ما حدث للصحفية "هبة جعفر" يعلن عن الارتجال الواضح وخوف يسيطر علي نفوس من اقتادوها فجراً من منزلها إلي قسم الشرطة تنفيذاً لحكم صدر في إبريل الماضي بالغرامة لأنها لم تمتلك مستندات دالة علي التعذيب الذي حدث في أحد أقسام الشرطة آملين أن يرتد من تعلو أصواتهم ضد العنف الذي ساد وطغي .. ولترفع هبة رأسها عالياً فلم يكن الحكم صادراً في قضية رشوة أو قتل نفس بريئة أو تزوير أو تعذيب لعباد الله الذين لا حول لهم ولا قوة .. و لم تسرق أيضاً من أموال الشعب البسيط .. ولم تذق طعم الدم .. ولم تكن ممن أغدق عليهم البوشي العطاء كي تنال حماية البهوات الذين أتوا منزلها فجراً .. ما حدث يثبت أيضاً التناقض الواضح في المجتمع والفساد المستفز ! يعلنون سعيهم إلي نصرة المرأة في مصر والواقع ينطق بكبح جماح أحلامها وانطلاقها في العمل ! علي هبة جعفر ألا يهتز صوتها خوفاً .. ولا تشعر خجلاً .. منْ ذهبوا إليك فجراً رفعوك علي الأعناق ووضعوك علي سلم الصحافة الحقيقية .. علي أسرتك أن تفخر بك لأن الشرطة اقتادتك أمام جيرانك بتهمة إبراز الفساد و إلقاء الضوء علي ما يسئ لظالم طاغ .. في زمن يتهم فيه كبار ممثلي الشعب من الرجال بعضهم بالعهر و تبرز فيه فتيات آخريات تعلن ممارسة الشذوذ الجنسي علي شاشات الفضائيات .. وآخريات تذهبن لقضاء أوقاتهن في النميمة و رصد عباد الله .. ذهاب هبة إلي قسم الشرطة والنيابة فجراً سيشد من عودها و يمنحها صلابة لم يذقها هؤلاء الضعفاء .. أشعر بالإطمئنان لأن القفص لم يطله العفن كله و أن هنالك منْ يمكنه مقاومته .. ويدعونا ما حدث للسؤال أين ممدوح إسماعيل الآن وهو قاتل لمئات المصريين .. و أين البوشي فقد يكون قلبه أكثر رقة وليناً ويمنح طالبي الغرامة مالهم لعلها تزيل الدماء التي لوثت أيديهم ولطختها وتمنع عنهم دعاء المظلومين .. الطريق طويل أمام هبة وزميلاتها أمثال " صفاء صالح " من جريدة الأسبوع التي تخفت لكشف مخالفات مالية وإنسانية بداخل دور المُعنّفات في مصر و الجمعيات الأهلية التي تستولي علي المنح والتبرعات و إنفاقها علي أنفسهم و العاملين في هذه الجمعيات وهم تحت مسمي "عمل تطوعي" ! مع إهمال للسيدات اللاتي تلجأن إليهم .. هبة وصفاء نموذجان لعمل المرأة الناجح الجاد في مصر .. وهما أيضاً شعاع ينير من جديد طريق تحقيق أهداف بنات جيلهن دون تنازلات أو اعتبارات النجاح المتعارف عليها الآن في زمن يخطو فيه الصغار علي أشواك يضعها الكبار لعرقلة من يعملون معهم .. والحقيقة أني شعرت بسعادة واطمئنان للصورة اللائقة التي بدا فيها الكاتب الصحفي " سيد عبد العاطي " بجانب هبة وزملائها علي سلم نقابة الصحفيين مما عكس لدي انطباع أن الجريدة أسرة واحدة في العمل والمواقف الصعبة أيضاً .. ونفس الموقف من الكاتب الصحفي وعضو مجلس الشعب " مصطفي بكري " الذي بدا و كأنه يدفع بتلميذته نحو طريق الصحافة الصحيح دون خوف أو رهبة .. برافو صفاء صالح ومثيلاتها و يا عزيزتي هبة كوني علي ثقة أنه سيأتي يوم لا محالة يعلم فيه الذين ظلموا أي منقلبُ ينقلبون وهذه هي ضريبة العيش في وطن نحبه كثيراً وقدرنا أن نكتوي بإرهاب حُماته المقنن ..