لطالما ارتبط اسم رجل الأعمال صلاح دياب بقضايا وصفقات وشبهات تتعلق بالتلاعب والفساد، امتلأت بدلة "البيزنيس مان" الشهير بقوب منذ نظام الرئيس الراحل حسني مبارك. في 2016 تحديدا شهر أبريل، وقت نشر تحقيقات "وثائق بنما"، التي كشفت قضايا غسيل الأموال حول العالم، لم يغب اسم صلاح دياب عن المشهد المصري، ظل حاضرا على استحياء بتكهنات لم تخل من العمليات والصفقات المشبوهة.
ورقة من ضمن الأوراق وضعت عائلة رجل الأعمال ضمن شبكة من شركات مصرية وقعت اتفاقيات وصفقات مخالفة للقوانين، من خلال الدفع بوسطاء أجانب ممثلين لشركات مملوكة من الباطن لأسرة "دياب".
وقتها كشف تقرير نشره موقع "أصوات مصرية"، التابع لوكالة رويترز، عن أن جزء لا بأس به من وثائق بنما، الخاص بمصر، فضح أن هناك بيانات خاصة لاتفاقات تعود إلى عام 2005 تتعلق بقطاع النفط في مصر، ومتورط فيها اسم صلاح دياب وأفراد من عائلته.
إحدى تلك الاتفاقات كانت بين شركة بيكو الدولية للبترول التابعة لمجموعة بيكو في مصر والحكومة المصرية بملايين التكاليف التنموية "لحقل الأمل" النفطي الغني الواقع في خليج السويس، وكان العديد من الشركاء جزءا من هذه الصفقة شركة النفط الوطنية المصرية وهى "الشركة العامة للبترول" وشركة جرايستون وبيكو الدولية، وتملك عائلة دياب كلا من جرايستون ومجموعه بيكو.
وجرايستون مسجلة في جزر فرجن البريطانية بينما بيكو مسجلة كشركة مصرية، ويشمل المشروع توسيع وتطوير مصنع للمعالجة البرية.
وقتها أثيرت تساؤلات لاحقت سمعة شركة عائلة صلاح دياب، بشأن لماذا كان "شريك أجنبي" في الخارج متورطا في صفقة مصرية عندما كانت شركة دياب المحلية موجودة بالفعل هناك، ما هي القيمة التي أضافتها جرايستون، ما الدخل الذي كسبته وما المدفوعات التي قامت بها؟ هل كان هناك أي ملاك غير معلن عنهم خارج عائله دياب؟. تفاصيل تلك القضية بدأت في يونيو 2008 عندما اقام توفيق دياب ، الأبن الوحيد لصلاح دياب، شركة تدعي بيكو للاستثمارات المحدودة في سيشيل، وكان فرع سيشيل التابع لشركة موساك فونسيكا هو العميل المسجل الذي كان يسجل الرقم السري للشركة علي النحو التالي: 050605، وتبين محاضر تسجيل الشركة أن توفيق دياب قد انتخب رئيسا للاجتماع ، وأن قريبه محمد عبد الكامل دياب كان أمينا عام.
وتشير الايميلات الخاصة ب موساك فونسيكا وكذلك العقود أن شركة بيكو قد تم السماح لها لفتح حساب في بنك جي بي مورجان سويسرا في جنيف، وتظهر أيضا الوثائق أن توفيق كان لديه موكل إليه اتمام التحويلات بالنيابة عن بيكو للاستثمارات في سيشل وكذلك إدارة الحسابات مع جي بي مورجان سويسرا.
وتشير الوثائق المسربة أن كل من كامل دياب وصلاح دياب يمتلك 200 سهم (لكل منهما) في الشركة، بينما تمتلك كل من شركة تكنو اويل وشركة بتروليم فينشر انترناشونال (كل منهما) 400 سهم، وفي 2013 تم إغلاق الشركة بشكل نهائي.
وكانت عائلة دياب مرتبطة أيضا بشركة أخرى في الخارج المسمية "جرايستون للبترول" (مصر) المحدودة، بيانات الشركة المحدودة للبترول (مصر) (رقم 36154) التي تعود إلى 2003 تظهر صلاح دياب وتوفيق دياب كمديرين، وقد قسمت رأس المال المأذون به للشركة وهو 10 ملايين دولار إلى مئة ألف سهم وقيمة السهم لكل منها مئة دولار، وفي فبراير 2013 ، قرر موساك فونسيكا الاستقالة كوكيل مسجل لشركة نفط جريستون.
وكان لشركة جريستون في السابق شريك مساهم وهي شركة بتروليم فينشر انترناشونال، وهي أيضا مساهمة في بيكو سيشيل، وفي ايميل ارسل خلال عام 2013 ، قال صاحب شركة بتروليم فينشر أنه قام ببيع أسهمه في شركة جرايستون إلى توفيق دياب عام 2003، ووصف جرايستون بأنها شركة فرعيه لشركة بتروليم فينشر انترناشونال، وعند البحث على الانترنت على اسم المالك تجده تقلد العديد من المناصب رفيعة المستوى في كيانات اقتصادية وشركات بترول وأسمنت في مصر.
الوثائق المسربة تظهر أيضا إيميل لأحد الموظفين في بيكو أرسله خلال عام 2013 لشركة إلى موساك فونسيكا يطلب فيه المشورة بشأن تجاهل شركة بتروليم فينشر قاعدة القاعدة "موافقة أغلبية المساهمين على البيع" وكيف يمكن التحقق مما إذا كان هناك مالك قانوني/مستفيد من الأصول الخاصة بهم في جرايستون مصر..فما هو الغرض من الحساب المصرفي السويسري الخفي الذي يدار من سيشيل ؟ لماذا تحمل الملايين من الدولارات بقيمة أسهم في شركة غير نشطة في الخارج ؟، وهو ما علق عليه الخبراء بأن الشركات غالبا ما تنشأ فقط لاستضافة حسابات مصرفية في الخارج.
لم تكن أوراق بنما المتعلقة بثروة رجل الإعمال صلاح دياب وعائلته سوى فصل من فصول الشبهات التي لحقت بعمليات وصفقات لطالما كان اسم رجل الأعمال الشهير حاضرا فيها. لا دخان من غير نار
في يونيو من العام 2019، خضع صلاح دياب ممثلا لمجموعة شركات بيكو، ومحمود الجمال والد زوجة جمال مبارك، ومحمود عبد الغفار مدير عام المنطقة العامة بشركة أنابيب البترول سابقا، وعبد السلام الأنور مدير بنك HSBC سابقا، لتحقيقات موسعة لاتهامهم بالاستيلاء على أراضي الدولة.
وقتها كشفت التحريات تورط المتهمين في الحصول على أراضي بطريق الاسكندرية الصحراوي بالمخالفة للقانون، وتحويلهم هذه الأراضي إلى منتجعات وفيلات.
وذكرت التحريات الرقابية حول المتهمين بالقضية، إنهم اشتركوا في الاستيلاء على أراضي الدولة، وتحويلها من أراض زراعية إلى منتجعات سكنية وفيلات وبيعها بأسعار عالية و مبالغ فيها بطريق مصر اسكندرية الصحراوي، كما أنهم لم يقوموا بدفع القيمة الحقيقية للأرض وفقا للتقدير الذي وضعته الهيئة، وتسهيل التعدي بغير حق على الأرض المشار إليها التى تتبع ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير بإقامة إنشاءات عليها والانتفاع بها وقاموا بإجراءات بإنشاء طرق وتقسيمات وإقامة مبان وملحقاتها على الأرض المخصصة دون ترخيص وفي غير الغرض المخصصة من أجله الأرض.
ووجهت الهيئة للمتهمين ارتكاب الجرائم المنسوبة إليهم بمحضر التحريات الرقابية، والتي تضمنت ارتكابهم مخالفات خاصة بتخصيص أراضي بطريق اسكندرية الصحراوي، بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، عن طريق شراء الأراضي للاستثمار أو الإصلاح الزراعي، ومن ثما تحويلها إلى مبان سكنية على الطراز الحديث، وارتكاب جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة، والتعدي بغير حق على هذه الأراضي المملوكة للدولة، ولا يجوز التعامل عليها، وتتبع ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير بوزارة الزراعة، كما أن الأرض خصصت لإقامة مشروعات زراعية للانتفاع، إلا أنه تم الكشف عن إجراءات إنشاء طرق وتقسيمات وإقامة مبان وملحقاتها على الأرض المخصصة دون الحصول على تراخيص وفي غير الغرض المخصصة من أجله الأرض.
وأمرت هيئة التحقيق بمنع جميع المتهمين من السفر خارج البلاد، وذلك لاتخاذ إجراءات جادة وحاسمة لاسترداد أراضي الدولة، وتقنين وضع اليد في إطار المحافظة علي أراضي الدولة، وكشف مافيا الاستيلاء عليها.
تلك القضية وضعت أوزارها في ديسمبر من العام نفسه، عندما تم الإعلان عن استرداد مبلغ مائتى وسبعين مليون جنيه من كل من صلاح دياب ومحمود الجمّال نظير التصالح عن التهم المنسوبة إليهما.
اتهامات في قضايا مالية
في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، صرحت مصادر أمنية بأنه تم القبض على رجل الأعمال صلاح دياب للتحقيق معه في اتهامه بعدة قضايا مالية.
وأضافت المصادر أنه من المقرر صدور بيان بشأن تفاصيل القبض على رجال الأعمال صلاح دياب كاملة.
ويمتلك صلاح دياب عدة شركات تمت ملاحقتها بعدد من المخالفات خلال الفترة الماضية، وكانت التحقيقات جارية منذ سنوات بهذه المخالفات، وحسب مصادر فإن عدداً من التسويات كانت معروضة على رجل الأعمال في هذه المخالفات، إلا أن مصير هذه التسويات لم يحسم بعد، ثم جاء قرار القبض عليه صباح اليوم على ذمة التحقيقات.