وكيل وزارة التعليم بأسيوط يتفقد بعض مدارس إدارتي الفتح وساحل سليم    أبوشقة للمشاركين فى منحة ناصر: انقلو لبلادكم أن مصر واحة الأمن والأمان    إبداع وتألق طلاب مدارس التربية الخاصة بالفيوم في حفل ختام الأنشطة    محافظ الغربية: توزيع دفعة جديدة من لحوم صكوك الإطعام على الأولى بالرعاية    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الوزارية لوضع محددات العدالة الاجتماعية لاستحقاق الدعم    الصين والبرازيل تؤكدان أن الحوار المباشر هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني    أحمد حمدي يتواجد في قائمة الزمالك للقاء بيراميدز "صورة"    مختار عمارة يُعلن انطلاق بطولة أفريقيا للشطرنج ورئيس الاتحاد الدولي يشكر مصر    «الأرصاد» تعلن موعد تلاشي الأتربة والرمال في أغلب المحافظات    تأجيل محاكمة 6 متهمين ب«خلية العجوزة» ل 11 يونيو    وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بعد خضوعه لجراحة أمس    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    الصحة العالمية: اليمن يواجه واحدة من أكبر فاشيات الكوليرا في العالم    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة السادسة للمجموعة الثانية فى دورى نايل    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    بملابس جريئة.. ميريام فارس تخطف الأنظار في أحدث ظهور وتغلق خاصية التعليقات    المتحف المصري الكبير يستضيف النسخة ال12 من فعالية «RiseUp 2025»    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    برواتب تصل ل 4000 درهم.. وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية| رابط التقديم    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    بالصور- مصادرة مكبرات صوت الباعة الجائلين في بورسعيد    مجلس الشيوخ يفتح أبوابه لشباب العالم ويؤكد أن مصر قلب الجنوب النابض    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    بين زيارتين.. ترامب يعود إلى السعودية دون عائلته لأول مرة منذ 2017 (تقرير)    التصريح بدفن جثة سائق توك توك لقى مصرعه على يد عاطل فى شبرا الخيمة    "عبدالغفار" يترأس أول اجتماع للجنة العليا لوضع استراتيجية وطنية شاملة لسلامة المرضى    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    اليوم.. فتحي عبد الوهاب ضيف برنامج "كلمة أخيرة" مع لميس الحديدي    الرئيس الأمريكي يصطحب "الوحش" في جولته الخليجية الحالية.. صور وتفاصيل    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    توريد 444520 طن من الأقماح المحلية لشون وصوامع محافظة الشرقية    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    صحة غزة: شهيدان فلسطينيان إثر قصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتح الاعظم فى الاسلام
نشر في صوت الأمة يوم 07 - 11 - 2012

تروى كتب السيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم، قاد جيش الفتح الأعظم- فتح مكة - سنة 8 من الهجرة، وفى الطريق قبل أن يدخل الجيش مكة المكرمة، رأى سعد بن عبادة زعيم الأنصار -رأى- أبا سفيان فى حماية العباس بن عبد المطلب عم النبى صلى الله عليه وسلم، يشاهد جيش المسلمين وهو فى طريقه إلى فتح مكة، فقال سعد موجهاً الكلام لأبى سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم يوم تنتهك فيه الحرمات، اليوم يوم أذل الله تعالى فيه قريشاً.
هذه ثلاث كلمات مهمة للغاية ليس فقط فى تخويف العدو، بل إنها تدل على حسن الاستعداد للمعركة والقتال أى الجهاد فى سبيل الله تعالى، وتدل أيضاً على تشوق بعض المسلمين للانتقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاناه على أيدى المشركين والظلم الذى تعرض له، ومحاولة قتله صلى الله عليه وسلم.وأوضح الكلام انتقاماً أو استدعاء لما تعرض له المسلمون جميعاً فى مكة من أذى شديد واضطهاد بالغ على أيدى المشركين قبل الهجرة إلى المدينة وأثناء الهجرة، ومن ثم كانت أهمية الفتح الذى يراه كبار العلماء أنه الفتح الأعظم.
ولما بلغ ذلك القول مسمع النبى صلى الله عليه وسلم، قال ثلاث كلمات لتصحيح المسار وتصويب الموقف، وتصحيح فهم سعد بن عبادة رضى الله عنه وأرضاه، فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم اليوم يوم المرحمة، اليوم يوم تصان فيه الحرمات، اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً.
هذا مشهد من السيرة يوضح لنا موقف صحابى جليل هو زعيم الأنصار فى عصره وعلى مدى التاريخ، يبين ذلك مكنون النفس وحب سعد بن عبادة للرسول صلى الله عليه وسلم في- موقفه- من الكفار والمشركين.ويبين لنا بشكل واضح أيضاً، موقف النبى صلى الله عليه وسلم من القضية ذاتها، وهو موقف يحتاج إلى شرح حتى يتضح الغموض ويزول اللبس، لمن يريدون أن يفقهوا قبل إصدار الفتاوى.كما يبين ذلك الموقف أيضاً عندما يمتلك المسلمون القوة ويصبح عدوهم فى موقف ضعف.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه يحتسب فى صنعته الخير، وراميه، والممد له».وهذا الحديث فضلاً عن أنه يحث الأمة على الصناعة ومنها أو فى مقدمتها الصناعات الحربية، حيث كان السهم رمز القوة والنضال، فإنه يشترط شرطاً عظيماً يدل على توجهات الأمة، وخصوصاً عندما تمتلك القوة الرادعة للظالمين والمعتدين، ويتمثل هذا الشرط فى كلمة «الخير». الصانع فى الإسلام وهو يصنع تلك المعدات الحربية، يحتسب فى صنعته هذه الخير، فيستخدم هذا السلاح فى الخير ولا يستخدم فى الظلم والعدوان كما هى عادات الجاهليين والفراعنة أينما كانوا وعلى مر التاريخ، إذ أن الله تعالى لا يحب الظالمين ولا المعتدين.وهذا العمل بما فيه من صناعة وجهاد يدخل تحت باب فعل الخير العام كما يقول القرآن «وافعلوا الخير لعلكم تفلحون» هذا شىء من فلسفة الإسلام العظيمة ويندرج ذلك كله على شتى المجالات فى الصناعة وفى الزراعة وفى غيرهما من ميادين الانتاج.
نعود إلى كلمات سعد بن عبادة- زعيم الأنصار-، وكلمات النبى صلى الله عليه وسلم لتصحيح المفاهيم ووضع الأمور فى نصابها، إذ أن المسلمين يأخذون الدين عن الخالق سبحانه وتعالى وعن نبيه صلى الله عليه وسلم.
أول تلك الكلمات: اليوم يوم الملحمة، وهذا هو المشهد آنذاك، وهذا هو الوضع الطبيعي- جاء جيش الفتح إلى مكة المكرمة، وكان المشركون فى انتظار تلك المعركة الحاسمة بعد أن منعوا المسلمين من خلال صلح الحديبية زيارة البيت العتيق، وقبل المسلمون تلك الشروط الظالمة التى أسماها سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه فى تساؤله: أنقبل الدنية فى ديننا يا رسول الله؟ ولكن الرسول الرحمة «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، قبل فى ذلك اليوم تلك الشروط حتى يحقن دماء المسلمين.أما فى موقف فتح مكة فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم رداً على ذلك، اليوم يوم الرحمة.كلماته صلى الله عليه وسلم علامة بارزة على أن نهج المسلمين هو الرحمة حتى مع امتلاك أسباب القوة والتفوق.يرحم المسلمون وهم أقوياء أعداءهم الذين ظلموهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: من دخل الكعبة فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل بيته وأغلق بابه فهو آمن».الاسلام جاء لإشاعة السلم والسلام، وكان الحرب أو الجهاد ضرورة.
ثم كان الاجتهاد الثانى أو الرغبة من سعد بن عبادة رضى الله عنه وأرضاه: اليوم يوم تستباح فيه الحرمات.وقد رأينا فى عصرنا الحاضر كيف تستباح الحرمات فى كل الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية فى الغرب والشرق، حتى فى الديمقراطيات الغربية وليس آخرها سوريا الجريحة التى تنزف دماً فى كل مكان.إن استباحة الحرمات أمر من أمور الجاهليات، وأمر من أمور الفراعنة أو الفرعنة، والاستبداد لا يليق بأصحاب الأديان السماوية، ومن ثم جاء التصويب من رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم يوم تصان فيه الحرمات، لا تستباح أى حرمة من الحرمات سواء الدماء أو الأعراض أو الأموال أو غير ذلك من الحرمات فى ظل الدين الاسلامي.الاستباحة لا تستقيم مع القيم والمبادئ والأخلاق، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا.
ثم كان الاجتهاد الثالث من سعد بن عبادة: اليوم يوم أذل الله فيه قريشاً.ومرة ثالثة يأتى التصويب والتصحيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدح عالياً: اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً.كانت قريش ذليلة فى قوتها وجبروتها، ذلة الكفر، وذلة العبودية لغير الله وذلة الجاهلية الأولى التى تئد البنات، ولكن الاسلام إذا دخل إلى بلد ما جعل الناس سواسية فى الحقوق والواجبات سواء من آمن أم من لم يؤمن»الناس سواسية كأسنان المشط» والناس كما قال الامام على رضى الله عنه وأرضاه «إما أخ لك فى الدين أو نظير لك فى الخلق»، وكما قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه لعمرو بن العاص، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.
يقول القرآن الكريم «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل» وهذا العدوان الكامل ليس أبداً للعدوان بل للردع قبل العدوان أو معه أو بعده، والمساواة والقوة تأتى بالعزة، والغبن والضعف يستوجب الذلة والقرآن يقول «ولله العزة ولرسوله والمؤمنين» «إن العزة لله جميعاً».ومن ثم كان قوله صلى الله عليه وسلم اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً.ودلالات العزة فى ذلك اليوم، العفو عند المقدرة دون استذلال أو استباحة، وكذلك تكسير الأصنام التى كان يظن المشركون أنها تنفع وتضر، فإذا بها لا تدفع عن نفسها الضر ولا الأذى ولا التكسير أو الإزالة والهدم ومن مظاهر ودلالات العزة يوم الفتح وبعده، الأمن والاستقرار الذى ساد المجتمع وانتفاء الظلم أقول انتفاء شرحاً للواقع آنئذ وليس مبالغة فى تصوير الواقع.
أما الوفاء كل الوفاء فقد تجلى فى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يدعو فوق جبل الصفا، والأنصار بالقرب منه يتهامسون هل سيعود معهم رسول الله إلى المدينة مرة أخرى أم أنه سيفضل عليهم أهله وعشيرته وقد فتح الله تعالى عليه مكة.كان الوفاء منه صلى اللله عليه وسلم بعد ان سألهم وهم فى خجل يجيبون ويعبرون عن خشيتهم بعد تردد، فإذا به يزيح الغم والحزن عنهم، ويرفع عنهم ذلك العنت بقوله: «يأيها الأنصار، المحيا محياكم والممات مماتكم»ما أروع هذا الوفاء الذى يرتفع فوق الأوطان والجغرافيا، وهنا أيضاً يتضح موقف الأنصار الذين كان همهم عودة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولم يكن همهم الأسلاب والغنائم كما هو قائم عند بعض الناس وعند بعض الإسلاميين اليوم
نشر بالعدد 607 تاريخ 30/7/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.