دوى الصراخ بقوة في أرجاء قرية تقع على تبة خارج صنعاء، بعد أن فجر يوسف السلمي ( 10 سنوات) قنبلة كان قد عثر عليها في حقل، ظنا منه أنها لعبة. الصبي أصبح واحدا من بين المدنيين اليمنيين الذين راحوا ضحية ذخيرة لم تنفجر في الحرب الأهلية الدائرة بالبلاد، التي تقاتل فيها الحكومة المدعومة من الولاياتالمتحدة والسعودية، الحوثيين الشيعة المتمردين على النظام. أودى الصراع بحياة ما يزيد على تسعة آلاف شخص، وأجبر 2.4 مليون آخرين على النزوح ودمر الكثير من البنى التحتية المحدودة بالفعل في أفقر بلدان العالم العربي قاطبة. محادثات السلام التي دعمتها الأممالمتحدة واستضافتها الكويت، انهارت في وقت سابق هذا الشهر. وأعربت جماعات حقوق الإنسان ووكالات الأممالمتحدة عن مخاوفها من أنه حتى في حال انتهاء الحرب ستستمر معاناة البلاد مع موروث من الذخائر التي لم تنفجر، ومنها قنابل أسقطتها قوات التحالف الذي تقوده السعودية في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين وما حولها، وفي معقلهم- الحوثيين- في شمال البلاد. تقول تلك الجماعات الحقوقية، إن معظم الوفيات حتى الآن وقعت جراء الغارات الجوية التي يشنها التحالف سعودي القيادة، ملقية باللائمة على الولاياتالمتحدة وبريطانيا في إمداده بالأسلحة والدعم اللوجيستي. وقالت منظمة العفو الدولية "امنستي إنترناشنال" إن باحثيها عثروا على آلاف من الذخيرة التي لم تنفجر في شمال اليمن في أعقاب جولة استمرت 10 أيام في المنطقة في وقت سابق من العام الجاري. وقالت لمى فقيه، المستشارة بالمنظمة "حياة المدنيين ومصادر رزقهم ، ومنهم أطفال صغار، لا تزال على المحك في اليمن. لا يمكنهم العيش في أمان إلا بعد تحديد وتطهير المناطق (التي توجد بها تلك الذخيرة) حول منازلهم وحقولهم". تقول المنظمة إن ستة عشر مدنيا يمنيا بينهم تسعة أطفال، أصيبوا بجروح أو قتلوا جراء انفجار ذخائر عنقودية ما بين يوليو/ تموز 2015 وأبريل/ نيسان 2016. ينثر هذا النوع من الذخائر كرات صغيرة متفجرة عبر منطقة واسعة. كثيرا ما يتعثر الأطفال في اليمن وبؤر الصراع الأخرى بكرات صغيرة لم تنفجر أو يظنونها ألعابا، ما يسفر عن وقوع وفيات بعد انتهاء القتال بكثير. انفجار العشرين من يوليو / تموز الذي أسفر عن مقتل يوسف وإصابة فتى آخر يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما، وقع داخل قرية حصن فج عطان القريبة من قاعدة عسكرية تضم ترسانة أسلحة ضخمة. الغارات الجوية التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية على القاعدة تسببت في سلسلة من الانفجارات القوية في أبريل / نيسان 2015، وغطت الأفق فوق العاصمة التي يسيطر عليها المتمردون بدخان أسود كثيف ودمرت نوافذ المباني المرتفعة. العديد من المنازل المبنية بالطين في حصن فج عطان دفنت هي الاخرى تحت وابل من الحجارة والمتفجرات، وقتل أكثر من ثمانين جنديا وأصيب ما لا يقل عن اثني عشر مزارعا. ناصر السلمي والد يوسف قال إن المقاتلات الحربية جاءت واحدة تلو الأخرى وأمطرت مدخل القاعدة بالصواريخ والقنابل. مزارع آخر يدعى أحمد أصابته شظية صاروخ في رأسه تذكر كيف "تهدمت المنازل وصرخ الناس طلبا للمساعدة". المركز التنفيذي للتعامل مع الالغام في اليمن والذي يعاني من نقص المعدات بدأ اعمال إزالة الالغام الاسبوع في أبريل / نيسان الماضي في مدن صعدة وحجة شمالي البلاد، لكنه اضطر للتوقف بعد مقتل ثلاثة من موظفيه في انفجار، حسبما أفادت منظمة العفو الدولية. نحو أربعين شاحنة أرسلت لنزح وازالة المتفجرات من داخل منطقة حصن فج عطان ومحيطها في وقت سابق هذا العام. وقال أحمد علوي منسق الأممالمتحدة لإزالة الألغام في اليمن، للأسوشيتد برس إن نحو 7800 قطعة من الذخائر التي لم تنفجر تم جمعها من المنطقة التي تضم قرية يوسف. كاسحات الألغام لم تتنبه لتلك الكرة المعدنية الصغيرة التي التقطها يوسف ثم حاول تحطيمها بحجر فيما كان رفاقه يراقبون. عاش الفتى خمسة أيام لكن الاطباء لم يتمكنوا من إنقاذ حياته.