طلبت ابنتي أن أذهب إلي الأسكندرية لحضور حفل " تامر حسني " ضمن فعاليات مهرجان الأغنية الدولي .. وبعد معارضة بديهية في البداية للسفر يوم الحفل وبعد انتهاء العمل و إصرار منها أنها تريدني أنا تحديداً معها استدعت بذكائها ضعفي نحوها وأخيها و في استسلامٍ تام وافقت و ظللت أتمتم مع نفسي : يعني مش حفلة لفيروز ؟! لكني لم أقوي علي الإكثار في الهذيان والتمتمة نظراً لشعوري الجارف متابعتها وحمداً لله أن الأفضل لديها وجودي بجانبها بدلاً من اللجوء إلي آخرين في زمنٍ صعب ليس به من تثق بهم دوماً .. ذهبنا واختلفت رؤيتنا للحفل لم يقتصر الحضور علي البنات اللاتي ينظرن إلي تامر كفتي أحلامهن فحسب بل ان هنالك شعورا جارفا لدي الشباب أن تامر حسني هو السبيل لتحقيق الحلم أظن ذلك بعد حديثه المتكرر حول عمله منذ الصغر و شعوره بالمسئولية نحو والدته التي ظلت بجانبه حتي الدقائق الأخيرة من الأمسية ظل يحثهم بين الحين والآخر علي الإنصات للكبار ونصائحهم .. لم يكن هناك مكان لقدم .. أخذني الفضول للانتباه إلي شاب صغير يحمل أوراقا في يده يلوِّح بها إلي تامر و يطلب من الأمن أن يقدمها له لأن فيها مستقبله ! لم أخفي علامات التعجب!! وشاب آخر يصرح للأمن كما لو كان لا يود إفشاء سر مهم أن بينه وبين تامر شغل "سيكتب له أغاني" و نوادر اخري كثيرة كان بعضها يثير ضحكي وأخري تثير اهتمامي كنت ذاهبة إلي الحفل ولدي شعور أن هؤلاء الشباب بنات وبنين يعيشون مرحلة مراهقة حادة إلا إني حين قرأت تفاصيل الوجوه وجدتهم يبحثون في تامر عن القدوة المفتقدة في مجتمعنا .. المثل الذي عاني و سيصل بهم إلي بر الأمان من خلال كلمات أغانيه أو النصائح أو الحديث معهم بإسلوب بسيط قد يستخدم فيه عباراتهم الشائعة أحياناً .. وجدت الشباب وقد اجتمعوا علي إعجاب شديد بتامر خاصةً أنه يلتقي بهم من خلال (مشواره في حب مصر) هكذا كانت تعلن اللافتات وهوالغناء في محافظات مصر متبرعا لصالح أولاد الشوارع والمرضي والمحتاجين..! الحقيقة أني كنت أتابعهم جميعاً بقدر كبير من المسئولية وشعور طاغٍ أنهم أبنائي.. وازداد اهتمامي أكثر بالتفاصيل .. فهو يشاركهم الحلم والمعاناة التي غالبا لم يشعروا بها ففي هذه المرحلة السنية الكل يشعر أن التجربة أياً كانت هم أيضاً عاشوها المهم أن تفكيري قادني و ذهبت بأحلامي قليلاً وتساءلت لما لا يتم حل مشاكل كثيرة في نفس الإطار الذي بدأه تامر حسني ومشواره في حب مصر .. لما لا تتكون مجموعة من المطربين وكبار الفنانين يجوبون محافظات مصر دون التركيز علي البعض وترك الآخر كلها حباً في مصر وشعبها الصبور وقد أظهرت بعض البرامج التليفزيونية كم المعاناة التي يعيشها سكان المحافظات الأخري.. نعلم أن الكثيرين من فناني مصر يقومون بفعل الخير ولكن يجب أن نفكر في نطاق أوسع بكثير يشترك معهم فيه كل محبي مصر من رجال أعمال ومسئولين و لا شك أنها منظومة لن تكتمل إلا بتضافر كل الجهود شريطة أن تكون معلنة إذ يلعب الإعلام المحترم دورا كبيرا في نقل حب الخير للآخرين و غرس ونقل العمل الطيب بين الناس وكم يحتاجون هذه السلوكيات لنبذ العنف.. الواقع أنه ليس من الكافي أن نشاهد مآسي من يعيشون في القري و صراخ آلامهم بالفقر والجوع يغطيها الصبر الذي قد نتصور معه أنهم في نعيم . يمكن تحويل الواقع الحالي إلي خطة ننفذها جميعا في مشوار واحد في حب مصر حنان خواسك