فى الساعة التاسعة صباحا يدخل حامل البخور بدعواته وسحابته العطرية الصغيرة، ليبارك الورشة. يذهب أحد العمال لإحضار الشاى من أحد المقاهى المجاورة للورشة وبعض الفطائر لجميع العاملين. يبدأ الحوار فى عبارات ضاحكة، لكن كل هذا لا يعطلهم عن البدء مباشرة فى العمل. إنها واحدة من عدة ورش قليلة لصناعة فانوس رمضان، صمدت فى وجه الفانوس البلاستيكى والصينى. ورشة أم إبراهيم لصناعة الفوانيس اليدوية فى الحارة المتفرعة من شارع زين العابدين خلف قسم السيدة زينب. حجرة صغيرة تحتوى على المعدات والخامات اللازمة لصناعة الفوانيس. يقف زينهم، أقدم العاملين فى الورشة، أمام ماكينة المقص الكبير. «شغلى كله على المقص وما فيش مسافة كبيرة بين أصابعى وسكينة المقص، بس دى مهنتى من 20 سنة وأنا متعود عليها. معظم اللى بيقفوا على المقص اشتغل فيها وراثة، لكن أنا اتعلمتها فى الورشة». يتوزع العمال الستة على الماكينات، المكبس والتناية والكردون والسندال، ولكل منها وظيفة فى مراحل صناعة الفانوس، كما أن هناك تقسيم عمل بين العمال. «الصفيح والزجاج هما أساس مهنتنا بس سعر الصفيح بقى أغلى فى السنتين اللى فاتوا». يقول زينهم الذى يشرح عملية شراء الخامات من المحال المتخصصة، وهى فى الأغلب بقايا لا تحتاجها المصانع فى شىء. «لكل تصميم أو شكل اسم زى فانوس اللوتس وأبو أولاد وفاروق وتاج الملك وشويبس وشمامة ومخمس وغيرها، بس الزبون ما يعرفش أسماءهم واحنا بنسميها عشان نعرف نصممها». يواصل زينهم شرح عملية تصميم شكل الفانوس، فهناك 10 تصميمات للشكل، لا يعلم أسماؤها إلا من يقوم بصناعتها. تبيع ورشة أم إبراهيم إلى 10 تجار ما بين القاهرة والإسكندرية والجيزة، وهم زبائن قدامى للورشة لم يتغيروا، حتى بعد انتشار الفوانيس الصينية. «قبل 5 سنوات كانت الطلبيات على الفوانيس ما بين 5 و6 آلاف فانوس بس دلوقتى بقت الطلبية كلها 3 آلاف فانوس بسبب انتشار الفوانيس الصينى والتجار اللى بيشتروا منا لازم يشتروا فوانيس صينى وبلاستيك برده عشان الزباين عاوزة كدة». لا تعتمد ورشة أم ابراهيم على التكنولوجيا المتطورة والمكلفة بطبيعتها. تستهلك الورشة الكهرباء لإضاءة مصباحين فقط، كما أن باقى المعدات يدوية. والورشة ليست ملك صاحبها ولكنها إيجار قديم منذ سنة 1975 وبالتالى فهى ليست مكلفة. ورشة أم إبراهيم لا تعمل طوال السنة. «نبدأ شغلنا قبل شهر رمضان ب3 شهور عشان نلحق نخلص طلبية التجار، وباقى السنة كل واحد فينا عنده شغل تانى أو عاطل ينتظر موسم رمضان. أنا عن نفسى باشتغل فى مطابخ المطاعم اللى فى المنطقة». الورشة تبدأ عملها قبل رمضان بثلاثة أشهر، وتعمل على قدر الطلبيات، حتى لا تتبقى فوانيس زائدة على الحاجة إلى العام المقبل. «بننتج الفوانيس بأشكالها وتصميماتها على حسب طلب التجار عشان التجار بس اللى بيشتروا منا، يعنى ما فيش زباين تانية ولا بنفرش على الرصيف وما فيش أى بضاعة بتفضل، بس طبعا ممكن يتفضل جزء عند التجار وده ما بيرجعش».