«فوقنا حمام الحمى.. عدد نجوم السما.. طاير علينا يطوف.. ألوف تتابع ألوف.. طاير يهنى الضيوف.. بالعفو والمرحمة». بهذه الكلمات تغنت أم كلثوم من إبداع الشاعر بيرم التونسى عن حمام الحرم الذى يطير حول زوار بيت الله الحرام بألوان جسده الزرقاء الزاهية وجناحاته التى تتلون بالأبيض والأزرق، مطمئنا أنه فى أمان تام ولن يمسه أحدهم بسوء، بينما يستمتع الحجاج وأهل مكة بنثر الحب على الأرض ليتغذى عليه هذا الطائر. وهناك عدة روايات لم يتم التأكد من صحتها عن أصل هذا النوع من الحمام الذى توطن مكة وأصبح من معالمها الأساسية التى يتحدث عنها كل من زار بيت الله الحرام، منها ما نسب للإمام السيوطى من أن أصله يمتك للحمامتين اللتين عششتا على غار ثور لتحمى النبى عليه الصلاة والسلام أثناء هجرته، وهناك من يقول أنها تعود للطير الأبابيل الذى أرسله الله ليقتل أبرهة الأشرم ورجاله حينما حاولوا هدم الكعبة. أما عن سبب تسميته «حمام الحمى» فيقال إنه مستمد من أن مكةالمكرمة كانت حمى لمن يدخلها، وكذلك الحرم المكى أيضا، وذلك الطير يتواجد فى الحرم لذا تم تسميته بهذا الاسم. وينعم حمام الحرم بالأمن والأمن، فهو محرم صيده أو حتى زجره وإبعاده، ويستند فى ذلك أغلب العلماء لعدة آيات من القرآن الكريم، منها ما جاء فى الآية 95 من سورة المائدة «يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم»، ولعدة أحاديث نبوية تحرم صيد الحيوانات والطيور بل وزجرها فى الحرم المكى، لدرجة أن بعض الأئمة ومنهم الشافعى فى كتابه «الأم»، جعل فدية قتل الحمامة الواحدة من ذلك الطير ذبح شاة.