رغم نبل الأهداف التى دعا إليها اليسار المصرى فى مقدمته عن مليونية 31 أغسطس وتماس مطالبها مع الحاجات الملحة للشارع المصرى ورغم أن المطالب تلقى تأييدا شعبيا أو بأقل تقدير لم تجد اعتراضا عليها إلا أن نبل الأهداف لم يكن بمفرده كافيا طالما أن هناك نخبة يسارية انفصلت عن الشارع السياسى والمواطن الفقير الكادح الذى يمثل أغلبية أبناء الشعب المصرى وهو ما انعكس بدوره على حجم التظاهرات التى تعارض التبعية للولايات المتحدة بالاقتراض من صندوق النقد الدولى والإفراج عن الشباب الذين مازالوا يئنون من ظلم المجتمع الذى تخلى عنهم بعد أن كانوا وقودا للثورة. إن تراجع اليسار المصرى هو نتيجة طبيعية للقضاء على تكتلات العمال والفلاحين طوال ما يزيد على ال30 عاما باختراق نقاباتهم واستقطاب قيادات هذه النقابات لصالح النظام البائد يأتى هذا فى إطار تنامى التيار الدينى الذى يخاطب أبناء الشعب بلغة الدين حتى وإن ابتعدت ممارساتهم كل البعد عنه استغلالا للعب على وتيرة تدين الشعب وتناوله للأمور بصيغة عاطفية بدأت تظاهرات جمعة «تحرير المعتقلين» فى الرابعة عصرا بتنظيم وقفة احتجاجية صامتة على كوبرى قصر النيل والتى نظمتها حركة «لا للمحاكمات العسكرية» وحملة «إفراج» وبعض أنصار حازم أبواسماعيل رافعين لافتات تدعو لذلك ثم انضمت إليهم مسيرة من حركة مؤيدى ضباط 8 أبريل لكن الأعداد كانت قليلة ووصلت الأعداد المشاركة إلى الآلاف. من ناحية أخرى نظم مجموعة من النشطاء وقفة احتجاجية أخرى تزامنت مع الأولى بميدان طلعت حرب طالبوا خلالها بالإفراج عن المعتقلين منتقدين حزب «الحرية والعدالة» ومرددين هتافات «هاتو اخواتنا المعتقلين هاتو اخواتنا من الزنازين»، «يامعتقل يا أخانا كيف العتمة فى الزنزانة كيف السجن والسجانة» «على فى سور السجن وعلى بكرة الثورة تشيل ما تخلي» ورفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها «حزب الحرية والعدالة الوطنى الديمقراطى ولافتة أخرى عليها صورة الرئيس مرسى مكتوب عليها «الرئيس محمد مرسى مبارك» ووصلت عدد من سيارات الشرطة وسيارات الأمن المركزى بالقرب من منطقة وسط البلد لتأمين المظاهرات. وفى السادسة انضم شباب حركة كفاية وشباب من أجل العدالة والحرية وشباب حركة 6 أبريل الجبهة الديمقراطية واتحاد الشباب الاشتراكى وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى وزع منشورات بميدان التحرير ضد أخونة الدولة أوضح فيه مطالب الوقفة والتى تتمثل فى وضع خطوات فورية لاقرار العدالة الاجتماعية بتحديد حد أدنى للأجور 1500 جنيه وحد أقصى 5 أضعاف مع ضرائب تصاعدية ومضاعفة ميزانية التعليم والصحة، ورفض قروض صندوق النقد الدولى الذى يرهن مصر للأجانب وتعبئة المدخرات المحلية للتنمية من جيوب الأغنياء والإفراج الفورى عن المعتقلين المدنيين والعسكريين ضحايا المحاكمات العسكرية ورفض الخروج الآمن لأعضاء المجلس العسكرى ومحاسبة المسئولين المتورطين فى قضايا الفساد وقتل الثوار كما وصلت مسيرة من دوران شبرا تضم مئات المتظاهرين من حركة كلنا مينا دانيال وحزب العمال والفلاحين بقيادة المناضل اليسارى «كمال خليل» فيما تحركت مسيرة أخرى من ميدان طلعت حرب فى ال7.5 مساء متوجهة إلى دار القضاء العالى تطالب بإسقاط جماعة الإخوان المسلمين وحلها واستمرار عملها من خلال حزب سياسى شأنها شأن أى فصيل آخر وكانت أبرز هتافات الجمعة «لافلول ولا إخوان مصرى وواقف فى الميدان» «ماتعبناش ماتعبناش يلى بعتوا بلدنا بلاش» «حق العامل والفلاح بيه هنكمل الكفاح». كما رفع المتظاهرون لافتات مكتوب عليها «لا للقروض» «تسقط التبعية للأمريكان» «هما حاجة وإحنا حاجة هما باعوا الجلابية والوطن والبندقية وإحنا أصحاب القضية إحنا مابنبعش مصر». ومن جانبه أكد الناشط السياسى محب أديب عضو اللجنة التنسيقية بحركة كفاية أن خيار جماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسى لن يختلف عن خيار مبارك والحزب الوطنى خاصة أن كليهما ينطلق من فكر رأسمالى بحت مفرغ من مضمونه ولاتعنيه قضية الاستقلال الوطنى ولا القيود التى يضعها البنك الدولى التى تؤثر على مستقبل مصر واقتصادها. وتعليقا على هذه التظاهرات أكد المهندس محمود الفقى رئيس حزب الفضيلة السلفى رفضه لهذه القروض التى اعتبرها ربا يؤثر سلبيا على اقتصاد مصر علاوة على أنه يخالف الشريعة الإسلامية التى يدعى الرئيس مرسى أنه ينطلق منها موجها رسالة للرئيس «لا تقترض باسمى ولا باسم مصر»وقال محمد عبدالله الشيخ الأزهرى صاحب واقعة رفع الأحذية فى وجه الإخوان بميدان التحرير:«أنا لا أعترف بمحمد مرسى رئيسا للجمهورية فمن أتت به أمريكا يجب أن يرحل مؤكدا أن مرسى هو الوجه الآخر لمحمد حسنى مبارك مضيفا: نحن نطالب بإقالة محمد مرسى وحل جماعة الإخوان المسلمون ومحاكمة مكتب الإرشاد بتهمة تأسيس جماعة غير شرعية ومصادرة كافة أموال الجماعة لعدم خضوعها للرقابة. فيما قال أحمد بهاء الدين شعبان: «من يرددون ان المظاهرة فشلت هم واهمون لأن الأعداد ليست الهدف فحركة كفاية كانت بضع مئات وشاركت فى تهديد عرش مبارك وصولا للإطاحة بنظام المخلوع مؤكدا أن مطالب الثورة وما حدث هو أن مبارك تغير ليأتى وجهه الآخر محمد مرسى واستبدلنا أحمد عز بخيرت الشاطر، وإحساس الشعب بعدم التغيير جعل المتظاهرين يرددون شعار الشعب يريد اسقاط النظام، واستبعد شعبان أن يقدم الإخوان على حماقة الاعتداء على المظاهرات التى تدعو لها قوى اليسار مؤكدا أن ذلك لو حدث سيكون نهاية جماعة الإخوان المسلمين». واضاف شعبان: «اقول لمرسى والمرشد وعصام العريان وكل من قالوا إن اليسار غير موجود مظاهرة اليوم تؤكد أن قوى اليسار قوية ومؤثرة فى الشارع المصرى ولن نلتفت لأحاديث أشخاص تعتقد أنها القوة الأقوى وهم فى الحقيقة قوى ضعيفة مؤكدا أن قوى اليسار كانت تواجه نظام مبارك وتراهن على الشعب فى الوقت الذى كانت تراهن جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور على نظام مبارك مشيرا إلى أنهم يراهنون على الشعب الآن فى مواجهة تسلط جماعة الإخوان ومحاولتها أخونة مؤسسات الدولة وسنكسب الرهان من جانبها قالت الدكتورة منى مينا عضو مجلس نقابة الأطباء «أنا هنا اليوم للمطالبة بتنفيذ مطالب الثورة المتعلقة بالعدالة الاجتماعية فليس من المعقول أن نقوم بثورة ويظل الشعب بلا تعليم وخدمة صحية جيدة وخدمات إنسانية أساسية ويستمر شبابه عاطلا ويلجأ للهجرة غير الشرعية وهو يعلم انها مراكب للموت مضيفة أن مرسى وضع برنامج ال100 يوم دون أن يضع أى بند خاص بالعدالة الاجتماعية واهتم بقضايا ليست الأهم فى حياة المصريين». وأضافت مينا: « يجب أن يتم وضع برنامج لخدمة صحية جيدة وتعليم جيد، بالإضافة إلى أن الدولة إذا لم ترغب فى زيادة المرتبات فعليها أن تسيطر على الأسعار وتقدم خدمات جيدة للمواطنين تم نشر المحتوى بعدد 612 بتاريخ 3/9/2012