انطلاق (بودكاست ماسبيرو) بحوار حصري مع الدكتور أحمد عمر هاشم قبل رحيله يروي فيه قصة حياته في 12 دقيقة    مجلس الوزراء يوافق على انضمام مصر إلى اتفاق تسهيل الاستثمار من أجل التنمية    رئيس الوزراء: السلام الحقيقى بالشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    صُنّاع الحياة عضو التحالف الوطنى تفتتح المركز المجتمعى للاجئين بالقاهرة    إزالة 9 حالات تعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة ب4 قرى بمركز سوهاج    رئيس الوزراء ينعى الدكتور أحمد عمر هاشم: قدم الصورة الصحيحة للإسلام    ألمانيا تحيى الذكرى الثانية للسابع من أكتوبر دون ذكر لشهداء غزة    "هاسبارا" ذراع التضليل الإسرائيلى.. تليفزيون اليوم السابع يكشف التفاصيل    ماروتا: رونالدو يحلل مكونات المياه المعدنية قبل الشرب    مصارعة – كيشو يستعد لتمثيل منتخب أمريكا    سبورت: برشلونة قرر خوض مباراة جيرونا على ملعب مونتجويك    كاف يوافق على إقامة مباراة الزمالك وديكاداها في القاهرة يوم 18 أكتوبر    عرض عصام صاصا وصاحب ملهى ليلى وآخرين على النيابة فى مشاجرة المعادى    ضبط متهمين صدموا سائقا وهددوه على طريق سريع بالقليوبية    القبض على المتهم بالشروع في قتل زوجته بالطالبية    وزير التربية والتعليم يهنئ الدكتور خالد العناني بمناسبة فوزه بمنصب مدير عام اليونيسكو    الشيخ رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    نائب وزير الصحة يعرب عن استيائه من مستوى النظافة داخل مستشفى قطور بالغربية    انطلاق البرنامج التدريبى "خفض الولادات القيصرية غير المبررة طبيا" بصحة سوهاج    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    جنى محمد زكي تسحق لاعبة إسرائيل في بطولة العالم للناشئين للشطرنج بألبانيا    أمين عام التجمع يكشف حقيقة اجتماع المكتب السياسي لسحب الثقة من رئيس الحزب    6 قرارات عاجلة ومهمة لمجلس الوزراء، تعرف عليها    أوكرانيا: نفذنا هجوما بالمسيرات على مصنع ذخيرة ومحطة نفط ومستودع أسلحة في روسيا    في 3 مخازن سرية.. ضبط «بؤرة إجرامية» بتهمة حيازة مخدرات ب180 مليون جنيه بالسويس    طقس خريفي معتدل الحرارة بشمال سيناء    ضبط 16 طن دقيق مدعم بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    ليلى عز العرب ضيفة شريهان أبو الحسن في "ست الستات"    «طاعة الحرب» يحصد المركز الأول في ختام الدورة الثامنة ل«القاهرة للمونودراما»    غادة عادل تكشف عن شروط خوضها تجربة عاطفية: «يكون عنده عطاء ومفيش مصالح»    «مش بيحبوا يتحملوا مسؤولية».. رجال 5 أبراج يعتمدون على الغير بطبعهم    بعد عامين من الدراسة.. طالب يكتشف أنه «دخل الكلية بالخطأ» في بني سويف    الدكتور أحمد عمر هاشم يتحدث عن حب آل البيت ومكانتهم في قلوب المصريين (فيديو)    حكم الرجوع في التبرعات الموجهة للمؤسسات الخيرية.. دار الإفتاء توضح    وزير الكهرباء: تخصيص 15 مليار جنيه لإقامة 27 محطة محولات بشبه جزيرة سيناء    رحيل مداح النبي، لمحات من حياة الدكتور أحمد عمر هاشم بعد وفاته (بروفايل)    ب«نص كيلو لحمة».. طريقة عمل برجر اقتصادي في البيت بنفس طعم الجاهز    موعد عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم فى الشرقية اليوم    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    من عمر 6 سنوات.. فتح باب التقديم لمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني    وزير العمل: الخميس إجازة مدفوعة للعاملين بالقطاع الخاص بدلاً من 6 أكتوبر    كم شخص حصل على جائزة نوبل فى الفيزياء حتى الآن وماذا حدث فى آخر مرتين    بعد غرق مساحات واسعة بالمنوفية.. الفيضان يهدد 4 محافظات جديدة    وزير الاستثمار يبحث مع جهاز مستقبل مصر دعم سلاسل الإمداد وتوريد السلع الاستراتيجية    «الجيزة» توضح حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بقرية ناهيا    ترامب يلغى الجهود الدبلوماسية مع فنزويلا.. نيويورك تايمز: تصعيد عسكرى محتمل    الزمالك ينتظر عودة فيريرا لعقد جلسة الحسم    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر    عاجل- جوتيريش يدعو لوقف الهجمات الإسرائيلية في غزة واغتنام خطة ترامب لإنهاء الصراع    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالي المؤهلين تخصصيا لوظائف إشرافية    مواقيت الصلاة بأسوان الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    اشتباكات عنيفة بين قوات «قسد» والجيش السوري في حلب    تعرف على فعاليات اليوم الرابع لمهرجان نقابة المهن التمثيلية في دورته الثامنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين العولمة والعالمية.. سؤال الهوية المصرية
نشر في صوت الأمة يوم 04 - 12 - 2018

سؤال قد يبدو مثيرًا للدهشة، هو (من نحن؟!).. وبالتحديد، ما هي مكونات الهوية الوطنية المصرية؟! فهل يمكن لنا بعد كل هذه القرون التاريخية، وهذه التجارب الحضارية، والوحدة الجغرافية التي جمعت أبناء الوطن المصري معًا، وجمعتنا بأشقائنا في الوطن العربي الكبير، وفي الأمة الإسلامية الكبرى، من الخليج إلى المحيط عربيًّا، أو من المحيط إلى المحيط إسلاميًّا، أن نتساءل اليوم: من نحن؟!

ربما تبدو علامة الاستفهام وعلامة التعجب مُبرّرتين.. لكن ما يُبرِّر التساؤل أكثر أن الثوابت "وطنية أو قومية أو دينية" تتعرَّض لحملة خارجية بأدوات داخلية مُكرَّرة من بعض الأدعياء بلا علم، أو المتثاقفين بلا ثقافة، أو المتفيهقين بلا فقه؛ للعبث والتشكيك والسجال والجدال، رغم وضوحها في الدستور المصري، ولهذا نتساءل في مواجهة "المُتغيِّرات والمشاريع" العالمية الوافدة لمحاولة تذويب الهوية المصرية، بما يتطلّب إعادة اكتشاف الذات من جديد؛ لتثبيت ما هو ثابت وتأكيد ما هو مؤكَّد.

ونحن اليوم في عصر جديد، تتغيَّر فيه القيم وتنقلب المبادئ، وتتقدَّم التكتّلات الكبرى على الكيانات الصغرى، وتتحكََّم القوى المُتقدِّمة في القوى المُتخلِّفة، وتتسلَّط القوى العسكرية الكبرى على الدول الضعيفة، وتزداد فيه الدول الغنيّة غنى، والفقيرة فقرًا، أطلقوا عليه "عصر العولمة"!

عصر ساعدت فيه ثورة التكنولوجيا ووسائل الاتصال وتدفق المعلومات العابرة للقارات والحدود، على اختراق الموانع والخصوصيات الجغرافية والثقافية العالمية؛ ليُروِّج بمعطياته الجديدة وتأثيراته المُتعولمة، مصطلحات غريبة وشعارات مُضلِّلة، لمحاولة تذويب الهوية الثقافية للشعوب، بهدف فرض ثقافة غربية واحدة عابرة للسيادة الوطنية، تتماهى مع القيم الأمريكية وتحاول فرض النموذج العلماني الرأسمالي الأمريكي، وإزاحة دور الأديان والقوميات والأيديولوجيات!

رياح العولمة أيقظت التناقضات الثقافية، بما أنتجته من مظالم اقتصادية بتأثيراتها الاجتماعية، نتيجة محاولات الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية بالتكامل مع نظرية (صدام الحضارات)، واستهداف ما يُسمَّى (الخطر الأخضر) بعد زوال الأحمر وتصدِّي الأصفر، وزادت الهوّة بين مناطق التقدُّم والتخلُّف، وبين أحزمة الغنى والفقر، والقوّة والضعف، ما زوّد الثوابت التقليدية للهوية التاريخية للشعوب بزاد جديد من القوة والاستنفار؛ للتحصُّن بهويَّتها العقائدية والقومية وثقافتها الوطنية ضد مخاطر العولمة.

ونشهد اليوم على امتداد العالم صحوة للثقافات الوطنية والدينية والقومية، في مواجهة محاولات فرض النمط العولمي الواحد؛ ليبدو واضحًا أن تحدّيات العولمة تقود العالم على المدى البعيد إلى "عالمية جديدة"، لا متعولمة ولا متأمركة، إلى تجمُّعات دولية وإقليمية لا تلغي السيادة الوطنية، ولا تتناقض مع الهوية الثقافية في نوع من التعدُّدية القطبية.

الدليل على ذلك، تلك المظاهرات الشعبية الصاخبة والغاضبة المُضادة للعولمة التي تشهدها الدول المُضيفة لمؤتمرات "السبع الكبار"، أو" قمة العشرين"، سواء في "سياتل" الأمريكية أو في "لندن" البريطانية أو في "بيونس آيرس" الأرجنتينية!

وما موجة التطرُّف التي تشهدها بعض الأديان والأعراق والثقافات إلا رد فعل لمحاولات التذويب.. مثلما نشهد بعض أصوات شاذة كتطرُّف مُضاد من غُلاة العلمانيين والليبراليين واللا دينيين، وأدعياء التنوير، والمؤرِّخين والفقهاء الجُدد التابعين للمحافظين الجدد الأمريكان، بشعارات العولمة المثقوبة التي لا تستر أحدًا، في محاولة للعبث بالهوية الوطنية ونزع القداسة عن الرسالات السماوية؛ لإحلال تشريعات وضعية محلّ الشرائع الدينية لتحقيق القابلية للذوبان في العولمة الأمريكية!

ويبدو هؤلاء المستغربرون المنتسبون للمصريين والعرب والمسلمين، كأدوات للغزو الفكري، درَّبتهم وموّلتهم قوى العولمة الغربية، وزرعتهم في منابر إعلامية وصحفية وتعليمية وثقافية وسياسية، بل ودينية أيضًا؛ لتباشر مهمَّتها التشكيكية الهدّامة في الثوابت والرموز، والترويج للا وطني واللا قومي واللاديني، بهدف نشر الفوضى الفكرية في الوطن المصري والعربي والعالم الإسلامي بأصوات مبحوحة ووجوه صفراء وكتابات حاقدة سوداء!

ومن الطبيعي في ظل "عصر جديد" يتشكّل ويتمرّد على "النظام العالمي الجديد" الهادف لهيمنة قوة واحدة، ويتّجه اتّساقًا مع حركة التاريخ إلى عالم مُتعدِّد القوى، مُتعدِّد الحضارات والثقافات والقوميات، إعادة سؤال الهوية المصرية من جديد.. فمن نحن؟!

وهنا أقول: نحن الشعب المصري صانع أعرق حضارة إنسانية، ومؤسِّس أول دولة في التاريخ البشري، نعيش كمواطنين لا رعايا، مُتساوين في الحقوق والواجبات في دولة وطنية تقوم على المواطنة، تحت مظلة الدستور وسيادة القانون، تستعيد ذاتها وتعيش عصرها، وتصنع قرارها بإرادة غالبية شعبها.

المصريون بتراثهم التاريخي، ومخزونهم الحضاري، شعب عرف الإيمان منذ فجر التاريخ، ولهذا قال هيرودوت: "الدين فوق كل شيء في الحياة المصرية". وهذا الشعب يؤمن منذ فجر الإسلام برسالات السماء الثلاث، لا يعرف التعصّب الديني، مُدركًا أن مصر عرفت المسيحية قبل الإسلامية، ولا يعرف التعصُّب المذهبي مُدركًا أن الأزهر كان فنارًا شيعيًّا للدولة الفاطمية، قبل أن يكون منارًا سُنّيًّا للدولة الأيوبية.

ونحن - كشعب مصري واحد، بمنابعه الإنسانية والحضارية المختلفة، وروافده التاريخية والقومية والدينية المُتعدّدة - يضمُّنا نسيج وطني واحد، وتلهمنا ثقافة عربية إسلامية واحدة، نعيد بناء وطننا وكتابة تاريخنا من جديد، تنبع هويّتنا من أربعة منابع جغرافية وتاريخية وثقافية وحضارية، وتتشكّل شخصيتها بأربعة ملامح، وطنية مصرية، وقومية عربية، وحضارية إسلامية، وقارية إفريقية.

هذا ما أكده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في كتابه "فلسفة الثورة"، موجّهًا السياسة الخارجية المصرية أن تدور في دوائر الانتماء المصرية الثلاث: العربية والإسلامية والإفريقية، انطلاقًا إلى العالمية. بما يؤكد أن كل المُتغيَّرات والمشروعات والحملات اليائسة، والمحاولات البائسة المُتعولمة، في طريقها لتحقيق عكس أغراضها في الأمة عمومًا، وفي الوطن خصوصًا، عندما أعدنا اكتشاف الذات الوطنية؛ بما يفرض إعادة إنتاجها في مصر الجديدة بصياغة مختلفة تنبع من "الثوابت الأصيلة"، وتستوعب "المُتغيَّرات المعاصرة"، بخطاب وطني وديني وسياسي وثقافي وإعلامي جديد، تحت شمس عصر جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.