· أسرته تفشل في استخراج شهادة وفاته رغم خلو سجلات السجون من اسمه · المحامي: أهل الضحية لا يسعون للانتقام بل لمعرفة مصيره لترتيب أوضاعهم المالية والقانونية سمر الضوي تصوير: صلاح الرشيدي «اتهام أسرة قبطية بالتعاون مع الجماعات الإسلامية وإمدادها بالمال والطعام».. هذه ليست نكتة أو فكاهة ولا تعجب عزيزي القارئ حين تعرف أن مصدر الاتهام هم ضباط أمن الدولة. والسؤال: هل نسيت «الداخلية» أن عشرات الأقباط كانوا من ضحايا عنف هذه الجماعات في حقبة التسعينيات؟ وهل يعقل أن تساعد أسرة مسيحية من يشهر السلاح في وجه أبناء الوطن من المسلمين والأقباط؟ والإجابة عن هذين السؤالين تتمحور في أن وزارة البوليس خانها ذكاؤها في تلفيق الاتهامات هذه المرة وتعكس غباء رجالها. الواقعة الغريبة راح ضحيتها إكرام مكرم كيرلس «في الأربعينيات من عمره» داخل غرفة مباحث أمن الدولة بقسم شرطة أبوقرقاص بالمنيا بعد وصلة تعذيب علي أثر هذه الاتهام. المأساة يرويها شقيق كيرلس الذي أرجع فتحه الملف في هذا التوقيت ليأسه من استخراج شهادة وفاة أخيه وقال إن خوفه من أمن الدولة منعه من الكلام عقب الواقعة موضحاً أن قوة بقيادة «ح.أ» و«ع.أ» الضابطين بأمن الدولة اقتحمت منزلهم بمركز أبوقرقاص عام 1998 واقتادته بصحبة والده وشقيقه إلي قسم الشرطة لاحتجازهم في مكتب أمن الدولة بالقسم وبعد وصلة إهانة وتعذيب وجهت لهم تهمة التستر علي الإرهابيين وإمدادهم بالمال والطعام وبعد عدة أيام من التعذيب سقط إكرام غارقاً في دمائه بعد صعقه بالكهرباء والتعدي عليه بوحشية وعندما حاول انقاذ حياة أخيه اعتدي رجال مباحث أمن الدولة عليه بالضرب وسحبوه إلي دورة المياه وأغلقوا عليه الباب لعدة ساعات قبل ترحيل والده إلي المقر الرئيسي بالمنيا تاركين أخوه إكرام في أبوقرقاص يعاني الموت وحده. وتابع كيرلس: وهناك ظللنا 25 يوماً يتم خلالها تعذيبنا واستجوابنا كل ليلة للاعتراف بالتهمة وكنت عندما أقول لهم «لو كنت أعرف حاجة كنت رحمت أخي من الموت أمام عيني» فيجيبونني وأنا مغمض العينين بأن أخاك لم يمت ومازال في الزنزانة التي بجواري بالمخالفة للحقيقة فلم أره منذ لحظات تعذيبه في أبوقرقاص، التقيت وكارم بعد هذه المرة ليتم ترحيلنا إلي فرق أمن المنيا ويبقي والدنا في مقر مباحث أمن الدولة وبعد ثمانية أيام أصدروا خطابات اعتقال لنا وترحيلنا إلي ليمان طره وتحفظوا علي أبي بفرق أمن المنيا لمدة 13 شهراً رغم تعديه سن ال65 وبعد اطلاق سراحنا توجهنا إلي الأنبا يؤانس سكرتير البابا وحصل منا علي بيانات شقيقي إكرام وبعد أيام أخبرنا أنه غير موجود بالسجون وأوضح كيرلس أن الضحية كان فلاحاً ويعول 4 أبناء أصغرهم ولد أثناء وجوده في السجن وقال إن والدته أصابها العمي من كثرة البكاء علي ابنها وداهمت والده الأمراض ولا يخرج من البيت. ويشير كيرلس إلي أنه يسكن حالياً في منطقة عزبة النخل ويرفض العودة إلي المنيا بعد ما لاقاه من عذاب هناك وخوفاً من القاء القبض عليه مرة أخري وحيث إن ضباط مباحث أمن الدولة كانوا يلقون القبض عليه وعلي أشقائه كل فترة ويتركونهم دون سبب واضح ومعلن وحتي أخي كارم دائماً ما يستدعي إلي مقر أمن الدولة بأبي قرقاص ولولا تدخل راعي الكنيسة أبونا بسطس فرج لترك كارم البلد هو الآخر كما أن ابن شقيقه ميلاد عندما يري عسكري أو ضابط شرطة يضربه بالطوب وهو يصيح «هما دول اللي قتلوا أبويا». من ناحيته يؤكد الدكتور مدحت مراد بطرس محامي الأسرة القبطية أنه تبني هذه القضية من الناحية الإنسانية فقط فالقبض علي مواطن وتعذيبه في ظل تداعيات أحداث الإرهاب في التسعينيات أمر يرفضه القانون والمنطق الإنساني ولذا تقدمت بطلب إلي النائب العام برقم 14523 أطلب فيه اجراء التحقيق في واقعة تعذيب مواطن وفقده الحياة مستشهداً بثمانية شهود منهم شقيق المتوفي كيرلس والذي رآه في آخر لحظة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ولكن دون جدوي رغم ارسال الشكوي إلي نيابة أبوقرقاص واستدعاء والد كيرلس وسؤاله عن سبب تضرره حيث طالبهم بالعثور علي جثة ابنه واضطررنا إلي اقامة دعوي قضائية أمام محكمة أسرة عابدين لاثبات وفاة إكرام استناداً إلي شهادة الشهود الذين رأوا بأعينهم وقائع التعذيب عليه في مركز شرطة أبوقرقاص قبل اختفائه منذ 13 عاماً ولكن المحكمة رفضت في حكمها أول درجة الدعوي لعدم وجود مستند في الدعوي يثبت الوفاة وتساءل: كيف تطالبنا المحكمة باحضار مثل هذا المستند؟ وتابع المحامي: وبعد رفض الدعوي لجأنا إلي محكمة الاستئناف واقمنا دعوي مازالت منظورة أمام الدائرة 112 أحوال شخصية بمحكمة القاهرةالجديدة حتي الآن ورغم أن مقيم الدعوي والد المتوفي وهو صاحب صفة عن نفسه وبصفته وليا شرعيا علي أبناء المتوفي القاصرين تمسكت المحكمة بجزئية صغيرة مؤكداً أن الأسرة القبطية لا تسعي للانتقام من ضباط أمن الدولة ومقاضاتهم أمام المحاكم، حيث إن تهمة التعذيب لا تسقط بالتقادم ولكنها تسعي لأن يستقر حالها فهناك حقوق مالية واحد الأبناء تقدم لقضاء فترة التجنيد ولو كانت الوفاة مثبتة لأعفي طبقاً للقانون باعتباره أكبر اخوته سناً وغير ذلك من الأمور، وتساءل: وما الذي يمنع وزارة الداخلية من تكذيب هذه الواقعة إذا كان إكرام علي قيد الحياة ثم إننا تقدمنا بطلب لإدارة شئون المعتقلين وأفاد الموظف المختص بخلو السجلات من اسم إكرام مكرم كيرلس