قد تحقق العملية العسكرية السعودية لصد الحوثيين في اليمن نتائج محدودة فقط من دون تدخل بري، وهو تدخل يظل غير مرجح، إذ قد يتسبب في تصعيد خطير مع طهران وانزلاق للأزمة بحسب المحللين. وقصفت الطائرات العسكرية لليلة الثانية على التوالي مواقع الحوثيين في إطار عملية "عاصفة الحزم" التي انطلقت منتصف ليل الأربعاء الخميس بمشاركة عشر دول عربية وإسلامية بقيادة السعودية. وأكد متحدث باسم القوات المسلحة السعودية أنه لا يوجد حتى الآن أي خطط للتدخل البري في اليمن. إلا أن التاريخ الحديث يثبت بحسب المحلل المتخصص في شؤون الخليج في معهد كارنيجي فريديريك فيري، بأن "الغارات الجوية لوحدها من دون إرسال قوات على الأرض لا يؤدي إلى انتصار حاسم". وتؤكد الرياض أن هدف عملية "عاصفة الحزم" هو تمكين "الشرعية" المتمثلة بالرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي ومنع الحوثيين من السيطرة على البلاد. وقال الباحث في معهد بروكينغز سلطان بركات "كثيرون في المنطقة يعتقدون بانه كان يتعين على السعوديين أن يتدخلوا من قبل وليس بالضرورة من خلال القصف"، مشيرا بذلك إلى تقدم الحوثيين المثير خلال 2014 والذي تكلل بسيطرتهم الكاملة على صنعاء من دون أي ممانعة جدية إقليمية أو دولية. وبحسب المحلل، فإنه "إذا ما اعتمدت السعودية على الضربات الجوية فقط وإذا بدأت حصيلة الضحايا المدنيين بالارتفاع، فإنها ستخسر بسرعة كبيرة كل دعم". من جهته، يرى خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد شاتهام هاوس في لندن جون ماركس أن "التركيز على تحطيم الحوثيين سيغير المشهد في ما يتعلق بتوزيع الفصائل" في اليمن، إلا أن ذلك "قد يصب في مصلحة مجموعات سنية متطرفة". ويعد اليمن معقل تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، إلا أن داعش تبنى أول سلسلة من الهجمات الضخمة التي استهدفت قبل أسبوع مساجد يرتادها أنصار الحوثيين وأسفرت عن مقتل أكثر من 142 شخصا. والحوثيون الذين تمددوا من معقلهم في محافظة صعدة في شمال غرب البلاد، ينتمون إلى الطائفة الزيدية الشيعية التي يشكل اتباعها حوالى ثلث سكان اليمن. وتمكن الحوثيون بفضل تحالفهم مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، لاسيما في صنعاء وفي وسط وغرب البلاد وصولا إلى مشارف مدينة عدن الجنوبية. ويعيش اليمن منذ عقود على وقع النزاعات القبلية والحزبية، ويجمع الخبراء على أن التدخل العسكري الإقليمي الذي تقوده الرياض لن ينجح على الأرجح في تسوية الأمور في اليمن. وفي هذا الإطار، رأت مجموعة فرسيك مايبلكروفت الاستشارية في لندن أن "إمكانية نشر السعودية أو دول عربية أخرى قوات على الأرض تبقى فرضية بعيدة". وأضافت المجموعة في تقرير لها أن السعودية "لا تريد أن تنزلق إلى نزاع قد يطول، وأن تواجه احتمال الدخول في مواجهة مباشرة أكثر مع إيران". وبالنسبة لفريديريك فيري أيضا، فإنه "لا يجب تضخيم" فعالية الضربات الجوية التي "تستهدف على ما يبدو أهدافا ثابتة ومعروفة مسبقا مثل القواعد الجوية ومراكز التحكم، وليس الوحدات المتحركة للحوثيين في التجمعات السكانية وخطوط التموين". وأضاف "من الصعب أن أتخيل أن السعوديين سينشرون قوات على الأرض لطرد الحوثيين بسبب احتمال الدخول في مستنقع من دون استراتيجية للخروج"، مشيرا إلى استثناء ممكن، وهو أن تفرض الرياض منطقة عازلة على حدودها مع اليمن. كما يرى فيري أن أي عملية برية تشكل تصعيدا مهما مع طهران فيما تشير معلومات لدى واشنطن إلى نقل أسلحة إيرانية للحوثيين أو حتى تواجد عناصر من الحرس الثوري الإيراني على الأرض في اليمن. وخلص فيري إلى القول إن السعوديين قد "يستخدمون العملية الجوية ليحصلوا على شروط أفضل في مفاوضات من أجل تقاسم النفوذ في المنطقة"، كما "يمكنهم من أن يعيدوا إحياء علاقتهم مع حزب التجمع اليمني للإصلاح المرتبط بالإخوان المسلمين من أجل كسب مزيد من النفوذ على الأرض".