· سعاد صالح: طلب الحكومة للفتوي هو مساعدة الدين للقانون ولا مانع في ذلك! · إبراهيم درويش: الحكومة غير «متدينة» فلماذا تطلب الفتوي في أمور إدارية؟ · جمال البنا: الحكم الديني سبب التخلف.. والفتاوي غير ملزمة! لأنها رأي واجتهاد · ميلاد حنا: اللجوء لاستصدار فتوي حيلة العاجز الغبي فالفتاوي يجب أن تستند إلي العقل عندما طلب الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة فتوي من المفتي بخصوص تأجيل العمرة والحج هذا العام لانتشار مرض أنفلونزا الخنازير لم تكن هي المرة الأولي التي يلجأ فيها وزير أو مسئول لجهة دينية طلبا للفتوي، فقد فعلها هو نفسه قبل ذلك عندما طلب فتوي حول ارتداء الممرضات للنقاب والحجاب، وفعلها 3 وزراء آخرين: عائشة عبدالهادي حول استخدام الخادمات الفلبينيات في المنازل، وعمل الخادمات المصريات بالسعودية، وعلي مصيلحي وزير التضامن حول شرعية تحويل الخبز إلي علف للحيوان ،وسامح فهمي حول شرعية تصدير الغاز لإسرائيل. ومن الحالات السابقة يتضح أن الحكومة تطلب الفتوي لتبرير مواقفها تارة ولعلاج مشكلة عجزت عن حلها تارة أخري. والسؤال: ما طبيعة العلاقة بين الحكومة والفتاوي؟ ولماذا يلجأ المسئولون إليها؟ ومدي استجابة «المفتين» للحكومة عندما تطلب فتاواهم؟. بداية استنكر إبراهيم درويش الفقيه الدستوري لجوء الوزراء لدار الافتاء لاستصدار الفتاوي وأكد أنهم غير قادرين علي اتخاذ القرار لأنها قرارات إدارية ليس لها أساس ديني وإنما يجب اتخاذ القرار لمنع الضرر عن المجتمع مثل تصدير الخادمات المصريات للسعودية، أو طلب فتوي بخصوص قضية تصدير الغاز لإسرائيل! فهذا عبث فهي قرارات إدارية ذات طابع سياسي علي الوزير أن يتصدي لاتخاذها. وأشار درويش إلي أن الشريعة الإسلامية تقول «لا ضرر ولا ضرار»، لذا فعند وجود أوبئة فعلي المسئولين السياسيين اتخاذ القرار لكنهم «عجزة» يحاولون الاستناد لأساس ديني لتحريم أو تحليل ما يقرونه! وأبدي درويش أسفه ممن يصدرون الفتاوي لإرضاء الحكومة قائلا: «عليهم أن يبتغوا قول الحق وأن يبتعدوا عن رغبات الحكومة» إنما تبرير الفتاوي وصناعتها لخدمة أغراض معينة فهذا يقلل من شأنهم لدرجة أن أصبح اسمهم «شيوخ الحكومة» أو «مفتي الحكومة»! مشيرا إلي الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية الذي أخطأ في الكثير من فتاواه، وأكد أن الحكومة لا دين لها! فلا هي متدينة ولا هي ملتزمة بالشريعة الإسلامية وما تفعله قرارات سياسية قومية فالوزراء يلجأون للدين لتبرير مواقفهم فلا دين في السياسة ولا سياسة في الدين. أما «جمال البنا» المفكر المعروف فقال إن لجوء الحكومة لاستصدار فتوي يجب أن يكون في حدود ما يتعلق بالشريعة والدين، فلن تحل الحكومة محل الدين في أمور العبادة والشريعة، أما الأمور المتعلقة بأداء الوزارات وقراراتها البعيدة عن الشريعة فلا علاقة بالفتاوي بها. ورفض البنا مبدأ الفتاوي لأنها ليست ملزمة فهي مجرد رأي واجتهاد شخصي. وطالب بضرورة فصل الدين عن الدولة مؤكدا أن الحكم الديني وراء تخلف كثير من الدول، وليس معقولا أن أول ما يفكر فيه الوزير أو المسئول عند وجود أزمة هو اللجوء للمؤسسة الدينية لتبرير فشله في حل الأزمة! واعتبر ميلاد حنا المفكر القبطي أن تقييم الرأي العام في هذه الموضوعات «حساس» لأنه متعلق بالدين ومرتبط بأن المؤسسة الدينية هي التي تصدر الفتاوي بتوجهات دينية وأن الفتاوي يجب ألا تصدر من مؤسسات دينية بل من مؤسسات ثقافية فكرية لها وجهة نظر محترمة تعتمد علي العقل. مضيفا أن لجوء الحكومة لاستصدار فتوي بدلا من حلها بنفسها يعتبر «حيلة» العاجز.. فالحكومة هي المخطئ لذا فهي التي يجب أن تصدر الفتاوي والحلول التي تستند إلي العقل. فالذهاب للمؤسسة الدينية هو وجهة نظر قاصرة وعاجزة فنحن لسنا دولة دينية بل علمانية تصدر الفكر من الفكر والعقل وليس من الفتاوي الدينية ولجوؤها لذلك هو حيلة «الغبي» الذي يلجأ لجهة دينية ليحتمي في الفتوي التي تصدرها. وأشار عبدالغفار شكر القيادي بحزب التجمع إلي أنه في أزمة أنفلونزا الخنازير تردد شيخ الأزهر والمفتي والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية في إصدار فتوي وقالوا سنلتزم بما يقوله وزير الصحة لأنه الجهة المختصة بتحديد ما إذا كان هناك خطر طبي أم لا؟! ولكن في مصر السلطه دائما تلجأ للمؤسسة الدينية لتستقوي بها علي الناس لتطوعهم لسلطتها وهناك من رجال الدين من يعمل في خدمة السلطان، ولكنهم فقدوا ثقتهم من قبل الناس خاصة إن فتاواهم تعبر عن رغبات السلطة. ولكن علي الصعيد الآخر كانت هناك آراء مختلفة تري أن طلب الحكومة لفتاوي دينية هو رجوع الحكومة إلي الله ولصحيح الدين. وقالت سعاد صالح أستاذة الفقة المقارن بجامعة الأزهر إن الله شرع الأديان لتنظيم حياة الناس سواء سياسيا أو دينيا أو اقتصاديا أو أسريا لأن الدين دستور شامل لبيان كل هذه العلاقات فحينما يطلب وزير فتوي دينية في مسألة ما فهناك مجامع فقهية للافتاء فيما يطلبونه. وألقت صالح باللوم علي سلوكيات الشعب مؤكدة أن إصدار فتوي لتنظيم هذا السلوك ليحقق مصلحة عامة لا مشكلة فيه، وتساءلت لماذا دائما يكون لدينا سوء ظن في الحكومة وأنها تريد «تسييس» الدين وأخذ فتاوي لأغراض خاصة؟! مؤكدة أنه لابد أن يكون هناك تنظيم حكومي ولكن عندما تبعث الحكومة في الناس حب الدين والخوف من العقاب فلا مانع، فالدين تم تشريعه لتنظيم الحياة، والمفتي الذي يفتي لابد أن يكون حكما عدلا لا يخضع أي فتوي لهواه أو لخدمة أحد فهو المسئول وليست الحكومة، فهو لا يبيع دينه بأي ثمن لأي أحد لأن الفتوي أمانة. وأضافت أن طلب الحكومة للفتوي هو طلب مساعدة الدين للقانون فهناك قوانين لا يلتزم بها الناس وقوانين إلهية يلتزمون بها فلابد من ابراز هذه القوانين الإلهية، لذا فسبب تخلفنا هو فصلنا الدين عن الدولة. وأوضح الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق أن حاتم الجبلي لم يطلب فتوي رسمية من دار الافتاء وعندما يرسل لنا لطلب فتوي بشكل رسمي سنرد بشكل رسمي، فالأمور المتعلقة بالصحة تصدر قراراتها وزارة الصحة، وعندما تقول إنه وباء ويجتاح الدنيا سنصدق علي ذلك ونقول إن الدين يمنعه، فالقضية قضية الصحة، أما في أنفلونزا الخنازير فمنظمة الصحة العالمية قالت برفع الدرجة السادسة ولكن لا تمنع التنقل بين البلدان ووزارة الصحة المصرية حذرت الناس ليحتاطوا ولكنه ليس وباء عاما، ونحن نري ذلك أيضا!.