أصدرت محكمة الصلح السابعة التركية، قرارا باعتقال جان دوندار، رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت"، وآردم جول، مدير مكتب الصحيفة العلمانية بأنقرة، بعد نشرهما تسجيلات مصورة تكشف شحنات أسلحة محملة على شاحنات تابعة لجهاز المخابرات التركية أثناء توجهها إلى سوريا لتسليمها لأعضاء تنظيم داعش الإرهابي الذي يحارب نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتم إرسال دوندار وجول إلى سجن "سيفري" الليلة الماضية بعد انتهاء التحقيقات معهما بمحكمة الصلح والجزاء السابعة في مدينة إسطنبول بشمال غربي البلاد. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعهد بمعاقبة رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت" لنشرها مقطع فيديو يظهر مساعدة جهاز المخابرات التركي لمجموعات راديكالية مسلحة عن طريق إرسال أسلحة إلى سوريا، وأكد خلال مقابلة خاصة لهيئة الإذاعة والتليفزيون التركية الحكومية (تي.آر.تي) قائلا "لن أدع الأمر يمر، وسيدفع المذنبون ثمنا غاليا"، بحسب قوله. وأشار إلى أن هذه "المزاعم ضد جهاز المخابرات التركي غير مشروعة لأنها تمثل شكلا من أشكال أنشطة التجسس ضد الدولة، والصحيفة متورطة في هذا التجسس"، بحسب قوله، مؤكدا أنه أمر محاميه برفع دعوى قضائية. وبالفعل، فتح مكتب المدعي العام بإسطنبول تحقيقا بحق رئيس تحرير صحيفة "جمهوريت" ومندوب الصحيفة الداعمة لحزب الشعب الجمهوري الكمالي المعارض في أنقرة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. ومن جانبه.. انتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قرار اعتقال دوندار وجول، مضيفا أنه "لا يمكن القول إن القضاء التركي مستقل أو أن هناك حرية صحافة في تركيا بعد إصدار المحكمة قرارا باعتقال من نشر الخبر، وليس الشخص المتورط في ارتكاب هذه الجريمة". وكانت جمعية "مراسلون بلا حدود" قد أصدرت تقريرا حول حرية الصحافة بعنوان "مؤشر حرية الصحافة في عام 2015" صنفت فيه تركيا في المرتبة 149 من بين 180 دولة في حرية الصحافة، مؤكدة أن تركيا تراجعت في ترتيبها بين الدول من حيث حرية تداول الأخبار والرقابة الإلكترونية وقوانين حظر تداول الأخبار. وأضاف التقرير أن تركيا جاءت في المرتبة 149 بزيادة 1.71 نقطة بعد أن كانت في المرتبة 154 في تقرير مؤشر حرية الصحافة حول العالم مقارنة بالعام الماضي، وما زالت تركيا تسجل تراجعا في عدة مجالات بخصوص حرية الصحافة. وهاجمت صحيفة "جمهوريت" اليوم الجمعة، تحت عنوان "يوم أسود للصحافة"، قرار اعتقال رئيس تحريرها، مؤكدة أن هذا الاعتقال هو "استمرار لممارسات الضغط والقمع التي تمارسها حكومة العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية أردوغان على وسائل الإعلام المستقلة التي تنشر الحقائق ولا تخفي أي شئ"، وأضافت أن الرئيس أردوغان "توعد مسبقا الصحفيين دوندار وجول، إلا أنه انتظر انتهاء نتيجة الانتخابات النيابية المبكرة لتحريك الأمر وإصدار قرار الاعتقال". وتضامنت صحف علمانية أخرى مع صحيفة جمهوريت، حيث أكدت صحف "يورت"، و"سوزجو"، و"آيدنلك" أن القرار سيشوه سمعة تركيا في الأوساط الدولية مجددا، وخاصة قبيل قمة الاتحاد الأوروبي يوم الأحد القادم والمتوقع خلاله إعلان فتح فصلين لمفاوضات الانضمام بعد انقطاع طويل، مشيرة إلى أن سجل حكومة العدالة والتنمية "غير مشرف" في حرية الصحافة واستقلالية القضاء وحرية التعبير.