* عدت مساء الاثنين الماضى من رحلة علاجية خارج مصر - فى بريطانيا - تتعلق بالأحبال الصوتية، كنت أنتظر فيها عملية جراحية سريعة لإزالة الدهون التى تتجمع كل عدة سنوات حولها فتجعل الصوت أجشا، وأحيانا يصعب مواصلة الحديث، ولكن الأطباء فضلوا الاستمرار فى تناول الدواء عن الجراحة. حمدت الله تعالى رضاء بقضائه، ثم بالعودة الى مصر الحبيبة. فى مساء اليوم التالى (الثلاثاء 10/3/2015)، إتصل بى عدد من الأصدقاء والأقارب، وطلبوا منى فتح التلفاز لمشاهدة الأستاذ الاعلامى حمزة زوبع (قناة مكملين)، الذى خصص حلقة كاملة للحديث عنى وعن الأساتذة الكرام مختار نوح، وثروت الخرباوى. شاهدت الدقائق العشر الأخيرة من البرنامج، وهو يعرض فيديوهات لى، وأنا أتناقش مع الشيخ صفوت حجازى فى قناة التحرير، وفيديو آخر وأنا أتحدث فيه فى لقاء مع القائد الخامنئى مرشد الجمهورية الاسلامية فى ايران منذ أكثر من خمس سنوات. جاءنى بالإيميل أيضا، ملخص لأهم القضايا التى تناولنى فيها الأستاذ زوبع بالنقاش والتساؤل والعتاب، وتناول فيها غيرى بالسباب، وقبل أن ندخل فى صلب الموضوع، والقضايا التى أثارها الأستاذ زوبع، وهى تحتاج الى مجلدات لشرحها، تساءلت لماذا مكملين؟ وفى أى شىء مكملين؟ العاقل يكمل مهمته فى عمل الخير قدر الامكان، وفى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بدرجاته المعروفة فى الاسلام الصحيح، وليس إسلام السب والشتيمة والشماتة، الاسلام الذى يعلم الانسان، كما جاء فى قول الامام الشافعى، ملخصا قضية من أهم قضايا تتجاهلها قناة «مكملين» والقنوات الأخرى التى على شاكلتها: لسانك لا تذكر به عورة إمرئ *** فكلك عورات وللناس ألسن أين هم من الاسلام الذى يدعو للتعاون على البر والتقوى، وينهى عن التعاون على الاثم والعدوان، الاسلام الذى يعلم الناس أن «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، ورغم ذلك وسنوات التربية الطويلة، فهناك اليوم من يرى الشظية فى عيون الآخرين، ولا يرى الجذع فى عينه أو عيون من معه. أين هم من الاسلام الذى يقول «وقولوا للناس حسنا»؟ والنقد السليم والتنبية على الأخطاء من ذلك «الحسن» بنية الاصلاح والتعمير، ولكن تدمير الأوطان،والدعوة الى حرق سيارات الشرطة،والقتل والتخريب والغلو فى الدين، والتكفير الذى اشتهرت به تلك القنوات، ليس من ذلك فى شىء. ولذلك كان السؤال دائما لكل من يعمل فى مشروع «مكملين» ومن وراءهم، ومن يحرضهم، ومن يستغلهم ومن يرشدهم، أى نتيجة سيحققون؟ كلها أسئلة واردة وخصوصا لمن يرون أنفسهم على الطريق المستقيم، ويرون غيرهم من الشياطين المردة. لماذا مكملين؟ وفى أى شىء مكملين؟ أولئك الذين يقرأون الواقع خطأ أكثر من مرة، فيقعون فى التضليل والكذب حتى يظلوا فى القيادة أو الصف ألا إنهم يسيئون وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. صحيح أننا - كما أشار الاستاذ زوبع - تحاورنا سويا فى لقاء تليفزيونى فى ماسبيرو قبل 30 يونيو العظيم، ولكننى لم أكن عدائيا لنظام الاخوان كما زعم أو فهم، ولكننى كنت ناقدا لهم وناصحا، فلم يفهموا النصح ولم يدركوا النقد، ولم يميزوا بين نقد موضوعى صحيح، وتجريح حاقد. دافع الاستاذ زوبع فى ذلك الحوار عن الاخوان، ولم تشغله أخطاؤهم ولا الواقع المتحول فى مصر، وعددت أنا فى البرنامج، بعضا من أخطائهم، ولم تمر فترة طويلة حتى حاقت بهم كارثة الكوارث عبر التاريخ الممتد، رغم المنهج العظيم. لو عاد الرجل الى الفيديو الذى أشار إليه فى 12 مارس 2013، عن السيناريوهات المستقبلية التى توقعتها مع الاعلامية اللامعة جيهان منصور. لوجد أن السيناريو الأول والأمثل عندى آنذاك هو، أن يستفيد الرئيس مرسى من النقد البناء، ويلتحم بالشعب، ويستفيد من أهل الخبرة والكفاءة، ويترك أهل الثقة دون الكفاءة، ويدرك أنه يحكم الشعب المصرى كله، وأنه الرئيس الذى اختاره الشعب وليس الاخوان فقط، ويغير الحكومة كما طالبه الشعب بذلك أو معظم الشعب، ماعدا معظم الاسلاميين. ويبنى مجموعة لازمة من المؤسسات المطلوبة. كان هذا هو السيناريو الأمثل فى ظنى آنذاك، لو فهم ذلك مرسى والاخوان وأدركوا وأحسنوا وهم فى السلطة، ولكنهم فى ذلك الوقت، لم يدركوا ولم يقرأوا توجهات الشعب، الذى اختارهم للسلطة، قراءة صحيحة، فلم يغيروا الحكومة الضعيفة بإسم الاسلام، ولم يقبلوا إجراء استفتاء رئاسى، وزوبع باشا يطالبنى به اليوم فى «مكملين» بعد فوات الأوان، وخديعة دعم الشرعية، وخديعة تجرد، وخديعة عاصم عبدالماجد وتكفيره فى رابعة (قتلانا فى الجنة، وقتلاهم فى النار). ويومها قلت سيتحمل الاخوان وحدهم أخطاؤهم وأخطاء الآخرين وهذا ما نراه اليوم. وكان السيناريو الأمثل الثانى- وهذا للتذكرة- هو ضرورة تدخل القوات المسلحة، الجهة الوحيدة المنظمة فى مصر ولاتزال، وذلك حفاظا على وحدة الوطن وسلامته وأمنه، حتى لا تتحول مصر، ولا أن تشهد حالة من حالات الصراع، كما هو واقع فى سوريا أو العراق أو ليبيا وتحقق السيناريو الثانى، بعد فشل السيناريو الأول، لعناد الاخوان، وسوء قراءتهم للواقع، واعتقادهم أن 30 يونيو «زوبعة فى فنجان» ياأستاذ زوبع. وكان السيناريو الثالث الذى توقعته، لو لم ينجح السيناريو الأمثل الثانى، هو الثورة من جديد وهو الفوضى، وهو تقدم الارهاب فى التدمير والتخريب، ولايزال الصراع قائما فى مصر بين الوطنيين من الشعب –وهم الأغلبية- وراء القوات المسلحة والأمن، وبين الارهابيين والمكفراتية، الذين لا ينصحهم الاستاذ زوبع، وضمهم الاخوان فى تحالف دعم الشرعية، وكأنه لم يسمع عن كتاب «دعاة لا قضاة» الذى وضعه الاخوان وهم فى السجون، عندما لمسوا تشدد شكرى مصطفى وميله الى التكفير، وارتكاب جرائم مع بداية بروز وتشدد فكر سيد قطب، والفكر الذى يقف وراء زعم « جماعة المسلمين» أو الفرقة الناجية، وليس الاخوان كجماعة من المسلمين رغم أن سيد قطب لم يكن مفتيا، ولم يحضر أسرة من أسر تربية الاخوان طول عمره، وجاء الى الاخوان قمة أدبية مشهورة وبعد استشهاد الامام البنا بثلاث سنوات، وليته لم يتشدد ولم يغل فى الحاكمية والعزلة الشعورية. صفوف الاخوان والقواعد الواسعة كانت مستقيمة وتتلقى، ولكن جزءا منهم بدأ يحمل هذا الفكر الغالى (من الغلو)، وقد نبه إليه بعض النقاد، واساءت قيادة الاخوان فهم ذلك، ومن هؤلاء الاستاذ حسام تمام رحمه الله تعالى، فى كتيبه «تسلف الاخوان»، الذى رأيته وراجعته معه قبل الطباعة أيام المنفى فى عهد مبارك، وذلك لورود اسمى فيه، وتكرمه رحمه الله بزيارتى فى بريطانيا، والكتيب من نشرات مكتبة الاسكندرية،ولم يستفد منه الاخوان، لأن قيادة الاخوان لم تهتم به، ولا بالنقد من اى جهة، وهذا النهج الاخوانى المتأخر، مخالفة صريحة لمنهج الاسلام فى التقويم الذى ركز عليه منهج الامام البنا – رحمه الله تعالى – أكثر من مرة، ومنه ما جاء فى صدر رسالة المؤتمر الخامس حيث يقول البنا: «أيها الإخوان : كنت أود أن نظل دائما نعمل ولا نتكلم، وأن تظل الأعمال وحدها الحديث عن الإخوان وخطوات الإخوان، وكنت أحب أن تتصل خطواتكم اللاحقة بخطواتكم السابقة فى هدوء وسكون، من غير هذا الفاصل الذى نحدد به جهاد عشر سنوات مضت لنستأنف مرحلة أخرى من مراحل الجهاد الدائب فى سبيل تحقيق فكرتنا السامية. ولكنكم أردتم هذا، وأحببتم أن تسعدونا بهذا الاجتماع الشامل فشكرا لكم، و لا بأس أن ننتهز هذه الفرصة الكريمة فنستعرض نتائجنا، ونراجع فهرس أعمالنا، ونستوثق من مراحل طريقنا، ونحدد الغاية والوسيلة فتتضح الفكرة المبهمة، و تصحح النظرة الخاطئة، و تعلم الخطوة المجهولة، وتتم الحلقة المفقودة، ويعرف الناس الإخوان المسلمين على حقيقة دعوتهم، من غير لبس ولا غموض. لا بأس بهذا، ولا بأس بأن يتقدم إلينا من وصلته هذه الدعوة و من سمع أو قرا هذا البيان، برأيه فى غايتنا ووسيلتنا وخطواتنا فنأخذ الصالح من رأيه، وننزل على الحق من مشورته، فإن الدين النصيحة، لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم» انتهى النقل والنص الواضح.وللحديث صلة. والله الموفق