«سيسعى أوباما لاستكمال ما بدأه من محاولة لفرض التطبيع بين العرب وإسرائيل خلال استقباله للرئيس حسنى مبارك الأسبوع المقبل فى البيت الأبيض». بهذه الكلمات بدأ جيسون برونلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة تكساس أوستن، المتخصص فى الشئون المصرية حديثة ل «الشروق»، وبرأيه فإن الرئيس الأمريكى بدأ فى «فرض التطبيع» من القاهرة فى الرابع من يونيو الماضى عقب خطابه المهم الذى وجهه منها للعالم الإسلامى . وحسب برونلى فإنه بالرغم من « مطالبة الرئيس أوباما وكبار أعضاء فريقه للسياسة الخارجية إسرائيل بضرورة وقف بناء أو توسيع المستوطنات، فإن إسرائيل لم توافق على المطلب الأمريكى، رغبة منها فى الحصول على ثمن عربى باهظ فى المقابل». وقال بونلى إن جامعة الدول العربية عرضت كل ما يمكنها أن تقدمه لإسرائيل فى مبادرتها عام 2002، وهو التطبيق الكامل مقابل الانسحاب الكامل، ووجود دولتين إسرائيلية وفلسطينية، وحتى الآن ورغم تداول حكومات يمينية ويسارية وائتلافية حكم إسرائيل، لم توافق على المبادرة العربية، فى الوقت الذى تحاول فيه، وبمساندة أمريكية، أن تضمن سلة من الفوائد إذا ما أقدمت على أى تنازل بمعاييرها». ويرى برونلى أن إسرائيل نجحت فى خفض سقف المطالب العربية والأمريكية لتصل إلى وقف وتجميد بناء المستوطنات فقط. وهذا ما دعا وزير الخارجية السعودى إلى أن يصرح فى حضور وزيرة الخارجية الأمريكية: «نطالب بسلام شامل، وليس سلام خطوة خطوة». ويرى بونلى «أن إسرائيل لا يشغلها حاليا التوصل لحل نهائى مع الفلسطينيين، وإنما يشغلها البرنامج النووى الإيرانى. وتريد الحصول على موافقة مصر والسعودية، ومساهمتهما غير المباشرة فى هجماتها على إيران: مصر من خلال السماح بمرور غواصاتها من قناة السويس، لمواجهة رد الفعل الإيرانى، فى حالة القيام بغارات جوية على إيران، من جانب، ومن جانب آخر تريد إسرائيل أن تسمح السعودية بمرور الطائرات العسكرية الإسرائيلية فوق أجوائها بما يقصر المسافة، ويدعم نجاح الضربات الجوية الإسرائيلية». أما فيما يتعلق بعلاقات مصر وإيران، فيرى برونلى أن واشنطن وتل أبيب لديهما قلق من «أن تقدم القاهرة على تحسين علاقاتها مع طهران قبل حسم قضية البرنامج النووى ويضيف إن «واشنطن تريد أن يكون أى تحسن للعلاقات المصرية الإيرانية بيدها، وفى التوقيت الذى تريده». وبخصوص عملية السلام بين سوريا وإسرائيل، ذكر برونلى «أن الملف الفلسطينى الإسرائيلى شديد التعقيد، على العكس من الملف السورى الإسرائيلى. لذا قد لا أفاجأ إذا ما ساهمت الولاياتالمتحدة فى دفع هذا الملف وإعطائه الأولوية، بحيث يشجع دخول سوريا مفاوضات سلام مع إسرائيل الفلسطينيين على السرعة واللهفة على عملية سلام تجمعهم بالإسرائيليين». وحذر برونلى الدول العربية عموما، ومصر تحديدا، من الانصياع للمطالب الأمريكية، دون أن يكون هناك سلة مطالب عربية لا يمكن التنازل عنها، وقال : من الضرورى أن يحضر الرئيس مبارك لواشنطن ولديه قائمة مطالب مصرية وعربية قوية، حيث إنه من المنتظر أن يواجه بقائمة مطالب أمريكية أهمها تشجيع القاهرة للدول العربية الأخرى على إقامة علاقات مع إسرائيل». وأضاف برونلى «أن مقالة الرئيس مبارك لصحيفة «وول ستريت جورنال» منذ أسابيع أكدت على محورية عملية سلام الشرق الأوسط، ورؤية القاهرة لضرورة وقف بناء أو توسيع المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية». وحذر من إمكانية أن تنجح إسرائيل فى دفن المبادرة العربية، أو تغيير معادلتها بصورة جذرية. وقال: خلال السنوات السبع الماضية، ماطلت إسرائيل بكل الطرق ضد المبادرة العربية، وهى تريد تنازلات عربية بدون مقابل إسرائيلى، ومرة أخرى أرى أن رفض الكاتب المصرى ذى الشعبية الكبيرة عربيا فهمى هويدى، الجلوس فى حضور صحفى إسرائيلى مع الرئيس أوباما، رسالة مهمة لواشنطن مفادها أن العرب لن يجلسوا مع الإسرائيليين مجانا ودون مقابل». وعن الملفات والقضايا الداخلية المصرية التى قد تكون على جدول المفاوضات، قال برونلى «ليس هناك أى مؤشرات منذ قدوم إدارة أوباما تجعلنى أعتقد أنه يهتم بتفاصيل الحياة السياسية الداخلية فى مصر. ولا أتوقع أن يضغط على الرئيس مبارك من أجل تحسين سجل حقوق الإنسان أو الممارسات الديمقراطية. وعما إذا كانت قضية توريث الحكم فى مصر قد تثار فى مباحثات البيت الأبيض، رد برونلى «قد تثار هذا القضية إذا ما عرض الجانب المصرى تصوره لشكل انتقال السلطة».