عبوة من المياه وحذاء مريح وتمرينات بسيطة كانت هذه هى استعدادات محررة الشروق للصعود إلى طريق الفلاسفة، الذى يعتبر أشهر طريق جبلى فى هايدلبرج فى ولاية بادن فورتمبيرج جنوب غربى ألمانيا. هنا سار أشهر الشعراء والأدباء والفلاسفة الألمان ومنهم (فيكتور هيجو) و(مارك توين) و(يوهان جوته) الذى تم تخليد اسمه على أشهر معاهد نشر الثقافة الألمانية على مستوى العالم (معهد جوته). ومع كل خطوة صعودا، تجد نفسك محاطا بالأشجار والنباتات النادرة، وجدول مائى، حتى تكتمل اللوحة الرومانسية أعلى جبل هيلنبرج فترى مدينة هاديلبرج دائمة الخضرة بكل تفاصيلها، الجسر القديم والقصر الملكى ومبنى الجامعة العتيق الذى يرجع تاريخه إلى 1386، ونهر النيكار الذى يصب فى مانهايم. أكثر من أربع ساعات من الهدوء فى رحلة الصعود لطريق الفلاسفة، يمكنك أن تتوقف فيها لبعض الوقت لتسترخى على حشائش الحديقة، لتتخيل كيف أبدع (جوته) الذى ولد فى 28 أغسطس 1749 وهو يكتب إحدى قصائده عقب مروره من هنا. لم يكن غريبا إذا زرت عدة مدن ألمانية أن ترى تماثيل (جوته ) فى كل مكان، لأنه يعد أحد أشهر أدباء الألمان حيث ترك أثرا أدبيا ضخما ما بين الرواية والكتابة المسرحية والشعر، كما كان له إرث أدبى خاص نظرا لتعمقه فى الأدب الشرقى والفكر الإسلامى، تقول عنه الموسوعة الحرة أنه لم يكن مجرد شاعرا عاديا، فاطلع على علوم الرياضيات والكيمياء والفلسفة، رغم أنه تخرج فى كلية الحقوق، كما أنه اطلع على الشعر العربى، وترجم بعض المعلقات لأقدم الشعراء العرب. أشهر مؤلفات (جوته) الديوان الغربى والشرقى، والذى ظهر فيه تأثره بالفكر العربى والفارسى والإسلامى، ووفقا للموسوعة الحرة جوته أول شاعر أوروبى يقوم بتأليف ديوان عن الغرب والشرق، مجسدا قيم التسامح والتفاهم بين الحضارتين. وكان (جوته) من المهتمين بالقرآن الكريم ووصفه بأنه كتاب الكتب، وبسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وله كتاب بعنوان«تراجيديا محمد» انقسم إلى فصلين الأول تحدث فيه عن بعثته، والثانى صور فيه معاناة الرسول أثناء تبليغه الرسالة وما قساه من المشركين خلال ذلك الوقت، كما اختص (جوته) الرسول محمد «صلى الله عليه وسلم» بقصيدة مدح طويلة، مشبهه بالنهر العظيم الذى يجر معه الجداول والسواقى فى طريقه إلى البحر، كما قام بكتابة مسرحية أيضا عن الرسول ولكنها لم تكتمل نظرا لوفاة جوته فى 22 مارس 1832.