رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    ارتفاع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    هل تعتبر الزوجة محرمة على زوجها إذا لم يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي تصدر بيانًا لسلسلة جديدة بعنوان "توعية وتواصل"    رئيس الوزراء يؤكد حرص مصر على دعم أنجولا في رئاستها للاتحاد الإفريقي خلال لقائه رئيس جمهورية أنجولا بالقمة السابعة    اتصال هاتفي بين شي وترامب يؤكّد استقرار العلاقات واتجاهها نحو التهدئة    محمد صلاح فى قلب العاصفة.. روني يطالب سلوت بإبعاده عن التشكيل الأساسي    رئيس روسيا ونظيره التركي يبحثان هاتفيًا قضايا التعاون الثنائي والأوضاع الإقليمية    ارتفاع حصيلة القتلى جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في جنوب شرق آسيا إلى 91 شخصا    منتخب الطائرة يفوز على السويحلي الليبي وديا قبل المشاركة في بطولة التحدي بالأردن    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة الأهلي × الشارقة Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | دوري أبطال آسيا 2025    مدحت شلبي يحضر لنقابة الإعلاميين بشأن شكوى النادي الأهلي ضده    الداخلية تكشف حقيقة فيديو إلقاء زجاجة مشتعلة داخل لجنة انتخابية بالدقهلية    حازم العبيدى: رسائل الرئيس السيسى أحدثت طمأنينة للناخبين    مفتي الجمهورية: الإسلام دين عدل ورحمة وأفعال المتطرفين لا تمت له بِصلة    حنان مطاوع تشارك محمد إمام بطولة الكينج في أول تعاون بينهما    اليوم.. افتتاح الدورة العاشرة من مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى    بعد أزمته الصحية الأخيرة.. أول ظهور ل تامر حسني رفقة أسماء جلال في عمل فني جديد    محافظ جنوب سيناء يتابع إقبال المواطنين على اللجان الانتخابية بشرم الشيخ    غرفة العمليات المركزية لحزب الإصلاح والنهضة تتابع التصويت بانتخابات مجلس النواب    الحبس 6 أشهر وغرامة 20 ألف جنيه لفادي خفاجة بتهمة سب وقذف مجدي كامل    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    «بعد ضجة البلوجر سلمى».. نصائح مهمة تحميكي من التشتت وتثبتك على الحجاب    الهلال الأحمر المصري يشارك في تقديم الدعم للناخبين خلال المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    قرار جديد في الزمالك بشأن عقد حسام عبد المجيد    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    وزير التعليم: التحضير لتوقيع بروتوكولات تعاون مع إيطاليا لإطلاق 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية جديدة    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    122 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلى    كأس العرب - متى يتحدد منافس مصر الأخير في دور المجموعات    رغم بدء المرحلة الثانية…انتخابات مجلس نواب السيسي تخبط وعشوائية غير مسبوقة والإلغاء هو الحل    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    انفجار بركاني هائل في إثيوبيا يثير الذعر، وتحذير من خطر شديد على الدول المجاورة (فيديو)    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    بيلد: ليفربول قد يفضل بيع كوناتي خلال يناير في هذه الحالة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    انطلاقة قوية للانتخابات.. الخصوص تحتشد أمام اللجان منذ فتح الأبواب    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الرئيس ضد الجيش
نشر في صوت الأمة يوم 11 - 11 - 2012

فى الأيام الأخيرة، جرت «وكسة» ربما أخطر فى مغزاها من نكسة 1967.
انسحبت دباباتنا من منطقة شرق سيناء، وعادت إلى قواعدها البعيدة غرب قناة السويس، وبأمر أمريكى إسرائيلى مباشر، وليس لاعتبارات عسكرية تكتيكية كما يقال، وبدت النهاية حزينة لمعركة قصيرة، تصور البعض أنها قد تفيد فى استرداد إرادتنا السياسية واستقلالنا الوطنى.
ولا نريد لأحد أن يظلم الجيش، فالقرار سياسى وليس عسكريا، فالرئيس مرسى استرد صفته الطبيعية كقائد أعلى للقوات المسلحة، ولم يعد من قرار سياسى مستقل للمجلس العسكرى بعد إزاحة طنطاوى وعنان، والرئيس مرسى هو الذى عين الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة، والسيسى قائد عسكرى وطنى من طراز رفيع، ورجل محترف ينفذ القرار السياسى، والمعنى ظاهر وبسيط، وهو أن قرار انسحاب الدبابات كان أمراً لمرسى نفذه السيسى، ولم تكن النتيجة غير إهانة الجيش هذه المرة، وإصابة الشعور الوطنى المجروح بضربة فى الصميم.
ولم يتخذ مرسى القرار المهين للجيش من تلقاء ذاته، بل بدا قراره تنفيذا وخضوعا أمينا لرغبة إسرائيل، والتى تحالفت معها موضوعيا رغبات لقطاعات من التيار الإسلامى فى مصر، ولا تسأل عن دور إسرائيل، فالقصة شبه علنية، والحوادث توالت منذ عملية رفح الإجرامية، والتى راح ضحيتها ستة عشر ضابطا وجنديا مصريا، سالت دماؤهم الزكية على طعام إفطارهم فى رمضان، وبدوا فى غفلتهم جزءا من فضيحة مذلة، بدت فيها أجهزتنا الحساسة فى حال تقصير وإهمال يرقى إلى حد الخيانة، فقد تحدثت إسرائيل عن الهجوم الإجرامى قبل وقوعه بأيام، وقالت أجهزة فى القاهرة إنها علمت وأبلغت، وكل ذلك جرى، ودون أن يتخذ إجراء طارىء واحد، ولا رفع لحالة الاستعداد، ولا تنبيه الضحايا قبل أن يسقطوا غيلة، ولا التحرك الفورى لنجدتهم، بل تركهم فى دمائهم ساعات، وقبل أن تعلم قياداتهم النائمة فى العسل، وبعد أن وقعت الواقعة، جرى ما نعرف، وتوالت زيارات الجنرالات «المتكرشين» لمواقع الخطر، ثم زيارة لطنطاوى وعنان بمعية مرسى، ثم تصريحات ساخنة للرئيس، توعد فيها بالويل والثبور وعظائم الأمور، وتحدث عن الثأر لقتل ضباطنا وجنودنا، وفى فيديو عجيب جرى تداوله وقتها، بدا مرسى كجنرال مبتدئ يأمر طنطاوى وعنان بسرعة تنفيذ عملية الثأر، والتعجيل بسحق المجرمين، وبدا طنطاوى وقتها كأنه يستمع بنصف أذن، ثم يجيب بنصف لسان، وعلى نحو مستخف جدا بأوامر الرئيس المنتخب، ويردد كلمة «إن شاء الله» بإيقاع منخفض مستهين، وكأنه يقول للرئيس «ابقى قابلنى»، وذهب طنطاوى وعنان عن كرسى القيادة باتفاق الغنيمة، وتغيرت القيادة، وصارت يد مرسى طليقة، لكن شيئا لم يحدث، وثأرا لم يتم، بل لم نعرف حتى الآن طبيعة العناصر الإجرامية التى نفذت حادث رفح، كل ما حدث أن جلبة كبرى قامت، وانتقلت قوات بكامل عتادها إلى شرق سيناء، وفيما بدا تحديا وطنيا لأوضاع نزع السلاح المفروضة بمقتضى الملاحق الأمنية المصاحبة لما يسمى معاهدة السلام، وبدا الجيش فى موضع الترحيب الغامر من أهالى وقبائل سيناء، بدا أن سيناء تستعيد مصريتها، وتحتفل بقوات جيشها، لكن ما جرى فيما بعد بدا صادما، وفى صورة جريمة ترقى إلى خيانة أفدح من سابقتها التى ذهبت بأرواح ضباطنا وجنودنا فى حادث رفح الدموى.
وفيما كانت إسرائيل على الأغلب وراء حادث رفح، فقد لعبت أيضا دورا مقدرا فى إفشال مهمة جيشنا فى سيناء، فقد بدت العملية كلها كاختبار سياسى للرئيس مرسي، وكعملية «خض ورج»، وكشف وبيان لنوايا الرئيس المفترضة، وما إن بدأت قواتنا بعتادها ودباباتها تذهب إلى شرق سيناء، حتى زمجرت إسرائيل، وصدرت عنها اعتراضات علنية صاخبة على تواجد الدبابات بالذات، ورد مرسى من خلال متحدثه الرسمى برفض ما أسماه التدخل فى شئوننا واعتبارات أمننا القومى، لكن مرسى نفسه ظل صامتا، ولم يتحدث فى الموضوع إلا لوكالة أنباء «رويترز» قبيل زيارته الأخيرة للصين وإيران، قال مرسى: إن قواتنا لا تهدد «أحداً»، وأضاف: إننا نحترم المعاهدة، واستقبلت إسرائيل كلام مرسى برضا غامر، وتحدثت عن وفاء مرسى بواجب «طمأنة إسرائيل»، ولم تكن القصة المريحة لإسرائيل فى كلام مرسى، بل فى فعله الذى سبق كلامه، فقد التقى ضباط مصريون وإسرائيليون عند معبر «كرم أبوسالم»، واستمع المصريون إلى اعتراضات الإسرائيليين كما طلبت واشنطن، وتركزت الاعتراضات على وجود الدبابات المصرية بالذات، وطلب الأمريكيون من مرسى اتخاذ اللازم، وهكذا صدر أمر مرسى بانسحاب الدبابات من شرق سيناء، وإلى قواعد فى غرب قناة السويس، وثبت أن كلمة إسرائيل هى العليا، وأن مرسى مجرد قطعة صلصال تشبه مبارك، وسقط فى أول اختبار وطنى، فقد قال مرسى مرارا إنه يتولى بنفسه قيادة العمليات العسكرية فى سيناء، والتى انتهت إلى «وكسة» قد تليق بمرسى وجماعته الإخوانية، والتى يبدو أنها تريد اضعاف الجيش، أو بالدقة إبقاءه على ضعفه الموروث من أيام مبارك، وتماما كما تريد أمريكا وإسرائيل، وتحقق لهم جميعا ما أرادوا، وجرت إهانة الجيش المصرى، وإهالة التراب على سمعته وهيبته، وصناعة «الوكسة» الأخيرة.
حرب أخرى جرت ضد الجيش وضد عمليته الأخيرة فى شرق سيناء، ولم يكن مرسى بعيدا عنها أيضا، فقد بدت عمليات الجيش متلكئة متعثرة، وجرى إصدار بيانات عجيبة عن قتل عشرات الإرهابيين فى بداية العمليات، ثم لم تظهر جثث لأحد، وبدت البيانات مثار تندر عند المصريين السيناويين، فلم تجر سوى عملية ناجحة وحيدة فى «العشة» التى احترقت بساكنيها الإرهابيين الخمسة، وهم من جماعات «السلفية الجهادية»، وهنا بدا التربص بالجيش وقوات الشرطة ظاهرا، فقد جرى تهميش أهالى وقبائل سيناء المحتفلين بعودة الجيش، وقفزت إلى الواجهة «جماعات الذقون» من الإخوان والسلفيين، وعقدوا مؤتمرات حاشدة، يحذرون فيها الجيش من اعتقال سلفيين مشتبه بهم، وكان المقصود: شل يد الجيش، وتهديد قياداته الميدانية بنفوذ الإخوان والسلفيين فى بيت الرئاسة، ثم ذهبت وفود سلفية من القاهرة إلى شرق سيناء بدعوى النقاش الدينى، وافتعلت لنفسها أدوار وساطة بين الجيش وجماعات «السلفيين الجهاديين» من حملة السلاح، وسعت مع وفد إسلامى «جهادى» آخر ذهب إلى هناك فى سيارات الرئاسة الرسمية، سعى الكل إلى إبرام ما قد تصح تسميته بالهدنة العرفية، أى الاعتراف بوجود الجماعات الإرهابية المسلحة من ذوى «الرايات السوداء»، وكف يد الجيش عن مطاردتهم واعتقالهم، ومقابل وعد بعدم تنفيذ عمليات ضد قوات الجيش المصرى، وهكذا اكتملت المأساة الملهاة، وبدا الجيش المصرى كأنه «الحيطة المايلة»، وسقط العشرات من قوات الجيش والشرطة مصابين فى عشرات الإغارات المنتظمة على كمين «الريسة» بمدينة العريش، وهكذا بدا الوسطاء المزورون، وبدت مؤسسة الرئاسة التى يتواصلون معها، بدا الكل كأنهم «يد واحدة» ضد الجيش، واعتبروا انسحاب دبابات الجيش نصراً لهم كما هو نصر لإسرائيل.
وباختصار، أدار الرئيس مرسى، ومع الجماعات المرتبطة به، أدار الكل حربا ضد الجيش لا تخدم سوى إسرائيل، وترك سيناء على حالها كمزرعة للمجرمين، وأرضا براحا تمرح فيها إسرائيل، وعلى طريقة «الطائرة بدون طيار» الإسرائيلية التى قتلت بصاروخها مواطنا مصريا قبل أيام، وعلى عمق 15 كيلو مترا داخل حدود مصر، والبركة فى قيادة الرئيس مرسى
تم نشر المحتوى بعدد 612 بتاريخ 3/9/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.