مازال العديد من المفكرين الاقباط يرفضون رسامة الاسقف بطريركا ويطالبون الانبا «بيشوى» بسحب ترشحه للمقعد الباباوى. التقينا المفكر القبطى «مينا بديع عبدالملك» استاذ الرياضيات بجامعة الإسكندرية والذى دلل على عدم اجازة رسم الاسقف بطريركا من التاريخ الكنسى وتطرق إلى علاقته بالانبا «بيشوى» ووجه له رسالة قائلا: «مضيك فى الترشح للمقعد الباباوى اهانة للبابا شنودة وراجع نفسك». سألنا الدكتور «بديع» بداية.. ■ ما الادلة التاريخية على رفضك لترشح الاسقف لانتخابات اختيار البابا القادم؟ الادلة عديدة ولكن سأختار بعضها فعندما تولى الأنبا «أنطونيوس» قائمقام البطريرك فى مارس 1971 – بعد نياحة البابا كيرلس السادس – قام بعد فترة بعض من الأساقفة بحثه على الترشح للمنصب البابوى!! وللأسف استمع إلى مشورتهم المخالفة وترشح للكرسى. فانبرى له من الإسكندرية الطبيب السكندرى والمؤرخ الكنسى «د. منير شكرى» وأرسل له رسالة شديدة اللهجة من صفحتين أوضح له فيها التقاليد الكنسية المعمول بها طوال عشرين قرناً ولم تكسرها الكنيسة إلا فى عام 1928 عندما تقلد الأنبا «يؤانس» – مطران البحيرة والمنوفية – كرسى البطريركية باسم البابا يؤانس 19 البطريرك 113، فكانت مخالفة قانونية استاء منها المؤرخون الغربيون. كذلك وقف المجلس الملى السكندرى بأكمله برئاسة المستشار «فريد الفرعونى» ضد ترشح المطارنة والأساقفة وأصدر بياناً يدحض فيه ترشحهم، كما وقف القمص «بيشوى كامل» – كاهن كنيسة مارجرجس باسبورتنج بالإسكندرية – ضد ترشح الأساقفة والمطارنة وأصدر بيانه الشهير بعنوان «شعب الإسكندرية اليتيم»، وفى داخل المجمع المقدس وقف «الأنبا أنداروس» أسقف دمياط -المتنيح فى 4 أغسطس 1972- وأعلن عدم قانونية ترشح المطارنة والأساقفة. أمام جميع تلك المطالب الصادقة كان لها أثر إيجابى على قرار ترشح القائمقام، فما كان منه إلا أن نشر اعتذاراً عن المضى فى الترشح للكرسى البابوى، فى جريدة «وطنى» الصادرة صباح الأحد 26 أبريل 1971، وقال إنه لم يكن يرغب فى الترشح للكرسى البابوى، كما أنه كان يود أن يقتصر الترشح على الآباء الرهبان فقط. ■ تردد ان علاقتك طيبة بالانبا «بيشوى» فما الذى عكر صفوها اذا كان الامر خاصًا بكل المرشحين وليس بشخصه تحديدا؟ علاقتى بنيافة الأنبا بيشوى تعود إلى سنة 1967 وقت أن كنت طالباً بالفرقة الاعدادية بكلية الهندسة – جامعة الإسكندرية - وكان المهندس «مكرم إسكندر نقولا» (نيافة الأنبا بيشوى) يشغل وظيفة مدرس مساعد بقسم الهندسة الميكانيكية. كما أننا أيضاً تتلمذنا روحيا على يد القمص «بيشوى كامل» من هنا فأنا أكن كل محبة وتقدير لنيافته – هذا من جانبى وأنا صادق فيما أقول – لكن الكنيسة اغلى منه .. فعلاقتى به لا تمنع أن يكون هناك اختلاف فى وجهات نظر وليس خلافًا. وأذكر جيداً أن آخر حديث تليفونى دار بيننا عندما اتصلت بنيافته صباح الأربعاء 21 مارس 2012 فى حوالى الساعة الحادية عشر صباحاً، وكان فى اليوم التالى لمراسم جنازة قداسة البابا شنودة الثالث، إذ قدمت له واجب العزاء كما عبرت عن استيائى واستياء الكثيرين من صلاة «الطرح» - احدى الصلوات بالجنازة - التى تلاها نيافة الأنبا «بفنوتيوس» – أسقف سمالوط – وجعل عنوان الصلاة «وصية البابا شنودة الثالث» مما أثارت بلبلة فى وسط الأعلاميين والشعب المصرى عامة. أقول ذلك لكى أؤكد أنه إن كنت متبنياً رأى اقتصار الترشح للكرسى البطريركى على الآباء الرهبان فأنا لست ضد أحد من الأساقفة ولا أؤيد أحدًا من الرهبان لكنه مبدأ معمول به فى الكنيسة. والدليل على صحة ما أقول أننى اثرت الموضع فى عدة مقالات منذ مارس 2012 و لم يكن باب الترشح للكرسى البطريركى قد فُتح بعد وبذلك لم أكن أعلم من هم المرشحون.. حتي عندما أراد نيافة الانبا «بيشوى» أن يسجل أعتراضه على مقالاتى بمجلات المصور وآخر ساعة وروزاليوسف، قام بكتابة الرد وتم نشر هذه الردود باسم شماس مكرس يُدعى «مدحت محروس» أيليق هذا الأسلوب فى الرد ؟ كما ان المقالات المنشورة باسم «مدحت محروس» – تتهمنى باننى أتبع أسلوباً بوليسياً فى اشارة خاصة لما عرضت له فى مقالى - ورقة بخط الأنبا «شنودة» للمجمع المقدس عام 1971- وأنا مازلت مُصراً أن هذه الورقة كتبها البابا شنودة البطريرك 117 فى فترة لاحقة أنا قدرتها بعد عام 2004 والانبا «بيشوى» علم هذه الحقيقة. وعلى اى حال الله فاحص القلوب هو الوحيد الذى يعلم كل شىء وغير محتاج لمفتشين خارجين. ■ ولكن تردد ان نيافة الانبا «بيشوى» اكد أن مجمع «نيقية» أجاز نقل اثنين من الأساقفة هما يوسابيوس أسقف نيقوميديا الذى كان قبلاً أسقفاً على «بيريتس»، و«اوسطاسيوس» أسقف أنطاكيا (أى بطريرك أنطاكيا) الذى كان قبلاً أسقفاً على «بيرويا» فى «سوريا»، على أساس تطبيق القانون الرسولى بصورة صحيحة فماذا عن تلك الواقعة ؟ أود أن أقول لنيافة الانبا «بيشوى» إن البابا «الكسندروس» البطريرك 19 يقول فى خطابه الشهير الذى يعلن فيه عزل «أريوس»: «... ولكن يوسابيوس الذى هو الآن فى نيقوميديا يظن أن أمور الكنيسة صارت تحت سلطانه، إذ هجر مسئوليته فى بيريتس (بيروت) واغتصب السلطان على كنيسة نيقوميديا بدون وجه حق. ووضع نفسه على رأس المرتدين (الأريوسيين) وتجرأ أن يرسل رسائل إلى جميع الهيئات آملاً أن يستميل بعض الجهات إلى هرطقته غير المسيحية».. من هذا يتضح أن يوسابيوس أسقف نيقوميديا اغتصب كرسى نيقوميديا بطريقة غير مشروعة قبل انعقاد مجمع نيقية بسنين عدة. إن هذه العادة القبيحة التى اعتاد الأساقفة الأريوسيين على ممارستها هى التى جعلت البابا أثناسيوس البطريرك 20 يصدر قانونه الشهير: (أن الإيبارشية قد صارت عروس الأسقف فإذا هجرها ليأخذ أخرى، فإن هذا يصير طلاقاً غير مشروع يعقبه زنى). وأخشى أن يتم اعتباره رأياً شخصياً.. لانه تعاليم كنسى وليس رأيًا شخصيًا ويذكر المؤرخ الكنسى روفينوس أن يوسابيوس أسقف نيقوميديا كان انساناً عنيفاً يتصرف بقسوة شديدة. وأيضاً يتضح – للأسف الشديد – أن عادة انتقال المطارنة والأساقفة من كراسيهم هى عادة أريوسية يجب على أساقفة الكنيسة القبطية أن يبتعدوا عنها تماما . ■ هناك ردود واثباتات تاريخية استخدمها نيافة الانبا «بيشوى» منها ما يحمل توقيع «د.موريس تاوضروس» استاذ اللغة اليونانية الذى ترجم نص قانون الرسل بما يبيح ترشح اساقفة على ايبارشيات ؟ اولا مجمع «نيقية» الذى نستند الى نصوصه وتوصياته عددالمشاركين فيه 318 اسقفًا جميعهم يجيدون اليونانية انذاك فهل يعقل انهم لم يدركوا المعنى الحقيقى لقانون الرسل و «د. موريس تاوضروس» أستاذ اللغة اليونانية والعهد الجديد بالكلية الأكليريكية؟ فى تاريخ 12/5/2012 قام بترجمة النص تحت ضغط من أجل تحقيق أغراض شخصية معينة لن اتحدث عنها الان. ■ وجه الانبا «بيشوى» اتهامًا مباشرًا لجميع الذين ينادون باقتصار الترشح للكرسى البابوى على الآباء الرهبان بأن هؤلاء يهاجمون رأى البابا «شنودة»، أو يتنكرون لمحبتهم له، أو معاندون له كذلك فما ردك؟ هذا يوحى أنه الوحيد المحب والمخلص والوفى للبابا شنودة على الرغم من الآباء الأساقفة الأجلاء الآخرون المرشحون للكرسى البطريركى الذين لم يسلكوا هذا المنحنى ولم يتهموا أحدًا بالعداوة أو البغض أو عدم محبة البابا شنودة. وأقول لنيافته بكل الصدق إن استمراره فى المضى فى الترشح هو فى حد ذاته مهاجمة لرأى البابا شنودة!! أرجو منه مطالعة صفحة 91 من كتب «انطلاق الروح» – الطبعة الثالثة – الذى كتبه الأستاذ «نظير جيد» (الذى هو نيافة الأنبا شنودة أسقف التعليم، الذى هو البابا شنودة البطريرك 117) فيقول: «وأنتم يا من سترشحون للبطريركية فى يوم ما، إن عُرضت عليكم فأهربوا لحياتكم، وإن دعاكم الله فانظروا إلى مسئولياتها، وادخلوا إلى قلاليكم وأبكوا أمام الله بكاءً مراً». أليس الأستاذ «نظير جيد» هو قداسة البابا شنودة؟ أين موقف نيافتكم- والحديث موجه للانبا «بيشوى» - من هذا الكلام؟ أعتقد أن إخلاصنا للبابا شنودة يحتم مراجعة النفس تم نشره بعدد 616 بتاريخ 1/10/2012