تحتاج مصر إلى بذل كل الجهود لتكسب من جديد ثقة الأشقاء الأفارقة فى حوض وادى النيل. من بين هذه الجهود الجانب الثقافى والفنى والتاريخى. عصر الاحد الماضى افتتح رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل «متحف النيل» فى أسوان ومعه وزير الرى حسام المغازى ووزراء التنمية المحلية وممدوح الدماطى وزير الرى وحلمى النمنم وزير الثقافة، وحشد من كبار المسئولين الحاليين والسابقين خصوصا مفيد شهاب ومحمود أبوزيد وحسين العطفى والسفير حمدى لوزا. المتحف هدفه توثيق العلاقات الإنسانية والثقافية بين شعوب وادى النيل. وطبقا لأوراق التعريف بالمتحف فهو يتكون من مبنى رئيسى بمسطح 2060 مترا مربعا، ومكتبة ارشيفية ومبانٍ ملحقة، وجناح إدارى على مسطح 760 مترا وبه قاعة للعرض السينمائى وغرف خدمات. كنت موجودا أثناء الافتتاح وتجولت فى ساحة المتحف الرئيسية التى تضم «اكورايوم ضخم» تعلوه خريطة ملونة لدول حوض النيل وهى مصر والسودان وجنوب السودان واوغندا وكينيا والكونغو ورواندا وبورندى وتنزانيا واريتريا واثيوبيا. وفى أحد المداخل الرئيسية غابة تخيلية بها أشهر الحيوانات فى بلدان حوض النيل خصوصا التماسيح والأسود والغزلان. هناك أيضا معروضات تمثل أشهر أدوات الزراعة فى دول حوض النيل، وبعض الأوانى الفخارية. التكنولوجيا تلعب دورا مهما فى هذا المتحف الجديد، وهناك لوحات متحركة وناطقة تحكى عن أهم وأشهر وزراء الرى فى مصر، خصوصا نوبار باشا وعلى مبارك حينما كان اسمها وزارة الأشغال العمومية التى هى اقدم وزارة مصرية فى مصر وربما العالم. فى هذا الاحتفال كان هناك وزير الرى السودانى حسن موسى ووزيرة الثقافة والشباب بجنوب السودان، وسفراء بعض دول حوض النيل باستثناء السفير الاثيوبى محمود درير الذى غاب لارتباط مسبق، وليس لأى سبب آخر، كما حاول البعض أن يروج. مكان المتحف مميز للغاية وعلى تبة عالية يمكنك من خلالها رؤية جزء كبير من محافظة أسوان، وخزان المدينة الشهير، وبالتالى فهو معلم سياحى يمكن ان ينضم إلى خريطة الأماكن السياحية بالمدينة إذا أحسن الترويج له جيدا. داخل المتحف أيضا قسم لتخليد أعمال إنشاء السد العالى وخزان أسوان والمشروعات الكبرى التى تمت بالمدينة. كان اليوم مثاليا خصوصا الجولة التى تم تنظيمها للوفد من البر الشرقى إلى الغربى، والشمس كانت مشرقة جدا، لكن المشكلة الحقيقية كانت فى التنظيم. الذى صار مشكلة فى كل مصر، حيث لم نعد قادرين على مجرد تنظيم حفل أو مؤتمر من دون هرجلة أو زحام. كان مفترضا أن يتضمن اليوم حفلا فنيا يتم خلاله استعراض التراث الثقافى المصرى والأفريقى، وأظن أنه تم إحضار فرق شعبية من مصر وبعض دول أفريقيا مثل السودان، لكن القادمين من القاهرة لم يشاهدوا ذلك. برنامج الاحتفال تغير أكثر من مرة وبعد ان تحدث رئيس الوزراء ووزير الرى كلمات مقتضبة على المنصة جرى فض الحفل فجأة لكى يلحق الجميع بالطائرة ما عدا وزير الرى الذى واصل الفعاليات. المتحف تكلف 84 مليون جنيه وبدأ العمل به منذ 2004، وأتمنى ألا يتحول إلى مكان مهجور، وان يتم تنظيم رحلات مدرسية إليه من أسوان وسائر المحافظات. نحتاج ان نعلم أولادنا أن هناك تراثا مشتركا مع الأفارقة خصوصا ان شعار المتحف هو: «نيل واحد.. حضارة واحدة». نحتاج أن يعرفوا الكثير عن دول حوض النيل خصوصا اثيوبيا التى يأتى لنا منها 85٪ من مياه النيل. أطفالنا يعرفون الكثير عن أوروبا وأمريكا، ولا يعرفون شيئا عن أفريقيا، نحتاج أن نستدير وننظر قليلا إلى الجنوب بعد ان نظرنا وراهنا طويلا على الشمال والغرب. المتحف فكرة جيدة لكن نتمنى أن يستقطب الناس فعلا، وألا يتحول إلى مكان مغلق أو مهجور شأن العديد من المتاحف فى مصر.