد مواعيد جديدة لاختبارات الصلاحية    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    5 أبراج «بيفشلوا في علاقات الحب».. حالمون تفكيرهم متقلب ويشعرون بالملل بسرعة    هل استخدم منشار في قطعها؟.. تفاصيل غريبة عن سرقة اللوحة الأثرية الحجرية النادرة بسقارة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    أسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاثنين 6102025    عوقب بسببها بالسجن والتجريد من الحقوق.. حكاية فضل شاكر مع «جماعة الأسير»    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر قبل السفر للمغرب لملاقاة جيبوتى    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي إلى وضعه الطبيعي    أتلتيكو مدريد يعود لنتائجه السلبية بالتعادل مع سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    سعر الذهب اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025.. عيار 14 بدون مصنعية ب 3480 جنيها    السويد: إذا صحت أنباء سوء معاملة إسرائيل لثونبرج فهذا خطير جدا    آمال ماهر تتألق بأغانى قالوا بالكتير ولو كان بخاطرى وأنا بداية بدايتك بحفل عابدين    بدر محمد بطل فيلم ضي في أول حوار تلفزيوني: الاختلاف قد يكون ميزة    مدير المركز الإعلامي لغزل المحلة: كستور يتحمل العصور رسالة وطنية لإعادة إحياء رموزنا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل: زلزال بقوة 5 درجات يضرب باكستان.. وزير دفاع أمريكا يهدد بالقضاء على حماس إذا لم تلتزم بوقف إطلاق النار.. ترامب: مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة تسير بشكل جيد للغاية    محافظ الشرقية ينعي فني إنارة توفي أثناء تأدية عمله الزقازيق    هل يجوز استخدام تطبيقات تركيب صور البنات مع المشاهير؟.. دار الإفتاء تجيب    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    محمد شوقى يمنح لاعبى زد راحة 48 ساعة خلال توقف الدورى    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    ما هي مراحل الولادة الطبيعية وطرق التعامل معها    نائب وزير الصحة لشؤون السكان: «دليل سلامة حديثي الولادة» خطوة فارقة في حماية الأطفال    الديهي: جيل كامل لا يعرف تاريخ بلده.. ومطلوب حملة وعي بصرية للأجيال    مواقيت الصلاه غدا الإثنين 6 اكتوبرفى محافظة المنيا.... تعرف عليها    اليوم العالمي للمعلمين 2025.. دعوة لإعادة صياغة مهنة التدريس    جامعة بنها الأهلية تنظم الندوة التثقيفية احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر المجيد    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    ننشر عناوين مقرات توقيع الكشف الطبي على المرشحين لمجلس النواب في الإسكندرية (تعرف عليها)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي.. جهود وأد الصراع مع الاحتلال وعدم امتداده لأجزاء أخرى بالمنطقة
نشر في صوت الأمة يوم 21 - 10 - 2023

قال المرصد المصري للدراسات الاستراتيجية، في دراسة حديثة له، "إن نطاق الحرب المستعرة في غزة، شكل لحظة حقيقة جديدة بالنسبة لدول الشرق الأوسط والولايات المتحدة؛ فالقوى الأساسية في المنطقة والداعية للسلام مثل: (مصر، والأردن، ودول مجلس التعاون الخليجي) تسعى إلى وأد الصراع وعدم امتداده لأجزاء أخرى في المنطقة، في ظل قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل وقصف المدنيين العزل تحت غطاء دولي، وعزم أمريكي داعم لما تراه حق إسرائيل الدفاع في عن نفسها مهما كان الثمن، الأمر الذي قد يدفع إلى تمدد الصراع خارج الأراضي الفلسطينية ما يعني دخول المنطقة نقاط اشتعال جديدة لن تهدأ، ودخول لاعبين جدد وخصوم قدامى.
وتابع: منحى خطير يضرب عملية السلام في المنطقة، بعد فشل الرئيس الأمريكي جو بايدن تحقيق إنجاز يصب في صالح القضية الفلسطينية، وسياسته التي جاءت امتدادًا لسلفه دونالد ترامب في المنطقة؛ عبر توسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية وبناء سلام إقليمي مع إسرائيل يستثني الفلسطينيين، وطمأنة حلفاء واشنطن بشأن طهران، واعتماد نهج قائم على سياسات جزئية وغير متكاملة تعطي الأولوية للمصالح الأمريكية قصيرة المدى في الشرق الأوسط، على حساب القضية الفلسطينية.
تخاذل أمريكي لدعم القضية
منذ توليه منصبه، اتخذت إدارة بايدن قرارات بشأن سياستها في الشرق الأوسط نسفت جهود رفيعة المستوى امتدت لنصف قرن لرؤساء الولايات المتحدة السابقين، وخاصة الديمقراطيون منهم، للتوسط في حل النزاع والتوصل لاتفاق سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين. عملت مصر والولايات المتحدة وسيطًا للسلام بلا منازع بداية من مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991، واتفاقات أوسلو في التسعينيات، ومعاهدة السلام عام 1994 بين إسرائيل والأردن، وقمة كامب ديفيد في عام 2000 كلها كانت مدفوعة بالدبلوماسية المصرية والأمريكية. كما شهد عام 1990، بالتحديد، فترة من الهدوء النسبي والتعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين، سهلتها جهود البلدين.
لم تستطع الإدارات الأمريكية المتلاحقة بذل جهود حقيقية لحل القضية، ولم تظهر أي مبادرة سلام منذ عام 2014، عندما تخلى وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري عن جهوده لبدء عملية سياسية. وتحولت الولايات المتحدة بعيدًا عن القضية، واكتفت فقط بالتأكيد على ضرورة حل الدولتين دون وضع أي خطة تنفيذية لذلك. ومع وصول إدارة ترامب، زادت الأمور تعقيدًا، بعد أن قرر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك، متخليًا عن الموقف الأمريكي القائم منذ فترة طويلة بأن القدس ستكون عاصمة مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لتنهي هذه الخطوة تطلعات الشعب الفلسطيني أن القدس الشرقية ستكون عاصمتهم المستقبلية.
ثم اتبعت إدارة بايدن سياسة "الدبلوماسية الهادئة"، وضربت الجهود المحورية لحل النزاع. وأسهمت مواقفها حول عملية السلام والسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وأراضيهم في تعزيز الانطباع السائد في المنطقة بأن واشنطن عاجزة عن ترجمة أقوالها إلى أفعال لحل القضية. وتغاضت عن احترام الحريات والحقوق الفلسطينية والظروف المعيشية في ظل حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتشددة، التي شجعت الاستيطان في الضفة الغربية، وضمت وزراء معارضين لمبدأ حل الدولتين الذي من المفترض أن واشنطن تدعمه.
وحتى بعد جولات القتال التي اندلعت بين حماس وإسرائيل منذ عام 2021، رأت الإدارة الأمريكية أن الدفع الكبير لجهود السلام من شأنه أن يقوض الأهداف التي يمكن تحقيقها بسهولة أكبر، مثل وقف إطلاق النار مع حماس. ودفعت الولايات المتحدة إلى العمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسة مثل مصر واتخاذ تدابير عملية لإنهاء الصراع. ولكن حتى أثناء انخراط واشنطن حاولت إدارة "بايدن" الحد من مقدار الوقت الذي يقضيه المسؤولون رفيعو المستوى في هذا الأمر؛ لأن التركيز ظل على قضايا الداخل الأمريكي في ظل جائحة كوفيد-19، وتدهور الاقتصاد، والحد من نفوذ الصين وروسيا في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وللتأكيد على تراجع تركيز الإدارة الأمريكية على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، اتسمت زيارة "بايدن" إلى فلسطين في يوليو 2022 بطابع سياحي وإنساني أكثر منه سياسي؛ فقد زار كنيسة المهد ومستشفى يقدم الرعاية للفلسطينيين. ومع أن "بايدن" ألمح إلى حقوق الفلسطينيين لم تلقِ هذه التصريحات مصداقية كبيرة؛ نظرًا إلى أنها صدرت بعد توقيعه "إعلان القدس بشأن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل" الذي يلزم واشنطن بمعارضة الجهود الفلسطينية الدبلوماسية والقانونية في الأمم المتحدة وفي المحكمة الجنائية الدولية، وبمحاربة جهود منظمات المجتمع المدني الرامية إلى محاسبة إسرائيل عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وتحركت الحكومة الإسرائيلية خلال العام الجاري، بدعم خفي من واشنطن؛ لبناء آلاف المنازل الاستيطانية الجديدة وإضفاء الشرعية على العديد من البؤر الاستيطانية غير المصرح بها. فيما أوقفت إدارة بايدن قرار الأمم المتحدة الذي قاده الفلسطينيون ويدين التوسع الاستيطاني، وساعدت في التوسط للتوصل إلى اتفاق يلزم الجانبين بتعليق أي إجراءات أحادية.
تجاهل البيت الأبيض لغزة كان مدفوعًا بأمل أن تؤدي برامج التنمية الاقتصادية التي وضعها الإسرائيليون إلى التخفيف من تشدد حماس وتوفر للفلسطينيين مظهرًا من الاستقرار، حتى في ظل الاحتلال. وإعلان الإدارة عن مساعدات بقيمة 388.5 مليون دولار للفلسطينيين، واستئناف تخفيض التمويل من قبل الإدارة السابقة، بما في ذلك دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فضلا عن المساعدات الاقتصادية والإنسانية.
ومع التجاهل المتعمد للقضية، أعاد الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر الجاري الولايات المتحدة إلى قلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأكد أنه لا يمكن لأي إدارة أمريكية أن تمضي قدمًا في خطط من شأنها فك الارتباط بالمنطقة بينما تظل القضية الفلسطينية دون حل. واستمرارًا لنهج "بايدن"، فإن التدخل الأمريكي حتى الآن لا يرمي إلى صالح القضية بعد أن قامت الولايات المتحدة بإرسال مجموعة حاملة الطائرات الأكبر في الأسطول الأمريكي الحاملة "جيرالد فورد" وتبعتها بالحاملة "آيزنهاور".
وكذا جاءت زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن إلى المنطقة في إطارين محددين رسمتهما الإدارة الأمريكية:
الإطار الأول: تمكين إسرائيل من حماية أمنها القومي بتنفيذ حملة موسعة ضد الفصائل الفلسطينية وفي القلب منها حركة حماس وذراعها العسكري لكسر شوكة حماس والفصائل وتفكيك شبكاتهم وقدراتهم العسكرية أو القضاء عليهم.
الإطار الثاني: تحرير الأسرى بما في ذلك الأمريكيين وهو الملف الأكثر أهمية بالنسبة للإدارة الأمريكية، وقد يكون العامل الأكثر تأثيرًا في الانتخابات المقبلة سواء "لبايدن" أو للحزب الديمقراطي برمته. ويمكننا الاستعانة بالتاريخ للنظر كيف أثر ملف الرهائن الأمريكيين لدى طهران على فرصة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الفوز بولاية ثانية.
نحو تعاون واسع مع الجهات الفاعلة الإقليمية
كان الانخراط الأمريكي المباشر لحل القضية الفلسطينية الإسرائيلية المحرك الرئيس للديناميكيات الإقليمية، والضغط من أجل استقرار المنطقة. ولكن تضاءل الاهتمام بحل الصراع في السنوات الأخيرة، بعد الانتفاضات العربية في عام 2011 التي شكلت موجة الحروب وعدم الاستقرار في سوريا وليبيا واليمن، وما صاحبها من تزايد نشاط الجماعات الإرهابية التي باتت التهديد الأكبر لواشنطن، ما أسهم في تراجع الاهتمام بالقضية في السياسة الأمريكية. وهو ما أعلنته إدارة الرئيس "بايدن"، بتجاوز عادة الإدارات السابقة المتمثلة في المبالغة في الوعود بحل قضايا المنطقة، وعدم الوفاء بها.
وكذا عززت الانقسامات السياسية في فلسطين بين فتح وحماس، والاضطرابات السياسية المستمرة في إسرائيل، والتي شملت إجراء خمسة انتخابات في غضون ثلاث سنوات، في تراجع جهود الإدارة الأمريكية مع الدول الداعية لتعزيز السلام في المنطقة مثل مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي.
ومع ذلك، تتاح "لبايدن" بالتعاون مع الدول الراعية للسلام فرصة لبلورة استراتيجية خاصة بالمنطقة، وإيجاد فرصة للولايات المتحدة لتقاسم دورها التاريخي مرة أخرى في صنع السلام مع مصر والأردن اللتين لعبتا أدوارًا داعمة في قمم السلام السابقة، والعمل مع دول الخليج التي هي جزء من اتفاقيات إبراهيم، ليس فقط للاستثمار في إعادة بناء غزة ولكن للمساعدة في تطوير القطاع، ووضع إطار للمفاوضات يمكن أن يحقق سلامًا دائمًا.
وقد يدفع التعاون الإقليمي مع واشنطن إلى عدم تمدد الصراع وتوسع الحرب لتصبح حربًا إقليمية تسترعي جذب القوات الوكيلة لإيران في العراق واليمن ويورط المنطقة في ديناميكيات يصعب التنبؤ بها. خاصة أن حسابات حزب الله وإيران، لا تزال غير واضحة، على الرغم من أن كلا الطرفين أعلنا أنهما سوف يتدخلان عسكريًا في حال حدوث غزو بري لغزة. لذا، في حال أقدم الإيرانيون ووكلاؤهم على توسيع رقعة الحرب على إسرائيل لإضفاء المصداقية على المواقف التي أسروا أنفسهم فيها، فستضطر الولايات المتحدة عندئذ إلى شن هجمات عليهم لإضفاء المصداقية على الموقف الذي أسرت نفسها فيه، لتدخل المنطقة في دوامة من العنف اللا متناهي.
وقد قوضت تداعيات أحداث السابع من أكتوبر أي مفاوضات للتطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وعدم عودتها على الأقل في المستقبل القريب. خاصة أن جميع جهود التطبيع التي تبذلها الدول العربية أكدت أنه لا يمكن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو تحقق السلام والاستقرار في المنطقة دون مشاركة مباشرة من الفلسطينيين. وكرر بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية في 7 أكتوبر مخاوف المملكة بشأن الوضع المتفجر، والذي نتج عن عقود من الاحتلال الإسرائيلي المستمر، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته.
وتدرك الولايات المتحدة والقوى الدولية أن جهود الوساطة في الشرق الأوسط لا يمكن أن تمر إلا عبر القاهرة، وليس أي عاصمة إقليمية أخرى، وأنها تؤدي دورًا بارزًا في أي مجهود يهدف إلى رسم معالم نظام سياسي جديد لغزة يحظى بقبول الجميع. فقد عرضت الحكومة المصرية التوسط بين إسرائيل وحماس لوقف التصعيد المستمر، وأدانت استهداف المدنيين الإسرائيليين من قبل حماس والفصائل الأخرى في غزة واستهداف المدنيين الفلسطينيين من قبل القوات الإسرائيلية. وتحركت للتفاوض على وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المواطنين الإسرائيليين المختطفين وغيرهم من الرعايا الأجانب المحتجزين لدى حماس، وتجنب سقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين.
وعلى المديين المتوسط والطويل، تأمل مصر في إعادة مفاوضات السلام على أساس حل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام بوصفها الاستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. وحافظت الحكومة والمجتمع المدني في مصر دائمًا على اهتمامه بحماية الحقوق الوطنية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الإنسان. وتحركت الحكومة المصرية لحماية أمنها القومي واستقرارها، وأعلنت عن فتح معبر رفح لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع ونقل المدنيين المصابين الذين يحتاجون رعاية طبية عاجلة إلى المستشفيات في سيناء وأماكن أخرى.
ومع دعوة إسرائيل لأكثر من مليون مواطن من سكان غزة المغادرة إلى شمال القطاع، ما يشير إلى تمهيدها لغزو بري، اقترحت إسرائيل وبعض القوى الدولية طرد الفلسطينيين إلى مصر. وهو الأمر الذي واجهته القيادة في مصر بكل حزم عبر ثلاثة حقائق:
أولًا، تخضع حدود مصر وأراضيها لأعمال السيادة الوطنية لحكومتها فقط، ولا يمكن لأحد أن يفرض على مصر استقبال اللاجئين الفلسطينيين في سيناء أو في أي مكان آخر.
ثانيًا، سيناء جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية التي احتلتها إسرائيل لعدة سنوات في أعقاب حرب عام 1967، وعانت المنطقة من الإرهاب حتى وقت قريب. واستقرارها الحالي، الذي جاء على حساب الدم المصري، سيكون مهددا بأي توغل خارجي.
ثالثًا، يجب على سكان غزة ألا يغادروا القطاع بقدر ما يجب على سكان الضفة الغربية والمقدسيين عدم مغادرة أراضيهم، لأن مثل هذا النزوح قد يؤدي إلى الانهيار الكامل للمسعى الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة، وتصفية القضية الفلسطينية.
خلاصة القول، إن المشاركة المستمرة في القضية الفلسطينية من قبل الأطراف الإقليمية والدولية، أصبح أولوية قصوى في وقت يتم فيه تحدي مبادئ عملية السلام، سواء من خلال التوسع الاستيطاني، أو العنف في الضفة الغربية وغزة، أو رفض الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل فكرة حل الدولتين، ومحاولات تصفية القضية من خلال تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، والقصف الإسرائيلي الدامي المتواصل إلى الآن على قطاع غزة.
لقد علمنا تاريخ المنطقة أنه يمكن تحقيق اختراقات سياسية من الأزمات الكبيرة؛ فقد أدى انتصار مصر في حرب أكتوبر 1973 إلى توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، وأدت الانتفاضة الأولى، التي أعقبتها حرب الخليج الأولى، إلى مؤتمر مدريد للسلام. لكن هذه المرة الوضع مختلف؛ فالمجتمع الدولي يواجه حكومة إسرائيلية متطرفة غير مهتمة بأي تسوية، وإدارة أمريكية منشغلة بالانتخابات الرئاسية العام المقبل، ومؤازرة إسرائيل خطوة تحظى بالشعبية في أوساط الأمريكيين، ولا سيما حين يعتبرون أنها تواجه تهديدًا وجوديًا.
يضاف إلى ذلك تشتت القوى الدولية وعدم اصطفافها للتوصل لمبادرة سياسية يشارك فيها جميع الأطراف بجدية. لقد قوض هذا الصراع المغالطة التي دامت عقودًا من الزمن بأن الاستقرار يمكن تحقيقه بينما لا يزال السكان الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي. ولذلك يجب على المجتمع الدولي الآن أن يوقف إراقة الدماء ويعرب عن تضامنه مع الفلسطينيين كما يفعل مع الإسرائيليين. ويبدأ ذلك بالاعتراف بالأسباب الجذرية للصراع والسياق الأوسع للاحتلال وعدم تناسق القوة بين الجانبين، مع السعي إلى انفتاح سياسي أكثر استدامة للخروج من المذابح الجارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.