إعلان وزارة المالية عن عزمها طرح سندات دولية جديدة بما يتراوح ما بين مليار ومليار ونصف دولار استقبلت الحكومة يوم الأحد الماضى، بعثة صندوق النقد الدولى، والمقرر أن تغادر البلاد فى الحادى عشر من مايو، أى أنها سوف تقضى 11يوما للقيام بالمراجعة الأولى الخاصة بتنفيذ مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الخاص بها، قبل صرف الجزء الثانى من الشريحة الأولى لقرض الصندوق، وسوف تقوم البعثة بتقييم الإجراءات الحكومية الأخيرة، وآثارها المالية والاقتصادية، للموافقة على صرف الدفعة الثانية من الشريحة الأولى التى تبلغ قيمتها 1.25 مليار دولار، بعد أن تم صرف 2.75 مليار فى نوفمبر الماضى، كجزء أول من الشريحة الأولى والتى تقدر ب 4 مليارات دولار، هى قيمة الشريحة الأولى ككل.
الحكومة فى مباحثاتها مع بعثة الصندوق، تتوقع انتقادا لاذعا من قبل البعثة لعدم الالتزام بالبرنامج الإصلاحى، الذى تم الاتفاق عليه بين الجانبين، خاصة بعد أن تأجلت زيارة البعثة إلى مصر التى كانت مقررة فى مارس المقبل، لتصبح فى نهاية شهر إبريل، والتى أرجعها وزير المالية إلى انشغال الحكومة بإعداد الموازنة الجديدة. أكدت مصادر بالمالية أن أسباب الخلاف مع الصندوق، سوف تدور حول عجز الموازنة وفشل الحكومة فى السيطرة عليه، حيث رفعت الحكومة توقعاتها لعجز الموازنة خلال العام المالى الجارى 2016/2017 إلى 10.9% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل 9.8% المقدر وقت إعداد الموازنة بزيادة نحو 1.1% عن التقديرات السابقة، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة المحلية على أدوات الدين العام، وتأخر صرف الشريحة الثانية من قرض الصندوق، مما أدى لتدبير قيم مماثلة من السوق المحلية. الأمر الآخر الذى سوف يكون محل انتقاد من صندوق النقد، هو ارتفاع معدل التضخم، الذى وصل معدله السنوى فى شهر مارس الماضى إلى 32,5% فى مستوى قياسى لم يصل إليه من قبل، وكان طلب الصندوق من حكومة شريف إسماعيل هو أن تعمل على احتواء هذا التضخم، وهو الأمر الذى تمت مناقشته خلال اجتماعات الربيع للبنك والصندوق بواشنطن منذ أسبوعين وشدد جهاد أزعور، رئيس قطاع الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، خلال تلك الاجتماعات مع الجانب المصرى على أهمية إبقاء الحكومة المصرية على معدلات عالية للفائدة فى البنوك لجذب السيولة بالسوق، وحتى يتمكن المصريون من أصحاب الودائع من مواجهة غول الأسعار التى تعجز الحكومة عن السيطرة عليه، وتترك المستهلكين وحدهم فى مواجهته، خاصة مع غياب آليات الرقابة على الأسواق، وهذا الطلب من الصندوق سيضع المالية فى مأزق كبير، لأن رفع سعر الفائدة سيؤدى إلى زيادة فائدة باقى الأدوات المالية المعروضة فى السوق سواء ودائع أو سندات أو قروض وغيرها، كما أنها ستؤثر على زيادة التكلفة السنوية للدين العام المحلى، إضافة إلى أنه سيزيد من عجز الموازنة، خاصة أن الدين الحكومى فى مشروع موازنة العام القادم يصل إلى نحو 3.1 تريليون جنيه، أو ما يعادل 97.1% من الناتج المحلى الإجمالى تقريبا. كذلك الأمر الذى تخشاه وزارة المالية من رفع سعر الفائدة على شهادات الإدخار، والذى وصل إلى 20٪ هو أن يتراجع الاستثمار الأجنبى فى أذون الخزانة، خاصة أن الأجانب تزداد استثماراتهم حاليا فى أذون الخزانة بسبب ما يرونه من سعر مناسب فى سعر الفائدة الحالية، علاوة على ما ستسببه من زيادة عجز الموازنة فى بند «خدمة الدين»، وإذا استجابت الحكومة لمطلب الصندوق سيكون مطلوبا، منها أن تكون لديها خطة سريعة لتعويض هذا العجز الناتج عن رفع سعر الفائدة فى الموازنة العامة للدولة، وقد يدفعها إلى مزيد من الاقتراض وهو السيناريو الأقرب تنفيذه، وقد ظهرت بوادره بإعلان وزارة المالية عن عزمها طرح سندات دولية جديدة بما يتراوح ما بين مليار ومليار ونصف دولار رغم أنها سبق وأعلنت عن تأجيل خطوة الطرح. المعضلة الأخرى التى ستواجه الحكومة هو مطالبة بعثة الصندوق بضرورة الإسراع فى تنفيذ إجراءاتها الإصلاحية تجاه الأمور التى لا تزال تثير قلق صندوق النقد الدولى تجاه مصر، التى يتمثل أهمها فى خفض دعم الطاقة خاصة المواد البترولية والكهرباء لتقليل عجز الموازنة، وقد تطالبها بمزيد من تحرير سعر الوقود من بنزين وسولار بدءًا من شهر يوليو المقبل مع بداية السنة المالية الجديدة، وهو القرار الذى تتردد الحكومة فى اتخاذه خوفا من إثارة الغضب الشعبى فى ظل حالة الغلاء السائدة، وتفضل التراجع عن ذلك مؤقتا لحين حدوث تحسن فى التضخم، وقد لفت مصدر إلى أن أحد نواب البرلمان تقدم باقتراح للحكومة بأن يباع البنزين بالسعر الحر لكل من يستخدم سيارة يزيد سعرها على مليون جنيه كحل مؤقت لحين التحرير الكامل الذى تعهدت به الحكومة فى برنامجها للصندوق وخوفا من تأجيل للشرائح المالية للقرض الذى يقدمه الصندوق. رغم أن عمرو الجارحى، وزير المالية، قد توقع الحصول على الحزء الثانى من الشريحة الأولى من القرض فى شهر يونيو المقبل، وتوقعت مصادر أن تكتفى الحكومة برفع سعر الكهرباء واستبعاد زيادة المحروقات.