«المواطنة».. كلمة يطنطن بها الجميع ولا يطبقها أحد! والمواطنة ليست مجرد حزمة من النصوص والقوانين ترتب العلاقات المتبادلة بين الفرد والدولة أو ما يسمي بالحقوق والواجبات ولكنها في الاصل أداة لبناء مواطن قادر علي العيش بسلام علي أساس المساواة وتكافؤ الفرص بعدالة تامة بهدف يتفق عليه الجميع هو المساهمة في بناء وتنمية الوطن والحفاظ علي مصالحه العليا.. ومن ذلك يكون أهم من النصوص والقوانين وعي الفرد الانسان بأنه مواطن أصيل في بلده، مشارك في صنع القرارات داخل هذا البلد.. فالوعي بالمواطنة يعتبر نقطة البداية في تشكيل نظرة الفرد إلي بلده وشركائه في صفة المواطنة.أي أن المواطنة هي عضوية كاملة ومتساوية في المجتمع لجميع من يعيش فوق تراب الوطن.. سواسية بدون أدني تمييز علي أي معايير مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوي الاقتصادي، أو حتي الانتماء السياسي والفكري في أزمة انفلونزا الخنازير بدأت الحكومة من آخر الطريق باتخاذ قرار تصفية كل مزارع الخنازير بإعدامها.. لم تفكر لحظة في إمكانية تنفيذ هذا القرار أو تداعياته وآثارة علي قطاع من الشعب المفروض أنه يتمتع بحقوق المواطنة - ناهيك عن التفكير في جدوي هذا القرار أصلا - القطاع المضار من هذا القرار لا أقصد به جماعة من الأقباط يروج أنهم فقط المضارون، فغير دقيق بالمرة اعتبار كل جامعي القمامة في مصر أو حتي أغلبهم مسيحيون.. فالمسلم والمسيحي يعملون في جمع القمامة ولكن المقصود بالقطاع المضار هو شريحة من أفقر طبقات المجتمع المصري منهم المسيحي والمسلم ولكنهم أيضا يتمتعون بصفة المواطنة - نظريا علي الأقل - وبالتالي كان يجب علي الحكومة أولا أن تعمل علي إشراكهم في القرار لإيجاد حلول بديلة لهم للعيش بكرامة وثانيا وهو الأهم ألا تنجرف في اعتبار أن الموضوع موجه إلي مسيحيين وتكتفي بالحصول علي صك شرعية من البابا شنودة يسمح للحكومة بمثل هذا التصرف الأهوج، والمتابع يرصد وكأن الحكومة - بعد هذا الصك البابوي - تتعامل بشماتة مع أصحاب مزارع الخنازير وجامعي القمامة وصل لدرجة ما قيل عن إذاعة التليفزيون الفرنسي شريطا يوضح أن جنود الأمن المركزي القوا «بالانجيل» علي الأرض وأهانوه في حملتهم العنترية ضد الخنازير! لو صحت هذه الواقعة لوجب محاسبة أعلي مسئول في الوزارة، لأن هذا لعب بالنار وهزل في مقام الجد أما إخواننا الأقباط أو نشطاء حقوق الأقباط - إن جازت التسمية - وأغلبهم يعملون من خارج الوطن فهم أيضا لم يطبقوا أي مباديء للمواطنة التي ينادون بها، بل سارعوا بتصيد الخطأ الحكومي الفج ليقيموا الدنيا وكأن مصر تشهد حربا طائفية يديرها المسلمون ضد الأقباط والمسرح هو «مزرعة الخنازير»!.. لم يراعوا أن للوطن حقوقا والمصلحة العليا كانت تقتضي أن نتروي في دراسة الموقف واختيار ما يتناسب مع حجم المشكلة ومصالح أفراد هذا الوطن.. أليست هذه هي مفاهيم المواطنة؟ الموقف غير المسئول من بعض أقباط الخارج ومريديهم في الداخل قابله «نزق» أكثر جنونا من بعض المتأسلمين بل ومن داخل النظام الحاكم أيضا باتهام هؤلاء الأقباط بالخيانة واستعداء الخارج علي الوطن الأم وهو اتهام خطير يدخل من ينتقد تصرفا حكوميا في باب العمالة وخطورة هذه الاتهامات أنها لا تطول الأقباط فقط ولكن يمتد أثرها إلي العديد من منتقدي تصرفات هذه الحكومة التي تبدو وكأنها تعيش في «رووف» أعلي بناية الوطن، وكلما كان المواطن أسفل درجات السلم الاجتماعي كان بعيدا عن عين الحكومة ورعايتها.. وطبعا جامعو القمامة ومزارع الخنازير في أسفل هذا السلم ولا يشفع لهم ما تردده الحكومة عن المواطنة وخلافه.. يجب أن تكون حكومتنا تحت السلم «الاجتماعي» حتي تبدأ أولوياتها من أسفل طبقات المجتمع فهؤلاء هم الفئات المهمشة التي تعاني من كل القرارات وتدفع ثمن كل الاخطاء، وهو ما يفسر معاناة المجتمع بعمومه من أزمة ثقة، فأي مجتمع لا يثق اعضاؤه في رجال الدين وأجهزة الدولة والنظام الحاكم والاحزاب والحركات السياسة.. لابد أن ينسحب اعضاؤه من الحياة العامة ويلتفتون فقط إلي كيفية الحصول علي مقتضيات الحياة الاساسية من بين فضلات حكومة «الرووف» وما جاورها من سكان الطبقات العليا في بناية المجتمع.. وهذا هو حال المجتمع المصري. .حروف الكلمات: واحد غبي جدا عرف بوجود فأر في منزله.. فحرق المنزل للتخلص من الفأر SAR [email protected]