قدم عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، اليوم الأربعاء، تحليلًا مفصلًا للأوضاع السياسية الراهنة في الوطن العربي، وتناول خلال جلسة "التحولات السياسية في المنطقة" التي عقدت خلال فعاليات ثاني أيام منتدى الإعلام العربي في دبي، التحديات التي تواجه الواقع العربي والتي باتت فيه حركات الإسلام السياسي اللاعب الأبرز في أحداثه. وفصّل موسى خلال الحوار الذي أداره الإعلامي شريف عامر من قناة "إم بي سي مصر"، أوضاع عدد من الدول العربية مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين، وسبل الإصلاح السياسي في المنطقة والذي من شأنه تعزيز جهود الاستقرار فيها. وبدأ الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية حديثه بإشارة إلى المؤامرات التي حيكت منذ عقود للأمة العربية، مثل "الشرق الأوسط الكبير"، و"الفوضى الخلاقة"، مؤكدًا على مسئولية الدول العربية تجاه ما يحدث في المنطقة، ووجود أخطاء عربية تتعلق بسوء إدارة الحكم، والتعاطي مع التغيرات التي تحدث في العالم بشكل خاطئ، وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى تفجر الوضع على الأرض، وإحداث تأثيرات سلبية على حياة المواطنين في شتى بقاع العالم العربي. وأشار موسى إلى أنه على الرغم من التغيرات الجوهرية التي تحدث في المنطقة، فإن العرب أرادوا أن يدخلوا القرن 21 من زاوية مختلفة عندما كانت عليه الحال خلال القرن الماضي، حيث كانت بعض الدول العربية تعاني من سوء إدارة للحكم، مضيفًا أن العالم يحتفل حاليًا بمرور 100 عام على اتفاقية "سايكس بيكو" التي وُقعت عام 1916، ورسّمت الحدود العربية، وأن هناك من المحللين من يرى حتمية التغيير بعد مرور كل هذه الفترة الطويلة. وأكد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية أن هناك العديد من أجهزة العالم تدرس حاليًا إعادة ترتيب المنطقة العربية وتشكيل كيانات جديدة، وهو ما يجب أن تنتبه له دول المنطقة ويستدعي تدخلًا سريعًا وحازمًا لوقف ما وصفه ب "المهزلة". وتساءل موسى في معرض حديثه عما أسماهم اللاعبين بالشأن العربي، هل تريد الدول العربية أن تكرر الأخطاء التي حدثت في القرن الماضي، وإذا كان العكس فيجب علينا أن تغيير أنفسنا والسير في الاتجاه الصحيح. وعرّج السياسي المحنّك على الوضع الإقليمي، مشيرًا إلى أن أهم حدثان وقعا في المنطقة هذا العام هما توقيع الاتفاق الإطاري بشأن البرنامج النووي، و"عاصفة الحزم" التي قامت بها الدول العربية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية. وذكر موسى أن الاتفاق المزمع حول البرنامج النووي الإيراني، يصاحبه تأثيرات خطيرة على خارطة المنطقة، واستهانة كبيرة بالكيان العربي، وهو ما أفصحت عنه الدبلوماسية الإيرانية من السيطرة على أربعة عواصم عربية، وزعمها أن بغداد ليست عاصمة عربية، وهو ما يضر بالمصلحة العربية وهيبة العرب ككيان قوي وله جذوره الضاربة في عمق التاريخ. وشدد موسى على أن الرد العربي من خلال عاصفة الحزم كان مناسبًا، ورسالة قوية من الدول العربية مفادها أننا لن نقبل تدهور المنطقة، وأنه لم يعد هناك مجال لتقبل وعود من الغرب باحتواء الأمر، وترتيب أولويات البيت العربي الذين هم أدرى وأولى بترتيبه. وحول أولويات التدخل لإنقاد الوضع العربي، أكد موسى على ضرورة القيام بخطوات حقيقية وحازمة وسريعة، تبعاَ لما تقتضيه الحاجة بغض النظر عن الأولويات، وأن الوضع العربي لم يعد يقبل الهيمنة الأمريكية أو الإيرانية أو حتى التركية على المنطقة. وأكد موسى أن الحركات الإرهابية مجرد مرحلة، و"داعش" لا تعدو كونها "سحابة داكنة" في الحاضر العربي ولن تستمر طويلًا، لأن تلك الجماعات ما هي إلا ردود فعل ناتجة عن الجهل الذي أستمر لسنوات، وسوء الحكم الذي كرّس للفرقة والعنصرية والشحن المذهبي. وفي سؤال حول الدور المصري في المنطقة قال موسى: إن هناك مخططات ترمي إلى إبعاد مصر عن دورها الرئيس والمركزي كلاعب مهم في المنطقة، مؤكدًا على أهمية مصر في إحداث التوازن بين الدبلوماسية الناعمة للدولة التركية، والخشنة لإيران. مشيرًا إلى أن انضمام مصر لعاصفة الحزم كان قرارًا سليمًا. كما أجاب موسى في نهاية الجلسة على عدد من الأسئلة حول الأوضاع في المنطقة العربية، حيث أكد على ضرورة الإسراع في لملمة الجراح السورية، وتحقيق المصالحة الفلسطينية لمواجهة المحتل الإسرائيلي، وضرورة النظر للعراق على أنه أحد الأجزاء المهمة في الكيان العربي، مؤكدًا على أهمية عودة إلى الاستقرار للدولة الليبية.