تعرف على المدارس والكليات المقبول منها بكلية الشرطة لعام 2026    استعدادات كفر الشيخ لجولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    "قيمة العلم والعلماء".. ندوة توعوية بكلية علوم الأرض بجامعة بني سويف    بعد اعتداء الطلاب وأولياء الأمور.. من يحمي المدرسين داخل محراب العلم؟    رمضان 2026- عمرو عبد الجليل ينضم لمسلسل محمد إمام "الكينج"    تعرف على المناطق المتوسطة بالإسكندرية وفق تصنيف الإيجار القديم    رئيس الوزراء يستعرض مقترحات تطوير المنطقة المحيطة بالقلعة ومنطقة الزبالين    "التخطيط" تعقد اجتماعًا لمتابعة مخرجات الدورة العاشرة للجنة العليا المصرية اللبنانية المشتركة    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    الاتصالات تطلق منصة GovInnover لتنمية القدرات الرقمية للعاملين بالدولة    البورصة تربح 7 مليارات جنيه بختام تعاملات اليوم    تقارير اخبارية تكشف الشخص الذي تدخل لنزع سلاح أحد المهاجمين في حادث إطلاق النار بسيدنى .. من هو ؟    مأساة في الخليل.. الاحتلال يطلق النار على شاب ويمنع علاجه    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    فيفا يعلن إقامة حفل جوائز ذا بيست 2025 فى قطر    منتخب ناشئ مصر يحسم ودية اليابان الأولى بركلات الترجيح    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده    وكيل وزارة التموين يقود حملة موسعة بالعريش لإحكام الرقابة على أسطوانات غاز البوتاجاز (صور)    مصرع 3 أشخاص فى حريق مخبز بمنطقة شبرا    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    عمرو وهبة بعد تصريحات أحمد السقا: الناس بقت عنيفة والموضوع خرج بره إطار الهزار    لدورها فى إحياء في إحياء المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث.. وزير السياحة والآثار يكرم هوريج سوروزيان من الأقصر    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    حكم زكاة المال على ودائع البنوك وفوائدها.. الإفتاء توضح    قلق ورعب بين المصريين …هل تصريحات عوض تاج الدين اعتراف ضمنى بعودة كورونا؟    محافظ الجيزة يفتتح وحدة العناية المركزة بمستشفى الشيخ زايد المركزي    لمسات احتفالية بسيطة.. أفكار أنيقة لتزيين المنزل في موسم الأعياد    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    «تموين دمياط» يضبط 30 شيكارة دقيق بلدي مدعم    نادين سلعاوي: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي وتحقيق لقب بطولة أفريقيا للسلة    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    مستوطنون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى    نقيب الزراعيين يطالب بتخصيص عام 2026 للزراعة والأمن الغذائى    كوزمين أولاريو يحذر من صعوبة مواجهة المغرب في نصف نهائي كأس العرب 2025    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الحكومة: مشروع لتعديل قانون العقوبات يشدد غرامة جرائم الشائعات    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذ يصبح المخالف عدوًا
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 05 - 2015

حين قرأت أن وفدا من الفنانين المصريين سافر إلى طهران لحضور مهرجان «الفجر» السينمائى، فى حين أن وزارة الأوقاف المصرية منعت سفر قراء القرآن إلى إيران فى شهر رمضان قلت إيران كسبت ومصر خسرت. ذلك أن إيران دافعت عن فنها وكبرت فى حين أن مصر فى هذا المشهد تخلت عن دورها وصغرت. أدرى أن قرار الحظر الذى أصدره وزير الأوقاف شمل تركيا وقطر إلى جانب إيران، وهى الدول التى يفترض أنها مشتبكة سياسيا مع مصر فى الوقت الراهن. كما أننى لست متأكدا من أن منع القراء تم بناء على قرار شخصى من وزير الأوقاف أم أنه تم بتوجيه من الأجهزة الأمنية. وأرجح الاحتمال الأول، لأنه لو كان هناك قرار سيادى فى الموضوع لما سمح للوفد السينمائى بالسفر إلى طهران. لذلك لا أستبعد أن يكون وزير الأوقاف قد تصرف مستلهما اتجاهات الريح السياسية خصوصا أننا نلمس منه حرصا فى ذلك بلغ حد المزايدة والغلو. ناهيك عن أن قرون الاستشعار الأمنية فى وزارة الأوقاف تؤدى دورها بهمة ونشاط منذ سنوات، وقد ارتفعت مؤشرات ذلك التماهى بشدة فى الآونة الأخيرة التى شهدت صراعا لم يهدأ مع الإخوان. ولأن أجهزة الدعوة فى الأوقاف على تماس مع هذه الدائرة، فإننا وجدنا الوزير المذكور حريصا على أن يثبت أنه فارس تلك المرحلة.
القاصى والدانى يعرف جيدا أن قراء القرآن المصريين لهم سمعتهم العطرة وجمهور المعجبين والمقلدين فى مختلف أنحاء العالم العربى والإسلامى. وهذا الرصيد الإيجابى يعد جزءا من قوة مصر الناعمة الذى يعزز دورها ومكانتها فى تلك الأرجاء. بالتالى فإن منع المقرئين من السفر خلال شهر رمضان إلى الدول المختلفة سياسيا مع مصر يعد تفريطا فى ذلك الرصيد وسحبا منه، إذ لن يغيب اسم مصر وتأثيرها فقط فى هذه الحالة، وإنما سيحدث ذلك فراغا يسمح لآخرين بملئه.
فى حين أن التصرف العاقل الذى يخدم مصالح الدولة ويحافظ على رصيدها يقضى بمحاصرة دائرة الخلاف السياسى بين الحكومات إذا كان لابد من استمراره. وفى الوقت ذاته الحفاظ على استمرار العلاقات والمصالح بين الشعوب، لأن الأنظمة متغيرة والشعوب ثابتة وباقية. أما مصادرة علاقات الشعوب ومصالحها لصالح السياسة وإلحاقها بتلقباتها فهو سمة المجتمعات الاستبدادية، التى تؤمم فيها السياسة لصالح الأنظمة الحاكمة التى لا تكتفى باحتكار السلطة والثروة، وإنما تشكل وجدان الناس ومشاعرهم على النحو الذى يخدم سياساتها، وهى الرؤية الفرعونية التى عبر عنها القرآن (فى سورة غافر) حين نقل على لسان الفرعون قوله: «لا أريكم إلا ما أرى». الأمر الذى يفرض على الناس ألا يروا محيطهم أو مصالحهم بأعينهم وتبعا لرؤيتهم ومصالحهم. ولكنهم يصبحون ملزمين بأن يروا كل ذلك فقط بعين السلطة وحساباتها.
فى بداية ثمانينات القرن الماضى بعد إنجاز دستور الجمهورية الإسلامية فى إيران الذى نص على اعتبار اللغة العربية أساسية فى البلاد، طلبت طهران آنذاك من الحكومة المصرية إعارتها مجموعة من المدرسين الذين يتولون تدريس اللغة العربية فى المدارس الإيرانية، ولكن الرئيس السادات الذى كان مخاصما للثورة رفض الطلب. وكان لذلك أثره على تعثر العملية وإضعاف تعلم اللغة العربية بين الأجيال الجديدة من الإيرانين. وتلك خسارة كبرى ضيعت على مصر والعالم العربى فرصة توسيع مجالات التعاون الثقافى من المجتمع الإيرانى. وهو البعد الذى لم يره السادات آنذاك لأنه كان متأثرا بمشاعره الشخصية وحسابات اللحظة، التى طغت على الرؤية الاستراتيجية واستبعدتها.
إن وزير الأوقاف لم يضع فى اعتباره الحفاظ على اسم مصر وتأثيرها فى الدول التى منع القراء من السفر إليها. ولم يلق بالا لكون إيران وتركيا من أكبر وأهم دول المنطقة التى لا ينبغى لمصر الدولة أن تغيب عنها. لكنه كان مشغولا بالتفاعل والتضامن مع الخصومة السياسية التى يكنها النظام المصرى لمخالفيه. وحدث ذلك رغم أن وزير الأوقاف والشئون الإسلامية فى مصر ليس موظفا مصريا رفيعا وحسب، ولكن اختصاصه بشئون الدعوة الإسلامية يوسع من محيط عمله ويحمل بمسئولية عابرة للحدود المصرية، وبقراره فإنه قدم نفسه باعتباره موظفا حكوميا وليس رجل دعوة ولا حتى رجل دولة.
رغم خصوصية موقعه إلا أن وزير الأوقاف لم ينفرد بالتصرف الذى أقدم عليه. لأن ما حدث مع إيران بخصوص المقرئين تكرر بصورة أوسع مع تركيا. التى منع سفر طلاب قسم اللغات الشرقية من السفر إليها، كما أن الخلاف السياسى أدى إلى تدهور العلاقات على مستويات عدة، كان التعاون الاقتصادى من أبرزها. أما تدهور العلاقات مع قطر فحدث فيه ولا حرج، لأن بصمات الخصومة السياسية لم تترك مجالا وانطبعت عليه وأثرت فيه بالسلب.
أختم بملاحظتين، إحداهما أنه مما يثير الانتباه ويبعث على الدهشة أن عمق الخصومات واتساع نطاقها يحدث مع الدول الشقيقة بوجه أخص عربية كانت أم إسلامية لكنه لا يحدث بنفس القدر مع الدول الغربية والآسيوية الأخرى، (هل لأن العَشَم أكبر فى الأشقاء؟). الملاحظة الثانية أنه ما إن يرفع رضا السلطة فى مصر عن شخص أو مؤسسة أو دولة، حتى تتسابق مختلف الجهات فى تصفية حساب السلطة مع ذلك الطرف والإعراب عن عدم رضاها عنه. وهو ما نلمسه فى أجهزة الإعلام وأجهزة الأمن والإدارة وصولا إلى الجمارك والضرائب والمصارف وغير ذلك، وهو ما يحول عدم الرضا السياسى إلى لعنة تلاحق الطرف المستهدف فى دنياه، وربما تمنوا ان تطارده فى آخرته؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.