«لن تعيش في مصر، وستلمع وتتألق في حياتك».. نبؤءة من عرافة في الإسكندرية عام 1944، للفنان العالمي الراحل عمر الشريف، وقابل هذه التنبؤات بهدوء، حيث كان واثقًا من انطلاقه ولمعانه. عمر الشريف، اسمه الحقيقي «ميشيل ديمتري شلهوب»، المولود بالإسكندرية في 10 إبريل عام 1932، لعائلة يهودية كاثوليكية كانت تعمل في تجارة الأخشاب، وتزامل في كلية فيكتوريا كوليج، بيوسف شاهين، والملك حسين، وأحمد رمزي، لتكون هذه الصداقة هي التي قدمته للسينما، وشملت هذه المرحلة أفلام «صراع في الميناء» و«صراع في الوادي»، و«غرام الأسياد»، و«صراع في النيل»، واستمرت لأربعة أعوام منذ عام 1954، وحتى عام 1958، وأنهاها بفيلم «غلطة حبيبي». ونستعرض سبعة مشاهد من رحلة «المسافر المصري» شكلت رحلة الفنان العالمي عمر الشريف: «صراع في الوادي» «صراع في المينا».. شاب وسيم يسحر النساء اعترضت بطلة فيلم «صراع في الوادي» فاتن حمامة، على ترشيح شكري سرحان، لبطولة الفيلم فقام مخرجه يوسف شاهين، بعرض الدور على صديقه وزميل دراسته بكلية فيكتوريا بالإسكندرية عمر الشريف، الذي كان في ذلك الوقت قد تخرج من الكلية، ويعمل في شركات والده بتجارة الخشب، فوافقت «فاتن» على الممثل الشاب. الفيلم شهد واقعة أثارت حربًا شرسة ضده من كبار نجوم هذا الوقت، عندما وافقت «فاتن»، على مشهد «القبلة الشهيرة» مع أنها كانت ترفض أي مشهد أو لقطة فيها قبلة، لتكون هذه بداية ل«الشريف» للتعارف بسيدة الشاشة العربية. «في بيتنا رجل».. بداية النضج التمثيلي بدأت مرحلة النضج لدى «الشريف»، عند مشاركته عام 1961، مع فاتن حمامة، بطولة فيلم «نهر الحب»، المأخوذ عن رواية «أنا كارنينا» هذه المرحلة بدأت بتعاونه مع المنتج والموزع إسماعيل الكردي، الذي منحه بطولة سبعة أفلام من إنتاج شركته. كان من أبرز أفلام المرحلة أيضا فيلم «في بيتنا رجل» مع المخرج هنري بركات، والذي لعب فيه «الشريف» دور الثوري المتورط في قتل سياسي بارز والمطارد من قبل البوليس السياسي ليقدم «عمر» نفسه كفارس أحلام جديد لفتيات الوطن العربي، وكانت قمة تألقه الكوميدي والتمثيلي عندما قدم دورًا مخالفًا لطبيعته ولوسامته في «إشاعة حب» كشاب غير مهندم وفظ يقع في حب ابنة عمه، ويساعده عمه في الزواج منها بإطلاق شائعة حبه للفنانة هند رستم. «لورانس العرب» و«زيفاجو» و«جيفارا».. رحلة الشريف ل«العالمية» في أوائل الستينات، التقى بالمخرج العالمي دافيد لين، الذي اكتشفه وقدمه في العديد من الأفلام، بدايتها «لورانس العرب» عام 1962، واستمر «الشريف» مع «دافيد لين» David Lean، ليلعب عدة أدوار بعده أفلام منها فيلم «دكتور زيفاغو» و«الرولز رويس الصفراء» The Yellow Rolls Royce، و«الثلج الأخضر» Green Ice، وغيرها الكثير. «فتاة مرحة» و«ليلة الجنرالات».. «الشريف» أصبح ممثلا وفي عام 1965، شهدت آخر أفلامه المصرية قبل عودته في الثمانينات في فيلم «المماليك»، وقدم فيها تصورًا غربيًا للمناضل اليساري تشي جيفارا، وواجه «الشريف» انتقادات عديدة بسبب هذا الفيلم. كما واجه «الشريف» انتقادات عديده في مصر بسبب مشاركته في «فتاة مرحة» الفيلم الرومنسي الكوميدي مع باربارا سترايسند، وهي الممثلة اليهودية العالمية المعروفة بمساندتها لإسرائيل. في السبيعنات، قام عمر الشريف، بتمثيل فيلم الوادي الأخير، The Last Valley، عام 1971، وفيلمي «بذور التمر الهندي» The Tamarind Seed ،Jaggernaut النمر الوردي يضرب مجددا، عام 1974، إلا أنها لم تلاق النجاح المنتظر؛ نظرًا لابتعاد الغرب عن الأفلام الرومانسية في ذلك الوقت. «الأراجوز».. مواطن مصري غريب يعود لأرضه يعود «الشريف»، لمصر مرة أخرى ليقدم ثلاثة أفلام أولهما فيلم «أيوب» عام 1983، إخراج هشام لاشين، وشاركه البطوله مديحة يسري، ومصطفى فهمي، وآثار الحكيم، ومحمود المليجي، الذي توفى أثناء تصويره. وعام 1989، قدم أروع أدواره المصرية على الإطلاق وشخصية «الأراجوز» التي عبرت عن شخصية عمر الشريف الحقيقية بكل جنونها وتمردها وشقاوتها وصخبها، وهو من إخراج هاني لاشين، وشاركه البطوله ميرفت أمين، وهشام سليم، و«المواطن مصري»، مع المخرج صلاح أبو سيف، وشاركه البطوله الفنان عزت العلايلي، والراحل عبد الله أحمد، وختمها بفيلمه «ضحك ولعب وجد وحب»، عام 1993، مع عمرو دياب، ويسرا. «المحارب رقم 13» و«السيد إبراهيم وأزهار القران الشريف» أصبح ظهور عمر الشريف، في عدة مشاهد حتى لو صغيرة في فيلم كفيلة أن تمنحه ثقلًا تمثيليًا، وهو ما حدث في عدة أفلام أبرزها «المحارب رقم 13»، والذي شارك فيه انطونيو بانيدراس، والذي حصل منه جائزة سيزار المعادل الفرنسي للأوسكار. وقدم «الشريف»، في فيلم «السيد إبراهيم وآزهار القرآن»، دور عجوز مسلم يعيش في أحد أحياء فرنسا، وعلاقته بصبي يهودي صغير، وكيف أصبحت علاقة مثالية للتعايش السلمي بين ديانتين مختلفتين، وعكس دوره هذا جوهر العلاقة الحقيقية بين الإنسان وربه، وحصل عن دوره في هذا الفيلم جائزة «سيزار» أفضل ممثل. «المسافر».. عمر الشريف يبحث عن سر حياته وأصولها كانت مشاركته الأخيرة مصريًا في فيلم «المسافر»، الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا، وأخرجه وكتبه أحمد ماهر، وشاركه بطولته كل من سيرين عبد النور، وخالد النبوي، وعمرو واكد، وشريف رمزي. وبحث «الشريف»، في الفيلم عن سر حياته وأصولها من خلال رحلة بحث طويلة ممتدة من أربعينات القرن وحتى سنة 2000، ولتكون مشاركته الأخيرة، ويصاب «عمر» بمرض الزهايمر، ويعتزل التمثيل، ليرحل عن عالمنا اليوم الجمعة، 10 يوليو، عن عمر 83 عامًا، بمصحة نفسية في حلوان.