قال وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إن العلاقات بين مصر والسودان تاريخية وأزلية ومهما تأرجحت فإنها تظل في المكان الصحيح لأنها مبنية على علاقات شعبية، لافتا أن زيارته للقاهرة جاءت بدعوى من الوزير سامح شكري، للتباحث حول تجهيز اجتماعات اللجنة العليا والمنتظر عقدها في الربع الأول من العام الجاري. وأضاف غندور في كلمته على هامش الأمسية المقامة في بيت السفير السوداني بالقاهرة اليوم، والذي حضره عدد من الرموز السياسية المصرية، بينهم عمرو موسى ونبيل فهمي والسيد البدوي، أن المباحثات الحالية مع القاهرة «اتسمت بالعمق الكبير والشفافية، وتم مناقشة كل ما يتعلق بالعلاقات بين البلدين، وبدأنا بقضية المعابر والسودانيين في مصر ولم نترك أمرا إلا وناقشناه، لإيماننا أن مصير كل بلد مربوط بالآخر». وأكد غندور: «نحن ندرك أن السودان القوي مرتبط بالقاهرة»، مضيفا: «بحثنا كل الأمور الإقليمية بداية من الأزمة الإيرانية السعودية والوضع في اليمن وسوريا وليبيا»، وأضاف: «أننا نتمنى أن تسمح الظروف الأمنية بين البلدين لانسياب حركة المواطنين والبضائع، خاصة وأن حجم التبادل التجاري بين البلدين ضعيف للغاية، حيث يمثل 850 مليون دولار»، قائلا: «يجب أن تتوارى من قلة هذا الرقم». وتحدث غندور عما يجري في السودان قائلا: «الحوار الوطني يجري الآن بين كافة الأطياف السودانية لمناقشة 5 قضايا محورية لاستقرار وأمن كل بلد، لكنها ظلت تائهة بين الأحزاب السياسية والتي تسببت في دخول السودان في دوامات وصراعات سياسية»، وأوضح أن هذه القضايا هي الحرب والسلام والاقتصاد وقضايا الحريات والممارسة السياسية والهوية، والتي استخدمت لإضعاف السودان لسنوات طويلة، إضافة إلى قضية العلاقات الخارجية «التي أضيفت إلى الحوار وفقاً لمقترحات الإمام الصادق المهدي». وأوضح غندور أن الحوار السياسي يلازمه حوار اجتماعي بين كل أطياف المجتمع والنقابات حتى تجمع الوثيقتين لوثيقة واحدة هي الدستور، والذي سيستفتى عليه كل أهل السودان. وأكد غندور أنه رغم معارضة البعض للمشاركة في الحوار، إلا أن الحوار يشارك فيه سودانيين كانوا على خلاف كبير مع الدولة، بعد إيمانهم بأن الحوار شفاف ويهدف إلى بناء الدولة والتوافق بين كل الاطياف السودانية. وأكد غندور أن دارفور لم يحدث فيها أي قتال منذ عامين بين الحركات المسلحة والحكومة السياسية قائلاً: «درافور الآن مؤمنة جداً ويستطيع أي أحد أن يسافر إليها»، مضيفا: «السودان محاط بعدد من الدول التي تعاني من المشاكل الأمنية، مثل جنوب السودان لكن الآن هناك تحركات هامة نحو اتفاقية السلام، لأننا نؤمن أن الجوار القوي أفضل لنا من الجوار الضعيف»، مؤكداً أهمية جنوب السودان بالنسبة للسودان. وعن الوضع في ليبيا، قال غندور إن القضية الليبية هامة جدا قائلا: «عملنا على حراسة الحدود خاصة وأن ليبيا يمكن أن تكون مهدد أمني للسودان». وأكد السفير السوداني في القاهرة عبدالمحمود عبدالحليم، أهمية المرحلة الحالية في تاريخ العلاقات المصرية السودانية، من خلال الترتيب لعقد اللجنة العليا بين البلدين على مستوى الرؤساء، وافتتاح معبر أرقين البري. وقال عمرو موسى، إن السودان له دور هام في العالم العربي خاصة في الشرق الأوسط، من خلال دوره في عاصفة الحزم التي تعتبر حركة إقليمية حديثة، مشيرا إلى الدور السوداني ليس فقط في الجوار السوداني لكن على مستوى الإقليم. وأكد موسى أهمية العلاقات والمصلحة المشتركة بين السودان ومصر، فرغم عضوية البلدين في الكوميسا إلا أن العلاقات بين البلدين لم ترق بعد للمأمول، مضيفا: «لا أرى سببا أو مبررا للخلاف بين البلدين، فقلت سابقا إن حدود مصر هي جوبا وحدود السودان هي الإسكندرية». وقال الدكتور مصطفى الفقي، إن العلاقات بحاجة الآن إلى إزالة الحساسيات والشكوك، موضحا: «الموقف السوداني من سد النهضة أثار حفيظة المصريين، وكنا نتصور أن السودان حتى وإن رأي من سد النهضة ما لا يضره، أن يأخذ موقفا أكثر دعما لمصر في هذه القضية». وتحدث الفقي عما يثار دائما حول قضية حلايب وشلاتين قائلا: «نظل حبايب حبايب حتى تظهر حلايب»، مشددا على أهمية ربط العلاقات بين الدولتين بناء على شبكة مصالح قائمة على تحقيق المصلحة المشتركة، وأن يكون التواصل مبنيا على أسس مدروسة.