رشيد مشهراوى واحد من أبرز المخرجين على المستوى العربى.. أفلامه شاركت فى المهرجانات العالميه فى مقدمتها كان وفينسيا وحصلت أيضا على جوائز.. رشيد يتحدث فى هذا الحوار عن فيلمه القادم مع جمال سليمان، وسبب النهضه التى تعيشها السينما الفلسطينيه، وعدم وجود فيلم جيد فى مصر. الشروق: هل اختلفت طريقة تفكيرك مع مراحلك العمرية؟ رشيد: اختلفت كثيرا، وهذا أثر إلى حد كبير على أعمالى السينمائية.. فمثلا فى الفترة التى أخرجت فيها فيلم «حتى إشعار آخر» كان لدى أمل كبير لحل أزمة فلسطين، ولأن الفيلم كان فى وقت الانتفاضة الأولى توقعت أنه سيتبقى حجر واحد يقذف على إسرائيل، ونتخلص من الاحتلال، فاشتغلت بهذه الروح، أما اليوم فالموضوع تعقد كثيرا، فاليوم الاحتلال تعمق أكثر فى فلسطين، والعالم العربى لا يساعدنا لأنه لا يستطيع مساعدة نفسه. الشروق: هل هذه حالة من فقدان الأمل..؟ أنا لم أفقد الأمل.. ولكن كان عندى أمل أكبر، لأنه إذا قطع الأمل لن أصلح لأن أكون سينمائيا، أو أن أتعامل مع الفن بوجه عام، فلابد أن يكون السينمائى متفائلا طوال الوقت، ويفكر فى الغد مقتنعا أنه الأفضل، لأن السينما فى الأصل مهمتها مساعدة الناس على أن تصنع لهم أملا فى الحياة. الشروق: هل تختار السيناريو على أسس فنية أم سياسية عن القضية الفلسطينية؟ رشيد: أنا أهتم بجودة الموضوع الذى اقدمه فى السينما أكثر من حبى لتقديم أفلام عن القضية الفلسطينية بشكل عامى، فنحن لا نحب كل ما هو فلسطينى، لأن هناك أشياء فلسطينيه تعكر حياتنا الآن مثل الانقسام الفلسطينى الفلسطينى.. الشروق: كيف ترى المواطن العربى فى السينما العربية؟ رشيد: لا يجب التعميم على كل البلدان لأن السينما العربيه انواع، فكل بلد عربى له توجهاته.. وفى نظرى أرى أن السينما العربيه ما زالت حتى الآن تفتقد سيناريوهات جيده، لتصل من خلالها إلى العالميه، فكل بلد يوجد به مجموعة من السينمائيين الذين يتميزون بحبهم وشغفهم بالطموحات السينمائية، ويهتمون بسينما المؤلف، أكثر من السينما التجارية، ولكن ليس معنى حبى للسينما الجاده أننى ضد السينما التجارية. الشروق: من الذى يساعدك فى إنجاز أفلامك؟ رشيد: يساعدنى الكثير من العرب والأجانب وأصدقائى السينمائيين فى كل العالم، فأفلامى تعرض طول الوقت بالمهرجانات كما تعرض فى دول العالم فاليوم مثلا فيلم «عيد ميلاد ليلى» يعرض فى باريس، وهولندا وأمريكا، وسيعرض قريبا بكندا والبرازيل، وإسبانيا، كما اعرض أفلامى أن وغيرى من المخرجين الفلسطينيين فى تونس والجزائر، وأكثر من دولة عربيه أخرى. الشروق: وهل أفلامك تعرض فى هذه البلدان فقط لأن مموليها منها؟ رشيد: بالطبع لا.. لأن المخرج لابد أن يصنع فيلما سينمائيا قابلا للعرض فى أى مكان، كما لابد أن تجد شخصا يروج له يكون مؤمنا به ويحبه، لأن هذا الحب إذا لم يتوافر لن يدعمه، ولن يأتى بنتائج. الشروق: الدول التى تدعمك ليست مهتمه بالقضية الفلسطينية فلماذا تدعمك؟ رشيد: عندما يكبر الانسان ويذهب لمهرجانات دولية ويقابل سينمائيين بالعالم يكتشف أن هؤلاء السينمائيين انواع ومنهم من يحب الشرق الاوسط، وهناك من يهتم بالدول التى بها حروب، وهناك بعض المنتجين الذين يريدون أن تعرف شعوبهم القضيه الفلسطينية وهكذا.. فالحكايه ليست أن هناك مجموعة من المنتجين يحبونى ولذلك يجعلونى اخرج بلفوسهم، فالحكاية اعمق من هذا بكثير لأن هناك بعض الدول تريد تنظيم تبادل ثقافى مع الشرق الاوسط، وتريد أن تعرض أفلامها هنا، وهذا فى صالحنا لأن مشاكلنا أكبر من مشاكلهم فنحن المستفيد الأول من هذا التبادل، فلديها أفكار مسبقه عن العرب والسينما واجبها أن تغير هذه المفاهيم. الشروق: ماذا عن الفيلم الذى يجمعك بالفنان السورى جمال سليمان؟ رشيد: هناك مشروع فيلم بيننا تحت عنوان «كتابة على الثلج» وإذا أراد ربنا سأبدأ تصويره فى بداية العام القادم، ونقوم بالتحضير له الآن، ولن اتحدث عن تفاصيل الفيلم لكى لا احرقها، وهو أكثر فيلم عربى يتحدث عن مشاكلنا كعرب من وجهة نظر فلسطينية.. واخترت جمال سليمان لبطولته لاننى ايام الترشيحات كنت أبحث عن الممثل المثقف الواعى المهموم بالواقع العربى.. ووجدته فى جمال. الشروق: ألا يزعجك عدم عرض أفلامك فى فلسطين وبالتالى فهى بلا جمهور هناك؟ رشيد: الجمهور الفلسطينى متاح أمامه مشاهد كل أفلامى لانها تعرض فى التليفزيون الفلسطينى، كما أننا نقيم مهرجانا سينمائيا كل عام، وهناك سينمات متنقلة تعرض فيها الأفلام، كما نعرض فى مخيمات اللاجئين، والشوارع، اما من ناحية دور العرض المجهزة فنحن لا نملك سوى دار عرض واحدة. الشروق: كيف ترى الوجود الإسرائيلى فى المهرجانات العالميه؟ وهل يؤثر هذا على هدفكم من السينما الفلسطينية بإظهار الوجه الحقيقى لإسرائيل؟ رشيد: مشاركتهم لا تؤثر أبدا علينا، لاننا الفلسطينيين موجودون بقوة فى كل مهرجانات العالم وأكثر من الإسرائيليين بمراحل، كما أن الفرنسيين الذين يشاهدون فيلم «عيد ميلاد ليلى» بدور العرض فى فرنسا، أكبر من العدد الذى سيشاهد الفيلم الإسرائيلى فى فينسيا. ومعظم الأفلام الإسرائيلية التى تشارك فى المهرجانات العالمية تنتقد النظام الإسرائيلى، ولكن نحن كفلسطينيين غير راضين بهذا الوضع ونريد أن تظهر إسرائيل بوجهها الحقيقى وليس بوجهين، فهى تنقد ما تفعله بالسينما، وفى الوقت نفسه تطلق الرصاص على الأبرياء. الشروق: ما سبب النهضة التى تعيشها السينما الفلسطينية وظهور مخرجين مهمين تشارك أفلامهم فى اكبر مهرجانات العالم؟ رشيد: لأنى كمخرج عندما أعلم من البداية أن الفيلم لن يعرض للجمهور الفلسطينى مؤكد أننى سأتوجه مسرعا إلى العالم خارج فلسطين، وأن اصنع أفلاما أنافس بها أفلام الدول التى تنتج سينما منذ 100 عام.. وقد اكتشفت أنه لكى تكون موجودا بدور العرض العالميه لابد أن تكون سينمائيا عالميا، وهذا هو السينمائى الفلسطينى. أما فى مصر فالفيلم المصرى يكتفى بالجمهور المصرى ويسترجع من مصر فقط نفقات انتاجه، لذلك لا تحاول الأفلام التجارية فى السينما المصرية أن ترفع من ذوق الجمهور السينمائى، بل تنزل له، فالمسألة عرض وطلب، والمطلوب فى مصر أن ينزل المخرج إلى الشارع ويجلس على المقاهى ليأتى بأكثر من «افيه»، ويأتى ببعض الشباب يقولونها لكى يضحك الجمهور، ومشكلة هذه الأفلام انها تنتهى صلاحيتها بمجرد رفعها من قاعات العرض. الشروق: شاركت فى مهرجانى كان والاسكندرية.. كيف ترى الفرق؟ رشيد: هذه أول مره أتواجد فى مهرجان الاسكندرية، وسبق أن عرضت لى أفلام فيه، وبشكل عام أنا علاقتى وطيدة بالمهرجانات المصرية، وأكثر ما جذبنى فى هذا المهرجان أنه قدم لمسة وفاء للسينمائيين المصريين الكبار الذين كانوا فى وقت قريب يحملون السينما على اكتافهم.. كما أننى أحترم المهرجان جدا وأقدره لاختياره فلسطين ضيف شرفه.