ينظر المصريون الى لاعب كرة القدم محمد ابوتريكه بعد انتقاله الى نادي بني ياس من زاوية تكاد تكون مختلفة عن نظرائه من الرياضيين الذين احترفوا الرياضة خارج الحدود ، واضيف الى ذلك انهم يتمنون منه تقديم شكل ومضمون مختلف يزيل آثار ما علق بالاذهان من تجربتي شيكابالا فى الوصل ومحمد زيدان فى بني ياس رغم الفوارق بينهما ، وفي ظني ان ابوتريكه جاء الى ابوظبي يحمل على عاتقه مسؤولية تتجاوز حدوده كلاعب ورياضي مميز يتمتع بمواصفات فنية واخلاقية جعلته الابرز عربيا خلال العقد الماضي. الظروف الدقيقة التى تمر بها المنطقة العربية وحساسية العلاقات التى تجمع مصر مع بعض الدول العربية الشقيقة وعلى وجه التحديد مع دولة الامارات العربية المتحدة ، وضعت صفقة رياضية بحجم ابوتريكه تحت المنظار وفى بؤرة الاهتمام ، واكاد اجزم انه فى هذه المرحلة الدقيقة لا يمثل ابوتريكه الكرة المصرية او حتى الرياضة المصرية بمعناها الاوسع ، بل يمثل وطنه باعتباره سفيرا لاينتمي للدبلوماسية بشكلها التقليدي ، بل سفيرا شعبيا بأمكانه العمل على ازالة ما التبس على البعض من سوء فهم ادي الى ما يشبه الوعكه ، وليس سرا ان ابوتريكه الذي رفض عروضا كثيرة مجزية القيمة للعب فى دوريات عربية شهيرة ، تغير موقفه وتمسك بحقه فى المشاركة بالدوري الاماراتي وقدم تضحيات من اجل تحقيق هذه الرغبة ومن بينها تجديد التعاقد مع النادي الاهلي متنازلا عن نصف القيمة المادية ليسجل هدفين لهما مغزى ، الاول معاونة الاهلي فى ضائقته المالية والثاني خوض تجربة الاحتراف خارج بلده لاول مرة فى حياته وربما تكون الوحيدة فى ظل تقدمه فى العمر. وفى القاهره ننظر الى مشاركة هذا النجم فى دوري المحترفين الاماراتي بشكل مختلف ، فهو لا يمثل نفسه بل يحمل على عاتقه عبء تقديم صورة مميزة للرياضي من كافة الوجوه ، وهنا اتذكر اللقاء الشهير فى دبي عام 2008 عندما تم تكريم منتخب مصر فى احتفالية كبيرة بعد 48 ساعة من تتويجه بطلا لأفريقيا فى انجولا والحفاوة التى قوبل بها ابوتريكه من قيادات دبي على خلفية ارتداءه قميص يحمل شعار انقذوا غزة خلال تلك البطولة ، وترك هذا السلوك الذي ينم عن حس وطني بالغ الصدق انطباعا رائعا يتذكره كل من شارك فى اللقاء الذي جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مع اعضاء الفريق المصري فى ذلك اليوم ، وبعدها بدقائق قلت لأبوتريكه : اشكرك فقد كنت واجهة مشرفة لنا جميعا. لا ابالغ فى تقدير قيمة وحجم انتقال هذا النجم الى بني ياس ، لكني اظن انه يحمل فى ضميره وقلبه الكثير من مشاعر المحبة وذخيرة ضخمة من الوازع الديني والاحساس الصادق بالدور الذي يؤديه كسفير شعبي لدى بلد شقيق تربطه بمصر علاقات عميقة لن تؤثر عليها شوائب زائلة ، واتصور ان تواجده فى الامارات يهم الجالية المصرية بكل معاني الكلمة ليعيد اليهم بعض الثقة ، التى اهتزت مؤخرا بسبب مايحدث فى وطنهم الام ، ولا ننسى ان ابوتريكه لعب دورا لخدمة المجتمع يتجاوز مهمته كلاعب كرة قدم ، وساهم فى ترسيخ الوفاء والمشاركة مع المكلومين من ضحايا الحادث المؤلم الذي وقع فى ستاد بورسعيد قبل عام ، ولم يكن عطاؤه مقرونا بالضجيج الاعلامي بل قدمه فى صمت المؤمن بقضية دون تظاهر او ادعاء . خلال ساعات يبدأ ابوتريكه مهمته مع نادي بني ياس فى الدوري الاماراتي ، انه وجه جديد للتمثيل المصري المشرف بارك الله له.