أسبانيا.. منتخب أمتع ويمتع العالم خلال السنوات الماضية والحالية ويعتقد أن هذا الإمتاع سيستمر لسنوات أخرى قادمة, والإمتاع هنا ليس في إمكانيات لاعبين يعترف جميع عشاق ومحبي ومتابعي كرة القدم بأنهم من أفضل الأجيال التي جاءت في تاريخ الكرة الأسبانية بصفة خاصة والعالمية بصفة عامة, وإنما الإمتاع يكمن في كيفية الانتشار اللاعبين على أرضية الميدان ومدى الانسجام الواضح بين اللاعبين , بالإضافة إلى طريقة الاستحواذ التي أبهرت العالم, والتي جعلت كل المنافسين ينحنون أمام "التيكى تاكا" الإسبانية. ولكن تبقى ملاحظة يعتقد أنها غائبة عن العديد من المتابعين لكرة القدم وهى أن النجاحات التي لا يمكن وصفها إلا بأنها إعجازية بكل المقاييس لم تكن وليد الصدفة أو وليدة المدرب الحالى فيسنتى ديل بوسكى والذي لا يختلف أحد على قدراته التدريبية الفائقة والتي أظهرها بوضوح مع الأندية التي تولى مسئوليتها وعلى رأسها ريال مدريد أو مع منتخب "لاروخا" والذي تولى مسئوليته بدء من 2008 وفاز معه بكاس العالم 2010 للمرة الأولى في تاريخ أسبانيا وأخيرا "يورو 2012" للمرة الثالثة في التاريخ, ولكنها جاءت نتيجة عاملين أساسيين يرى البعض أنها السبب فيما وصل إليه الأسبان من تحقيق المعادلة الصعبة وهى الجمع بين الأداء الممتع والنتائج المبهرة, وهذين العاملين هما المدرب المضخرم السابق للماتادور لويس أراجونيس ونادى برشلونة وأكادميته "لاماسيا". * أراجونيس.. وحكاية مدرب نزع فتيل التوتر بين الريال والبرسا تجدر الإشارة إلى أن أسبانيا قبل حقبة لويس أراجونيس لم تحقق انجازات كبرى تذكر سوى لقب بطولة الأمم الأوروبية عام 1964 والتي أقيمت في أسبانيا وذلك على يد المدرب خوسيه فيالونجا, حيث أنه منذ ذلك التاريخ لم تحقق أسبانيا أي إنجاز يذكر, سوى وصافة أمم أوروبا عام 1984 أمام فرنسا. بدأت حقبة أراجونيس عام 2004 وبالتحديد عقب "يورو 2004" والتي أقيمت في البرتغال حيث خرج الأسبان من الدور الأول من البطولة على يد المدرب إناكي سايز حيث أقاله الإتحاد الأسباني بعد البطولة بأسابيع، وقرر تعيين لويس أراجونيس ليبدأ رحلة بناء الفريق الأسطوري. وعلى الرغم من أن أول مشاركة رسمية لأراجونيس كانت غير مبشرة حيث خرج من كأس العام 2006 بألمانيا من الدور ثمن النهائي أمام فرنسا بنتيجة ثلاثة أهداف لهدف, إلا أن الإتحاد الأسباني قرر الإبقاء على اراجونيس إيمانا منه بأن مشروع المدرب العجوز سيؤتى بثماره خلال الفترات اللاحقة. ويبدو أن قرار الإتحاد الأسباني كان محقا إذ أن اراجونيس قاد أسبانيا إلى الفوز ببطولة "يورو 2008" والتي نظمتها سويسرا والنمسا وذلك على حساب ألمانيا في النهائى بهدف فيرناندو توريس, حيث أن هذا الإنجاز جاء دون أن يخسر أي مباراة حيث كان آخر فريق حقق ذلك ألمانيا في بطولة أوروبا 1996,وبعد أن وصل إلى 12 هدف سجل منها ديفيد فيا أربعة أهداف ل يتوج بهداف اليورو، كما حصل أن تشافي لاعب البرسا حصل على جائزة أفضل لاعب في البطولة بكل جدارة واستحقاق., كما أنه جاء بعد أن وجهت الصحافة الأسبانية انتقادات عنيفة لأراجونيس قبل البطولة على خلفية عدم استدعائه لراؤول جونزاليس هداف المنتخب حينها, وتمسكه بالاعتماد على الثنائي دافيد فيا وفيرناندو توريس. يجب أيضا عدم نسيان أن أحد أهم أسباب فشل الماتادور في تحقيق الألقاب قبل "يورو 2008" كانت المنافسة الشرسة بين قطبي الكرة الأسبانية ريال مدريد وبرشلونة حيث أن الحرب الكروية والخلافات العنيفة بينهما والتي لا داعى الأن للخوض في أسبابها التاريخية أثرت على بشكل كبير للغاية على مشاركات الأسبان في المحافل الدولية على مدار العقود الماضية , لكن اراجونيس أستطاع احتواء هذه الخلافات بحيث وحد لاعبي الريال والبرسا تحت راية واحدة وهى راية العلم الأسباني. * برشلونة.. وحكاية طريقة لعب طبقتها أسبانيا عندما يشار إلى نجاح اراجونيس في توحيد لاعبي الريال والبرسا فإن هذا الأمر أفاد الكرة الأسبانية بشكل ملفت حيث أنها نجحت في الاستفادة من المواهب التي تقدمها أكاديمية برشلونة "لاماسيا" فضلا عن الاستفادة من طريقة لعب برشلونة والتي أصبحت مطابقة لطريقة لعب منتخب "لاروخا". وبإلقاء نظرة على تشكيلة أسبانيا في عهدي اراجونيس وديل بوسكى نجد أن السمة الغالبة على هذه التشكيلة هي أن معظم اللاعبين خصوصا في التشكيلة الأساسية نجد أنهم من فريق برشلونة, فبالنظر إلى خط الدفاع نجد قلبى دفاع برشلونة جيرارد بيكيه وكارلوس بويول (الغائب عن اليورو الأخيرة بسبب الإصابة) أما وسط الملعب وهو قوة أسبانيا الحقيقية يلاحظ وجود الرباعي الخطير لبرشلونة بوسكيتس وتشافى وانيستا وفابريحاس, وفى الهجوم نجد مهاجم البرسا دافيد فيا هداف ٍاسبانيا التاريخي برصيد 51 هدف (الغائب عن اليورو الأخيرة بسبب الإصابة) بالإضافة إلى الفذ بيدرو رودريجيز. ومن ثم فإن القول بأن أكاديمية برشلونة "لاماسيا" كانت أحد أهم الأسباب الرئيسية فيما وصل إليه الأسبان من إنجازات وأرقام قياسية هو قول إلى حد كبير صحيح حيث أن تواجد هؤلاء اللاعبين في تشكيلة أسبانيا جعلتهم ينقلوا طريقة لعب البرسا (والتي كان عرابها بيب جوارديولا مدرب البرسا سابقا) بكل حذافيرها إلى منتخب الماتادور, فضلا عن أن الانسجام بين لاعبى البرسا المتواجدين نفى تشكيلة الأسبان ساهم أيضا في هذه الإنجازات. - ويبقى السؤال, من يستطيع إيقاف الزحف الأسباني خلال الفترة المقبلة؟, وهل تنطبق مقولة الفريق الذي لا يقهر على أسبانيا؟, يرى الكثيرين أن هذا السؤال ستكون الأيام والشهر المقبلة كفيلة بالإجابة عليه.