· اجتماعات سرية لقيادات الحزب مع النواب المقربين تثير غضب كوادر الأقاليم · تعليمات بتواجد الوطني في الشارع تواجدًا حقيقيًا · .. وأوامر بالتنسيق مع المحليات لحل مشاكل الجماهير · دراسة ملفات رجال الأعمال قبل ترشيحهم بدون تزويق للعبارات.. الحزب الوطني يتعامل معنا علي أننا شعب قاصر لم يبلغ سن الرشد بعد. وبدون لف أو دوران الواقع يقول إن قياداته أعطوا الحق لأنفسهم في اختيار ممثلينا في البرلمان. وأنهم وحدهم القادرون علي رسم ملامح مستقبل هذا البلد.. باعتبار أن الاحزاب والقوي السياسية الأخري ليست سوي منابر أوجدتها الحكومة وحزبها لاكتساب الديكور الديمقراطي وأن «الوطني» وحده هو «سيد قراره» وإن لم يكن ذلك صحيحاً فلماذا اللغط المثار حالياً؟ سيتم حل مجلس الشعب؟.. لا، سيكمل المجلس دورته! دون استشارة الاحزاب أو استطلاع رأي الشارع وليس أعضاء الوطني فقط فالمناقشات التي جرت مؤخراً خلف كواليس الحزب تشير بقوة إلي أن الحزب هو المهيمن وحده علي الخريطة السياسية والانتخابية فهو الذي سرب أنباء حل المجلس وهو الذي أعطي الضوء الأخضر لإغلاق هذا الملف والابقاء علي المجلس لإكمال دورته، ففي أجواء اتسمت ملامحها بالغموض والسرية عقد قياديون بارزون في الحزب عدة اجتماعات متفرقة الاسبوع الماضي تذهب جميعاً إلي أن المجلس باق.. باق، وأن كل القوانين التي جري الحديث بشأنها والتي كانت ستقود للحل تم تأجيل مناقشتها للدورة القادمة وجاءت التوجهات الأخيرة بعد مناقشة عدة تقارير تفيد ضرورة أن يتواجد «الوطني» في الشارع تواجداً حقيقياً بعيداً عن «تستيف» العضويات، والمراهنة عليها ففي منتصف ليلة الخميس قبل الماضي استدعت الأمانة العامة للحزب عدداً من النواب البارزين في القاهرة وبعض أمناء الأقسام ليس كل النواب وليس كل الأمناء لعقد اجتماع سري وعاجل صباح الجمعة وبالفعل توافد النواب إلي مقر الحزب في الساعة الثامنة من صباح الجمعة، وبدأوا يتساءلون فيما بينهم عن هذا الاجتماع الغامض والمفاجيء وقد حضر هذا الاجتماع صفوت الشريف الأمين العام للحزب الذي بدأ بطمأنينة الحاضرين علي الأوضاع داخل البلد، وأن الرئيس مبارك سيمارس مهام عمله صباح السبت علي خلفية المصاب الأليم لأسرته ووفق مصادر نافذة ومؤثرة داخل الحزب جري التنبيه علي النواب بعدم الخوض في أية أحاديث عن حل المجلس فالمناقشات تناولت ضرورة التواجد المكثف في الشارع والاتصال المباشر من النواب بقيادات ومسئولي المحليات لحل بعض المشاكل الجماهيرية وتوسيع قاعدة العضوية بالحزب. الغريب أن الاجتماع اقتصر علي بعض النواب المقربين من زكريا عزمي وأحمد عز وصفوت الشريف وهو ما يفسر أن النية تتجه إيضاً إلي تغييرات واسعة بين المرشحين في الانتخابات التي ستجري في موعدها وأن العدد القليل من النواب الذين تم استدعاؤهم سيرشحون زملاءهم في دوائرهم بعد عمليات فرز من الحزب نفسه وكذلك فرض أشخاص آخرين وبعد أربعة أيام فقط، وبالتحديد مساء الثلاثاء الماضي وفي ظل تلك الأجواء تم استدعاء النواب مرة أخري لاجتماع آخر مع أحمد عز وبعض أمناء الاقسام جري فيه الحديث عن الاختيارات القادمة بعد إلغاء فكرة حل المجلس واتجهت النية في أن تكون من أصحاب الرؤي والفكر بالاضافة للعناصر الشبابية في إشارة واضحة لنزول أفراد «بالباراشوت» كمرشحين في دوائر ليس بها محل اقامتهم وينتمون لأمانة السياسات والمقربون من أمينها جمال مبارك. توجهات الحزب بعد إلغاء فكرة حل المجلس جاءت علي خلفية الغضب الشعبي من ممارسات بعض النواب وتورط البعض الآخر في قضايا فساد شغلت الرأي العام، وأن هناك ضرورة لمحاولة اختراق الدوائر بالعناصر المقربة من دوائر صناعة القرار داخل الحزب وانتشارهم شعبياً. وهذا يتطلب التواجد المكثف مع النواب الحاليين داخل تلك الدوائر. لكن في المقابل غاب عن تلك التوجهات أن فرض شخصيات بعينها داخل بعض الدوائر وخاصة الشعبية منها لا يجد قبولاً في صفوف الناخبين فيها، لعدم ارتباط هؤلاء بمشكلات الدوائر الانتخابية والمتطلبات الجماهيرية. بالعودة مرة أخري لقصة الإبقاء علي المجلس واستكمال دورته فقد تناولت تلك الاحتمالات الحديث عن القوي السياسية والحزبية الأخري، ومناقشة التقارير الواردة من أمانات الأقسام والوحدات الحزبية واستطلاعات الرأي لكنه أكثر ما يلفت النظر أن الاتصالات السرية التي أجراها أحمد عز أمين التنظيم مع بعض النواب أعطت مؤشراً واضحاً بأنهم الأقرب دون غيرهم لتمثيل الحزب في الدورة القادمة بالاضافة إلي أن المعلومات المتسربة عن الاجتماعات ساهمت في إحداث حالة من الغضب داخل بعض نواب الأقاليم بعد مناقشة ضعف أدائهم داخل دوائرهم وتجاهل البعض منهم لقيادات الحزب. كل ذلك جري في الوقت الذي تعد فيه جهات أمنية ورقابية، تقاريرها حول جميع المرشحين سواء من الوطني أو المعارضة والمستقلين لتقديمها إلي جهات الاختصاص في الدولة وخاصة أن الحزب يدرس ملفات بعض رجال الأعمال قبل ترشيحهم حتي لا يتكرر مسلسل الخسائر السياسية. لكن كل ذلك لم يمنع بعض المرشحين من استقطاب مرشدي الأمن في لقاءاتهم، والتضخيم من قوتهم لإثبات انهم الأقوي في تقارير الأمن التي ترصد التوجهات في الشارع الانتخابي. ورغم حالة الهوس التي اجتاحت الأوساط السياسية. فإن كل المؤشرات، جاءت مخيبة لآمال البعض ومريحة للبعض الآخر لاستكمال تواجدهم بين الناخبين والانتشار في دوائرهم.