وزارة الأمن الداخلي الأمريكية: هجوم مسلح على دورية شرطة في شيكاغو    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    انهيار جزئي لأحد المنازل القديمة أثناء تنفيذ قرار الإزالة بشارع مولد النبي بالزقازيق .. والمحافظ ينتقل للموقع    أسعار الحديد فى الشرقية اليوم الأحد 5102025    سعر الدولار أمام الجنيه المصري بمحافظة الشرقية اليوم الأح 5أكتوبر 2025    «تهدد حياة الملايين».. عباس شراقي: سد النهضة «قنبلة نووية» مائية على وشك الانفجار    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    حماس: إسرائيل قتلت 70 شخصا رغم زعمها تقليص العمليات العسكرية    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة سيتم بالتزامن مع تبادل الأسرى والمحتجزين    بعد 12 عامًا من الهروب.. ما تفاصيل تسليم فضل شاكر نفسه للجيش اللبناني؟    إعلام إسرائيلى يكشف أعضاء فريق التفاوض    ارتفاع كبير في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد محليًا وعالميًا    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    أحمد شوبير يكشف مفاجات مهمة عن انتخابات الأهلي.. الكيميا بتاعت حسام غالي مظبطتش مع الخطيب    خسارة المغرب تقلص حظوظ مصر في التأهل لثمن نهائي كأس العالم للشباب    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    مصر تشارك بفريق ناشئين متميز في بطولة العالم للشطرنج 2025 بألبانيا    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    نجل فضل شاكر ينشر صورة لوالده بعد الكشف عن تسليم نفسه    تكريمات وذكريات النجوم في مهرجان الإسكندرية السينمائي    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    بعد 20 عامًا على عرضه.. المخرجة شيرين عادل تحتفل بمسلسل «سارة» ل حنان ترك (صور)    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    عمرو سعد يستعد لتصوير «عباس الريس» في ألمانيا    مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الاحد 5102025    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    بدر عبد العاطي وحديث ودي حول وقف الحرب في غزة وانتخابات اليونسكو    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    المؤتمر: اتحاد الأحزاب تحت راية واحدة قوة جديدة للجمهورية الجديدة    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة خلال مداهمة وكرهم ببني سويف    صادر له قرار هدم منذ 53 عامًا.. انهيار جزئي لعقار في جمرك الإسكندرية دون خسائر بشرية    ضحايا فيضان المنوفية: ندفع 10 آلاف جنيه إيجارًا للفدان.. ولسنا مخالفين    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والإدارة الأمريكية الجديدة.. تفاهم يحكمه التوازن والمصالح الاستراتيجية.. خبراء: بايدن لن يكون وريثاً لسياسة أوباما.. والتغيرات الإقليمية وتنويع القاهرة لسياستها الخارجية سترسم خطا في العلاقة مع البيت الأبيض
نشر في صوت الأمة يوم 07 - 11 - 2020

المتابعة المستمرة لنتائج الانتخابات الأمريكية، تؤكد أن نتائجها لا تؤثر على أمريكا والأمريكيين فحسب، بل يمتد تأثيرها للعالم أجمع ومن ضمنه الشرق الأوسط بشكل عام ومصر بشكل خاص.

واليوم ومع فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن برئاسة أمريكا لأربع سنوات قادمة على أقل تقدير، يبرز السؤال البديهى للجميع! كيف ستصبح العلاقة بين القاهرة وواشنطن والتي كانت الأكثر دفئا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

بطبيعة الحال سيتساءل الجميع عن السياسة التي سيتبعها "بايدن" صوب مصر، خاصة أنه ألمح في وقت سابق إلى أنه يعتزم زيادة التركيز على الديمقراطية وحقوق الإنسان، في حين يؤكد المحللون الغربيون أن مصر والولايات المتحدة سيكون لهما مصلحة في الحد من التوترات بينهما والحفاظ على علاقات ثنائية جيدة في حالة انتخاب بايدن.

وللحديث عن العلاقة بين القاهرة وواشنطن في ظل وجود بايدن بالبيت الأبيض، يظهر رأى يقول أن بايدن سيكون امتداد لسياسة إدارة باراك أوباما، خلال الفترة من 2008 حتى 2016، على اعتبار أن بايدن كان نائباً لأوباما، ومن هذه الزاوية يرى البعض إن العلاقات بين القاهرة وواشنطن تخاطر بالعودة إلى الأجواء الجليدية التي سادت خلال فترة أوباما، خاصة في ظل ترجيحات بأن يتولى كبار مسؤولي أوباما مناصب رئيسية في الإدارة الأمريكية الجديدة، بما في ذلك بعض الذين اتخذوا موقفا قويا ضد مصر، ويرى المراقبون أنه من المحتمل أن تؤثر عدد من القضايا على العلاقات بين مصر وأمريكا خلال فترة رئاسة جو بايدن، لافتين على أن أكبر احتكاك محتمل يتعلق بمجال بحقوق الإنسان على الرغم من أن بايدن لم يعلق كثيرا على الشرق الأوسط، أو مصر على وجه الخصوص، إلا أن "بايدن" حدد في مقال نُشر في مجلة فورين بوليسي في يناير 2020 ، عقيدته السياسية، فقد وعد بايدن بتبني سياسة تقوم على حماية حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية.

لكن أصحاب هذا الرأي ربما لا يدركون حقيقة التغيرات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية، وأيضاً تشعب العلاقات المصرية الأمريكية، وهو ما يؤكده خبراء ومحللين بأن جو بايدن لن يكون امتداد لأوباما، لافتين على أنه وبنظرة سريعة على تصريحات بايدن أثناء ثورات المنطقة في 2011 تمنح تصور حول حجم الاختلاف بين بايدن وأوباما، حيث كان بايدن، يراقب الحماسة الثورية في مصر بقلق، وأعرب عن تعاطفه مع رغبة شباب مصر في تأسيس ديمقراطية حقيقية والمزيد من الفرص الاقتصادية، لكن في الاجتماعات في البيت الأبيض، وفقا لما ذكره آخرون حاضرون، كان بايدن من بين أولئك الذين أعربوا عن مخاوفهم من أن رحيل مبارك المفاجئ قد يؤدي إلى حكم إسلامي غير ودي، إن لم يكن فوضى، يعتقد بايدن أن مبارك عمل بشكل جيد مع الولايات المتحدة في معالجة الإرهاب والحفاظ على السلام مع إسرائيل والمصالح الاستراتيجية الأخرى.

وبعيدا عن وجهتى النظر، وأذا نظرنا للوضع الرسمي، فإن بايدن لديه بالفعل ما يقرب من 1800 شخص في حوالي 20 لجنة للسياسة الخارجية والأمن القومي يقدمون له المشورة من مجموعة متنوعة من وجهات النظر، ويعتمد بشدة على مجموعة من المستشارين الذين لديهم سير ذاتية طويلة في واشنطن، بما في ذلك العديد ممن نصحوه خلال سنوات أوباما.

ووعد بايدن، الذي عرضت حملته تعليقات محدودة على هذه القصة، بإنهاء "الحروب الأبدية" خاصة تلك التي في شرق الأوسط، ورفع مستوى الدبلوماسية والدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، لكن المحللين يتساءلون حول كيفية تطبيق هذه التعهدات على أرض الواقع.

وعند سؤالهم عما يعنيه بايدن بتغريداته بشأن مصر، توقع المسؤولون الأمريكيون السابقون الذين يعرفونه أن نائب الرئيس السابق سيسعى إلى طريق وسط بعيد عن ترامب وإلى حد ما على يسار أوباما، ولكن ليس قريبا مما يرغب بعض المتشددين الليبراليين.
أعضاء فريق بايدن ومواقفهم من مصر
اذا نظرنا إلى طاقم عمل بايدن المحتمل، فيعد كبير مستشاري السياسة الخارجية للحملة، أنتوني بلينكين المرشح القوي لمنصب مستشار الأمن القومي الأمريكي في الإدارة الجديدة، وفيما يتعلق بمصر، تحدث بلينكن عن سد النهضة بشكل واضح وصريح وأشار إلى أهمية الدور الأمريكي كوسيط في هذه القضية، وكتب على تويتر: "تصريحات دونالد ترامب بأن مصر ستفجر سد النهضة الإثيوبي الكبير متهورة وتقوض دور الولايات المتحدة كمراقب في مفاوضات سد النهضة مع مصر وإثيوبيا والسودان".

وبلينكين، 58 عاما، شغل منصب نائب مستشار الأمن القومي ونائب وزير الخارجية في إدارة أوباما وكذلك مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس بايدن من 2009 إلى 2013، ويمكن القول إن مستشار الأمن القومي هو أقرب مساعد إلى الرئيس، فإن أهم وجه عام للسياسة الخارجية هو وزير الخارجية.
وأعرب الكثيرون في فلك بايدن عن دعمهم لوليام بيرنز في منصب وزير الخارجية، وبيرنز هو موظف متقاعد في الخدمة الخارجية يتولى حاليا منصب رئيس مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وهي مؤسسة فكرية رائدة في واشنطن، وعمل بيرنز (64 عاما) كنائب لوزير الخارجية وشغل منصب نائب وزير الخارجية وسفيرا لدى روسيا والأردن من بين مناصب أخرى خلال الإدارات الديمقراطية والجمهورية، وغالبا ما كان يتعامل مع مفاوضات السلام عبر القنوات الخلفية في الشرق الأوسط وساعد في جعل الاتفاق النووي الإيراني التاريخي الذي وقعه الرئيس أوباما وخمس دول أخرى مع طهران ممكن.

يُنظر إلى بيرنز على أنه دبلوماسي ماهر، وقادر على التفاوض بشأن موقف حكومته، لكنه أيضا متجذر بقوة في الإيمان بالمؤسسات والدور التقليدي للولايات المتحدة في السياسة العالمية، بما في ذلك التعددية التي استهزأت بها إدارة ترامب، وبصفته موظف محترف في الخدمة الخارجية، فإن اختيار بيرنز سيرسل إشارة مطمئنة إلى وزارة الخارجية التي شعرت بالإهانة أو التجاهل في سنوات ترامب.

كتب بيرنز مقال العام الماضي على موقع المجلس الأطلسي بعنوان "نهاية التفكير السحري في الشرق الأوسط"، اشار فيها إلى "نحن ببساطة لا نملك القوة أو البراعة لتغيير الأنظمة السياسية أو الاقتصادية أو تغيير الأنظمة لتناسب تفضيلاتنا"، وفي عام 2014 أثناء شغله منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، أكد بيرنز أن التطور المستقر في مصر لا يزال حاسما لتطور مستقر في المنطقة بأسرها، إلا أن التحول لا يمكن أن ينجح دون شعور بالاحترام للتعددية السياسية وشعور بالثقة في مستقبل اقتصادي أفضل وأكثر شمولية. وقال بيرنز، خلال محاضرة له أمام مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن تحت عنوان (أجندة متجددة للشراكة الأمريكية الخليجية)، إنه "فيما يخص مصر فإننا يمكننا، بالرغم من الاختلافات بيننا، العمل سويا لدعم الإصلاحات".

ويعترف بيرنز بأنه واقعي على المدى القصير ومتفائل على المدى البعيد، ويؤمن بأهمية استمرار المساعدات الأمريكية لمصر وغيرها من الدول، وفي هذا السياق، نشر بيرنز في منتصف الثمانينات كتاب بعنوان "المساعدة الاقتصادية والسياسة الأمريكية صوب مصر"، حول دور المساعدات الأمريكية وأهميتها في خدمة المصالح الأمريكية في مصر.

على ناحية أخرى، اقترح العديد من الأشخاص المطلعين على تفكير بايدن أنه قد يختار سوزان رايس من أجل هذا المنصب مما يحمل إيماءة نحو التنوع ويعكس الدائرة الانتخابية الديمقراطية الأوسع. عملت رايس كمستشارة للأمن القومي وسفيرة لدى الأمم المتحدة خلال إدارة أوباما، وشغلت مناصب دبلوماسية أخرى في عهد الرئيس كلينتون. لقد تم ذكرها كخيار محتمل، ويرجع ذلك جزئيا إلى علاقتها الودية الطويلة مع بايدن - والتي وضعتها أيضا في سباق الترشح لمنصب نائب الرئيس، والذي ذهب في النهاية إلى السناتور كامالا هاريس. ستكون ثاني امرأة سوداء تخدم في هذا المنصب. ومع ذلك، إذا استمر الجمهوريون في السيطرة على مجلس الشيوخ بعد نوفمبر، فقد يكون من الصعب الحصول على تأكيد لرايس البالغة من العمر 55 عاما. لا تزال رايس هدف مفضلا لدى محافظي الحزب الجمهوري الذين ينتقدونها بسبب تعاملها مع هجوم عام 2012 على القنصلية الأمريكية في بنغازي، ليبيا، الذي خلف أربعة قتلى أميركيين بينهم السفير.
تأثير المشهد إقليمي الجديد على العلاقات المصرية الأمريكية
تخضع السياسة الخارجية لجو بايدن تجاه مصر لعدد من المتغيرات بالمشهد الإقليمي، منها نمو النفوذ الروسي، ولطالما كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات أهمية بالنسبة للحكام الروس حسب آنا بورشفسكايا، زميلة "آيرا وينر" في معهد واشنطن، التي قالت أن مصالح بوتين في المنطقة سياسية في المقام الأول، لكنّها كانت اقتصادية أيضا، فقد حدد "مفهوم السياسة الخارجية" لروسيا في يناير عام 2000 أولويات موسكو في الشرق الأوسط على أنها "استعادة المراكز وتعزيزها، لا سيما تلك الاقتصادية، كما أن أحدث نسخة من هذه الوثيقة، بتاريخ نوفمبر 2016، سلطت الضوء أيضا على أهمية الشرق الأوسط في السياسة الخارجية الروسية، واعتبرت أن "التدخل الخارجي" (في إشارة للولايات المتحدة ) هو سبب رئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، وتظهر هاتان الوثيقتان معا استمرارية في تفكير الكرملين حول دور كل من روسيا والغرب في المنطقة.

وفي السنوات الأخيرة، استمالت موسكو المصلحة الذاتية لقادة المنطقة، الذين يشعرون بالراحة في التعامل مع بوتين، ويطمحون بالأسلحة الروسية، ويتحوطون في مواجهة السياسة الأمريكية غير المستقرة من سوريا إلى ليبيا مرورا بالسعودية ومصر، ودعمت موسكو علاقتها بدول المنطقة، وأي اختلال في العلاقات العربية الأمريكية سوف يسفر بالتأكيد على مزيد من النفوذ الروسي.

ولا يتوقف الأمر على الشرق الأوسط، فقد أصبحت روسيا لاعب رئيسي في القارة الأفريقية، وحذر قائد القوات المركزية الأمريكية في أفريقيا توماس والدهاوزر لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ العام الماضي، من احتمال تصدير النموذج الأمني الروسي في جميع أنحاء القارة وبالتحديد إلى بلدان التي تواجه عدم استقرار واضطرابات مماثلة كتلك الموجود في جمهورية إفريقيا الوسطى، وهي الدولة غير الساحلية التي مزقتها الحرب، وحيث يعمل المدربون العسكريون الروس بموافقة مجلس الأمن الدولي.

ولا يمكن لروسيا فقط أن تستخدم هذا لمصلحتها الخاصة وشركائها المستقبليين في أفريقيا، بل يمكن أن تكون ذات قيمة استراتيجية عالية للصين وكذلك المساهمة في توفير الطريقة الوحيدة المجربة والمحسوبة لحماية استثمارات مبادرة الحزام والطريق من محاولات التخريب الأمريكية، وقد يؤدي هذا بدوره إلى تحفيز الصين على السماح لبعض شركاتها المملوكة للدولة "بالانفتاح" على نظيراتها الروسية في الأسواق الأفريقية الكثيرة التي تهيمن عليها.

وتوجت روسيا سياستها في أفريقيا من خلال استضافة للقمة الروسية الأفريقية المشتركة في مدينة سوتشي عام 2019. وكان التركيز على مصر باعتبارها البوابة الرئيسة للقارة السمراء، وفي قلب الشرق الأوسط.

وبجانب روسيا، توجد مبادرة الحزام والطريق الصينية، المستمرة في التوسع العالمي، بينما تعيد الصين صياغة لغة التعددية لبناء مؤسسات دولية جديدة تتناسب مع هدفها العالمي وغايتها. لا تهدد هذه المبادرة المصالح الاقتصادية الأمريكية في العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل خاص فقط، ولكنها تحمل وجه عسكري يثير قلق الولايات المتحدة.

في العام الماضي، أشارت لجنة المراجعة الأمنية والاقتصادية الأمريكية الصينية وهي مسؤولة عن مراقبة تداعيات العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة على الأمن القومي، في تقريرها السنوي، أن في إطار مبادرة الحزام والطريق، تقوم الصين بتمويل جسور وشبكات رقمية في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط تعطي حكومتها ذريعة من أجل الاحتفاظ بوجود عسكري هناك. وكانت الصين افتتحت مؤخرا أول قاعدة عسكرية لها خارج أراضيها في جيبوتي، وتعد هذه المبادرة عامل رئيسي لدفع أي إدارة أمريكية لعدم خسارة أيا من حلفائها خاصة في الشرق الأوسط أو إفريقيا.

ويظهر هنا أيضاً منتدى غاز شرق المتوسط، فقد ساعد التطور الكبير والسريع في صناعة البترول والغاز المصرية وتحولها من مستورد للغاز الطبيعي إلى مصدر بعد أن أعلنت عن تحقيقها للاكتفاء الذاتي أواخر عام 2018، في تخطي مرحلة الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم إلى إنشاء كيان استراتيجي جديد (منتدى غاز شرق المتوسط) يجمع سبع دول في منطقة شرق المتوسط، قد يغير مستقبل صناعة الطاقة في المنطقة وأوروبا على وجه التحديد.

ويشكل المنتدى عنصر جديد في المشهد الدولي خاصة فيما يتعلق بتوازنات القوى ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط ولكن أيضا في القارة الأوروبية، ويُسهم غاز شرق المتوسط في تخفيف الاعتماد شبه الكلي لدول شرق وجنوب أوروبا على روسيا، ولهذا يحرص الاتحاد على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من المنطقة، كما طلبت دول كبرى مثل فرنسا الانضمام إلى المنتدى في دليل على أهمية المنتدى الاستراتيجية.

وأذا تحدثنا عن التغير الخاص بجماعة الإخوان المسلمين، فالمؤكد أن هذه الجماعة الإرهابية لم تعد لاعب سياسي في منطقة العربية خاصة مع إعلان الجماعة تنظيم إرهابي من قبل مصر وعدد من الدول العربية.
الداخل الأمريكي سيكون الشاغل الأول لبايدن
لم يحدد جو بايدن بعد، في حالة انتخابه، استراتيجيته في الشرق الأوسط، لكن المحللين يقولون إن هذه الاستراتيجية لن تتعارض مع المصالح الأمريكية ومن غير المرجح أن تتعارض مع تيار التغييرات في المنطقة، فهو لن يفعل العكس فقط لإرضاء الإخوان المسلمين أو قطر أو أي جهة فاعلة أخرى في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، ستكون أولويات بايدن التركيز على الوضع داخل الولايات المتحدة واتخاذ الترتيبات في ضوء التوازنات الناشئة في مجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ. وسيسعى جاهدا لطمأنة الرأي العام الأمريكي حول جدية الإصلاحات الاجتماعية التي ينوي إدخالها.

تعتقد إلين لايبسون، المسؤولة الأمريكية السابقة والمديرة الحالية للدراسات الأمنية في جامعة جورج ميسون، أن بايدن سيعمل على استعادة الثقة داخل الولايات المتحدة قبل الإبحار في مياه الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الشرق الأوسط ليس المكان الأكثر إلحاح للعمل على إصلاح التحالفات الأمريكية، مقارنة بأوروبا وآسيا، موضحة أن "بايدن سيكون قادر على إعادة بناء علاقات إيجابية وشخصية مع قادة الشرق الأوسط الرئيسيين - باستثناء المملكة العربية السعودية على الأرجح ".

وتعهد بايدن بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية في اليمن. وقال بايدن في بيان نشره موقع حملته الانتخابية: "في ظل إدارة بايدن هاريس سنعيد تقييم علاقتنا بالمملكة السعودية وننهي الدعم الأمريكي لحرب المملكة العربية السعودية في اليمن، ونتأكد من أن أمريكا لا تتراجع عن قيمها لبيع الأسلحة أو شراء النفط "
الموقف المصرى والأوراق التي بيد القاهرة
لا يجب أن ننسى أن الدولة المصرية، منذ ان أعادت تموضعها بعد ثورة 30 يونيو 2013، تمتلك الكثير من الأدوار الدولية والإقليمية، التي يمكن اعتبارها هامه في علاقاتها الخارجية، وسيكون لها تأثير واضح على صانع القرار الجديد في البيت الأبيض.
لذلك فإن مصر ومن واقع خبراتها الأقليمية في مجابهة الإرهابة والتيارات الإرهابية، فإنها ستواصل العمل مع واشنطن في هذا الاتجاه، وأيضاً إقناع واشنطن بعدم العودة إلى ما يعتبرونه أخطاء إدارة أوباما الماضية، كما ستعزز مصر صورتها باعتبارها إضافة قوية للولايات المتحدة، حيث تساهم القاهرة في المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي، الوساطة بين الأعداء (على سبيل المثال، في ليبيا والمسرح الإسرائيلي الفلسطيني) والحرب على الإرهاب.

وهنا لا يجب أغفال الحقيقة المهمة، أن علاقات مصر الخارجية ليست مبنية على طرف أو دولة دون البقية، فهناك علاقات قوية ومتشعبة مع الجميع، خاصة مع القوى العالمية المتنافسة، بقيادة الصين وروسيا، وفي ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعتبر مصر التنويع ركيزة أساسية للسياسة الخارجية، بعد أن أدارت إدارة أوباما ظهرها لمصر، قررت القاهرة عدم الاعتماد حصريا على الدعم الأمريكي وبدلا من ذلك سعت بعناية للحصول على دعم من جهات أخرى، وكان لهذا الموقف دور فعال في قرار 2018 بشراء مقاتلات سو-35 من روسيا على الرغم من المعارضة القوية من واشنطن، بالإضافة إلى ذلك، تحسنت العلاقات بين مصر والصين خلال فترة الرئيس السيسي، مع اعتراف مصر بالصين كقوة عالمية صاعدة، كما يتعاون البلدان بشكل وثيق في مجالات الاقتصاد والاستثمار، واتفقا مؤخرا على أن اللقاح الصيني ضد فيروس كورونا سيتم تصنيعه في مصر وتوزيعه من هناك في جميع أنحاء إفريقيا.

والمرجح أنه بعد انتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ستعزز القاهرة سياستها المتمثلة في تنويع علاقاتها الخارجية، وهو الخط الذى انتهجته منذ 2014 وحتى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.