• خطط التنمية غير متوازنة وركزت على قطاع واحد هو السياحة.. ومدينة واحدة هى شرم الشيخ • المنطقة لم تشهد إقامة صناعات كبرى رغم توافر الأرض والمواد الخام.. كما لم تشهد طفرة زراعية • ضرورة المواءمة بين الاستثمارات العامة والخاصة فلا يمكن الاعتماد على القطاع الخاص فى المشروعات القومية الكبرى • الفراغ السكانى وتباعد المسافات بين التجمعات البدوية.. والطبيعة غير المتجانسة للسكان تحديات تواجه عملية التنمية كشفت دراسة علمية أعدتها الدكتورة أمل زكريا الخبير بمركز التنمية الإقليمية بمعهد التخطيط القومى أن عملية التنمية فى سيناء واجهت مشاكل عدة مرتبطة بأخطاء فى القرارات التى اتخذت على مدى 30 عاما من تحريرها، مشيرة إلى أنه بالرغم من توافر المقومات الطبيعية وجزء أساسى من البنية التحتية إلا أنها لم تستغل بشكل جيد. وقالت الدراسة إنه بالرغم من تنفيذ عدد من المشروعات المهمة فى مجال الكهرباء والطرق والمرافق والخدمات الأساسية وإنفاق المليارات من الجنيهات فى إطار المشروع القومى لتنمية سيناء، إلا أن نسبة التنفيذ لم تتجاوز 20 30% ولم يصل عدد السكان إلى 3 ملايين بل بالكاد بلغ سُدس هذا المستهدف رغم مرور 19 عاما على بدء المشروع، فضلا عن عدم استفادة أهالى سيناء منه واستمرار معاناتهم ومشاكلهم. وأكدت الدراسة التى أعدت بعد ثورة يناير على وجود قصور شديد فى الاهتمام بوسط سيناء والتى تعانى مشاكل كثيرة رغم أهميتها الاستراتيجية، حيث أرجع البعض مسئولية إخفاق المشروع إلى أخطاء التخطيط وسوء الإدارة والفساد وضعف التمويل وضعف التنسيق بين الجهات المعنية، مشيرة إلى أن هناك عدة ملاحظات على خطط التنمية حيث جاءت غير متوازنة بالتركيز على قطاع واحد هو السياحة، ومدينة واحدة هى شرم الشيخ دون أن تمس قطاعا عريضا من السكان الحاليين والمستهدفين، فرغم تحول شرم الشيخ إلى منتجع سياحى عالمى. إلا أن ذلك كان يصب فى النهاية فى مصلحة عدد محدود من رجال الأعمال، لافتة إلى أن التنمية فى قطاع السياحة أغفلت كونه شديد الحساسية والتأثر بالأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية فى نطاق الشرق الأوسط وليس فى مصر فحسب، وبالتالى كان يجب الاهتمام بالسياحة الداخلية حتى تعوض أى إخفاقات فى السياحة الخارجية نتيجة أية عوامل داخلية أو خارجية. ولفتت إلى أنه على الرغم من وجود العديد من المشروعات السياحية والتعدينية بمحافظة جنوبسيناء، توظف عددا لا بأس بها من القوة العاملة، إلا أن من جاءوا من الوادى والدلتا للعمل فى قطاعى السياحة والبترول كانوا من الذكور بدون أسرهم، فالمشروعات الاستثمارية فى سيناء كان هدفها الأساسى الربح وليس توطين السكان، وهو الأمر الذى اعتبرته الدراسة نتيجة طبيعية لاعتماد الخطة بشكل أساسى على الاستثمارات الخاصة والتى جاءت دون المستوى، بسبب الحاجة إلى استثمارات ضخمة فى فترات الإنشاء الأولى وعدم اكتمال مشروعات البنية الأساسية، بالإضافة إلى البعد عن الأسواق وعدم عدم توافر العمالة المقيمة المؤهلة، مما يرفع معدل المخاطر للقطاع الخاص الذى يحجم فى نهاية الأمر عن الاستثمار. وأوضحت الدراسة أن من العوامل التى تجعل توطين السكان فى جنوبسيناء أكثر صعوبة عدم توافر المياه، لذا تعتمد الأسر فى المناطق الحضرية على مياه جوفية محدودة أو مياه النيل المنقولة. وتابعت الدراسة أن المناطق المستقطعة من سيناء من جهة شرق قناة السويس لم تحظ بالاهتمام المطلوب، الأمر الذى أدى إلى اعتبار هذه المناطق مناطق طاردة واعتمادها على منطقة غرب السويس فى الخدمات والاستيطان، والمفروض أن تكون مناطق تنمية متزايدة شرق قناة السويس تعتمد على أسلوب مد العمران شرقا بالتدريج، فضلا عن تأخر تنفيذ المخططات العمرانية للمدن والقرى بالمحافظة وظهور العشوائيات، مما ساهم فى ظهور 37 منطقة عشوائية فى شمال سيناء تضم نحو 45 ألف نسمة. وأشارت الدراسة إلى أن سيناء لم تشهد إقامة صناعات كبرى رغم توافر الأرض والمواد الخام، كما لم تشهد طفرة زراعية حتى ترعة السلام ترتفع درجة ملوحتها وأخطارها البيئية. ورصدت الدراسة عدة تحديات تواجه عملية التنمية منها الفراغ السكانى خاصة فى وسط سيناء، وتباعد المسافات بين التجمعات البدوية، والطبيعة غير المتجانسة لسكان سيناء الذين يتوزعون بين مجموعات بدوية ووافدين من دلتا ووادى النيل وأقليات فلسطينية، فضلا عن مشكلة تملك الأراضى، حيث يعانى بدو سيناء من قرار تقنين الأوضاع الذى اتخذته الحكومة. كما أن القرار الخاص باستبدال تمليك الأراضى بحق الانتفاع أدى إلى إحجام المستثمرين عن التوجه للاستثمار فى سيناء، خاصة أن هناك موافقات أمنية خاصة لكل مشروع. وقالت الدراسة إن الدولة يجب أن يكون لها توجه مختلف فى التعامل مع عملية التنمية فى سيناء والمرتبطة بضرورة الاستفادة من أخطاء الماضى، والاستفادة من المقومات الطبيعية الموجودة فى سيناء، مشيرة إلى أن التركيبة الاجتماعية للسكان تنقسم إلى نوعين من السكان أحدهما مقيم له عاداته وتقاليده وأعرافه المتوارثة، والآخر وافد له سلوكياته وطموحاته المختلفة، ومن المهم تحقيق التجانس بينهما، فسيناء تضم أكبر تجمع لبدو مصر ويحرص البدور على انتمائهم القبلى وهو ما يدعو لمراعاة أهمية تطوير هذه المجتمعات مع الحفاظ على مقوماتها وثقافتها مع المواءمة بين الملكية ووضع اليد والاستثمار بما يصب فى صالح التنمية، حتى لا يجد المستثمر نفسه أمام مشاكل ومعوقات الأمر الذى يتطلب إيجاد صياغة واضحة ومحددة لشكل هذه العلاقة بما يضمن تحقيق المصالح للجميع ويمنع استخدام أساليب ملتوية قد تؤدى إلى تملك الأجانب لأراضى سيناء. وشددت الدراسة على أهمية المواءمة بين الاستثمارات العامة والخاصة فلا يمكن الاعتماد كلية على القطاع الخاص فى المشروعات القومية الكبرى، فالقطاع الخاص له هدف واحد هو الربح بينما المشروعات القومية متعددة الأهداف وغالبا ما ترجح فيها كفة الأهداف الاجتماعية والسياسية أكثر من الاقتصادية. ورصدت الدراسة إنشاء العديد من الأجهزة لتقوم على تنفيذ عملية التنمية دون أن يكون هناك إستراتيجية واضحة وهادفة تعمل على تحقيق البعدين الأمنى والتنموى، ومن هذه الهيئات التى تعاقبت عليه منها جهاز تعمير سيناء وهو تابع لوزارة الإسكان وتم إنشاؤه بعد تحريرها وكان من مهامه ربط سيناء بالوطن الأم، وجهاز تنمية شمال سيناء وتم إنشاؤه فى بداية تسعينيات القرن الماضى لخدمة 400 ألف فدان على مسار ترعة السلام، الشركة القابضة لتنمية سيناء فى 2007 ولم تستكمل عامين وتم إلغاؤها وتوزيع اختصاصها، ولجنة تنمية سيناء والجهاز الوطنى لتنمية سيناء وصندوق تنمية سيناء وهى مسميات نشأت بعد عام 2008 وحتى عام 2011 ولم تقم بإجراءات عملية على أرض الواقع.. وطالبت الدراسة بضرورة الاهتمام بالمراحل المختلفة لمشروعات التنمية فى سيناء لكون إخفاق المشروع القومى لتنمية سيناء وغيره من الخطط والمشروعات التى استهدفت تنمية سيناء لم يكن نتيجة لفشل فى التخطيط فقط، مؤكدة على أن معالجة المشكلة لا تتطلب وضع خطة جديدة كل بضع سنوات بدلا من الخطة السابقة التى لم تنجح، خاصة أن أيا منها لم يقدم جديدا، بل يتطلب الأمر الاهتمام بعمليات التنفيذ والتمويل والإدارة والتنسيق بين مشروعات الخطة وكذلك متابعة ورقابة أداء هذه المشروعات.