منذ اللحظة الأولى التى توجهت فيها إلى شركة السياحة لإصدار تذكرة السفر، والحسد لم يتوقف.. بداية من الموظفة السورية التى أصدرت التذكرة، مرورا بالمضيفة الأرضية الأيرلندية بمطار دبى التى منحتنى بطاقة الصعود إلى الطائرة، وحتى ذلك الصديق «النقاق» الذى اتصل بى من القاهرة بمجرد أن دخلت غرفتى بالفندق فور وصولى إلى العاصمة «بورت لويس»، ولم يكن صاحبنا يعلم أننى سافرت إلى موريشيوس لحضور اجتماعات كونجرس الفيفا، فأمطرنى بوابل «نقه» أو «نئه».. وسواء كان بالهمزة أو بالقاف، فتأثيره وصلنى، وبركته حلت على. وبصراحة لزوجتى أيضا كل الحق لأن تشك هى الأخرى.. فكونجرس إيه الذى سيقام فى موريشيوس، وهى الجزيرة التى لا يسمع بها الناس سوى فى العروض السياحية لشركات الطيران.. لذلك وجدت سؤالها منطقيا عندما رمته فى وجهى وهى تعد لى حقيبة السفر متهكمة قائلة: «وطبعا حتاخد المايوه معاك!» والله يرحمك يا «ملوانى».. فعلا هو ده الاجتماع إللى «بيقلعولوه»! والحمد لله أننى لم أقع فى مشكلة زوجية، لأن زوجتى أصبحت تفهم بلاتر جيدا ودوافعه مثلما أتفهمه أنا، فمازالت تتذكر أن الفيفا نظم كونجرس 2009 فى جزر الباهامز.. وعلى ما يبدو أن الرجل كل أربع سنوات ينظم «كونجرس ترفيهى» يغير فيه أعضاء الاتحادات الوطنية «الجو».. ويكون تمهيدا للانتخابات الرئاسية المقبلة، والتى أصبحت تجرى دائما فى السنة التالية لعام كأس العالم مباشرة.. وبالتالى لم يعد هناك مجال ل«الفسحة» سوى فى السنة التى تسبق كأس العالم! ففى 2005 كان كونجرس الفيفا فى مراكش، وقتها قضت وفود الاتحادات الوطنية ليالى لا تنسى فى صحراء المغرب، علما بأن الفيفا حينها هو من تولى التنظيم بالكامل، وانزعج المغاربة حينها لأنهم فازوا بالصيت دون الغنى.. حتى إن الفيفا استورد من دول أوروبا كل لوازم حفل العشاء الرئيسى المقام على شرف الوفود، بما فى ذلك شحنة طماطم تكلفت 15 ألف يورو قدمت إلى مراكش من سويسرا.. وكانت صناديقها لا تزال تحمل اسم بلد المنشأ: «منتوج من المغرب»! وفى 2009 كان كونجرس الفيفا فى الباهامز، وفيه قضى المحظوظون من أعضاء وفود الاتحادات الوطنية الذين أسعدهم الحظ وحضروه، كل أيامهم ولياليهم فى فندق أتلانتس الفخم الشهير الذى استقطع مساحة أرضه وشواطئه من أفضل بقعة بالعاصمة «ناسو».. فكانت رحلة الوفود من من المطار إلى الفندق، ثم من الفندق إلى المطار.. وما بين المشوارين.. لعب وجد وحب..!.. الجد كان فى قاعة الكونجرس، واللعب طبعا كان فى كازينو أتلانتس.. وهو أكبر صالة قمار فى جزر الكاريبى.. ومن سوء حظ السادة أعضاء الوفود أن الكازينو كان يقع بين مبنى إقامة الوفود وقاعة اجتماعات الكونجرس، وللعبور المختصر من مبنى الإقامة إلى القاعة وبالعكس عليك اجتياز الكازينو فتدخل من باب وتخرج من آخر.. وأقول من سوء حظ الأعضاء لأن بعضهم ممن ليس لهم فى اللعب، مثل بعضا من «جماعتنا»، فكانوا يعبرون مسرعين مرددين: «أستغفر الله العظيم».. أما من لهم فى اللعب، فقد خسروا المبالغ التى حصلوا عليها كبدل سفر، سواء من اتحاداتهم أو من الفيفا.. بعضهم أنفقوها عن آخر «سنت».. بل منهم من استدان للعب من جديد أملا فى استرداد ما خسر.. فما كان منهم فى آخر الأمر، إلا أن وقفوا على باب الكازينو مرددين: «..الله يخرب بيتك يا بلاتر..!». يا ترى يا بلاتر يا جميل.. «مخبى» لنا إيه هذه المرة فى «نزهة» كونجرس موريشيوس 2013..؟!