"40 فرد مصري ترقبوا الهدوء الذي سبق العاصفة في عدن"، هكذا بدأ الدكتور مجدي جابر وهبي مدير مستشفى البريهي في عدن، والتي استقبلت حالات الجرحى والمصابين جراء الاشتباكات التي وقعت بين القبائل اليمنية وجماعة أنصار الحوثي، حديثه ل«الشروق»، عن الأوضاع المتدهورة في اليمن والمعاناة التي عاشها المصريين قبل وبعد انطلاق عاصفة الحزم التي نفذها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد أماكن تمركز الحوثيين المنقلبين على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وكذلك يسرد تفاصيل الفرار على متن سفينة في خليج عدن إلى جيبوتي مساء يوم الأحد الماضي ومنها إلى القاهرة. قال الدكتور مجدي، "كنا مجموعة من الأسر المصرية، التي كانت متواجدة في عدن، وكانت الأوضاع هادئة تماما في المحافظة قبل انطلاق عملية عاصفة الحزم بعدة أيام، ولم نلاحظ أي مؤشرات أو دلائل واضحة عن احتمالية دخول جماعة أنصار الحوثي إلى عدن، والسيطرة عليها، على الرغم من نجاحهم في تحقيق سيطرة على الصعيد الميداني في صنعاء". وأضاف، "بدأ القلق يصل إلى المصريين واليمنيين المقيمين في عدن، بعد اعتقال وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي، على يد الحوثيين ومعه قائد اللواء 199 العميد فيصل رجب فى إحدى المؤسسات التابعة للجيش اليمنى فى العاصمة صنعاء يوم 25 مارس". وتابع الدكتور مجدي، "فوجئنا بانطلاق عاصفة الحزم فجر الخميس 26 مارس، والتي استهدفت أماكن اختباء الحوثيين في صعدة، وكذلك قوعدهم العسكرية في صنعاء بحسب نشرات الأخبار التي تابعناها وسط أجواء مختلطة من الترقب والقلق والخوف الشديد، وانتشرت أنباء في عدن عن وجود جواسيس لأنصار الحوثي مقيمين في المدينة.. ومن وقتها شعرنا بأن الحوثيين قادمون لا محالة للسيطرة على عدن، خاصة بعد أن نجحوا في التوغل بجنوب اليمن". ويوضح مدير مستشفي البريهي في عدن، بأنه بعد مرور اليوم الثالث على انطلاق عاصفة الحزم، اقتحمت بالفعل مليشيات الحوثي محافظة عدن، وبدأوا يهاجمون من فيها بشراسة لإحكام قبضتهم عليها وشاهدنا كمصريين جميع السفارات الأجنبية المتواجدة في المدينة وهي تصدر قراراتها الفورية بإجلاء الجاليات بالتزامن مع عمليات القصف على مواقع عسكرية في مدن الضالع وصنعاء، بحسب قوله. ويواصل الدكتور مجدي حديثه، قائلا، "بعد 24 ساعة من اقتحام مليشيات الحوثيين لعدن، شاهدنا اللجان الشعبية وهى تحاول الدفاع عن المدينة وصد خطر الحوثيين مستخدمين أسلحة (الكلاشينكوف)، في مواجهة دبابات أنصار الحوثي"، مشيرا إلى أن الليل كان شاهدا على أصوات طلقات النيران وقذائف الدبابات وفي النهار كان الوضع يتمثل في حرب شوارع واقتتال شرس على الأرض بين القبائل الشعبية وجماعة الحوثي والتي بدأت بشكل فعلي في السيطرة على عدن، على حد قوله. واستطرد قائلا، "في يوم 30 مارس، وفي ظل خطورة الأوضاع في عدن، قررنا نحن كأسر مصرية متواجدة في المدينة التنسيق بيننا وفتح قنوات اتصال معا لاتخاذ قرار فوري بالرحيل وبأي ثمن، بالتزامن مع تطور الأوضاع، وتصاعد وتيرة العنف في البلاد، وفي نفس اليوم تلقينا عدة اتصالات من عدد من المسئولين في وزارة الخارجية المصرية نصحونا باختيار الطريق البري للمغادرة إلى عمان.. ولكن كان الأمر غريبا للغاية فكيف للمسؤولين المصريين أن يقدموا تلك الاقتراحات وهم على علم بأن الطريق البري يمتد الىمسافة 1500 كم ما يصعب من الموقف خاصة مع تواصل الغارات الجوية والقصف المتواصل الذي لم نعلم من أي جهة يأتي إلينا". وأشار الدكتور مجدي وهبي إلى أن "هناك عددا من المصريين قرروا المجازفة، واتجهوا نحو صعدة على أمل الوصول الى حدود المملكة العربية السعودية.. وقررنا نحن اتخاذ طريق البحر، والاتجاه نحو خليج عدن، بما أن المسافة تبعد بين الميناء وعدن بنحو 150 متر على أمل انتظار أي سفينة، أو ناقلة بترول تمر عبر الخليج لكي تنتشلنا إلى جيبوتي لكي يصبح الوضع أسهل بالنسبة إلينا"، على حد قوله. وأضاف الدكتور مجدي، "في تلك اللحظات العصيبة نجحنا في الاتصال بالدكتور يوسف الشرقاوي سفير مصر في اليمن، والذي فتح معنا قناة اتصال على مدار ساعات متواصلة لحل الأزمة، وأوصلنا بالسفير سامح شكري وزير الخارجية بشكل مباشر بعد أن انتابنا شعور باليأس في ظل انقطاع الاتصالات مع المسؤولين المصريين وبعد أن حاولنا التواصل مع وحدة إدارة الأزمات ولكن للأسف الشديد لم يعيرنا أحد انتباهه"، بحسب قوله. وقال مجدي، " أبلغت السفير المصري باليمن، بأن الوضع في منتهى الخطورة، إذا قرر المصريين الرحيل من خلال الطريق البري وأنه لا مفر من اتخاذ طريق البحر عبر خليج عدن.. ومن هنا قررنا كمصريين الذهاب إلى الميناء في شكل مجموعات وشاهدنا عدد من السفن الهندية وكذلك الروسية تجلي رعايها من الميناء بينما نحن منتظرين ردود الأفعال والقرارات من الخارجية المصرية والمسؤولين في مصر". ويواصل الدكتور مجدي وهبي سرده للأحداث، "في تمام الساعة الواحدة ظهر يوم الأحد الماضي، وجدنا ناقلة بترول ولقبها «سي برنسيس» أو «أميرة البحار» ومن وحسن الحظ علمنا بأن مالكها هو الشيخ محمد العيسي اليمني وكان مقرر لناقلة للسفينة نقل 40 شباب جيوبتيا من عدن إلى جيبوتي وعندما علم الشيخ محمد العيسي وأبلغناه بأن هناك ما يقرب من 40 فردا مصريا يودن الرحيل على متن السفينة وافق على الفور ونسقنا مع السفير يوسف الشرقاوي وكذلك سامح شكري وأبلغناهم بتحركتنا ووافقوا عليها ودعمونا في القرار الذي اتخذناه". وتابع حديثه قائلا، "تلقينا اتصالات من مسؤولين في الخارجية، عن وجود 9 بحارة مصريين عالقين في خليج عدن، لفتح قنوات اتصال معهم على أمل لحاقهم بنا على متن السفينة اليمنية، وبالفعل فتحنا قناة اتصال مع مهندس بحري يدعى بهاء وهو أحد المصريين العالقين في خليج عدن، فضلا عن أن وزير الخارجية الدكتور سامح شكري لعب دورا بارزا في اقناع قبطان السفينة بأن البحارة المصريين ليسوا مجرمين وأنهم بالفعل عالقين في الخليج ويريدون الرحيل إلى جيبوتي برفقة أشقائهم من المصريين". واختتم الدكتور مجدي، حديثه، قائلا، "استغرقت الرحلة إلى جيبوتي في عرض البحر 22 ساعة، وعندما وصلنا إلى هناك كان السفير المصري خالد طه في استقبالنا، وكذلك طاقم السفارة في جيبوتي وفي فجر اليوم استقلينا طائرة إلى الدوحة ومنها إلى القاهرة".