القائمة النهائية للمرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 في الإسكندرية    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    البابا تواضروس يفتتح المؤتمر العالمي السادس للإيمان والنظام في وادي النطرون    جامعة القاهرة: إقبال كثيف من الطلاب على ندوة الداعية مصطفى حسنى.. صور    «النيابة الإدارية» تشرف على انتخابات «الزهور» بالتصويت الإلكتروني    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025    بنهاية 2026.. "جى بى مورجان" ترفع توقعاتها لأسعار الذهب لأكثر من 5 آلاف دولار للأوقية    التنمية المحلية توجه بزيادة لجان البت لطلبات التصالح وسرعة إنهاء الملفات    وزير الصناعة يرحب بالمستثمرين الأجانب ويؤكد: مصر تمتلك كل المقومات لتكون مركزا إقليميا لصناعة السيارات    أسعار حديد التسليح اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025    لليوم الثاني .. «المالية» تواصل صرف مرتبات العاملين بالدولة لشهر أكتوبر 2025    أونروا: يجب أن توقف إسرائيل عمليات الضم المتزايدة في الضفة الغربية    بعد تلميحه بعمل بري.. رئيس فنزويلا يتحدى ترامب: أنا الشعب    بريطانيا تدعو لتشديد الإجراءات ضد روسيا مع زيارة زيلينسكي إلى لندن    جيش الاحتلال يوصى المستوى السياسي بعدم عودة السكان الفلسطينيين إلى المنطقة العازلة    موعد مباراة الأهلى أمام إيجل نوار البوروندى فى دورى أبطال أفريقيا    تعرف على موعد مباراتى بيراميدز والتأمين الإثيوبى فى دورى أبطال أفريقيا    قبل مواجهة إيجل البوروندي.. توروب يعالج الثغرات الدفاعية للأهلي    حملات مكثفة لرفع إشغالات المقاهي والكافيهات بشارع جزيرة العرب بالمهندسين    ضبط ربع طن دواجن فاسدة داخل محل بعزبة رستم في شبرا الخيمة    مصرع سيدة وابنتها وإصابة زوجها في حريق ورشة تصليح سيارات بالعجوزة    إحباط تهريب هواتف محمولة ومستحضرات تجميل في مطار الإسكندرية الدولي    مي فاروق تنير الدورة 33 لمهرجان الموسيقى العربية.. اليوم    عمرو دياب يتألق في أجمل ليالي الجونة.. والنجوم يغنون معه "بابا" و"خطفوني"    أشهرها كرسى الاحتفالات بالملك.. 500 قطعة من مكتشفات مقبرة توت عنخ آمون تزين المتحف المصرى الكبير    «ديمية السباع».. حين تتحدث حجارة الفيوم بلغة الإغريق والرومان    هل تم دعوة محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يحسم الجدل    الأزهر يجيب.. ما حكم صلاة المرأة بالبنطلون ؟    رئيس الرعاية الصحية ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بالشرق الأوسط لعام 2025    فرق سلامة المرضى تواصل جولاتها الميدانية داخل الوحدات الصحية ببني سويف    فتوى اليوم | فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    آداب وسنن يوم الجمعة.. يوم الطهر والنور والعبادة    الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين: نجاح الجهود المصرية في تثبيت وقف إطلاق النار يُمثل إنجازًا كبيرًا    التوبة لا تغلق.. عالم أزهري يوضح رسالة ربانية في أول آية في القرآن    آخر فرصة للتقديم لوظائف بشركة في السويس برواتب تصل ل 17 ألف جنيه    مصطفى البرغوثي: الموقف المصري أفشل أخطر مؤامرة ضد الشعب الفلسطيني    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر 2025.. تعرف على تفاصيل تغيير الساعة وخطوات ضبطها    تعرف على الحالة المرورية اليوم    ارتفاع جديد في سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    فردوس عبدالحميد: كنت خجولة طول عمري والقدر قادني لدخول عالم التمثيل    تعطيل الدراسة أسبوعًا في 38 مدرسة بكفر الشيخ للاحتفال مولد إبراهيم الدسوقي (تفاصيل)    «مبحبش أشوف الكبير يستدرج للحتة دي».. شريف إكرامي يفاجئ مسؤولي الأهلي برسائل خاصة    الأمن يفحص فيديو تعدي سائق نقل ذكي على فتاة التجمع    نوفمبر الحاسم في الضبعة النووية.. تركيب قلب المفاعل الأول يفتح باب مصر لعصر الطاقة النظيفة    فتاة تتناول 40 حبة دواء للتخلص من حياتها بسبب فسخ خطوبتها بالسلام    دوي صفارات الإنذار في تجمعات سكنية قرب غزة.. وبيان عاجل من الجيش الإسرائيلي    «مش بيكشفوا أوراقهم بسهولة».. رجال 5 أبراج بيميلوا للغموض والكتمان    التجربة المغربية الأولى.. زياش إلى الوداد    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة لأسرتك    نصائح أسرية للتعامل مع الطفل مريض السكر    نجم غزل المحلة السابق يشيد ب علاء عبدالعال: «أضاف قوة مميزة في الدوري»    مجلس الوزراء اللبناني يقر اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص    مدرب بيراميدز يتغنى بحسام حسن ويرشح 3 نجوم للاحتراف في أوروبا    محمد كساب: ستاد المصري الجديد تحفة معمارية تليق ببورسعيد    راقب وزنك ونام كويس.. 7 نصائح لمرضى الغدة الدرقية للحفاظ على صحتهم    النيابة تكشف مفاجأة في قضية مرشح النواب بالفيوم: صدر بحقه حكم نهائي بالحبس 4 سنوات في واقعة مماثلة    الشيخ خالد الجندي: الطعن فى السنة النبوية طعن في وحي الله لنبيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توجهات رسمية وإحباطات شعبية
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 08 - 2009

هل يصح القول إن الأحداث التى تمر بالمنطقة لم تعد تثير اهتماما خاصا فى الدول العربية مهما كانت تطوراتها، وأن الحديث عن السياسة الأمريكية والممارسات الإسرائيلية، ومكامن الفرقة العربية، وأهداف الدور الإيرانى، ومسار التحالفات القلقة بالمنطقة، أصبح حديثا مكررا لم يعد يضيف جديدا على الساحة. وأن الأحداث المستجدة على خطورتها لم تعد تمثل عنصرا ضاغطا لتغيير المشهد العربى الساكن، أو دافعا لتحريك شعرة فى تفاعلات السياسة العربية؟
وهل يعتبر من قبيل الحقيقة القول بأن الشعوب العربية قد لحقت بحكوماتها فى الانكفاء على مشكلاتها الداخلية وفقد الاهتمام بما يتم خارج حدودها بحيث لم يعد يستثير غضبها، أو يستوجب رد فعلها ما يجرى من محاولات لتجزئة المنطقة، وترتيب الأوضاع على ساحتها على حساب المصالح العربية، واستبدال التهديد الإسرائيلى بالإيرانى أو حساب إسرائيل ضمن معسكر الاعتدال العربى، أو تصاعد احتمالات توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، أو وضع المنطقة تحت مظلة دفاعية أمريكية، تحت ذريعة حمايتها من التهديد النووى الإيرانى، فى إطار خطة سلام أمريكية يتوازى فيها إعلان تجميد مؤقت للمستوطنات الإسرائيلية مع التزام عربى بإجراء تطبيع فعلى مع إسرائيل فى مجالات حيوية بالنسبة لأمنها ومصالحها.
ولعل ما يستلفت النظر، ويثير القلق فى هذه الشأن أن هذه التطورات تتم فى ظروف سياسية معقدة ووسط تفاعلات داخلية وخارجية تظهر مفاعيلها فى المعطيات التالية:
أولا: أن التطورات الخطيرة التى تحيط القضايا العربية فى المنطقة لم تستطع أن تصل إلى قلب هذه القضايا أو أن تؤثر فى مواقف أطرافها الرئيسية، فضلا عن أن فشل السياسة الأمريكية تجاه بعض هذه القضايا لم يؤد بالضرورة لنجاح السياسات المعارضة لها. ولذلك تبدو هذه القضايا وكأنها «مشتعلة» بتأثير العوامل الخارجية المتغيرة، «وساكنة» بعناصرها الداخلية الثابتة.
ثانيا: إن ممارسات التقسيم والتجزئة التى تجرى فى المنطقة قد تخطت مرحلة النوايا وصارت تطرح أمرا واقعا على الأرض العربية. وإذا كان حلم التقسيم وتفتيت الكيانات العربية الكبرى يمثل هدفا مستمرا للقوى الدولية من حيث المبدأ، إلا أن أخطاء وخطايا بعض السياسات المحلية كثيرا ما تلعب الدور الرئيس فى الانقسامات الداخلية والحروب الأهلية. فضلا عن طموح بعض القوى الطائفية والعرقية الراغبة فى الانفصال عن وطنها الأم وإقامة كيانات مستقلة مهما كان افتقادها لمقوماتها. ومع ذلك فإن السياسات العربية مازالت تغض النظر عن خطورتها، وتتجاهل وجودها طالما أنها لم تطرق أبوابها، بل إن بعض هذه السياسات قد تلجأ أحيانا إلى محاولة استثمارها السياسى والإعلامى لتحقيق أهدافها الذاتية.
ثالثا: إن المواقف الأمريكية والأوروبية وبعض المواقف العربية من البرنامج النووى الإيرانى تعكس ازدواجا سافرا فى المعايير. وذلك فى ضوء تجاهلها لبرنامج إسرائيل النووى، واتخاذها لمواقف القبول والتفهم لبرامج نووية أخرى لبعض الدول «الصديقة». وتكمن المفارقة فى هذا الشأن فيما يظهر من افتقاد السياسات العربية إلى رؤية سياسية واضحة تمكنها من النظر إلى الموضوع من منظور مختلف من حيث الحرص على «الربط السياسى» بين البرنامجين الإيرانى والإسرائيلى والإصرار على التعامل معهما فى نفس الإطار. وعدم السماح بإثارة ضجة سياسية وإعلامية حول أحدهما واتخاذ موقف الصمت والغموض من الآخر. إلا أن تقدير السياسات العربية من أن البرنامج النووى الإيرانى يشكل عليها خطرا يفوق الخطر النووى الإسرائيلى، وحرص بعضها الآخر على ربط سياساتها بالولايات المتحدة واستعدادها لمسايرة مواقفها فى المنطقة لأسباب داخلية، قد دفع معظم السياسات العربية إلى قبول إسقاط وفض الارتباط السياسى بين البرنامجين، وهو الأمر الذى مكن إسرائيل من التجرؤ فى معارضة البرنامج النووى الإيرانى رغم تملكها لقدرات نووية تفوقه قوة وتدميرا. ولعل ما شجع إسرائيل على أن ترفض بشكل قاطع أن يشكل البرنامج الإيرانى نوعا من الردع لتفوقها النووى، أو أن يساهم فى تعديل بعض أوجه الخلل فى ميزان القوى المائل تماما لمصلحتها فى المنطقة، هو ما يظهر فى موافقة بعض الدول العربية على هذا الوضع واستعدادها للتعايش معه فضلا عما يبدو من عزوف عربى عن إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع إيران.
رابعا: أن ما تشهده المنطقة حاليا من استقطاب بين الولايات المتحدة وإيران، والذى يعكس نفسه فى جميع التطورات التى تشهدها القضايا الإستراتجية العربية قد فرضت على السياستين الأمريكية والإيرانية الاعتراف بأهمية «الترابط» بين هذه القضايا، وهو الأمر الذى ظهرت دلالاته فى رغبة الولايات المتحدة فى تحقيق تقدم فى مجال القضية الفلسطينية فى وقت متزامن مع التعامل مع المشكلة النووية الإيرانية فضلا عن رغبتها فى طرح خطة للسلام فى المنطقة تغطى جميع القضايا السياسية والأمنية على ساحتها. وذلك فى الوقت الذى تحاول فيه إيران مواجهة هذه السياسة عبر «مقاربة شاملة» لقضايا المنطقة بإصرارها على الاحتفاظ بأوراقها المؤثرة عليها، وبتحويل الصراعات فى المنطقة من قومية إلى دينية وحضارية حتى يكون لها دور فاعل فيها، بالإضافة إلى جهودها التى تسابق الزمن للمضى قدما فى برنامجا النووى.
وإذا كان من المفترض والمتوقع أن تعمل السياسات العربية على استثمار بعض الاتجاهات الايجابية فى سياسة الإدارة الأمريكية التى تنادى بالحوار والاعتدال وأولوية الدبلوماسية على العنف، وتطرح بعض الأفكار المتقدمة فى القضية الفلسطينية، إلا أن الشاهد أن هذه السياسات قد تركت الساحة خالية ترتع فيها السياسة الإسرائيلية منفردة، واتخذت موقف الترقب انتظارا لبلورة رؤية الإدارة الأمريكية للسلام فى المنطقة دون أن تبذل جهودا للتأثير فى توجهاتها أو التخفيف من وطأة الضغوط الإسرائيلية التى نجحت فى تحويل المقترحات الأمريكية عن مسارها المعلن، فضلا عن اتجاهها لضمان اصطفاف الدول العربية وراء سياستها تجاه إيران عبر طرح ترتيبات أمنية تغطى الدول العربية «الصديقة» فى إطار دفاعى واحد مع إسرائيل. وتظهر المفارقة واضحة فيما يبدو من مباركة بعض الدول العربية للتوجهات الأمريكية رغم أنها تتخطى الاحتلال الإسرائيلي، وتعمد إلى تغيير أولويات القضية وتتجه لترتيب التزامات فورية على الجانب العربى مقابل التزامات مؤجلة ومؤقتة وغير مضمونة التنفيذ على الجانب الإسرائيلى وتعمل على التعامل مع العلاقات العربية الإسرائيلية وتسوية القضية الفلسطينية على موجتين مختلفتين. وذلك فى الوقت الذى تنبئ فيه التطورات الفلسطينية باتجاه حركة فتح للمشاركة منفردة فى «مزاد» السلام الأمريكى، واتجاه حركة حماس للتمسك بنديتها فى التعامل وشروطها فى التسوية، مع تمترس كل منهما فى مواقعه بالضفة والقطاع، بما يحقق لإسرائيل أهدافها بعرقلة جهود التسوية وتسريع وتيرة التهويد والاستيطان
ومن هنا تكمن أسباب تصاعد الإحباط والقنوط لدى الشعوب العربية، وإحساسها بأن السياسات العربية تضع رغباتها وطموحاتها خارج حساباتها ما أفقدها الاهتمام بما يدور خارج حدودها، حيث لم تعد الأحداث الوطنية والتحديات القومية تحرك حميتها، أو تثير غيرتها، خاصة فى ضوء شغلها بحملات تغييب الوعى وتسطيح العقل، وإغراقها فى أتون الأزمات المعيشية المتعثرة، والقضايا الدينية المثيرة للخلاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.