ب«الكرش والزوجة» جذب انتباه الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي، بالكوميديا امتلك «مفتاح» الفيسبوكيين واليوتيوبيين، فصنع لنفسه موقعًا مميزًا بعالم فني خاص على الجبهة الموازية للسينما والتلفزيون أو «فيسبوك ويوتيوب».. لا يزال الحديث ممتدًا عن الشاب الكوميدي أحمد أمين، الذي استقبل «الشروق» في مكتبه الصغير الدافئ، وموقع تصوير برنامجه الرمضاني «البريك». «أمين» يؤمن بأن أجمل أيام حياته كانت على خشبة المسرح لكنه «مجهد» ولذلك اتخذ من يوتيوب صديقًا له واتكأ على «كاميرا موبايله» لتصوير مشاهد يؤديها بشكل كوميدي وبسيناريو «ارتجالي»، ومن هنا كان النجاح.. تفاصيل كثيرة يكشفها أحمد أمين ل«بوابة الشروق».. «لما فكرت اكتشفت أن أجمل أيام حياتي كانت في المسرح» يعتقد البعض أن «30 ثانية» كان الظهور الأول لأحمد أمين، الشاب خفيف الظل المتحدث لكاميرا هاتفه بحرية، لكن الحقيقة أن مشواره بدأ قبل هذه النقطة بأكثر من 25 عامًا حين كان طفلا يرتدي الملابس الغريبة ويؤدي شخصيات مختلفة في المنزل لدرجة مزعجة، فما كان من أخيه، الفنان التشكيلي محمد خضر، الطالب في كلية الفنون الجميلة آنذاك إلا اصطحابه معه للتمثيل في فرقة الكلية «أتيليه المسرح». من هنا بدأت علاقة بالمسرح لم تنته بخروج «أمين» من مرحلة الطفولة والمراهقة، بل تأكدت بالتحاق أحمد بكلية الفنون الجميلة حبًا في فرقة المسرح الملحقة أكثر، وفقًا لما جاء في حديثه مع «بوابة الشروق». أثناء الدراسة وبعد التخرج، قدم أمين عدة مسرحيات وشارك في الإخراج وأخرج العديد من الأعمال المسرحية، وجاء الوقت الذي يفكر فيه أي شاب في جدوى ما يفعل والمستقبل المتوقع، والبحث عن وظيفة مستقرة، فترك التمثيل واتجه للعمل في صحافة الطفل، إلى أن وصل لمنصب رئيس التحرير، وبعد 10 سنوات توقف مرة أخرى للتفكير في مستقبله، فلم يستغرق الأمر الكثير من التفكير ليكتشف أن شغفه الحقيقي كان في التمثيل.. «لازم الواحد يفرق بين اهتمامه وشغفه، كنت مهتما بصحافة الطفل، لكني شغوف بالتمثيل».. كانت هذه كلمات الشاب «أمين». «يوتيوب» كان حلا بسيطًا.. وكاميرا الموبايل في جيبي» رغم أن خبرة أحمد أمين الفنية كانت على خشبة المسرح، إلا أن عودته للتمثيل مرة أخرى كانت من خلال برنامج قصير على «يوتيوب»، قائلا ل«بوابة الشروق»: «المسرح يحتاج مجهودا ووقتا للبحث عن نصوص مناسبة والتعامل مع مخرجين وفريق كامل، لكن يوتيوب منصة سهلة وبسيطة، وبنفس البساطة اخترت التصوير بكاميرا الموبايل رغم أن لدي الكثير من الكاميرات الاحترافية». «بجرب في الحاجات اللي بحبها دون حسابات» سلاسة وتلقائية محتوى الحلقات جعل البعض يتساءل عن وجود سيناريو مكتوب أم أنها ارتجالية؟.. هنا يجيب «أمين» قائلا: «ارتجالية بنسبة 80%، كنت أفكر في الأمور التي تشغلني أثناء اليوم، أثناء الطريق للعمل مثلا، وبعدها أبدأ في التصوير بشكل ارتجالي، حتى الكلام الموزون في حلقة (إزاي تبقى شاعر في 30 ثانية؟) كان ارتجاليا، فالكرش مثلا كان موضوع يشغلني ففكرت في طريقة تناول مختلفة ودمها خفيف كأن أقول للناس.. وليه تخسوا أصلا؟» «من 2015 قررت ما أبطلش اللي بعمله ده» بعد عرض عدة حلقات، يقف أحمد أمين على أرض صلبة متمسكًا بأنه لجأ إلى آراء بعض الأصدقاء فيما يصوره، وأحيانا كانت الردود سلبية «لأ اللي قبلها كانت أحسن»، فكان تصرف أمين هو تجاهل الآراء وتحميل الحلقات مؤكدا لنفسه أن الحياة صعود وهبوط ولو فشل الفيديو سأعتبره تعثرا، والغريب أنها كانت تنال نجاحا كبيرا بعدها، والسبب في ذلك، بحسب أمين، أنه كان يصر أن يكون المشروع بلا حسابات، وأن مفتاح النجاح هو فهم الناس وملاحظتهم عن قرب أثناء التحضير، هذا ينتج أفضل، أما المدح والذم والنقد عموما قبل العمل لا يجب أن يشكلا عوامل مؤثرة في الاتجاه أو القرارات، «أهم حاجة أعمل الشغل وأنا مستمتع». «يوتيوب مجال مواز للتلفزيون والسينما.. مش مجرد مرحلة» بالتوازي مع الصحافة وعلى مدار أعوام، عمل أحمد أمين في الإنتاج الفني، فأنتج للتلفزيون أعمالا عديدة، وكتب عدة سيناريوهات منها حلقات «القبطان عزوز» و«بسنت ودياسطي» أي أنه ليس غريبًا على التلفزيون لكن اختياره ليوتيوب جاء لأنه رأى أن مجال منصات البث على الانترنت مثلها مثل السينما والتلفزيون، صناعة لها منتجوها وفنانوها، لكنها منتشرة أكثر خارج مصر، كما أن بعض الأفكار تكون ذات طابع مناسب أكثر للإنترنت، كبرنامج «البريك» الذي لا تتجاوز مدته 4 دقائق، التلفزيون مثلا لا يحتمل برنامج بهذا القِصر. «ممكن ممثل فاشل يدردش في وقت الراحة» في رمضان الماضي، ظهر أمين في برنامج جديد برعاية إحدى شبكات المحمول في مصر.. «البريك» كان اسم البرنامج المختلف تماما عما سبقه. يحكي أمين «البريك»، قائلا إنه بعد حلقات «30 ثانية» تلقى العديد من عروض الرعاية كان من ضمنهم شركة الاتصالات وطرحت فكرة لم تنل إعجابه، فقرر الاجتماع بأخيه الفنان محمد خضر، والتفكير في شكل لعمل يمزج بين التمثيل والكتابة الكوميدية، فكانت النتيجة «البريك»، ليظهر ممثلا دون تعريف مسبق، ربما يكون فاشلا يشخص مسلسل أو فوازير وفي وقت الراحة «يدردش» مع زملائه في موضوع عن الحياة. «بصراحة تياترو مصر شوقني للمسرح» العودة مرة أخرى للتمثيل صادف أنه عودة للإنترنت فقط مع «أمين» غير أنه بعد مشاركته في إحدى حلقات برنامج الإعلامية منى الشاذلي في ستوديو بحضور جمهور حقيقي، وجد تفاعلا كبيرا منهم فأعاد له الرغبة في العودة للمسرح، لكنه في انتظار عمل جيد ولن يتردد في العودة. المشكلة كما يصف أحمد، أن حال المسرح لم يعد كسابق عهده، رغم الصحوة التي يشهدها مسرح التلفزيون مثلا بمشروع مسرح مصر «تياترو مصر سابقًا» أو مشاريع المخرج خالد جلال في مركز الإبداع. «محتاجين كشافة زي بتوع الكورة» وبمناسبة الحديث عن المسرح، سألنا أحمد أمين عن سر تأخر شهرة ممثلين كبار في الظهور على الشاشات رغم احترافهم التمثيل المسرحي لعشرات السنوات، فأجاب أن المشكلة هي أزمة الترابط بين المجالات وبعضها، فلا يوجد تواصل بين صناع السينما والمواهب المسرحية. ورأى أن من يظهر على الساحة هو من أتيحت له الفرصة، والحل في «كشافة» دورهم فقط حضور العروض المسرحية الصغيرة المتواجدة بوفرة في مسارح الدولة والمستقلة وإتاحة فرص النجومية والعمل في السينما لهم، وفي الوقت نفسه، الفرق المسرحية الصغيرة، وفرق موسيقى الأندرجراوند تفتقد التسويق. «الضحك مش هزار.. ده منتهى الجد» على أحد جدران مكتب أحمد أمين يطل «جورج كارلن» فنان الاستاند أب كوميدي الأمريكي الراحل، من برواز صغير في موقع متميز، وبالإشارة إلى البرواز يبتسم «أمين» ثم يقول:«الستاند أب كوميدي ليس بالسهولة المتوقعة، محتاج كتابة ذكية وتحضير، أنا أرفض تقديمه حاليا لأن إضحاك الناس مهمة صعبة، والضحك مش هزار، الضحك جد جدًا»، ولا بد من التعامل مع الكتابة الكوميدية بحرص. «فنانو الاستاند أب كوميدي في مصر مظلومون، المسرح الكبير والحفلات الضخمة عادة ما تكون مرحلة متأخرة جدا، لكن في الخارج الكوميديان يمر بمراحل كثيرة تتيح له فرصة تجربة الإفيه»، على حد قوله. «ركز.. ابعد عن التشتيت عشان تطلع حاجة كويسة» يعمل أحمد أمين في الإنتاج الفني، منذ عدة سنوات، ومع ذلك يرى أنه كممثل لن يتدخل بصفته كمنتج في الأعمال لأن ما يهمه أكثر هو المحافظة على «شغفه» الأول وهو التمثيل. كما يرى أن إلمام الممثل بالإنتاج أحيانًا يكون مضرًا لأن الموهبة الجيدة تحتاج إدارة جيدة، والتمثيل مع الإدارة تسبب تشتيتًا لكن يظل العمل كمنتج متاح لو لعمل صغير يستحق. «الطفل في مصر مظلوم جدًا» العمل في صحافة الطفل، أكسبت أحمد أمين خبرة كبيرة في التعامل مع الأطفال وعقليتهم، وبسؤاله عن الأعمال التي يمكن تقديمها للأطفال بشكل مختلف بعيدًا عن الرسوم المتحركة، أجاب أن لون أعمال مثل «عمو فؤاد والعمدة الآلي» انتهى لأسباب يتخيل أن لها علاقة بعدم سهولة تسويق أعمال مماثلة. واعتبر أن المعلنين من الصعب أن يتحمسوا لأعمال كتلك لكنه يتمنى أن يوظف علاقته بالأطفال في تقديم أعمال للطفل بممثلين كبار أو حتى مواهب شابة صاعدة، ويرى أن الأمر في المتناول فنيًا وإنتاجيًا لكن الأزمة في التسويق، مضيفًا: «أنا أبحث عن هذا المنتج المغامر». «هلف مصر أدور على شباب بيكتب كوميدي» في «30 ثانية» كان أحمد أمين هو الكاتب الوحيد لهذا البرنامج لكن في «البريك» رأينا أسماء فريق كتابة على التترات، والسبب وراء ذلك أن «العمل الجماعي أفضل كثيرًا»، بحسب أمين، مضيفًا أنه يعد حاليًا لإقامة ورش كتابة كوميدية في 6 محافظات مصرية مختلفة. أحمد أمين، عرفه عموم جمهوره مؤخرًا بالكوميديا لكن ببحث بسيط وجد الجمهور فيلما قصيرا اسمه «حاضر مع المتهم» يؤدي فيه أمين دور شيخ يحمل هم تصحيح الصورة السيئة التي صدرها البعض عن الشيوخ. بفيلم قصير عبر أمين عن أفكاره، وهي الطريقة المثلى لتعبير الفنان عن نفسه، أما الحديث عن الآراء السياسية، والميول، والانتماءات الكروية، فالتعبير بشكل مباشر عنها، في رأي «أمين» أمر غير صحي بالنسبة للفنان، خصوصا الكوميدي، لأن الكوميديا التي تنتج من الاختلافات تعتمد على الميل لطرف على حساب الآخر، وربما السخرية منه، وهذا ما فعله أمين لمرة واحدة بشكل غير مقصود، بعدها اعتذر بشده للجمهور.