لم تكد تمر ساعات قليلة على التصريحات القوية التي شهدها العالم للرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن ليبيا واستعداد مصر الكامل للتدخل لحماية أرض ليبيا وشعبها من الإرهابيين والتدخل الخارجي، حتى هرول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى حليفه في المنطقة أمير قطر تميم بن حمد ليحادثه في مكالمة هاتفية لم تستطع أنقرة إخفاء تفاصيلها الحقيقية عن وسائل الإعلام. في البداية أعلنت وكالة الأنباء القطرية أن المكالمة بين أردوغان وتميم ناقشت "العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها"، إضافة إلى مناقشة "عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
لكن تقارير إعلامية كشفت السبب الحقيقي وراء المكالمة المرتبكة بين الطرفين بعد خطاب السيسي، حيث كشفت مصادر مقربة بين الطرفين أن الرئيس التركي طلب من تميم بن حمد زيادة تدفق الأموال لدعم المتطرفين والإرهابيين بليبيا لتصعيد القتال ضد قوات الجيش الوطني الليبي.
وفقا لموقع "عرب ويكلي"، فإن دبلوماسي تركي سابق، رفض الكشف عن هويته، أكد أن مكالمة أردوغان وتميم دارت حول طلب أموال لدعم أنقرة في قتال ليبيا ثم مزيد من الدعم للمرتزقة في سوريا. اقرأ أيضا: قطر على رأسهم.. ثلاث دول عربية تمردت على التوافق العربي بشأن ليبيا في تصريحه الذي أربك الطرفين، أشار السيسي إلى جاهزية مصر الكاملة وبشرعية أمام العالم لوقف تقدم الميليشيات المدعومة من تركيا نحو المناطق الليبية التي تعتبر مرتبطة مباشرة بالأمن القومي المصري. وأفاد تقرير الموقع باللغة الإنجليزية بأن الخبراء على دراية بالسياسة التركية أكدوا أن أردوغان يستخدم الصراعين الليبي والسوري لحلب الأموال من الدوحة، والأخيرة مضطرة إلى الدفع وسط تخوفات من العناصر المتطرفة الهاربين في قطر والمعسكر الإسلامي الحليف من هزيمة ستكون كارثية عليهم.
وقال الدبلوماسي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه وعدم الإشارة إليه إلا من خلال عمله السابق في منطقة الخليج ، إن تصريحات الرئيس المصري توفر ذريعة لأنقرة لحث الدوحة على ضخ المزيد من الأموال في الصراعات التي تخوضها في منطقة.
وقال الدبلوماسي التركي السابق: "لقد لعبت أموال الغاز القطري دورًا رئيسيًا في تمويل تلك الصراعات والحروب، خاصة أن تركيا لا تستطيع تحمل أعبائها في ضوء الأزمات الاقتصادية والمالية المتتالية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية. أحدث هذه الأزمات كان تأثير جائحة الفيروس، الذي ضرب القطاع السياحي، كونه مصدراً هاماً لإيرادات الخزانة التركية". سجلت الليرة التركية في الأيام الأخيرة انخفاضًا جديدًا بأكثر من 1٪ مقابل الدولار الأمريكي، لتصل إلى أدنى مستوى لها في حوالي شهر واحد.
ليست الأزمة الاقتصادية هي الأولى من نوعها في تركيا، حيث شهد الاقتصاد عيبًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، والذي يربطه المراقبون بشكل مباشر بمغامرات أردوغان العسكرية والسياسة الخارجية.
لتحقيق أهدافها الخارجية، تحتاج تركيا إلى مساعدة مباشرة من حليفتها قطر، التي تضخ بانتظام الأموال في الاقتصاد التركي في شكل ودائع واستثمارات، لتصل إلى حوالي 15 مليار دولار بحلول عام 2018، وفقًا لبيانات الحكومة القطرية.
ومع ذلك، تكشف التقارير الإعلامية أن الرقم الذي قدمته الدوحة لا يشمل جميع الأموال القطرية المقدمة لأنقرة، مثل ملايين إضافية من التبرعات المباشرة من القادة القطريين ورجال الأعمال. بينمال توالت ردود فعل على تصريحات الرئيس المصري، والتي شدد فيها على أن أي تدخل مباشر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية سواء في إطار حق الدفاع عن النفس، أو بناء على سلطة مجلس النواب الليبي.
وأوضح السيسي، بعد تفقد وحدات عسكرية في قاعدة جوية قرب الحدود مع ليبيا، أن أهداف هذا التدخل ستكون تأمين الحدود الغربية لمصر، واستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، وإطلاق تسوية سياسية بين الليبيين.
