شارة سوداء حملت عبارات منفرة «نفسك تموت؟، عاوز تنتحر؟»، فوجئ بها أهالي محافظة الإسكندرية صباح الأربعاء الماضي، على جدران بعض المباني، وجانبي الطريق، وتسببت في جدل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك وتويتر»، وثارت حولها الشائعات بأنها حملة إخوانية تهدد أمن الشارع المصري. حقيقة الأمر، أن الحملة ليست إخوانية، ولا علاقة لها بأداء حكومة المهندس إبراهيم محلب كما تهكم البعض، لكنها حملة تسويق اجتماعي أصدرتها إحدى الشركات الإعلانية كمساهمة منها في تغيير عادة سلبية في المجتمع وهي «التدخين» ومحاولة التوعية لإضراره بشكل مؤثر. يقول يوسف رضا رئيس مجلس إدارة شركة «إيفكت»، في تصريحات خاصة ل«الشروق»: «إن الشركة وضعت خطة لتنظيم حملات للتوعية المجتمعية، وكان الاختيار ما بين 3 أفكار: المباني المخالفة، والتدخين، والنظافة، وكان رحيل الشاعر عبد الرحمن الأبنودي السبب وراء اختيار البدء بحملة التدخين خاصة بعد التصريح الشهير له "أنا بلا رئة الآن، أنا واحد ضمن الملايين الذين أفسدوا حياتهم بالسجائر"، وإهدائها لروحه». لحملات التوعية طرق مختلفة، ولكن شركة «إيفكت» اختارت أسلوب التشويق والصدمة لجذب انتباه أكبر قدر من المواطنين، «لترك أثر سريع لديهم للتفكير في الأضرار التي يسببها التدخين، عن طريق الإعلانات المجهلة والصادمة التي أثارت جدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام»، بحسب رئيس الشركة. ويؤكد رئيس الشركة في حديثه ل«الشروق»، أن الجزء التشويقي من الحملة كان مقررا له 72 ساعة، ثم صدور الجزء التوضيحي له بعد جذب المواطنين وخاصة المدخنين منهم، ومراجعة أنفسهم للابتعاد عن هذه العادة، لكن الانتقاد السريع والسلبي تجاه الحملة كان السبب في عرض الجزء التوضيحي منها تحت شعار «احسبها صح.. 1 سيجارة = 10 دقائق من عمرك». ردود الفعل السريعة التي خلفتها الحملة كانت صادمة لمنفذيها، يقول يوسف رضا، أن بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي والإعلاميين ترجمت لديهم الحملة بصورة مغايرة تماما لحقيقتها، واتهمها البعض بأنها حملة من الإخوان أو بعض الجماعات الدينية المتظرفة، وموجهة ضد الأزهر، بل ساهمت بعض الشركات المنافسة في ترسيخ هذه الاتهامات، ما دفع الجهات التنفيذية في المحافظة إلى التواصل معهم ومطالبتهم في الإسراع من نشر الجزء التوضيحي من الحملة لغلق باب الشائعات والجدل. لكل حملة إعلانية إيجابيات وسلبيات، وإيجابيات حملة «احسبها صح» أنها استطاعت جذب أكبر قدر ممكن من الاهتمام، وأصبحت مسار جدل مجتمعي، ولكن البعض فهمها بشكل مغلوط، لذلك قررت الشركة المنفذة بضرورة سرعة نشر اللافتات التوضيحية حتى قبل طلب الجهات التنفيذية الممثلة في «محافظ الإسكندرية ورؤساء الأحياء» وديا من أصحاب الشركة الإسراع في نشر التوضيح بحسب مدير شركة إيفكت. وينفي مدير الشركة أن يكون له أي صلة شخصية بمحافظ الإسكندرية الحالي أو السابق، كما أنه لا يتواصل مع المسؤولين حول حملات شركته وأفكارها، كما أن الحملة لا تمت لجماعة الإخوان بصلة قائلا: «أنا أصلا مسيحي». Effect for Advertising شركة خاصة، بدأت عملها في محافظة الإسكندرية منذ 3 سنوات، متخصصة في إعلانات الطرق، تحاول تقدم مشاركة مجتمعية من خلال ما يسمي ب«التسويق الاجتماعي»، وهو محاربة السلوكيات أو الظواهر السلبية في المجتمع والتوعية من أضرارها، نظمت العام الماضي حملتين واحدة عن التحرش بعنوان «استرجل واحميها بدل ما تتحرش بيها»، و أخرى عن حوادث الطرق بعنوان «سوق عدل». من جانبها وصفت دكتورة فاتن رشاد أستاذ الدعاية والإعلان بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فكرة الحملة بأن بها جانب «إبداعي» والعبارات المستخدمة جيدة ولكن الإقلاع عن التدخين من العادات الصعب تغييرها بواسطة وسائل الإعلام والدعاية. وأشارت رشاد في تصريح ل«الشروق»، أن الحملة استخدمت أسلوب «التشويق» عن طريق البدء بعبارات غير مفهومة لجذب الانتباه ثم شرحها لاحقا، وهو أسلوب علمي متعارف عليه، ولكن استخدام استمالات التخويف الشديد قد تنقلب عكسيا وتضر الحملة وهدفها، وقد ينصرف عنها المواطنين، وتكون ردود الأفعال استهزاء بالحملة أو الهجوم عليها.