- «مجرد أشياء حقيقية».. رؤية للأشياء العادية بروح مختلفة العتبة الأولى، تأخذك إلى صالة استقبال معلق على أحد حوائطها برواز لآية قرآنية وحوائط منقوشة برسومات مختلفة، بالإضافة إلى معروضات قديمة جمعها أيمن رمضان، من كل أنحاء مصر، استطاع أن يصنع منها عملًا فنيًا ليعرض في صالة ب«تاون هاوس جاليري» بوسط البلد حتى 11 مارس. أيمن رمضان، الحاصل على دبلوم صنايع من بنها؛ جاء إلى القاهرة في عام 2006، ليعمل في شركة للنظافة والحراسات التي كانت فرصة ليعرف من خلالها «تاون هاوس جاليري»، ومالكها الكندي ويليام، الذي كان يطلب عامل أمن ونظافة، ليكون هو «رمضان»، وليدخل من خلاله عالم الفن، ولتسير حياته من بعدها في مسار آخر. صدفة بألف ألف ميعاد يقول «أيمن»، «بعد أن عملت في (تاون هاوس) حصلت على غرفة في الدور الثالث وكنت مقيما فيها، وقتها بدأت أحاول أقلد الأعمال الفنية لبعض الفنانين اللي بيعرضوا في (تاون هاوس)، وذات مرة دخل ويليام الغرفة عندي»، وقال لي: إنه «مينفعش أحتفظ بشغل الفنانين، فقلت له إن ده شغلي أنا»، لتكون البداية العمل في الفن، وكانت الأعمال الأولى عبارة عن تماثيل مصنعة من الحديد، وربما أن دراسته في دبلوم صنايع كانت لها الأثر الواضح في ذلك. «تخيلات خرافية» كان المعرض الأول لأيمن رمضان، في «تاون هاوس»، والذي أقيم في 2000 كان مجالا واسعًا لأن يفتح أمام «أيمن» فرصا أكبر، فكان فرصة ليعرفه الفنانون الذين يعرضون أعمالهم لدى ويليام، ليكونوا فيما بعد سببا لمساعدة أيمن في الالتحاق بأكاديمية الفنون بجامعة سان فرانسيسكو بأمريكا، ليكمل من بعدها دراسة أخرى في الفن في هولندا عامي 2011 و2012.
قال «أيمن»، إنه منذ المعرض الأول وهو لم يتوقف عن الفن، فكان له كل عام معرض في (تاون هاوس) ومن بعده شارك في معارض بيانلي الشارقة، وفي بلجيكا شارك بمعرض في متحف الفن المعاصر والذي كان عبارة عن لافتات جمعها من أكثر من 100 دولة مدون عليها جملة "الموقف غير واضح" تعلقا على تصريح لباراك أوباما عن ثورة يناير حين قال "الموقف في مصر غير واضح"، كما شارك بعدها في بينالي بمدينة هيوستن الأمريكية، وكانت فكرة مشروعه آنذاك عبارة عن فيديو يتضمن عرض 35 نسخة لجرائد صدرت في يوم ميلاد أيمن 8 أكتوبر وعلى مدار سنوات عمره، وأراد من خلال المعرض الذي حمل عنوان "حتى" Untill أن يقول إن التغيير لا يحدث مرة واحدة وإنه يتطلب صبرا ومجهود ووقتا. مجرد أشياء حقيقية المعرض الذي يضم قطعا قديمة وكأنها بقايا لبيت قديم جاءت فكرته لدى أيمن من طفل رأه يسير في الشارع ويحمل فوق ظهره ماكينة "سن السكاكين" ووقتها اشترى واحدة واحتفظ بها، وظل من بعدها لفترة طويلة يقتني الأشياء القديمة التي تتبقى من البيوت مقل مكنسة يدوية (مقشة)، مكواة، قوارير لمشروبات غازية قديمة، عروسة المولد، حصيرة لتصنيع الجبن في الريف، ميزان، ماكينة سن السكاكين، فكان أيمن يجمع الأشياء القديمة لحبها لها، حتى جاءت الفرصة لأن تجمع كل تلك الأشياء وتعرض في صالة عرض واحدة لتصبح عملا فنيا، وربما تكون تلك الإجابة التي يطرحها أيمن في معرضه "متى يصبح الشىء عملا فنيا؟".
رؤية الشىء العادي جدا بشكل مختلف ربما هو عنوان معرض "مجرد أشياء حقيقية"، فأن تضع مكواة داخل صندوق زجاجي في صالة عرض، ربما يكون دافعا لأن ترى جمالا ما في المكواة التي تعتاد رؤيتها يوميا والتي لو صدأت قد تلقي بها في سلة مهملاتك، وهنا كان الصدأ الظاهر على المكواة السبب لجعلها أجمل. وهنا يحكي أيمن عن معرضه قائلا "من خلال المعروضات القديمة يمكن ربط الأجيال الحالية بالجيل القديم". وعن اختيار اسم "مجرد أشياء حقيقة" للمعرض، قال أيمن إن الأشياء المعروضة مجرد أشياء حقيقية، فلو أخرجناها من الصندوق الزجاجي بصالة العرض ربما تعود لوظيفتها الأولى، إلا أن بقاءها في صالة العرض هو الذي يمنحها شكل العمل الفني.